- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مكر الاستعمار الغربي لبلاد المسلمين الظاهر والخفي
الاستعمار لا يأتي إلا لمصالحه ولا يرحل إلا بعد أن يترك أثر مخلفاته المسمومة، وإيهام الأمة الإسلامية استقلالها منه، وهذا توضيح لكيفية تحقيق الاستعمار الغربي لهذه المخلفات الضارة:
أولاً: الآليات التي استخدمها الاستعمار لترك أثره
بتفكيك دولة الخلافة: عمل الاستعمار على إسقاط الخلافة العثمانية عام 1924م، والتي كانت تمثل الوحدة السياسية للأمة، ليفرض بدلاً عنها كيانات قطرية مصطنعة، وكانت من أهم مخلفاته المسمومة:
فرض الأنظمة العلمانية: حيث استبدل بأنظمة الحكم الإسلامية أنظمة علمانية تقوم على القوانين الوضعية، مع الحفاظ على تبعيتها للغرب سياسياً واقتصادياً.
إيجاد نخب حاكمة عميلة: فقد شكّل طبقة حاكمة من المتغربين والمؤيدين لمصالحه، تُدير شؤون البلاد وفق أجندته.
السيطرة الاقتصادية: أحكم قبضته على الاقتصاد في بلاد المسلمين عبر:
- الديون الدولية
- الشركات متعددة الجنسيات
- التحكم في الموارد الطبيعية
الهيمنة الفكرية والثقافية: وقد غزا العقل المسلم عبر:
- نشر الأفكار العلمانية والليبرالية
- ضرب مناهج التعليم
- السيطرة على الإعلام ومنصات التواصل
بإشعال الصراعات الداخلية:
بالعمل على تأجيج النزعات وتسويقها وترويجها مثل:
- القومية
- الطائفية
- الإقليمية
ثانياً: كيف أوهم الأمة بالاستقلال؟
عبر منح الاستقلال الشكلي: منح الاستعمار الاستقلال السياسي الشكلي للبلاد الإسلامية مع الاحتفاظ بسيطرته الفعلية عبر المعاهدات والاتفاقيات المجحفة، والقواعد العسكرية، والبعثات الدبلوماسية المؤثرة.
كذلك قام بإيهام الشعوب بالسيادة: حيث روّج لفكرة أن هذه الكيانات المستقلة تمثل إرادة الشعوب، بينما هي في الحقيقة مجرد أدوات لتنفيذ سياساته.
وباستخدام المنظمات الدولية سخّر منظمات من مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي لفرض سياساته تحت غطاء الشرعية الدولية.
ثالثاً: كيف يتحكم في الأمة؟
- عبر السيطرة على القرار السياسي: فالقرارات المصيرية في البلاد الإسلامية تتخذ وفقاً للتوجيهات الغربية.
- التحكم في الاقتصاد: عبر الصندوق والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية.
- الهيمنة العسكرية: تفرض القوى الغربية وجودها العسكري في المنطقة عبر:
- القواعد العسكرية: من خلال صفقات السلاح، والتحالفات الأمنية
- السيطرة الإعلامية والفكرية: ولا تزال الآلة الإعلامية الغربية تتحكم في الرأي العام في بلاد المسلمين وتوجهه وفق مصالحها.
رابعاً: الحل الجذري للأمة الإسلامية:
- كشف حقيقة الاستعمار وأدواته ببيان أن "الاستقلال" هو وهم كبير، وأن الهيمنة الحقيقية لا تزال للغرب.
- العمل لإقامة الخلافة:
فمن خلال إقامة دولة الخلافة يمكن:
- تحرير الأمة من الهيمنة الغربية
- توحيد صفوفها
- تطبيق الشرع الإسلامي في جميع مناحي الحياة
- رفض التبعية بجميع أشكالها من حيث مقاطعة جميع أشكال التبعية للغرب: السياسية، والاقتصادية، والفكرية، والعسكرية...
