الجمعة، 20 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق
ترامب بين المطرقة والسندان   بينما شخص ما سوف يضطر لدفع الثمن!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ترامب بين المطرقة والسندان


بينما شخص ما سوف يضطر لدفع الثمن!


(مترجم)

 


ذكر كريج غريغوري، من قناة سي إن إن الإخبارية الأمريكية (آخر نسخة محدثة: 1253 بتوقيت جرينتش 13 كانون الثاني/يناير 2017) الأحداث الصاخبة في السياسة الأمريكية تحت عنوان: "ماذا قالت لنا الـ 48 ساعة الماضية عن سنوات ترامب الأربع المقبلة". جاء المؤتمر الصحفي لدونالد ترامب الأول منذ 5 أشهر بالتزامن مع بداية لسلسلة طويلة من جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ الأمريكي لاختيارات ترامب لأعضاء مجلس الوزراء في الحكومة، الذين يجري استجوابهم علنا من قبل لجان الإشراف على مجلس الشيوخ، الذي يملك السلطة الدستورية لرفض مرشحي الرئيس المنتخب. تناول عنوان شبكة سي إن إن السؤال الذي يسأله الجميع: ما الذي سيحدث بعد أن يصبح دونالد ترامب رئيسا الأسبوع المقبل؟ هل سيقوم ببناء جدار على الحدود مع المكسيك ويرسل لهم الفاتورة كما وعد؟ هل ستكون هناك علاقة جديدة مع روسيا والصين؟ الجواب عن هذه الأسئلة لن يكون ممكنا من خلال دراسة تصريحات ترامب وحدها، لأن الوعي بطبيعة السياسة الأمريكية وكيفية صياغة السياسات مطلوب أيضا. وكمثال على ذلك، فقد ذكرت وسائل الإعلام ما لا يقل عن 10 حالات أعرب فيها مرشحون لحكومة ترامب خلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ عن آراء تتعارض مع تلك التي صدرت عنه.


من المهم أن نتذكر أنّ ترامب حصل على تأييد الحزب الجمهوري قبل فوزه بتأييد الشعب الأمريكي، وأنّه لا تأثير له دون حزبه، وأن حزبه لا ثقل له من دون المستثمرين ذوي الثروات الهائلة أصحاب الامتيازات وجماعات الضغط التي تمول الأحزاب السياسية في أمريكا. وعلى الرغم من ادعاء ترامب الشعبوي بأنه قد قام بتمويل حملته الانتخابية بنفسه، إلا أن معظم الدعم المالي قد جاء من النخب المتميزة المختلفة، وستستمر هذه النخب بتمويل حزبه وستستمر بدعم سياساتها، وليس سياساته. وتقوم هذه الجهات المانحة نفسها بتمويل مؤسسات الفكر والرأي المتعددة لتوفير شبكة من المحللين السياسيين والخبراء للعمل مع السياسيين لتزويد وسائل الإعلام بأصوات لدعم السياسات المطلوبة لديها. ومن أجل مواجهة التحديات السياسية في المستقبل، يجب أن يحافظ ترامب على الدعم المستمر من حزبه الذي يسيطر حاليًا على مجلسي الكونغرس الأمريكي، ولكن هذا الحزب ليس كياناً متجانساً، فهو ينقسم إلى فصائل متصارعة.


ففي عهد إدارة بوش الأول، كان فصيل المحافظين الجدد هو الذي يسيطر على الحزب الجمهوري، وقد دعا إلى استخدام القوة العسكرية الأمريكية المباشرة وإلى استخدام القوة وحتى القيام بعمليات وقائية في جميع أنحاء العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط. ومع ضعف الثقة بمذهب المحافظين الجدد، سيطر الديمقراطيون على سياسة الولايات المتحدة. ولكن خلال إدارتي أوباما، برز على الساحة فصيل عُرف عنه القليل من داخل الحزب الجمهوري يدعى "حزب الشاي". منظمات مثل "مواطنون من أجل اقتصاد سليم" وبعد ذلك "الأمريكيون من أجل الازدهار"، اللتان حصلتا على تمويل من الإخوة كوخ، قدمتا الدعم "لحزب الشاي"، والذي بدأ بتشكيل معارضة جدية لسياسات أوباما الاقتصادية.


تدعو حركة "حزب الشاي" إلى تخفيض الضرائب، وخفض الإنفاق الحكومي وخفض تدخل الحكومة الاتحادية. وقد كانت هي نفس المبادئ الأساسية لحملة ترامب. في مسائل السياسة الخارجية، فإن "حزب الشاي" يدعو إلى شكل محدود من نظرية "الاستثناء الأمريكي" القائم بفكرة أن أمريكا، التي وُلِدَت من الثّورة، تختلف بطبيعتها عن جميع الدول الأخرى وتتفوق عليها. ومع ذلك، وعلى النقيض من المحافظين الجدد السابقين في عهد جورج بوش، فإن "حزب الشاي" يشكك في قدرته على صنع عالم حر وليبرالي يحاكي صورته. وبالمثل، أكد ترامب على تفرد أمريكا وتفوقها في العالم دون قبول القيادة أو المسؤولية الأخلاقية عن ذلك. وكان هذا الرأي واضحا أيضا خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأمريكي لمرشح ترامب لمنصب وزير دولة، ريكس تيلرسون، الذي قاوم استجواباً مكثفاً من السناتور ماركو روبيو حول انتهاكات حقوق الإنسان، وعندما سأل: "هل فلاديمير بوتين مجرم حرب" زعم تيلرسون أنه ليس لديهم معرفة كافية لإصدار حكم، ورفض تقديم أي التزام لإنفاذ حقوق الإنسان عندما سئل عن بلدان أخرى أيضا.


رأي "حزب الشاي" هو أن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تكون شرطي العالم، ولكن الآراء التي أعرب عنها ترامب تذهب بعيدا جدا أبعد من ذلك، وهو ما يفسر حصوله على دعم الحزب الجمهوري فقط في مرحلة متأخرة جدا في حملته. "الإخوة كوخ"، على سبيل المثال، الذين يتصدرون قائمة فوربس كثاني أغنى عائلة في أمريكا، تبرعوا بمئات الملايين من الدولارات لدعم حركة "حزب الشاي". ولكن تشارلز كوتش، وهو تاسع أغنى رجل في العالم، تذمر من كل من ترامب وكلينتون في مؤتمر فورتشن للعصف الذهني التكنولوجي في 11 تموز/يوليو 2016 وقال: "هل ستصوبون مسدسا إلى رأسي حتى أصوت؟ إذا كنت سأختار بين السرطان والأزمة القلبيّة فلماذا أختار أيا منهما!؟" معضلة كوخ مع ترامب هي أنه على الرغم من أن ترامب يدعم خفض الضرائب، فإنه كان قد وعد بفعل شيء آخر، سماه كوخ "المسخ". وهو أن ترامب قد وعد بإنهاء اتفاقيات التجارة الحرة مثل "النافتا" وفرض الرسوم الجمركية على الواردات، والذي بدوره سيكون ضارا جدا لصناعات كوخ.


لقد أزعج ترامب بعض الرأسماليين الأقوياء في الولايات المتحدة بأجنداته للتجارة، والتي تهدد إشعال حروب تجارية، من أجل الحصول على دعم فرع آخر من الجناح اليميني في أمريكا هو أكثر تطرفا من فصيل "حزب الشاي" في الحزب الجمهوري. هذه الحركة المتطرفة هي حركة "اليمين البديل" أو "بديل اليمين". وتعتقد الحركة أن الولايات المتحدة وسياسييها القدماء أصبحوا فاسدين، وأن الولايات المتحدة تخسر هويتها العرقية وتفقد الوظائف بسبب المنتجات الأجنبية الرخيصة التي تحل محل تلك المصنوعة في الولايات المتحدة. مثال على هذا الموقف يتبين في خطاب ترامب في اجتماع حاشد في ولاية لويزيانا، في التاسع من كانون الأول/ديسمبر، حيث قال: "سنقوم بإعادة التفاوض على صفقاتنا التجارية، والتوقف عن إلقاء المنتجات والتلاعب بالعملة الذي يعد بمثابة كارثة بالنسبة لبلدنا... في كل مرة نسرع بالعمل، الصين وغيرها يقومون بضرب قيمة عملتهم، ومن ثم نعود إلى الوراء، وهذا لا يعمل يا قوم". وفي 8 كانون أول/ديسمبر ألقى خطاب النصر، حيث قال بأن هجوما من قبل مهاجر صومالي أدى إلى إصابة 11 شخصا في جامعة ولاية أوهايو والذي كان: "تذكير مأساوي آخر وهو أن أمن الهجرة الآن هو أمن قومي... سوف نولي من شعبنا - ليس أناسا من أراض أخرى، علينا إعادة شعبنا إلى العمل". ولا يزال ترامب يعد لبناء الجدار لمنع المكسيكيين من الدخول إلى الولايات المتحدة.


ويركز "اليمين البديل" أيضا على الهوية الأيديولوجية، ويستهدف الإسلام. وقد اكتسب ترامب دعما شعبيا خلال الانتخابات من خلال تهديداته ضد المهاجرين المسلمين، كما أنه يستمر في تعزيز سياسات "اليمين البديل"، وأحاط نفسه مع الأشخاص الذين يشتركون معه في وجهات النظر هذه. لقد شغل مدير حملة ترامب ستيفن بانون سابقا رئيس تحرير موقع اليمين البديل المسمى بأخبار بريتبارت وقد تم اختياره فورا ليكون كبير الاستراتيجيين لإدارة ترامب الجديدة. الجنرال مايكل فلين سيتولى منصب مستشار الأمن القومي وقد نشر كتابا جديدا بعنوان "ميدان المعركة"، والذي يشرح وجهة نظره بأن إدارة أوباما فشلت في تحديد العدو الحقيقي للولايات المتحدة، والذي بحسب قوله هو الإسلام الراديكالي. ويشاطره هذا الرأي بانون، وكذلك كاثلين مكفارلاند من فوكس نيوز التي ستكون نائبا لمستشار الأمن القومي. كما تم اختيار الجنرال ماتيس الملقب "بالكلب المسعور" لإشغال منصب وزير الدفاع. وقد اشتهر بقوله على شاشات التلفزيون في عام 2011: "تذهب إلى أفغانستان، فتجد رجالا يصفعون النساء لمدة خمس سنوات لأنها لا ترتدي الحجاب. والرجال من هذا القبيل لم يبق عندهم إنسانية على أي حال ولذلك فإن إطلاق النار عليهم متعة كبيرة".


وعلى الرغم من خطاب ترامب العنيف وتلك التعيينات المرتبطة باليمين البديل، فإن العديد من اختيارات ترامب لأعضاء الحكومة الجدد هي من حركة حزب الشاي، وكذلك الكثير من الأعضاء المحافظين من الحزب الجمهوري، ممّا يدل على محاولته تحقيق التوازن في حكومته الجديدة واسترضاء الأعداء المحتملين. حتى إنه قد عين أشخاصاً انتقدوه في السابق في بعض المناصب، مثل تعيينه نيكي هالي ممثلةً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، والتي قالت خلال حملة الانتخابات الرئاسية: "إن مساهمة السيد ترامب بالتأكيد كما أعتقد ليست إلا كلاماً غير مسؤول". كما عين ترامب بيتسي ديفوس لمنصب وزيرة التعليم، والتي قالت عنه في شهر آذار/مارس: "لا أعتقد أن دونالد ترامب يمثل الحزب الجمهوري".


كلما أمكن فهم مختلف القوى الداعمة لترامب أكثر، أمكن إجراء تفسير أوضح لسياسة الولايات المتحدة على مدى 4 سنوات القادمة. طالما أن أجندات حزب الشاي وأجندات "اليمين البديل" تتداخل، فإن الولايات المتحدة سوف تتحرك بسرعة وبقوة، مع سيطرة الحزب الجمهوري لترامب على الكونجرس الأمريكي، لتمرير تشريع جديد، في حين يتم إبقاء وسائل الإعلام مشغولة باتهامات ترامب الهمجية وتشويه الحقيقة. والآن يعمل الجمهوريون في الكونغرس بسعادة مع ترامب لإنهاء أحد أهم إنجازات أوباما التي يعتز بها، وهو عبارة عن قانون للرعاية الصحية بأسعار معقولة، ويُسمى أيضاً بـ"أوباما كير"، هذه وغيرها من المشاريع المتفق عليها سوف تبقي على الأرجح الرئيس الجديد والحزب الجمهوري ككل يعملون معا بانسجام من خلال المراحل الأولى من رئاسة ترامب. إلا أنه، حيثما لا تتداخل الأجندات، بشأن التجارة الحرة مثلا، فسوف يكون هناك خلافات، وسيضطر ترامب إلى اتخاذ خيارات صعبة في الأشهر المقبلة.

 


كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير


د. عبد الله روبين

 

1 تعليق

  • د.فرج ممدوح
    د.فرج ممدوح الأربعاء، 18 كانون الثاني/يناير 2017م 14:18 تعليق

    السلام عليكم ورحمة الله
    بوركت اخي الحبيبعلى الموضوع الغني والشيق
    اتمنى لو انك تكتب مثل هذا الموضوع لجريدة الراية او للوعي
    الحقيقة انك ابدعت مشكورا
    والى الامام يا بطل

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع