الخميس، 26 شوال 1446هـ| 2025/04/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

فخاخ ترامب.. من الذي سقط ومن سيسقط فيها؟

 

 

 

منذ توليه منصب الرئاسة رسمياً في كانون الثاني/يناير الماضي، يتصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عناوين الأخبار والمقالات في وسائل الإعلام العالمية، لا سيما تداعيات السياسة والاقتصاد المتعلقة بأوروبا بشكل عام، وأوكرانيا بشكل خاص، وكذلك حيال روسيا. كانت وما زالت هذه السياسات محط جدل واستنكار من جهات عدة، فقد درج هو ونائبه بشكل مستمر على الهجوم على الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، وفي المقابل التقارب مع روسيا، في مقاربة غريبة من نوعها، حيث إن روسيا هي عدو الأمس مقابل دول الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا الحلفاء التقليديين. فكيف يمكن فهم هذه المفارقة؟

 

بالرجوع إلى السياسة الخارجية الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، نجد أن من ثوابتها إقامة الأحلاف لتنفيذ مخططاتها، كما هو الحال في حلف الناتو الذي كان موجهاً بالأساس ضد الاتحاد السوفيتي، وكذلك في غزوها لأفغانستان أو في حرب الخليج الأولى ضد العراق. وبالمقابل، كانت تسعى إلى عدم حدوث أي نوع من التقارب بين خصومها، خاصة الاتحاد السوفيتي والصين، فقد دعمت الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو ضد منافسه الكومينتانغ "الحزب القومي الصيني"، حسب تقارير الدبلوماسيين الأمريكيين وسياسة وزير الخارجية الأمريكي دالاس، وذلك لخلق رأسين متنافسين للشيوعية.

 

بعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001 بدعم أمريكي، شهد اقتصاد الصين طفرة هائلة، ما عزز قوتها السياسية عالمياً. وقد درجت أمريكا على دعمها لعقود عدة، بشكل غير مباشر، من خلال التبادل التجاري، والاعتراف الدبلوماسي، وعدم السعي لمواجهة مباشرة، ما يمنحها مساحة لتعزيز قوتها العالمية.

 

وعلى النسق ذاته، أشعل الرئيس الأمريكي السابق بايدن، الحرب الأوكرانية عندما رأى التقارب بين روسيا والاتحاد الأوروبي يزداد يوماً بعد يوم، فدفعت أوكرانيا لاستفزاز روسيا، ما حدا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاتهام واشنطن بمحاولة استدراج موسكو إلى حرب في أوكرانيا. وأكد بوتين في تصريحات صحفية عقب لقاء رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان في موسكو، أن الولايات المتحدة تتجاهل مخاوف روسيا، بشأن قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في أوروبا. (فبراير/شباط 2022).

 

وهو الأمر الذي أدى إلى إشعال العداوة بين روسيا من جانب، وبين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا من الجانب الآخر. وما إن جاء ترامب إلى سدة الحكم حتى صب الزيت على النار فزادت اشتعالاً، وذلك بمواقفه المنحازة تجاه روسيا، والمتشددة تجاه الاتحاد الأوروبي، والعدوانية تجاه أوكرانيا، فأعلن الاتحاد الأوروبي العداء السافر تجاه روسيا.

 

ومن جانب آخر، خلقت الحرب الأوكرانية تقارباً بين روسيا والصين، وهو أمر مرفوض أمريكياً، فكان لا بد من معالجته، ويعتبر من أقوى المهددات للأمن الأمريكي. فإن أي تحالف بين روسيا والصين، يعني الحرب العالمية الثالثة، على مقولة هنري كيسنجر.

 

من هنا جاء تصريح وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب، تهدف إلى فصل روسيا عن الصين بالطريقة نفسها التي فصل بها الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون الصين عن الاتحاد السوفيتي. (موقع بريتبارت، 2025/2/26).

 

وقد رد عليه وزير الخارجية الصيني وانغ يي، دون أن يذكره صراحة، قائلاً: "إن العلاقات الناضجة والمرنة والمستقرة بين الصين وروسيا، لن تتأثر بأي تحول في الأحداث، ناهيك عن أن تكون عرضة للتدخل من أي طرف ثالث". (شيخو، 2025/3/7).

 

وبذلك، يكون ترامب قد أوقع الاتحاد الأوروبي في فخ العداوة لروسيا، بتهديده بسحب الدفاع عن أوروبا، كما أوقع روسيا في الفخ عندما كان سخيا معها، وذلك بالاستجابة لجميع مطالبها في أوكرانيا، وهذا بدوره يجذب روسيا بعيداً عن الصين. كما أوقع زيلينسكي في الفخ الذي نصبه له في البيت الأبيض، وأهانه أمام كاميرات الإعلام في مسعى لقبوله بشروط وقف إطلاق النار، والتنازل عن المعادن الأوكرانية الثمينة، والفخ الآن منصوب للصين وذلك للاستفراد بها في حربه التجارية القادمة معها.

 

وتعتبر سياسة ترامب في هذا الجانب امتداداً لأسلافه مع الاختلاف في الأسلوب، حيث كان المعتمد في السياسة الأمريكية رؤية أفلاطون "تكلم بصوت منخفض واحمل بيدك عصا غليظة"، إلا أن ترامب خالف ذلك فهو يتكلم بصوت عالٍ ويحمل بكلتا يديه عصا غليظة.

 

إن التأمل في الصراع الدولي يعيد ذاكرتنا إلى أيام الخلافة الراشدة التي قضت على دولتي الفرس والروم وتربعت على عرش الدولة الأولى في العالم، ثم جاءت الدولة الأموية التي حملت الإسلام إلى الهند والسند، ثم توسعت أيام العباسيين حتى قال الخليفة هارون الرشيد مخاطباً الغمامة: "أينما تذهبين يأتيني خراجك"، وما إن تولى العثمانيون زمام الخلافة، حتى اتجهت الفتوحات نحو أوروبا، حتى وصلت إلى أسوار فيينا.

 

وبالعودة إلى حالنا اليوم، فإننا نتساءل، ألسنا خير أمة أخرجت للناس؟! فيأتي الرد سريعاً من حديثه ﷺ، ولم يدع اليأس يتسرب إلى نفسنا، فعن ثوبان قال: قال رسول الله ﷺ: «إِنَّ اللهَ زَوَى لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا».

 

فهلا شحذنا هممنا وقوينا عزائمنا وحققنا بشرى نبينا ﷺ.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس حسب الله النور – ولاية السودان

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع