- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح252) لا يكون التعليم مختلطاً بين الذكور والإناث لا في التلاميذ ولا في المعلمين
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ، وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ، وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ، وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ، خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ، الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ، وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ، فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ، وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ" وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّانِيَةِ وَالخَمْسِينَ بَعْدَ المِائَتَينِ، وَعُنوَانُهَا: "لَا يَكُونُ التَّعلِيمُ مُختَلَطاً بَينَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ لَا فِي التَّلَامِيذِ وَلَا فِي المُعَلِّمِينَ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ: الوَاحِدَةِ والثَّلَاثِينَ، وَالثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 177: يَكُونُ مِنهَاجُ التَّعلِيمِ وَاحِداً، وَلَا يُسْمَحُ بِمِنْهَاجٍ غَيرِ مِنْهَاجِ الدَّولَةِ. وَلَا تُمنَعُ المَدَارِسُ الأَهلِيَّةُ مَا دَامَتْ مُقَيَّدَةً بِمِنهَاجِ الدَّولَةِ، قَائِمَةً عَلَى أَسَاسِ خُطَّةِ التَّعلِيمِ، مُتَحَقِّقاً فِيهَا سِيَاسَةُ التَّعلِيمِ وَغَايَتُهُ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ التَّعلِيمُ فِيهَا مُختَلَطاً بَينَ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ لَا فِي التَّلَامِيذِ وَلَا فِي المُعَلِّمِينَ، وَعَلَى أَنْ لَا تَختَصَّ بِطَائِفَةٍ أَوْ دِينٍ أَو مَذْهَبٍ أَو عُنصُرٍ أَو لَون.
المادة 178: تَعلِيمُ مَا يَلزَمُ لِلإِنسَانِ فِي مُعتَرَكِ الحَيَاةِ فَرْضٌ عَلَى الدَّولَةِ أَنْ تُوَفِّرَهُ لِكُلِّ فَردٍ ذَكَراً كَانَ أَوْ أُنثَى فِي المَرحَلَتَينِ الابتِدَائِيَّةِ وَالثَّانَوِيَّةِ، فَعَلَيهَا أَنْ تُوَفِّرَ ذَلِكَ لِلجَمِيعِ مَجَّاناً، وَتَفْسَحَ مَجَالَ التَّعلِيمِ العَالِي مَجَّاناً لِلجَمِيعِ بِأَقْصَى مَا يَتَيَسَّرُ مِنْ إِمْكَانِيَّاتٍ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ، يَا أُمَّةَ القُرآنْ، يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ، يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ، يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً، وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً، وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة، أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ، فَوقَ كُلِّ أَرضٍ، وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ، يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ، أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ، وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا، وَهَاتَانِ هُمَا الْمَادَّةُ السَّابِعَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ المِائَةِ وَالثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ المِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ المَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:
أولاً: تتمة المادة 177: وَأَمَّا دَلِيلُ مَنْعِ الاختِلَاطِ فِي المَدَارِسِ الأَهلِيَّةِ كَمَا هُوَ مَمنُوعٌ فِي مَدَارسِ الدَّولَةِ فَهُوَ: رَوَى البُخَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: «قَالَتْ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ فَاجْعَلْ لَنَا يَوْماً مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْماً لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلا كَانَ لَهَا حِجَاباً مِنْ النَّارِ، فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: وَاثْنَتَيْنِ». أَيْ أَنَّ تَعْلِيمَ النِّسَاءِ كَانَ مَفْصُولاً عَنْ تَعلِيمِ الرِّجَالِ وَلَيسَ مُختَلَطاً، حَتَّى الصَّلَاةَ كَانُوا يُؤَدُّونَهَا فِي صُفُوفٍ مُنفَصِلَةٍ، وَعِندَمَا يَخرُجُونَ مِنَ المَسجِدِ لَا يَخرُجُونَ مَعاً مُختَلِطِينَ، بَلْ كَانَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم يَنتَظِرُ وَأَصْحَابَهُ المُصَلِّينَ حَتَّى تَخْرُجَ النِّسَاءُ ثُمَّ يَخرُجُونَ.
أَخْرَجَ البُخَارِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيراً، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَنُرَى، وَاللهُ أَعْلَمُ، لِكَيْ يَنْفُذَ مَنْ يَنْصَرِفُ مِنْ النِّسَاءِ». وَفِي رِوَايَةٍ عِندَهُ أَيضاً قَالَتْ: «كَانَ يُسَلِّمُ، فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ فَيَدْخُلْنَ بُيُوتَهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْصَرِفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم». وَهَكَذَا فَإِنَّ التَّعلِيمَ يَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ مُختَلَطاً.
وَأَمَّا عَدَمُ اختِصَاصِ المَدَارِسِ الأَهلِيَّةِ بِطَائِفَةٍ أَوْ دِينٍ أَوْ مَذْهَبٍ أَوْ عُنصُرٍ أَو لَونٍ فَلِأَنَّ إِقَامَةَ المَدَارِسِ عَلَى هَذِهِ الأُسُسِ مِنْ شَأنِهَا أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى التَّأثِيرِ فِي وَحْدَةِ الدَّولَةِ وَتَركِيزِ النَّزْعَاتِ الانفِصَالِيَّةِ، خُصُوصاً وَأَنَّ المَدَارِسَ تَلْعَبُ دَوراً مُهِمّاً فِي صِيَاغَةِ عَقلِيَّاتِ الطُّلَّابِ وَنَفْسِيَّاتِهِمْ.
