الإثنين، 10 صَفر 1447هـ| 2025/08/04م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تأنفُ الإنسانيةُ أن نَنعمَ وقومُنا يموتونَ جوعاً!

 

في زمن الجاهلية، حيث لم يكن نور النبوة قد عمَّ، قالها رجلٌ من قريش قولاً خَلَّدته الإنسانية، قبل أن تهذبه النبوة "تأنف الإنسانية أن ننعم وقومنا يموتون جوعاً". قالها وهو يرى بني هاشم رجالاً ونساءً وأطفالاً يتضوَّرون جوعاً في شِعب بني طالب، محاصرين بلا طعامٍ ولا شراب، بينما هو وأهل مكة يَنعَمون بالرخاء. لم ينتظر هذا الرجل ورفاقه إذناً من أحد، بل تحرّكت مشاعرهم، فمزَّقوا صحيفة الظلم، وكسروا الحصار، ووقفوا مع المظلوم، ليس مدفوعين بعقيدة، بل بدافعٍ إنساني.

 

فأين نحن من أولئك؟! ونحن اليوم نرى إخواننا في العقيدة والدين يتعرضون لأبشع مأساة عرفها التاريخ ونتفرج، لا نُحرِّك ساكناً!

 

اليوم تتكرّر المأساة، ولكن بثوبٍ ربما يكون أشد قسوةً وظلماً؛ حيث يموت الأطفال جوعاً، وتُنتزع لقمة الخبز من أفواه الجياع تحت حصارٍ خانق. شعبٌ بأكمله يُباد تحت أعيننا، ونحن بين متفرّجٍ وعاجزٍ وصامت!

 

لم تعد الكارثة خفية، ولم تعد الصور تُنكَر، فالمشاهد من غزة تُبثّ على الهواء مباشرة: طفلٌ يبحث عن كسرة خبزٍ مغموسة بالدم، وأمٌّ ترثي أبناءها، ومستشفياتٌ عاجزة عن تقديم الدواء، وبيوتٌ مهدّمةٌ على ساكنيها. فأين ذهبت نخوتُنا؟!

 

ما أشدَّ المفارقة! أن يتحرك رجلٌ من أهل الجاهلية بدافع الرحمة، بينما اليوم، في عصر الحضارة الغربية وحقوق الإنسان، وفي ظل الضمير العالميّ المسخ، يُترك أهل غزة وحدهم يواجهون الموت والجوع والدمار.

 

إننا نملك القوة لكسر الحصار ووقف المجازر، لكننا قابعون، أتخمتنا الحضارة. فالصمت في مثل هذه اللحظات خيانةٌ وخذلانٌ لأشرفِ وأنبلِ قضية.

 

إن الإنسانية تأنف أن ننعم وإخواننا يموتون جوعاً. فلْتكن فينا بقية من تلك النخوة الجاهلية؛ لعلّها تكون أقرب إلى النور من حضارةٍ بلا قلب.

 

أين تلكم الجيوش العربية من غزة؟ حين ننظر إلى الجيوش العربية، نرى جيوشاً ضخمة، وميزانيات تسليحٍ هائلة، ولكن حين تستغيث غزة، ليس من مجيب! إن هذه الجيوش التي أعدت للدفاع عن الأمة، تقف اليوم متفرجة على ما يحصل لإخواننا في غزة. سيحاسبها الله تعالى على كل صرخة أمٍّ، وعلى كل صيحةِ طفلٍ رضيعٍ يتلوى من شدة الجوع. سيسألكم الله، يا مَن خذلتم إخوانكم في الدين والعقيدة.

 

يا جيوشَ الأمة الإسلامية، فلْتكن فيكم بقية من حس رجلٍ في الجاهلية، عرف أن النعمة لا تكتمل إن كان الجار جائعاً. ولعلّكم ترتقون!

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع