- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
صُبحُ الخلافةِ يَلوحُ في الأُفق
أصبحت الأمة الإسلامية أقرب من أي وقت مضى إلى أن يشرق عليها صبح الخلافة، وأضحى غروب شمس الحضارة الغربية الرأسمالية وشيكاً، بعد أن انكشفت حقيقتها الفاسدة وظهر فشلها في قيادة البشرية، فالرأسمالية التي حكمت العالم لقرون لم تجلب له سوى الحروب والدمار والاستعمار والظلم.
لقد صمد أهل غزة صموداً أسطورياً أمام آلة عسكرية غاشمة اجتمعت فيها كل قوى الشر، بزعامة أمريكا أكبر قوة في العالم، ومع ذلك لم يستطيعوا كسر إرادة أهل غزة أو اقتلاعهم من ديارهم، رغم حجم القتل والدمار الذي أحدثوه. وهذا يدل على أن الأمة، متى ما تخلّصت من قيود حكامها المتخاذلين، قادرة على مواجهة أعدائها والعودة إلى موقع القيادة والسيادة.
الرأسمالية تلفظ أنفاسها الأخيرة
إن العالم اليوم يشهد مرحلة حاسمة من التحولات والصراعات الدولية، فأمريكا التي تتزعم العالم منذ الحرب العالمية الثانية، تواجه أزمات داخلية وخارجية متزايدة، بينما تعلو أصوات الشعوب بالاحتجاج على الظلم والاستبداد. إن الرأسمالية قد فشلت في تحقيق الاستقرار، وأثبتت أنها قائمة على الجشع واستعباد الشعوب، وأنها لا تأتي إلا بالفقر والاستغلال والأزمات الاقتصادية والإنسانية التي تعصف بدولها قبل غيرها.
واليوم، يتصدر المشهد رئيس جديد لأمريكا، معروف بعنجهيته وصلفه، لا يحترم أحداً من حكام العالم، ليكتب بإذن الله الفصل الأخير في تاريخ أمريكا المستعمرة، كما كان هلاك القياصرة والروم والفُرس من قبل. إن القرارات التي يتخذها هذا الطاغية، من فرض جمارك مجحفة إلى محاولات ضم أراضٍ وجزر إلى أمريكا بحجة الأمن القومي، هي دليل على اضطراب هذا النظام، وسعيه للبقاء بأي وسيلة، ولو على حساب الشعوب والأمم.
إن هذه هي سياسة الطغاة، وهذه هي الحضارة الغربية القائمة على فصل الدين عن الدولة، بنظامها الرأسمالي الذي لا يعرف إلا لغة القوة والمصلحة، ويحتكم إلى قوانين وضعها البشر لخدمة الأقوياء على حساب الضعفاء. لكن، في خضم هذا العالم المضطرب، ومع تسارع الأحداث يوماً بعد يوم، تلوح في الأفق صراعات جديدة بين أمريكا والقوى الكبرى، بل وبين الدول نفسها، ما ينذر بقرب انهيار النظام العالمي الحالي.
الغرب في مواجهة الإسلام... صراع حضاري محتوم
ومما لا شك فيه أن الشعوب ستتأثر بهذه التحولات، وعلى رأسها الأمة الإسلامية، التي باتت تدرك مدى انحطاط الغرب واستبداده. لقد انكشف زيف ادعاءاته بأنه يدعم الحريات الفكرية والسياسية، أو أنه يسعى لحماية حقوق الإنسان والمرأة والطفل، بينما هو في الحقيقة لا يدعم إلا الشذوذ والانحراف وكل ما يناقض الفطرة السليمة، ويعزز السيطرة على الشعوب ونهب ثرواتها.
إن الصراع بين الغرب والإسلام ليس صراعاً سياسياً فقط، بل هو صراع حضاري؛ بين عقيدة الإسلام التي تدعو إلى العدل، وبين عقيدة الكفر التي تقوم على الظلم والاستغلال. وقد أدرك الغرب أن الإسلام هو البديل الحقيقي للرأسمالية، لذلك يسعى بكل قوته لمنع عودته إلى الحكم، ويستخدم في ذلك حكام المسلمين العملاء، الذين هم أدواته في قمع الأمة، وإبقاء بلاد المسلمين تحت هيمنته.
لكن الأمة الإسلامية ليست كغيرها من الأمم، فهي أمة عظيمة، تحمل عقيدتها رسالة للإنسانية، وقد بشّر النبي ﷺ بعودتها إلى قيادة العالم حين قال: «ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ». وهذا وعد الله لعباده المؤمنين، وهو وعد غير مكذوب، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾.
حزب التحرير... رائد لا يكذب أهله
إن حزب التحرير يعمل بين الأمة ومعها، وهو جزء منها، يكتوي بنار الرأسمالية الجشعة، ويعاني من تبعات هيمنة حضارة فصل الدين عن الحياة، التي يتبناها حكام عملاء لا يخشون الله، ولا يبالون بمصير أمتهم، بل يسخّرون أدواتهم من العلمانيين والمنافقين لترسيخ الهيمنة الغربية ونهب خيرات الأمة.
إن حزب التحرير يحمل مشروعاً إسلامياً رائداً، ويسعى لاستنهاض أهل القوة والمنعة من جيوش المسلمين المخلصين، ليحملوا منهج الإسلام، ويقيموا دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وهو مشروع متكامل، قائم على دستور مستنبط من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، دستور يُرضي الله ورسوله، ويحكم بين الناس جميعاً بالإسلام، لينعموا بشريعة رب العالمين، التي تحترم الإنسان بوصفه إنساناً كرّمه الله.
إن الأمة اليوم تقف على أعتاب مرحلة جديدة، والخلافة ليست حلماً بعيد المنال، بل هي واقع قريب يتحقق إذا أخذت الأمة بأسباب النصر، واتّبعت منهج النبي ﷺ في إقامة الدولة، فكما أقامها في المدينة بعد أن نصره أهل القوة والمنعة، فإن الأمة اليوم مطالبة بالعمل الجاد لاستعادة سلطان الإسلام، وإقامة دولة الخلافة التي تحكم بكتاب الله وسنة رسوله.
يا أمة الإسلام... أفيقي من سباتك
إن الغرب، رغم قوته العسكرية والاقتصادية، قد وصل إلى مرحلة الضعف والانهيار، وما تشهده أمريكا وأوروبا من أزمات سياسية واقتصادية هو أكبر دليل على ذلك. ولن يستطيع الغرب، مهما تآمر، أن يمنع نهضة الأمة وعودتها إلى دينها، وإقامة حكم الإسلام.
فيا أبناء أمة الإسلام آن لكم أن تعيدوا عزتكم، وأن تعودوا إلى حكم الله، فبالخلافة وحدها يُقام الدين، وتتحرر البلاد، وتُستعاد الكرامة، وتعودوا لقيادة العالم من جديد، فتشرق الأرض بنور ربها. قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.
فإلى العمل أيها المسلمون، وإلى النصرة أيها الضباط المخلصون، فإن نصر الله قريب، وإن الخلافة قائمة بإذن الله، ﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سلمان فارس – ولاية مصر