- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الرد على شبهة من يقول:
الخطاب الفكري والعمل السياسي لا يؤثر بالواقع
دعوة كل المرسلين ويتبعهم الأنبياء هي أحكام شرعية وليست عقلية وكلها كانت بالفكر واللسان والمعجزات، فلو كان أصل الدعوة بالأعمال المادية لكان محمد ﷺ عمل بأصنام مكة كما عمل إبراهيم من قبل، قال عز وجل: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً﴾، فدعوة نبينا كانت بالفكر ابتداء من تفهيم الناس عقيدة الإسلام وأحكامه وتكتيل من آمن ثم الصدع بالدعوة لكل الناس ومخاطبة الجماهير بأعمال عامة بالصراع الفكري والكفاح السياسي وطلب النصرة، فقام الأنصار باحتضان الفكرة وأقاموا الدولة.
وكوني أحد شباب حزب التحرير الذي تبنى طريقة شرعية لتحقيق الغاية التي يسعى لإيجادها في الواقع، وربما يعد الحزب الوحيد، يُرمى بهذه الشبهة المتهافتة أملاً من القائلين بها والمشكوك في أمرهم في تثبيط العاملين وفض الأنصار، فمسألة القيام بالأعمال المادية لا يكون إلا بدولة تطبق الإسلام، فالناحية الشرعية لضرب هذه الفكرة تكفينا، وتكفينا الطريقة التي سار عليها سيدنا محمد ﷺ قبل قيام الدولة، فلم يتبن أي عمل مادي بل كان يدعو للإسلام. ومعروف أن الإسلام هو عقائد وأحكام شرعية، وهي أفكار تعالج مشاكل البشر. أليس هذا كافيا لمن يقوم ويتهم الحزب أنه حزب الأفكار؟ هؤلاء الناس الذين يتهمون الحزب بهذه التهمة الممجوجة لا يقيسون الأحزاب إلا ما قاموا به من بناء مسجد أو توزيع سلة غذائية، ونسوا الطريقة التي سار عليها سيدنا محمد ﷺ. هذا من ناحية شرعية، أما واقعاً فالأمثلة عليها كثيرة من باب القرائن لا من باب الدليل لأن أدلتنا شرعية ولكن للتدبر نذكر ما يلي:
لقد بيّن حزب التحرير منذ نشأته 1953م أن تحرير فلسطين وأي بلد إسلامي محتل لا يكون إلا بدولة، فعارضه الجميع في وقتها.
وقامت قبل ذلك وبعده الكثير من الجماعات المسلحة الوطنية فكانت النتائج انحرافاً للعمالة والتطبيع مثل حركة فتح.
وقامت جماعات جهادية وسياسية وجمعية، ولاحظنا أنها تنحرف عن غايتها بمجرد أن تُفرض عليها توجيهات وضغوط أو تعطى مالاً سياسياً قذراً سواء من داعميها أو من أعدائها كما حصل مع طالبان، ثم عادت تتشكل من جديد، ثم مفاوضات في قطر بينها وبين أمريكا استمرت 13 سنة، وبناء عليها ضمنت أمريكا مصالحها وعدم توحد المسلمين، وسلمت الحكم لطالبان، وتركت وراءها معدات بمليارات الدولارات كان من الممكن أخذها معها لو كان الانسحاب بدون مفاوضات لأن الانسحاب لم يكن طارئا. ومثل حاكم سوريا الجديد الذي مجرد أن تسمع خطابه قبل الصعود للحكم وبعد الصعود للحكم يكفيك لتعرف سقوط هذه الجماعات في وحل الغرب والعمالة.
وكما حصل مع الجماعات السياسية حين أقرت بالديمقراطية والمشاركة في الحكم بالكفر باسم التدرج فاضطرت إلى مسايرة الظلمة في ظلمهم والفسقة في فسقهم، وحين وصلت إلى الحكم كانت ضعيفة فسقطت كما حصل في مصر بعد ثورة 2011م، وأما التي لم تسقط بعد فلأن الغرب لا يزال بحاجتها وهي لم ولن تطبق الإسلام ورضي بها الكفار مثل تركيا أردوغان.
وهناك كارثة وقعت فيها كثير من التكتلات التي تنتقد العمل الفكري في الأمة فقد تحول القائمون بالعمل المسلح إلى قتل المسلمين!
أخيراً: إذا أراد شخص ما بناء عمل ضخم مثل مصنع أو برج سكني فلا بد أن يضع مخططا نظريا هندسيا ثم يطلب من المقاولين تنفيذه، وقد وضع الحزب المخطط لنهضة الأمة بناء على فكرها المستمد من الكتاب والسنة.
وبالنسبة لتأثير الحزب في الواقع: فقد عمل حزب التحرير على ضرب أفكار الكفر مثل الرأسمالية وفكرة الديمقراطية والحريات المطلقة والاشتراكية والروابط الجاهلية الفاسدة المنحطة كالوطنية والقومية والمصلحية التي يتوهم البعض وجودها كرابطة.
وهذا ما حذرت منه مؤسسة راند للدراسات الاستراتيجية حيث قالت (إن المقاتل الرئيسي في حرب الأفكار هو حزب التحرير)، وطبعا انتشار أفكار الكفر وإقناع الناس بها والترويج لها تقف وراءها المنظمات والأحزاب العلمانية والحركات التي تقول باسم الإسلام بينما هي تروج لأفكار الكفر، والتي تدعو لإصلاح الأفراد وتحرم السياسة وتقول إن السياسة نجاسة فهي تدعو لطاعة النجس الذي يمارس الحكم وهو طبعا الحكام الفساق، فهذه حركات علمانية أكثر منها إسلامية لأنها تفصل الدين عن الدولة وتحصره في الأعمال الفردية.
وقد أثر الحزب في قناعات الكثير من الناس سواء أدركوا أن المتحدث معهم هو من حزب التحرير أم لم يدركوا ذلك.
وفقنا الله وإياكم إلى إقامة دولة الإسلام؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محسن الجعدبي – ولاية اليمن