الإثنين، 21 ذو القعدة 1446هـ| 2025/05/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحدث العسكري بين الهند وباكستان

كيف خدم الاستراتيجية الأمريكية في أوراسيا؟

 

مقدمة:

 

في 10 أيار/مايو 2025، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصة "تروث سوشيال" عن "وقف إطلاق نار كامل وفوري" بين الهند وباكستان، جاء ذلك بعد محادثات طويلة بوساطة أمريكية قادها وزير الخارجية ماركو روبيو ونائب الرئيس جِي دي فانس، ليتم تفعيل الاتفاق عند الخامسة مساءً بتوقيت نيودلهي (11:30 غرينتش).

 

1. الخلفية التاريخية للصراع

 

نزاع كشمير: منذ تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، تنازعت الدولتان السيطرة على منطقة كشمير، وشهدتا ثلاث حروب (1947، 1965، 1971) بالإضافة إلى مناوشات محدودة متكررة.

 

عقيدة الردع النووي: تملك كل من الهند وباكستان ترسانة نووية، ما جعل كل تصعيد عسكري محليّاً يحمل خطر التصعيد إلى مواجهة نووية.

 

2. تسلسل الأحداث الأخيرة

 

1. 22 نيسان/أبريل 2025: هجوم "إرهابي" قرب مدينة باهلغام في كشمير الهندية أسفر عن مقتل 25 جندياً هندياً وشخص نيبالي، ونسبت الهند الهجوم إلى دعم المخابرات الباكستانية (ISI).

 

2. 7 أيار/مايو 2025: شنت الهند عملية سيندور على "بنى تحتية إرهابية" داخل الأراضي الباكستانية، مُستخدِمةً صواريخ كروز وطائرات مسيّرة.

 

3. ليلة 8–9 أيار/مايو: أطلقت باكستان عملية البنيان المرصوص التي استهدفت مواقع عسكرية هندية، وردّت نيودلهي بإغلاق الأجواء واستدعاء الاحتياطي.

 

4. 10 أيار/مايو 2025: الوساطة الأمريكية تتكلّل بوقف إطلاق نار فوري عند الخامسة مساءً بتوقيت نيودلهي.

 

3. دور الولايات المتحدة وأدوات الوساطة

 

الوساطة الدبلوماسية: قادها ماركو روبيو ونائب الرئيس فانس عبر اتصالات هاتفية منفصلة مع وزيري خارجية الهند وباكستان.

 

الاتصال عبر "تروث سوشيال": استخدم ترامب منصته الخاصة للإعلان، ما وفر مرونة في صياغة الرسائل وتوجيهها مباشرة إلى الرأي العام في نيودلهي وإسلام آباد.

 

التوقيت الاستراتيجي: جاء الإعلان بعد أربعة أيام من تبادل الضربات، مُقلّلاً من خطر انزلاق المواجهة إلى حرب نووية.

 

4. المكاسب الأمريكية من الصراع

 

1. تعزيز مكانة الهند

 

أظهرت نيودلهي انضباطاً تحت الضغط، ما برر تسريع اتفاقيات COMCASA وBECA لتبادل المعلومات العسكرية والفضائية، وتأكيد شراكتها في "المحيطين الهندي والهادئ".

 

2. ضبط تحالف باكستان - الصين

 

بعد أن تميّزت إسلام آباد باتجاهها غير المحايد نحو بكين، استغلت واشنطن الأزمة لإعادة فتح قنوات عسكرية محدودة (مثل ترقية أسطول F-16)، ما يقلل الاعتماد الباكستاني الكامل على الصين.

 

واليك تفاصيل هذا التحالف:

 

في شباط/فبراير 2025، أعلنت إدارة ترامب عن تخصيص مبلغ 397 مليون دولار لدعم برنامج صيانة مقاتلات F-16 الباكستانية، مع فرض قيود صارمة على استخدام هذه الطائرات لضمان توجيهها حصرياً لعمليات مكافحة الإرهاب والتمرد، ومنع استخدامها في أي صراع مع الهند.

 

تفاصيل الدعم الأمريكي:

 

أ. الصيانة والتحديث: يشمل الدعم الأمريكي صيانة شاملة لمقاتلات F-16 الباكستانية، بما في ذلك التحقق من سلامة الهيكل، وصيانة المحركات، وتحديثات البرمجيات.

 

ب. الرقابة الصارمة: تم إنشاء فريق أمني فني (TST) من المتعاقدين الأمريكيين لمراقبة استخدام الطائرات، وضمان التزام باكستان بالقيود المفروضة.

 

ج. القيود المفروضة: تتضمن القيود الأمريكية استخدام الطائرات فقط في عمليات مكافحة الإرهاب والتمرد، ومنع استخدامها ضد الهند، مع فرض إجراءات رقابية صارمة تشمل جرداً نصف سنوي للطائرات والمعدات.

 

الأبعاد الجيوسياسية:

 

تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية أمريكية تهدف إلى تقليل اعتماد باكستان على الصين في المجال العسكري، من خلال إعادة فتح قنوات التعاون العسكري المحدودة، مثل دعم أسطول F-16، مع الحفاظ على الرقابة الصارمة على استخدام هذه الطائرات.

 

3. اكتساب معلومات استخبارية

 

أتاح الاشتباك اختبار أداء الصواريخ والطائرات المسيرة الصينية والباكستانية في ميدان القتال، وتحديث تقييمات القوة لمواجهة المحتمل مع بكين مستقبلاً.

 

4. إبراز دور الوسيط الدولي

 

مكنت الوساطة الأمريكية من إظهار واشنطن كطرف "عاقل" قادر على نزع فتيل صراع بين قوتين نوويتين، ما يعزز مكانتها في النظام العالمي كضامن للاستقرار.

 

5. دعم استراتيجية احتواء الصين

 

ضمن استراتيجية تطويق الصين في أوراسيا، أدّى الحدث إلى تفعيل التحالف الرباعي (كواد) بين أمريكا والهند واليابان وأستراليا، ورفعه من مناورات رمزية إلى تلاحم أمني أعمق.

 

. الآثار الإقليمية والدولية

 

تعليق معاهدة مياه السند: رفعت باكستان تعليقها المؤقت بعد وقف النار، لكن التوتر أظهر هشاشة الاتفاقات المائية الحيوية.

 

ردود فعل دولية: أدانت دول مثل السعودية وتركيا الهجوم الإرهابي في كشمير ودعت إلى ضبط النفس، في حين رحّبت مصر والمغرب بالجهود الأمريكية لحفظ الأمن.

 

التوازن النووي: أكدت الأزمة مجدداً خطورة المساس بالردع النووي، ودعت دول أوروبية كبرى إلى تجديد جهود الحدّ من الانتشار النووي في جنوب آسيا.

 

الخاتمة والحل الشرعي:

 

إن ما جرى يثبت أن المصالح الأمريكية هي الموجه الرئيس لأحداث أوراسيا، لا مصالح المسلمين أو استقرارهم. والحلّ الشرعي الأصيل لا يكون بالتوسّط عند قوى كافرة أو ربط مصائر المسلمين بحساباتها، بل بإقامة كيان إسلامي واحد يطبّق شرع الله كاملاً.

 

إن دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، بقيادة إمام يبايع على الكتاب والسنة، هي الطريق لتحقيق العزة والتمكين، وتحرير الأمصار من هيمنة الكافرين واستبداد العملاء.

 

ذلك هو الحلّ الشرعي الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والعقدي الذي يضمن للمسلمين عزّة لا تتزعزع.

 

﴿هَذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بهاء الحسيني – ولاية العراق

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع