الخميس، 26 شوال 1446هـ| 2025/04/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

انقسام اقتصادي حاد بشأن نهج الرئيس ترامب

مقامرة على حافة الهاوية

 

يشهد القطاع الاقتصادي انقساماً حاداً حول الاستراتيجية الاقتصادية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليس بسبب غياب خطة واضحة كما يُروّج، بل لأن النهج الذي يتبعه يتسم بعدم التقليدية، وعدم القدرة على التنبؤ، وينطوي على مخاطر كبيرة.

 

لقد بدت هذه الاستراتيجية كمقامرة عالية المخاطر، تشبه ما يعرف بـحافة الهاوية الاقتصادية، حيث يعتمد كل طرف على صبره بانتظار تراجع الطرف الآخر. وقد تجلّى هذا النهج بشكل واضح خلال الحرب التجارية بين أمريكا والصين، عندما فرض  ترامب رسوماً جمركية بلغت نسبتها 145% على بعض الواردات الصينية، الأمر الذي دفع الصين إلى الرد برسوم وصلت إلى 125% على السلع الأمريكية.

 

وعلى خلاف السياسات الاقتصادية التقليدية التي ترتكز على استقرار الأسواق والتعاون الدولي، يعتمد هذا النهج على إجراءات هجومية وارتجالية، شملت فرض رسوم مفاجئة، وتهديدات بفك سلاسل التوريد، ومحاولات لإعادة التصنيع إلى الداخل الأمريكي دون معالجة المشاكل الهيكلية طويلة الأمد. ورغم أن هذه الإجراءات قد تحقق مكاسب سياسية قصيرة الأجل، فإنها على حد وصف ترامب، تمثل "ألماً قصير الأجل" من أجل مكاسب محتملة، لكنها في الواقع تزرع حالة من عدم اليقين في الأسواق العالمية وتفتح المجال لردود اقتصادية انتقامية من الخصوم.

 

فلماذا اختار ترامب ومؤيدوه هذا المسار؟ الجواب يكمن في مزيج من الثقة المفرطة أو الغرور السياسي وسوء تقدير كبير لاستراتيجية الصين الاقتصادية. فقد واجهت بكين هذه التحديات ليس بالخضوع، بل بردود مدروسة شملت فرض رسوم مضادة، وتوسيع علاقاتها التجارية مع شركاء جدد، إلى جانب تعزيز الابتكار المحلي. وقد أثبتت قدرتها على الصمود، الأمر الذي قوّض الافتراضات الأمريكية بأنها ستنهار تحت الضغط الاقتصادي.

 

وفي نهاية المطاف، لا تبدو هذه الاستراتيجية خطة اقتصادية متماسكة، بقدر ما تمثل محاولة لاستخدام الاقتصاد كأداة في لعبة القوة الجيوسياسية وإعادة هيكلة الموقف الدولي العالمي؛ وهي لعبة قد تكون لها تبعات كارثية وطويلة الأمد على الاقتصاد الأمريكي والنظام الاقتصادي العالمي ككل.

 

وفي خضم هذا المشهد العالمي المضطرب، يبرز سؤال جوهري: أين موقع الإسلام والمسلمين اليوم؟ هل سنبقى مجرّد أحجار على رقعة الشطرنج الجيوسياسية، يُحدَّد مصيرنا ومصير شعوبنا والإنسانية جمعاء دون أن يكون لنا أدنى حراك؟ هل سنكتفي بدور المتفرج في صراع بين جشع الرأسمالية وتسلّط الاشتراكية، بينما نملك إرثاً حضارياً ونظاماً ربانياً قادراً على إنقاذ العالم من الفوضى والظلم الاقتصادي؟

 

أم آن الأوان أن ننهض بوصفنا أمة ذات سيادة، تملك مقوّمات حضارية واقتصادية هائلة، وتشارك في صناعة القرار العالمي كلاعب فاعل لا كأداة مستغلة؟ ألم يحن الوقت ليظهر الإسلام بعدله ورحمته من خلال نظامه الاقتصادي والمالي؛ حيث تُوزّع الثروات بعدل، ويُمنع الاحتكار، وتُزال الضرائب الجائرة، ويتحرّك المال في المجتمع بحرية وعدالة، ويُربط بميزان الذهب والفضة، فتستقر الأسواق وتستعيد الإنسانية توازنها المالي والمعيشي؟

 

فإن أعرضنا عن هذا النهج، فإننا لا نُقصي الحل فحسب، بل نُقصي أنفسنا عن سنن الإصلاح والنهضة، ونُعرّض شعوبنا لما توعّد الله به من الضنك في الدنيا والعذاب في الآخرة، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى﴾.

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

سامر دهشة (أبو عمر)

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع