- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة "رمضان كريم" كلمات قصيرة
اليوم السادس عشر
رمضان شهر البذل والعطاء والإنفاق في سبيل الله
إِخْوَانَنَا الكِرَامْ.. أخَوَاتِنَا الكَرِيمَاتْ.. مَعَاشِرَ الصَّائِمِينَ، وَالصَّائِمَاتِ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهْ.
الحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَصَلَاةً وَسَلَاماً عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَفَى. أمَّا بَعدُ: جَهَّزَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه جَيشَ العُسْرَةِ بِتِسْعِمِائَةٍ وَخَمسِينَ بَعِيراً وَخَمْسِينَ فَرَساً، وَاسْتَغْرَقَ الرَّسُولُ ﷺ فِي الدُّعَاءِ لَهُ يَومَهَا، وَرَفَعَ يَدَيهِ حَتَّى أُرِيَ بَيَاضُ إِبِطَيهِ فَقَدْ جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِألْفِ دِينَارٍ حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَنَثَرَهَا فِي حِجْرِهِ، فَجَعَلَ ﷺ يُقَلّبُهَا وَيَقُولُ: «مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ اليَومِ» مَرَّتَينِ. وَفِي عَهْدِ أبِي بَكْرٍ الصِّدّيقِ رضي الله عنه أصَابَ النَّاسَ جَفَافٌ وَجُوعٌ شَدِيدَانِ، فَلمَّا ضَاقَ بِهِمُ الأمْرُ ذَهَبُوا إِلَى أَبِي بَكْر، وَقَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ، إِنَّ السَّمَاءَ لَمْ تُمْطِرْ، وَالأَرْضُ لَمْ تُنْبِتْ، وَقَدْ أدْرَكَ النَّاسَ الهَلَاكُ فَمَاذا نَفْعَلُ؟ قَالَ أبُو بَكْرٍ: انْصَرِفُوا، وَاصْبِرُوا، فَإِنِّي أرْجُو أَلّا يَأتِيَ المَسَاءَ حَتَّى يُفَرِّجَ اللهُ عَنْكُمْ. وَفِي آخِرِ النَّهَارِ جَاءَ الخَبَرُ بِأنَّ قَافِلَةَ جِمَالٍ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَدْ أتَتْ مِنَ الشَّامِ إِلَى المَدِينَةِ. فَلمَّا وَصَلَتْ خَرَجَ النَّاسُ يَسْتَقْبِلُونَهَا، فَإِذَا هِيَ ألْفُ جَمَلٍ مُحَمَّلَةً سمناً وزيتاً ودقيقاً، وًتًوًقّفَتْ عِنْدَ بَابِ عُثْمَانَ، فَلَمَّا أنْزِلَتْ أحْمَالُهَا فِي دَارِهِ جَاءَ التُّجَّارُ. قَالَ لَهُمْ عُثْمَانُ: مَاذَا تُرِيدُونَ؟ أجَابَ التُّجَّارُ: إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُرِيدُ، بِعْنَا مِنْ هَذَا الَّذِي وَصَلَ إِلَيْكَ فَإِنَّكَ تَعْرِفُ حَاجَةَ النَّاسِ إِلَيهِ. قَالَ عُثْمَانُ: كَمْ أرْبَحُ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَيْتُ بِهِ؟ قَالُوا: الدِّرْهَمُ دِرْهَمَينِ. قَالَ: أعْطَانِي غَيرُكُمْ زِيَادَةً عَلَى هَذَا. قَالُوا: أرْبَعَةً! قَالَ عُثْمَانُ: أعْطَانِي غَيرُكُمْ أكْثَرَ. قَالَ التّجَّارُ: نُرْبِحُكَ خَمْسَةً. قَالَ عُثْمَانُ: أعْطَانِي غَيرُكُمْ أكثْرَ. فَقَالُوا: لَيْسَ فِي المَدِينَةِ تُجَّارٌ غَيْرُنَا، وَلَمْ يَسْبِقْنَا أحَدٌ إِلَيكَ، فَمَنِ الَّذِي أعْطَاكَ أكْثَرَ مِمَّا أعْطَينَا؟! قَالَ عُثْمَانُ: إِنَّ اللهَ قَدْ أعْطَانِي بِكُلِّ دِرْهَمٍ عَشَرَةً، الحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ أمْثَالِهَا، فَهَلْ عِنْدَكُمْ زِيَادَةٌ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ عُثْمَانُ: فَإِنِّي أشْهِدُ اللهَ أنِّي جَعَلْتُ مَا جَاءَتْ بِهِ هَذِهِ الجِمَالُ صَدَقَةً لِلمَسَاكِينِ وَفُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ. ثُمَّ أخَذَ عُثْمَانُ يُوَزِّعُ بِضَاعَتَهُ، فَمَا بَقِيَ مِنْ فُقَرَاءِ المَدِينَةِ وَاحِدٌ إِلّا أخَذَ مَا يَكْفِيهِ وَيَكْفِي أهْلَهُ. هَذَا تَطبِيقٌ عَمَلِيٌّ مِنْ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ ﷺ لِفِدَاءِ هَذَا الدِّينِ وَدَعْوَتِهِ بِالمَالِ وَالنَّفْسِ وَالوَالِدِ وَالوَلَدِ لَمْ يَألُ جُهْداً فِي خِدْمَةِ هَذَا الدِّينِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ حَتَّى اسْتَحَقَّ مَا قَالَهُ عَنْهُ ﷺ: «ما ضرَّ عُثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ». وَهَذَا دَأبُ المُخْلِصِينَ، نَسْألُ اللهَ أنْ نَكُونَ مِنْهُمْ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.