وَقَدْ كَانَتْ مِثْلُ هَذِهِ المَدَارِسِ فِي أَوَاخِرِ الدَّولَةِ العُثمَانِيَّةِ مِعْوَلَ هَدْمٍ فِي جِسْمِ الدَّولَةِ؛ وَلِذَلِكَ تُمْنَعُ هَذِهِ المَدَارِسُ لِمَا يَنتُجُ عَنهَا مِنْ ضَرَرٍ، وَمَا تُؤَدِّي إِلَيهِ مِنْ حَرَامٍ، أَيْ أَنَّ الدَّلِيلَ هُوَ قَاعِدَةُ الضَّرَرِ، وَقَاعِدَةُ الوَسِيلَةِ إِلَى الحَرَامِ مُحَرَّمَةٌ.
هَذَا فَضْلاً عَمَّا وَرَدَ فِي القُرآنِ الكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ مِنَ الدَّعوَةِ إِلَى تَعَارُفِ النَّاسِ وَنَبْذِ العَصَبِيَّاتِ، وَعَدَمِ التَّمْيِيزِ بِسَبَبِ العُنْصُرِ أَوِ اللَّونِ. قَالَ سُبحَانَهُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). (الحجرات 13)، وَقَالَ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيهِ فِي الحَدِيثِ الَّذِي أَخرَجَهُ مُسلِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيرَةَ، «مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ»، وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحَّحَهُ الزَّينُ عَنْ أِبي نَضْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشرِيقِ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ، إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبْلَغْتُ؟ قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللهُ صلى الله عليه وسلم . وَهَذِهِ كُلُّهَا هِيَ أَدِلَّةُ هَذِهِ المَادَّةِ.
ثانياً: المادة 178: دَلِيلُهَا أَنَّهَا مِنَ المَصَالِحِ وَالمَرَافِقِ الأَسَاسِيَّةِ لِلنَّاسِ، فَإِنَّ تَعلِيمَ أَفرَادِ الرَّعِيَّةِ مَا يَلزَمُهُمْ لِمُعتَرَكِ الحَيَاةِ هُوَ مِنَ المَصَالِحِ الأَسَاسِيَّةِ فَفِيهِ جَلْبُ مَنْفَعَةٍ، وَدَفْعُ مَضَرَّةٍ، وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الدَّولَةِ أَنْ تُوَفِّرَ هَذِهِ المَصَالِـحَ بِقَدْرِ مَا يَتَطَلَّبُ مُعتَرَكُ الحَيَاةِ، وَتُوَفِّرَ مَا يَلزَمُ مِنْ أَبنَاءِ الرَّعِيَّةِ القَادِرِينَ عَلَى القِيَامِ بِأَمْرِ هَذِهِ المَصَالِحِ. وَبِمَا أَنَّ الحَيَاةَ فِي هَذَا العَصْرِ بَينَ الأُمَمِ قَدْ أَصْبَحَ فِيهَا التَّعلِيمُ الابتِدَائِيُّ وَالثَّانَوِيُّ لِلأُمَّةِ بِمَجْمُوعِهَا مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ وَلَيسَ مِنَ الكَمَالِيَّاتِ، لِذَلِكَ كَانَ تَعلِيمُ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفرَادِ الرَّعِيَّةِ مَا يَلزَمُهُ لِمُعتَرَكِ الحَيَاةِ فِي المَرحَلَتَينِ الابتِدَائِيَّةِ وَالثَّانَوِيَّةِ فَرْضاً عَلَى الدَّولَةِ مَا دَامَ مِنَ المَصَالـِح ِالأَسَاسِيَّةِ، فَوَجَبَ عَلَيهَا أَنْ تَفْتَحَ مِنَ المَدَارِسِ الابتِدَائِيَّةِ وَالثَّانَوِيَّةِ مَا يَكفِي لِكُلِّ مَنْ يُرِيدُ مِنْ أَفرَادِ الرَّعِيَّةِ، وَمَا يَفِي بِمَا يَلْزَمُ لِمُعتَرَكِ الحَيَاةِ مَجَّاناً دُونَ بَدَلٍ، فَقَدْ جَعَلَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فِدَاءَ الأَسْرَى مِنَ الكُفَّارِ تَعلِيمَ عَشَرَةٍ مِنْ أَبنَاءِ المُسلِمِينَ، وَبَدَلَ الفِدَاءِ هُوَ مِنَ الغَنَائِمِ، وَهِيَ مِمَّا جُعِلَ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يُنفِقَهُ فِي مَصَالِحِ المُسلِمِينَ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الإِنفَاقَ عَلَى التَّعلِيمِ يَكُونُ دُونَ بَدَلٍ. وَأَمَّا التَّعلِيمُ العَالِي فَإِنَّهُ كَذَلِكَ مِنَ المَصَالِـحِ، فَمَا كَانَ مِنهُ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ كَالطِّبِّ وَجَبَ عَلَى الدَّولَةِ تَوفِيرُهُ كَالتَّعلِيمِ الابتِدَائِيِّ وَالثَّانَوِيِّ مَجَّاناً دُونَ بَدَلٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ جَلْبُ مَنفَعَةٍ وَدَفْعُ مَضَرَّةٍ، وَهُوَ مِمَّا أَوجَبَهُ الشَّرعُ عَلَيهَا، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنهُ مِنَ الكَمَالِيَّاتِ كَالآدَابِ فَإِنَّ لَهَا أَنْ تُوَفِّرَهُ إِنْ وُجِدَ لَدَيهَا مَالٌ. وَهَكَذَا فَإِنَّ التَّعلِيمَ الابتِدَائِيَّ وَالثَّانَوِيَّ، وَكَذَلِكَ مَا هُوَ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ لِلأُمَّةِ مِنَ التَّعلِيمِ العَالِي، كُلُّهُ يُعَدُّ مِنَ المَصَالِـحِ الوَاجِبَةِ عَلَى بَيْتِ المَالِ دُونَ بَدَلٍ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.