- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح62) نجاح القيادة الفكرية الإسلامية عملياً (ج6)
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّانِيَةِ وَالسِّتِينَ, وَعُنوَانُهَا:"نَجَاحُ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ عَمَلِيّاً". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ التَّاسِعَةِ وَالأربَعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظَامِ الإِسلامِ" لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "أمَّا نَجَاحُ هَذِهِ القِيَادَةِ عَمَلِيًّا فَقَدْ كيَانَ نَجَاحاً مُنْقَطِعَ النَّظِيرِ وَلا سِيَّمَا فِي الأمرَينِ التَّالِيَيْنِ:
أمَّا أحَدُهُمَا: فَإِنَّ القِيَادَةَ الفِكْرِيَّةَ الإِسلامِيَّةَ نَقَلَتِ الشَّعْبَ العَرَبِيَّ بِمُجْمُوعَهِ مِنْ حَالَةٍ فِكرِيَّةٍ مُنْحَطَّةٍ تَتَخَبَّطُ فِي دَيَاجِيرِ العَصَبِيَّةِ العَائِلِيَّةِ، وَظَلامِ الجَهْلِ الدَّامِسِ، إِلَى عَصْرِ نَهضَةٍ فِكْريَّةٍ، يَتَلأْلأُ بِنُورِ الإِسلامِ الَّذِي لَمْ يَقتَصِرْ بُزُوغُ شَمْسِهِ عَلَى العَرَبِ، بَلْ عَمَّ العَالَمَ. فَقَدِ اندَفَعَ المُسلِمُونَ فِي الكُرَةِ الأرْضِيَّةِ، وَحَمَلُوا الإسلامَ لِلعَالَمِ، وَاستَوْلَوْا عَلَى فَارِسَ وَالعِرَاقِ وَبِلادِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَشِمَاليِّ إِفرِيقيَا. وَكَانَتْ لِكُلِّ شَعْبٍ مِنْ هَذِهِ الشُّعُوبِ قَومِيَّةٌ غَيرُ قَومِيَّاتِ الشُّعُوبِ الأُخْرَى، وَلُغةٌ غَيرُ لُغَاتِهَا، فَكَانَتْ قَومِيَّةُ الفُرْسِ فِي فَارِسَ غيرَ قوميَّةِ الرُّومِ فِي الشَّامِ، وَغَيرَ قَومِيَّةِ القِبْطِ فِي مِصْرَ، وَغَيرَ قَومِيَّةِ البَرْبَرِ فِي شِمَاليِّ إِفرِيقيَا، وَكَانَتْ عَادَاتُهُمْ وَتَقَاليدُهُمْ وَأديَانُهُمْ مُختَلِفَةً. وَمَا إِنِ اسْتَظَلَّتْ بِالحُكْمِ الإِسلامِيِّ، وَفَهِمَتِ الإسلامَ، حَتَّى دَخَلَتِ الإِسلامَ كُلُّهَا، وَأصبَحَتْ جَمِيعُهَا أمَّةً وَاحِدَةً، هِيَ الأُمَّةُ الإِسلامِيَّةُ. وَلِذَلِكَ كَانَ نَجَاحُ القِيَادَةِ الفِكرِيةِ الإِسلامِيَّةِ فِي صَهْرِ هَذِهِ الشُّعُوبِ وَالقَومِيَّاتِ نَجَاحاً مُنْقَطِعَ النَّظِيرِ، مَعَ أنَّ وَسِيلَةَ المُوَاصَلاتِ فِي حَمْلِهَا هِيَ النَّاقَةُ وَالجَمَلُ، وَوَسِيلَةَ نَشْرِهَا اللِّسَانُ وَالقَلَمُ". أمَّا الفَتحُ فَكَانَ لإِزَالَةِ القُوَّةِ بِالقُوَّةِ، وَكَسْرِ الحَوَاجِزِ المَادِيَّةِ، حَتَّى يُخَلَّى بَينَ النَّاسِ, وَمَا يُرشِدُهُمْ إليهِ العقلُ، أوْ تَهدِيهِمْ إِلَيهِ الفِطْرَةُ، وَلِذَلِكَ دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللهِ أفوَاجاً. أمَّا الفَتحُ الجَائِرُ فَإنَّهُ يُبَاعِدُ بَينَ الفَاتِحِ وَالمَفتُوحِ، وَالغَالِبِ وَالمَغلُوبِ، وَمَا أَمْرُ استِعمَارِ الغَربِ لِلشَّرقِ عَشَرَاتٍ مِنَ السِّنِينَ دُونَ أنْ يَظْفَرَ بِنَائِلٍ بِبَعِيدٍ، وَلَولا أثرٌ مِنَ الثَّقَافَةِ المُضَلِّلَةِ سَيُمْحَى، وَضَغْطٌ مِنَ الزَّعَامَةِ المأجُورَةِ سَيضْمَحِلُّ، لَكَانَ العَوْدُ إِلَى حَظِيرَةِ الإِسلامِ فِي مَبدَئِهِ وَنِظَامِهِ أقرَبَ مِنْ رَدِّ الطَرْفِ ... وَنَعُودُ فَنَقُولُ: لَقَدْ كَانَ نَجَاحُ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ فِي صَهْرِ هَذِهِ الشُّعُوبِ نَجَاحاً مُنقَطِعَ النَّظِيرِ، وَظَلَّتْ هَذِهِ الشُّعُوبُ مُسْلِمَةً حَتَّى اليَومِ، بِالرَّغْمِ مِنْ طَوَارِئِ الاستِعمَارِ وَخُبْثِهِ وَمَكْرِهِ فِي إِفسَادِ العَقَائِدِ وَتَسمِيمِ الأفكَارِ، وَسَتَظَلُّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ أمَّةً وَاحِدَةً إِسلامِيَّةً. وَلَمْ يَحصُلْ مُطلَقاً أنَّ أيَّ شَعْبٍ مِنَ الشُّعُوبِ الَّتِي اعتَنَقَتِ الإسلامَ ارْتَدَّ عَنِ الإِسلامِ. أمَّا مُسْلِمُو الأندَلُسِ فَقَدْ أُفْنُوا إِفْنَاءً بِمَحَاكِمِ التَّفتِيشِ، وَبُيُوتِ النِّيرَانِ، وَمَقَاصِلِ الجَلاَّدِينَ، وَمُسْلِمُو بُخَارَى وَالقَفْقَاسِ وَالتُرْكِسْتَانِ قَدْ أصَابَتْهُمْ قَارِعَةُ الَّذِينَ سَبَقُوهُمْ. وَإِسلامُ هَذِهِ الشُّعُوبِ وَصَيْرُورَتُهَا أُمَّةً وَاحِدَةً وَشِدَّةُ حِرْصِهَا عَلَى عَقِيدَتِهَا يُصَوِّرُ مَبْلَغَ نَجَاحِ هَذِهِ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ، وَمَبْلَغَ نَجَاحِ الدَّولَةِ الإِسلامِيَّةِ فِي تَطبِيقِ نِظَامِ الإِسلامِ.
أمَّا الأمرُ الثاني الَّذي يَدُلُّ عَلَى نَجَاحِ هَذِهِ القِيَادَةِ، فَهُوَ أنَّ الأُمَّةَ الإِسلامِيَّةَ ظَلَّتْ أعْلَى أمَّةٍ فِي العَالَمِ حَضَارةً وَمَدَنِيَّةً وَثَقَافَةً وَعِلْمَاً، وَظَلَّتِ الدَّولَةُ الإِسلامِيَّةُ أعظَمَ الدُّوَلِ فِي العَالَمِ وَأَقْدَرَهَا مُدَّةَ اثْنَيْ عَشَرَ قَرْنَاً: مِنَ القَرنِ السَّابِعِ المِيلادِيِّ حتَّى مُنْتَصَفِ القَرْنِ الثَّامِنِ عَشَرَ المِيلادِيِّ، وَكَانَتْ وَحْدَهَا زَهْرَةَ الدُنْيَا، وَالشَّمْسَ المُشْرِقَةَ بَينَ الأُمَمِ طَوَالَ هَذِهِ المُدَّةِ، مِمَّا يُؤَكِّدُ نَجَاحَ هَذِهِ القِيَادَةِ، وَنَجَاحَ الإِسلامِ فِي تَطبِيقِ نِظَامِهِ وَعَقِيدَتِهِ عَلَى النَّاسِ. وَحِينَمَا تَخَلَّتِ الدَّولَةُ الإِسلامِيَّةُ وَالأمَّةُ الإِسلامِيَّةُ عَنْ حَمْلِ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ حِينَ أَهمَلَتِ الدَّعوَةَ إِلَى الإِسلامِ، وَقَصَّرَتْ فِي فَهْمِ الإسلامِ وَتَطبِيقِهِ، انْتَكَسَتْ بَينَ الأُمَمِ".
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يُوَاصِلُ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي مَعرِضِ بَحثِهِ لِلقِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ إِجَابَتَهُ عَنْ مَسألةٍ فِي غَايَةِ الأهَمِيَّةِ وَهِيَ: هَلْ طَبَّقَ المُسلِمُونَ الإِسلامَ, أمْ أنَّهُمْ كَانُوا يَعتَنِقُونَ عَقِيدَتَهُ وَيُطَبِّقُونَ غَيرَهُ مِنَ الأنظِمَةِ وَالأحكَامِ؟! وَيُمكِنُ إِجْمَالُ الإِجَابَةِ الوَارِدَةِ فِي هَذِهِ الفَقْرَةِ بِالنُّقَاطِ الآتِيَةِ:
كَانَ نَجَاحُ هَذِهِ القِيَادَةِ عَمَلِيّاً نَجَاحاً مُنْقَطِعَ النَّظِيرِ وَلا سِيَّمَا فِي الأمرَينِ الآتِيَينِ:
الأمر الأول: كَانَ نَجَاحُ القِيَادَةِ الفِكْرِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ فِي صَهْرِ هَذِهِ الشُّعُوبِ وَالقَومِيَّاتِ نَجَاحاً مُنْقَطِعَ النَّظِيرِ، مَعَ أنَّ وَسِيلَةَ المُوَاصَلاتِ فِي حَمْلِهَا هِيَ النَّاقَةُ وَالجَمَلُ، وَوَسِيلَةَ نَشْرِهَا اللِّسَانُ وَالقَلَمُ لِلأسبَابِ الآتِيَةِ:
1. نَقَلَتِ الشَّعْبَ العَرَبِيَّ بِمُجْمُوعَهِ مِنْ حَالَةٍ فِكرِيَّةٍ مُنْحَطَّةٍ تَتَخَبَّطُ فِي دَيَاجِيرِ العَصَبِيَّةِ العَائِلِيَّةِ، وَظَلامِ الجَهْلِ الدَّامِسِ، إِلَى عَصْرِ نَهضَةٍ فِكْريَّةٍ، يَتَلأْلأُ بِنُورِ الإِسلامِ.
2. الَّذِي لَمْ يَقتَصِرْ بُزُوغُ شَمْسِهِ عَلَى العَرَبِ، بَلْ عَمَّ العَالَمَ.
3. اندَفَعَ المُسلِمُونَ فِي الكُرَةِ الأرْضِيَّةِ، وَحَمَلُوا الإسلامَ لِلعَالَمِ، وَاستَوْلَوْا عَلَى فَارِسَ وَالعِرَاقِ وَبِلادِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَشِمَاليِّ إِفرِيقيَا.
4. كَانَتْ لِكُلِّ شَعْبٍ مِنْ هَذِهِ الشُّعُوبِ قَومِيَّةٌ غَيرُ قَومِيَّاتِ الشُّعُوبِ الأُخْرَى، وَلُغةٌ غَيرُ لُغَاتِهَا، فَكَانَتْ قَومِيَّةُ الفُرْسِ فِي فَارِسَ غيرَ قوميَّةِ الرُّومِ فِي الشَّامِ، وَغَيرَ قَومِيَّةِ القِبْطِ فِي مِصْرَ، وَغَيرَ قَومِيَّةِ البَرْبَرِ فِي شِمَاليِّ إِفرِيقيَا، وَكَانَتْ عَادَاتُهُمْ وَتَقَاليدُهُمْ وَأديَانُهُمْ مُختَلِفَةً.
5. مَا إِنِ اسْتَظَلَّتْ بِالحُكْمِ الإِسلامِيِّ، وَفَهِمَتِ الإسلامَ، حَتَّى دَخَلَتِ الإِسلامَ كُلُّهَا، وَأصبَحَتْ جَمِيعُهَا أمَّةً وَاحِدَةً، هِيَ الأُمَّةُ الإِسلامِيَّةُ. وَلِذَلِكَ كَانَ نَجَاحُ القِيَادَةِ الفِكرِيةِ الإِسلامِيَّةِ.
6. كَانَ الفَتحُ لإِزَالَةِ القُوَّةِ بِالقُوَّةِ، وَكَسْرِ الحَوَاجِزِ المَادِيَّةِ، حَتَّى يُخَلَّى بَينَ النَّاسِ, وَمَا يُرشِدُهُمْ إليهِ العقلُ، أوْ تَهدِيهِمْ إِلَيهِ الفِطْرَةُ، وَلِذَلِكَ دَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللهِ أفوَاجاً.
7. الفَتحُ الجَائِرُ يُبَاعِدُ بَينَ الفَاتِحِ وَالمَفتُوحِ، وَالغَالِبِ وَالمَغلُوبِ، وَمَا أَمْرُ استِعمَارِ الغَربِ لِلشَّرقِ عَشَرَاتٍ مِنَ السِّنِينَ دُونَ أنْ يَظْفَرَ بِنَائِلٍ بِبَعِيدٍ.
8. لَولا أثرٌ مِنَ الثَّقَافَةِ المُضَلِّلَةِ سَيُمْحَى، وَضَغْطٌ مِنَ الزَّعَامَةِ المأجُورَةِ سَيضْمَحِلُّ، لَكَانَ العَوْدُ إِلَى حَظِيرَةِ الإِسلامِ فِي مَبدَئِهِ وَنِظَامِهِ أقرَبَ مِنْ رَدِّ الطَرْفِ.
9. لَقَدْ كَانَ نَجَاحُ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ فِي صَهْرِ هَذِهِ الشُّعُوبِ نَجَاحاً مُنقَطِعَ النَّظِيرِ، وَظَلَّتْ هَذِهِ الشُّعُوبُ مُسْلِمَةً حَتَّى اليَومِ، بِالرَّغْمِ مِنْ طَوَارِئِ الاستِعمَارِ وَخُبْثِهِ وَمَكْرِهِ فِي إِفسَادِ العَقَائِدِ وَتَسمِيمِِ الأفكَارِِ، وَسَتَظَلُّ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ أمَّةً وَاحِدَةً إِسلامِيَّةً.
10. لَمْ يَحصُلْ مُطلَقًا أنَّ أيَّ شَعْبٍ مِنَ الشُّعُوبِ الَّتِي اعتَنَقَتِ الإسلامَ ارْتَدَّ عَنِ الإِسلامِ.
11. مُسْلِمُو الأندَلُسِ فَقَدْ أُفْنُوا إِفْنَاءً بِمَحَاكِمِ التَّفتِيشِ، وَبُيُوتِ النِّيرَانِ، وَمَقَاصِلِ الجَلاَّدِينَ.
12. مُسْلِمُو بُخَارَى وَالقَفْقَاسِ وَالتُرْكِسْتَانِ قَدْ أصَابَتْهُمْ قَارِعَةُ الَّذِينَ سَبَقُوهُمْ.
13. إِسلامُ هَذِهِ الشُّعُوبِ وَصََيْرُورَتُهَا أُمَّةً وَاحِدَةً وَشِدَّةُ حِرْصِهَا عَلَى عَقِيدَتِهَا يُصَوِّرُ مَبْلَغَ نَجَاحِ هَذِهِ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ، وَمَبْلَغَ نَجَاحِ الدَّولَةِ الإِسلامِيَّةِ فِي تَطبِيقِ نِظَامِ الإِسلامِ.
الأمرُ الثاني: مَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاحِ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ الإِسلامِيَّةِ الظَّوَاهِرُ الآتِيَةُ:
1. ظَلَّتِ الأُمَّةُ الإِسلامِيَّةُ أعْلَى أمَّةٍ فِي العَالَمِ حَضَارةً وَمَدَنِيَّةً وَثَقَافَةً وَعِلْمَاً.
2. ظَلَّتِ الدَّولَةُ الإِسلامِيَّةُ أعظَمَ الدُّوَلِ فِي العَالَمِ وَأَقْدَرَهَا مُدَّةَ اثْنَيْ عَشَرَ قَرْنَاً: مِنَ القَرنِ السَّابِعِ المِيلادِيِّ حتَّى مُنْتَصَفِ القَرْنِ الثَّامِنِ عَشَرَ المِيلادِيِّ.
3. كَانَتْ الدَّولَةُ الإِسلامِيَّةُ وَحْدَهَا زَهْرَةَ الدُنْيَا، وَالشَّمْسَ المُشْرِقَةَ بَينَ الأُمَمِ طَوَالَ هَذِهِ المُدَّةِ، مِمَّا يُؤَكِّدُ نَجَاحَ هَذِهِ القِيَادَةِ، وَنَجَاحَ الإِسلامِ فِي تَطبِيقِ نِظَامِهِ وَعَقِيدَتِهِ عَلَى النَّاسِ.
4. حِينَمَا تَخَلَّتِ الدَّولَةُ الإِسلامِيَّةُ وَالأمَّةُ الإِسلامِيَّةُ عَنْ حَمْلِ القِيَادَةِ الفِكرِيَّةِ حِينَ أَهمَلَتِ الدَّعوَةَ إِلَى الإِسلامِ، وَقَصَّرَتْ فِي فَهْمِ الإسلامِ وَتَطبِيقِهِ، انْتَكَسَتْ بَينَ الأُمَمِ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.