أمثلة لأساليب الخداع والمكر الاستعماري في بلاد المسلمين
إن من أبرز ما كان حاصلا من خداع الاستعمار للمسلمين ما حدث في مصر خلال الحملة الفرنسية (1798-1801م) بقيادة نابليون بونابرت، والتي تمثل نموذجاً واضحاً للاستعمار الذي يستخدم شعارات التحرير والتقدم وهو يمارس الاستغلال والتدمير. فيجب على الأمة الإسلامية أن تعرف ما هي اللدغات التي لدغت بها من قبل حيث سنبينها فيما يلي:
أولاً: خلفية الحملة الفرنسية على مصر الادعاءات الكاذبة:
- ادعى نابليون أن هدف الحملة هو تحرير مصر من ظلم المماليك! والمفارقة أن فرنسا كانت تستعمر دولاً أخرى.
- نشر العلم والثقافة من خلال مطبعة وعلوم غربية.
- احترام الإسلام: ادعى نابليون أنه مُعجب بالإسلام ويحترم النبي ﷺ!
آليات الخداع الاستعماري التي استخدمها نابليون
استخدام الشعارات الدينية الزائفة: حيث أعلن أنه "صديق الإسلام" وحاول إظهار الاحترام للدين، بينما كان يجمع الضرائب ويستولي على الأوقاف الإسلامية.
نشر منشورات باللغة العربية تمدح الإسلام! بينما جنوده ينهبون المساجد ويستبيحون الأعراض.
خداع النخبة والجماهير: قدم نفسه كمصلحٍ حديثٍ يحمل "الحضارة" لمصر، بينما كان يستهدف السيطرة على طريق الهند لمصالح فرنسا التجارية لضرب النفوذ البريطاني.
أسس الدِيوان (مجلس استشاري) من بعض المشايخ والعلماء لإيهام المصريين بأن لهم رأياً في الحكم!
القمع تحت شعار القانون: فرض قوانين فرنسية تحت اسم الحماية والأمن، بينما كان يعذب المقاومين (مثل ثورة القاهرة الثانية)
استغلال الموارد: فقد نهب خيرات مصر (قطن، حبوب، آثار) وأرسلها إلى فرنسا.
كيف كشف المسلمون في مصر الخدعة؟
ثورات الشعب: قاد العلماء مثل عمر مكرم الشعب لثورتين في القاهرة (1798 و1800م) بعد أن اكتشفوا كذب شعارات نابليون، واستغلال فرنسا لثروات البلاد ومحاولة طمس الهوية الإسلامية.
فشل الحملة: رحلت فرنسا بعد 3 سنوات فقط، لكنها تركت وراءها ديوناً اقتصادية، وبذور الفتنة بين المسلمين، وبداية التغريب الفكري.
الدروس المستفادة التي يجب على الأمة اليقظة والحذر منها:
- الاستعمار لا يأتي إلا لمصالحه، وكل شعارات "التحرير" و"التقدم" هي أكاذيب لتبرير النهب والاحتلال.
- خداع النخب: فالاستعمار يشتري الولاءات عبر إقناع النخب بأنهم "شركاء" في الحكم!
الوجه الحقيقي للاستعمار: عندما يُكشف زيف الشعارات، يظهر الوجه الدموي (كما في مجزرة القاهرة).
الحل هو توحيد المسلمين: فقط عبر دولة الخلافة يمكن مواجهة الاستعمار وخداعة.
تطبيق على الواقع المعاصر
أساليب نابليون نفسها تستخدم اليوم؛ فأمريكا تدعي "نشر الديمقراطية" في العراق وأفغانستان والنتائج: دمار! فرنسا تدعي "مكافحة الإرهاب" في الساحل الأفريقي إلا أنها تسرق اليورانيوم!
إن الحملة الفرنسية على مصر وغيرها من البلدان هي مثال تاريخي صارخ على خداع الاستعمار، وهو النهج نفسه الذي يُتبع اليوم بأساليب أكثر تطوراً، والعلاج هو في يقظة الأمة ورفض الشعارات الزائفة والعودة إلى توحيد المسلمين تحت راية الخلافة الإسلامية.
وفي الختام نقول بأنه لا شك أن الاستعمار الغربي نجح في خداع الأمة الإسلامية بشعارات الاستقلال الزائف تاركا مخلفاته القذرة، ولا تزال الأمة ترزح تحت هيمنته وقذارته الكاملة. والحل الوحيد هو في يقظة الأمة وعودتها إلى دينها، والعمل الجاد لإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة التي تحررها من جميع أشكال التبعية.
كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فادي السلمي – ولاية اليمن