- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إفساد النّشء في ظل النظام العلماني ولا حل إلا بالإسلام وأحكامه
إنّ تربية النشء أمست معضلة تُواجه الآباء في يومنا الحاضر في ظل غياب أحكام الإسلام واستحكام نظام وضعي فاسد يعمل على إفساد الطفل وسلخه عن دينه بترويج أفكار ضالة.
فلقد عمد النظام الرأسمالي عبر وكلائه في بلادنا إلى تدمير الأسرة باعتبارها حصنا متينا، فجعلوا خروج المرأة أمرا ضروريا لمُواجهة مصاعب الحياة وتحقيق الاستقلال عن زوجها باعتبار أن النفقة التي فرضها الإسلام على الزوج صارت تُمثّل ذُلا للزوجة! بل الأدهى والأمرُّ من هذا أنه لا يحق للأب أن يفرض على ابنته أو زوجته أي أمر فهذا يُعدّ عُنفا ويحقّ لهنّ رفع دعوى قضائية لأجل هذا! هكذا ضاعت الرّوابط وتشتتت الأسرة وكثر العنف والإجرام وحالات الزنا والأبناء غير الشرعيين وارتفعت حالات الطلاق؛ فتونس تتربع على عرش العرب في نسب الطلاق!!! فلا يمرّ يوم دون أن نسمع بتقارير وإحصائيات جديدة مُفزعة تُبيّن حجم الدمار الذي يعيشه المجتمع في تونس.
والأدهى أنّ هذه الإحصائيّات لا تهدف إلى تقديم المعالجات الحقيقية بقدر ما تُوظَّف لتُسوّق لفكرة مُشينة كاذبة تُوجّه أصابع الاتّهام للإسلام أو لبنية الأسرة المسلمة التي صارت تُصوَّر مصدرا للعنف ويُعلق عليها الفشل الذي زرعه حقيقة تطبيق المنظومة العلمانيّة في تونس منذ زمن بورقيبة ونحصد اليوم ثماره الفاسدة.
هذه الثمار هي ثمار الاتفاقيات الدولية التي تحت عنوان مُناهضة العنف ضد المرأة والطفل والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة خُرّب المجتمع والأسرة بشكل منهجيّ، وأغرقونا في العبث والفساد بحجة التحرر والحرية والاستقلال المادي والمعنوي... عناوين برّاقة يُراد من خلالها دسّ السم في الأسرة.
ولو نظرنا في واقع التعليم نُدرك خطورة الأزمة؛ برامج تعمل على التغريب والتّضليل، شباب بلا هوية ولا عقيدة. فقد تحولت المؤسسات التربوية بؤرا للإدمان، ففي تونس هناك أكثر من 500 ألف طالب يتعاطون المخدرات وتُمثل الطالبات نسبة 40٪ مقابل 60٪ من الذكور. كما نجد أنّ هناك 100 حالة عنف يوميا داخل المؤسسات التربوية، ومن أهم أسباب هذا العنف: الاستفزاز، الغش، الخمور، المادّة المخدرة، التحرش الجنسي والسرقة.
في المقابل نجد أن مادة التربية الإسلامية أصبحت مادة ثانوية أمام تركيز مُمنهج لضرب كل ما له علاقة بالإسلام: فدولة الخلافة في البرامج التعليمية هي دولة احتلال، قتل وظلم، والتداول بين الصحابة والمهاجرين والأنصار حول اختيار الخليفة في سقيفة بني ساعدة يُصوّر على أنّه صراع وطمع في الحكم، أمّا حنّبعل الوثنيّ فهو شخصيّة قدوة وعلم من الأعلام التي يجب أن يُقتدى بها، وأمّا الاحتلال الفرنسي فهو انتصاب للحماية! فهل يُنتظر خيرٌ من تعليم يدعمه الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي؟! فتحديد تربية أبنائنا تُعدّ من ضمن الشروط والإملاءات التي يفرضها الغرب على أتباعهم في بلادنا. فبعد أن كانت مدرستنا قبلة الغرب ومنارة للعلم صرنا في أذناب الدول!
أمّا فيما يخُصّ الإعلام فحدّث ولا حرج! برامج رقص وغناء، مسلسلات هابطة تنشر الرذيلة، ومواضيع تنحصر في الزنا والخمر والشذوذ ليصبح الحرام مباحا، والغريب عن أمة الإسلام واقعا نعيشه وأمرا عاديّا. برامج سياسية ترى القُروض الاستثمارية والإملاءات تعاونا دوليّا، فتُمجّد النظام الرأسمالي والتّجارب الديمقراطية فتُعيق بذلك مسار التّحرر الحقيقيّ. إعلام همّه إلهاء الناس في التّفاهات والقشور وإفساد الأجيال لتكتمل الحلقة. هذه لمحة بسيطة عن حقيقة الواقع الذي يعيشه أطفالنا اليوم.
يقول ﷺ: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ»، إنّ الخير يكمن في كتاب الله، ففيه نظام حياة منبثق من عقيدتنا، بها نكون خير أمة أُخرجت للناس. لماذا نُلدغ مرارا وتكرارا من الجحر نفسه ولا نتّعظ والحلول ليست ببعيدة عنا؟! فبالإسلام نضمن تربية سليمة لأبنائنا، فقد ضمن لهم حقوقهم في أسرة مُستقرّة باعتبارها النواة الأولى لتربية الطفل وجعل الأم هي حاضنة الأجيال، فهي العين القريبة وهي التي تعمل جاهدة على غرس المفاهيم الصحيحة وتوجيه الطفل نحو السلوك القويم وفقا لأحكام الإسلام منذ نعومة أظافره "علّموا الأطفال وهم يلعبون".
أما نظام التعليم، فإنّه يقوم على الأحكام الشرعية المنبثقة من العقيدة، سواء في أسس التعليم المنهجية أو المواد التي يجب أن تُدرّس فلا ينظر للمؤسسات التعليمية على اعتبار أنها مؤسسات ربحية بل الدولة تنفق عليها دون عائد، فهي مؤسسات تعليمية مُهمتها صناعة الأجيال الرائدة.
أمّا جهاز الإعلام فالأصل فيه أن يكون مرآة هذه الأمة فتعمل الدولة جاهدة على تنفيذ سياسة تخدم مصلحة الإسلام والمسلمين لبناء مجتمع إسلامي فتتبنّى قضايا الطفل وتعمل على تربية النشء ورسم مسار سليم له فهو مستقبل الأمة وقائدها للمجد، وبذلك نُعمق الشخصية الإسلامية في الأجيال الناشئة، لتنشأ وفق منظومة الإسلام العظيم.
وكل هذه الحلول المقترحة لا يمكن لدولة هزيلة ومنظومة فاسدة أن تُحققها، لهذا فإنّ القاعدة الشرعية القائلة: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" تُحتّم علينا واجب العمل لإيجاد كيان يُطبّق هذه الحلول ويُخرجنا من ظلمات العلمانية إلى نور الإسلام؛ خلافة على منهاج النبوة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زينب بن رحومة