السبت، 23 شعبان 1446هـ| 2025/02/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

آلله بالبيت الحرام وإله من دونه بالشام؟!

أطواف بالبيت الحرام وجمهورية بأرض الشام؟!

 

 

في مقابلة حصرية مع تلفزيون سوريا، تحدث رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع عن ملامح المرحلة السياسية المقبلة في بلاد الشام، وأجاب عند سؤاله عن تصوره لشكل نظام الحكم السياسي، قائلا: "سوريا هي جمهورية، نظامها جمهوري فيها برلمان، وأيضا فيها حكومة تنفيذية، وهناك قانون وسلطات تتعاون مع بعضها، وسلطات تشترك مع بعضها، ستكون سوريا طبيعية كما يعرفها الناس". وعلى مستوى النظام الاقتصادي بين الشرع أن "السوق الحر وتسهيل الاستثمار في سوريا يوفر فرص عمل كثيرة ولهذا يجب توفير المقومات اللازمة لذلك من بيئة استثمارية صالحة وقوانين".

 

هي العلمانية وجمهوريتها وسوقها الحرة يا من فرضت نفسك رئيسا على أهل الشام وحولت الإدارة إلى حكومة ووزارة، فكفى خداعا، فما اللهَ تخدع ولا عباده المؤمنين ولكن يقينا هي نفسك التي خدعتك وخدعتها بالاستهانة بأمر مالك ناصيتك أن اتخذت شرعه وشريعته وراءك ظهريا، إن ربك عليم محيط بصنيعك وما تخفيه سريرتك، فإن تعجل فربك سريع العقاب وإن تتب وترشد فهو أنجى وأسلم، فلا تكن جبارا عنيدا.

 

هي العلمانية وجمهوريتها وسوقها الحرة يا من فرضت نفسك رئيسا، هي كفر وشرك زماننا بها يُكفر الله ويُشرك به، بها يطاف بالبيت ويحكم بغير شرع رب البيت! بها يتلى كتابه ويجادل وينازع الحكم بكتابه! إن لم يكن هذا هو الشرك فما الشرك يا من فرضت نفسك رئيسا على أهل الشام المؤمنين؟!

 

عجبا تحار فيه العقول، للبيت الحرام إله وله إحرامه وطوافه ومناسكه، وللشام جمهورية وطاغوت العلمانية يعبد ويطاع من دون الله! عجبا لهذه العقول كيف سحقها هواها وطيش حلومها، ولهذه القلوب كيف ران عليها لعاعة السلطان وزيف الملك، ولهذه الأنفس كيف حمقت وسيطرت عليها نزواتها وشرورها فحاددت الله في حكمه وهو سبحانه أحكم الحاكمين! أم حسبت أن تترك سدى أو لا يصيبها قارعة ما صنعت وكسبت، إن هي إلا وعد ووعيد الجليل الجبار ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ﴾.

 

لمن سولت له نفسه حكم عباد الله المؤمنين بأرض الشام أرض الإسلام بغير شرع الله، لمن تنكب خلافة الإسلام واتخذ من جمهورية العلمانية سبيلا، لعمرك لو حفرت ألف سنة في ثقافة الإسلام لما وجدت لجمهوريتك التي زعمتها لأهل الشام دولة ونظاما، أصلا ولا فرعا ولا جذرا ولا اشتقاقا، ولكن يقينا لو أقعرت في شرك أثينا وروما لوجدت الأصل والفصل، فهي نبت بذرة العلمانية الخبيثة.

 

فقد وُجِدت الجمهورية في المدن اليونانية قديماً تعبيراً عن الإرادة الشعبية العامة في وقت كانت تسود فيه الملكية، ثم انتقلت إلى روما حيث راجت فيها أفكار مؤيدة للجمهورية في مواجهة طغيان ملوك وأباطرة روما، كأفكار تيتوس وليفوس وبلوتارك التي أكدت أهمية الجمهورية وحق الناس في إدارة شؤونهم من خلال الاشتراك في الحكم وسيادة الشعب.

 

وفي عصر التحول العلماني الأوروبي تبنى العلمانيون الأوروبيون مفهوم الجمهورية في مقابل الدولة الدينية الكنسية، فهروبا من الدين حفر العقل العلماني الأوروبي في أعماق تاريخ الشرك حتى أقْعَرَ وقَرَّ في قعر أثينا الإغريق وما ابتدعته من أنظمة لقيادة وحكم عبيدها، ومن ادعائها في أن أفراد شعب أثينا هم من يتخذون القرارات خلال اجتماعاتهم الشعبية، فانتحلها الغرب لقيادة وحكم عبيده، بعدما عين الإنسان حاكما والعقل مصدرا لأحكامه واستحدث جمهوريته. وتم التأسيس للجمهورية الحديثة بناء على أفكار مكيافيلي وغيشاردان اللذين أسسا لمفهوم المواطنة وأهمية الجمهورية لترسيخ العلمانية.

 

وفي منتصف القرن السابع عشر ظهرت الجمهورية للوجود في بريطانيا مع كرومويل عام 1649، وبرزت معها الأفكار السياسية المنادية بالجمهورية آنذاك على يد هارينغتون إبان الحرب الأهلية عام 1656، إذ طالب بإقامة مؤسسات سياسية تضمن للشعب حريته وتُكيف قوانين العصور القديمة مع المرحلة المعاصرة، بمعنى تأسيس الجمهورية لتجاوز الكنيسة وأتوقراطيتها ودولتها الدينية.

 

وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر انتشرت الأفكار السياسية المنادية بالسيادة الشعبية و(العقد الاجتماعي) لدى الكثير من فلاسفة ومفكري الغرب، أمثال جون لوك وجون ستيوارت ميل ومونتسيكيو وروسو، وتم إعطاء تفسيرات جديدة للعلاقة بين الدولة والشعب، وإعطاء مضمون جديد للسلطة من منطلق علماني صرف، وأن الدولة والسلطة يجب أن تقوما على أساس التعاقد الذي يتم بين الأفراد والحكام، وأن السلطة تستمد شرعيتها من الشعب وبالتالي فهي تحكم باسمه ولمصالحه، وأن الجمهورية هي الإطار الأمثل لترجمة الرؤى العلمانية، وكانت هذه الأفكار قواعد راسخة للنظام الجمهوري، ووسيلة مهمة في مواجهة الكنيسة ودولتها الدينية التي زعمت أنها استمدت شرعيتها من الإله مباشرة وتحكم باسمه وبتفويض منه.

 

هذه هي الجذور العلمانية للجمهورية ونظامها الجمهوري يا صاحب الإدارة بدمشق، فما عساها تكون إن لم تكن كفرا وشركا علمانيا خالصا، فالجمهورية وسوقها الحرة هي كفر العلمانية على مستوى الحكم والاقتصاد، فاعلم أن العلمانية هزلها كفر وجدّها نفاق وجمهوريتها ونظامها الجمهوري وسوقها الحرة فرع عن كفرها وشق منه، ليست العلمانية وجمهوريتها كما أوهموك تلك النظرة المحايدة للدين أو أنها على مسافة واحدة من كل الأديان كما يعتقد السطحيون ويسوقه الساسة الأفاكون ويشاغب به أشباه المثقفين، بل هي فلسفة حياة وهي الدين الوضعي الذي يقصي ويستأصل دين رب العالمين إسلامك من الحياة، فعقيدة فصل الدين عن الحياة العلمانية هي فصل لدينك عن حياتك، لا تتعب نفسك فالمساحة المتروكة للدين هي الموت وبأسلوب فلسفي هي الاستئصال، فالنظام الجمهوري والحكم بالإسلام نقيضان استحال أن يجتمعا في صعيد واحد، ففي حياة الواحد موت وفناء الآخر.

 

ليس في المسلم علماني وليس في العلماني مسلم فكفى طيشا وزيغا، في أي ملة أو دين آلله بالبيت الحرام له الإحرام والطواف والمناسك، وإله من دون الله بأرض الشام له الجمهورية ونظامها الجمهوري وسوقها الحرة وأنظمتها وأحكامها وطاغوتها العلماني وأنت الحاكم بها، كيف يكون بهكذا حال إسلام وإيمان؟!

 

لعمرك ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، فكيف ثم كيف يكون إيمان وعبادة بالحرم وكفر ومعصية بالشام؟! ﴿أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ﴾، ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مناجي محمد

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع