مقدمة منذ أواسط القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي) والعالم الإسلامي ينحدر عن المستوى اللائق به انحداراً سريعاً، ويهبط إلى هوة الانحطاط هبوطاً فظيعاً. وبالرغم من قيام محاولات عديدة لإنهاضه، أو الحيلولة دون استمرار انحداره، لم تنجح ولا محاولة واحدة من هذه المحاولات، وظل العالم الإسلامي يتخبط في دياجير الفوضى والانحطاط، ولا يزال يعاني آلام هذا التأخر والاضطراب.
أما سبب انحطاطه فيرجع إلى شيء واحد، هو الضعف الشديد الذي طرأ على الأذهان في فهم الإسلام. وسبب هذا الضعف هو فصل الطاقة العربية عن الطاقة الإسلامية حين أهمل أمر اللغة العربية في فهم الإسلام وأدائه منذ أوائل القرن السابع الهجري. فما لم تمزج الطاقة العربية بالطاقة الإسلامية بأن تجعل اللغة العربية ــ التي هي لغة الإسلام ــ جزءاً جوهرياً لا ينفصل عنه فسيبقى الانحطاط يهوي بالمسلمين، لأنّها الطاقة اللغوية التي حملت طاقة الإسلام فامتزجت بها، بحيث لا يمكن أداء الإسلام أداء كاملاً إلاّ بها، ولأن بإهمالها سيبقى الاجتهاد في الشرع مفقوداً، ولا يمكن الاجتهاد في الشرع إلاّ باللغة العربية، لأنّها شرط أساسي فيه. والاجتهاد ضروري للأمّة، لأنّه لا تقدم للأمّة إلاّ بوجود الاجتهاد.
|