الأربعاء، 06 شعبان 1446هـ| 2025/02/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح 203) تعاون الزوجين في القيام بأعمال البيت, كفالة الصغار واجبة على المرأة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح 203) تعاون الزوجين في القيام بأعمال البيت, كفالة الصغار واجبة على المرأة

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ المِائَتَينِ, وَعُنوَانُهَا: "مَنَاصِبُ وَوَظَائِفُ الدَّولَةِ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ تَتَعَيَّنَ فِيهَا المَرأَةُ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الوَاحِدَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 121: يَتَعَاوَنُ الزَّوجَانِ فِي القِيَامِ بِأَعْمَالِ البَيْتِ تَعَاوُناً تَامّاً، وَعَلَى الزَّوجِ أَنْ يَقُومَ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ الَّتِي يُقَامُ بِهَا خَارِجَ البَيتِ، وَعَلى الزَّوجَةِ أَنْ تَقُومَ بِجَمِيعِ الأَعْمَالِ الَّتِي يُقَامُ بِهَا دَاخِلَ البَيْتِ حَسَبَ استِطَاعَتِهَا. وَعَلَيهِ أَنْ يُحْضِرَ لَهَا خُدَّاماً بِالقَدْرِ الَّذِي يَكْفِي لِقَضَاءِ الحَاجَاتِ الَّتِي لَا تَستَطِيعُ القِيَامَ بِهَا.

 

المادة 122: كَفَالَةُ الصِّغَارِ وَاجِبٌ عَلَى المَرْأَةِ وَحَقٌّ لَهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُسْلِمَةً أَمْ غَيرَ مُسْلِمَةٍ مَا دَامَ الصَّغِيرُ مُحْتَاجاً إِلَى هَذِهِ الكَفَالَةِ. فَإِنِ استَغْنَى عَنهَا يُنْظَرْ: فَإِنْ كَانَتِ الحَاضِنَةُ وَالوَلِيُّ مُسْلِمَينِ خُيِّرَ الصَّغِيرُ فِي الإِقَامَةِ مَعَ مَنْ يُرِيدُ, فَمَنْ يَخْتَارُهُ لَهُ أَنْ يَنْضَمَّ إِلَيهِ سَوَاءٌ أَكَانَ الرَّجُلُ أَمِ المَرْأَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي الصَّغِيرِ بَينَ أَنْ يَكُونَ ذَكَراً أَو أُنْثَى. أَمَّا إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيرَ مُسْلِمٍ, فَلَا يُخَيَّرُ بَينَهُمَا, بَلْ يُضَمُّ إِلَى المُسْلِمِ مِنْهُمَا.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا المُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا المُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَاتان هما المَادَّتَانِ: الوَاحِدَةُ وَالعِشْرُونَ, وَالثَّانِيَةُ وَالعِشْرُونَ بَعْدَ المِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ المَادَّتَينِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

أولا: المادة 121: دَلِيلُ هَذِهِ المَادَّةِ فِعْلُ الرَّسُولِ وَقَولُهُ r فِإِنَّهُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «قَضَى عَلَى ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ بِخِدْمَةِ البَيْتِ. وَعَلَى عَلِيٍّ مَا كَانَ خَارِجَ البَـيْتِ». (أَخرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيبَةَ عَنْ ضَمْرَةَ بْنَ حَبِيبٍ) وَمَعَ أَنَّ فِي سَنَدِ الحَدِيثِ أَبَا بَكْرٍ بِنِ مَرْيَمَ الغَسَّـانِيَّ إِلَّا أَنَّ الحَدِيثَ أَخَذَ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ عَنهُ ابنُ حَجَرْ فِي الفَتْحِ" إِنَّ ذَلِكَ مُسْتَنبَطٌ مِنْ حَدِيثِ: «عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ r تَسْأَلُهُ خَادِماً, فَدَلَّهَا عَلَى مَا تَقُولُهُ حِينَ تَأْخُذُ مَضْجَعَهَا». وَالحَدِيثُ أَخرَجَهُ البُخَارِيًّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهَذَا نَصُّهُ: «أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَم أَتَتِ النَّبِيَّ r تَسْأَلُهُ خَادِماً فَقَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْهُ؟ تُسَبِّحِينَ اللَّهَ عِنْدَ مَنَامِكِ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ, وَتَحْمَدِينَ اللَّهَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ, وَتُكَبِّرِينَ اللَّهَ أَرْبَعاً وَثَلاَثِينَ, ثُمَّ قَالَ سُفْيَانُ: إِحْدَاهُنَّ أَرْبَعٌ وَثَلاَثُونَ فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ. قِيلَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلاَ ليْلَةَ صِفِّينَ». وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ خِدْمَةِ المَرأَةِ فِي بَيتِهَا لِأَنَّ طَلَبَهَا الخَادِمَ دَلِيلُ ثِقَلِ العَمَلِ عَلَيهَا فِي البَيتِ، وَلَو كَانَتِ الخِدْمَةُ غَيرَ وَاجِبَةٍ عَلَيهَا لَمَا كَانَ لِثِقَلِ الخِدْمَةِ دَلَالَةٌ، لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ عِندَئِذٍ مُلْزَمَةً بِالخِدْمَةِ، فَلَا ثِقَلَ وَلَا مَشَقَّةَ إِذَنْ، لَولَا الوُجُوبُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّوجَةَ تَقُومُ بِأَعْمَالِ البَيتِ قَدْرَ طَاقَتِهَا، فَإِذَا احتَاجَتْ لِخَادِمٍ أَوْ أَكْثَرَ أَحْضَرَ لَهَا، بِدَلِيلِ طَلَبِ فَاطِمَةَ مِنَ الرَّسُولِ r. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الزَّوجَ يَقُومُ بِالأَعْمَالِ الَّتِي خَارِجَ البَيتِ فَيَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ وُجِدَ التَّعَاوُنُ بَينَهُمَا.

 

ثانيا: المادة 122: دَلِيلُ هَذِهِ المَادَّةِ مَا رُوِيَ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ r: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي». (رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيًّ). فَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الأُمَّ أَحَقُّ بِالوَلَدِ مَا دَامَ لَا يَستَغْنِي عَنِ الحَضَانَةِ، إِذِ الرَّسُولُ r قَدْ حَكَمَ لَهَا بِحَضَانَتِهِ مَا دَامَتْ غَيرَ مُتَزَوِّجَةٍ، وَلَمْ يُخَيِّرِ الطِّفْلَ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنِ الحَضَانَةِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيبَةَ عَنْ عُمَرَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ أَنَّهُ طَلَّقَ أُمَّ عَاصِمٍ, ثُمَّ أَتَى عَلَيهَا وَفِي حِجْرِهَا عَاصِمُ, فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنهَا، فَتَجَاذَبَاهُ بَينَهُمَا حَتَّى بَكَى الغُلَامُ، فَانطَلَقَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ: "مَسْحُهَا وَحِجْرُهَا وَرِيحُهَا خَيرٌ لَهُ مِنْكَ حَتَّى يَشِبَّ الغُلَامُ فَيَخْتَارَ لِنَفْسِهِ". فَالصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَستَغْنِي عَنِ الحَضَانَةِ حَضَانَتُهُ حَقٌّ لِأُمِّهِ. وَوَاجِبٌ عَلَيهَا. وَمِثْلُهَا أُمُّهَا وَجَدَّتُهَا، وَكُلُّ امْرَأَةٍ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَهُنَّ حَقُّ الحَضَانَةِ. فَإِذَا كَبُرَ الصَّغِيرُ بِأَنْ كَانَ فِي سِنِّ الفِطَامِ فَمَا فَوقَ حَسَبَ تَحْقِيقِ مَنَاطِ استِغْنَائِهِ عَنِ الحَضَانَةِ أَوْ عَدَمِ استِغْنَائِهِ، وَهَذَا يَخْتَلِفُ فِي الأَولَادِ بِاختِلَافِ حَالِهِمْ، فَقَدْ يَستَغْنِي وَلَدٌ وَهُوَ فِي سِنِّ خَمْسِ سِنِينَ، وَيَسْتَغْنِي آخَرُ فِي أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ حَسَبَ تَقْدِيرِ الخُبَرَاءِ. وَعَلَيهِ فَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنِياً عَنِ الحَضَانَةِ، يُخَيَّرُ بَينَ أَبَوَيهِ، رَوَى أَبُو هُرَيرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ r خَـيَّرَ غُلاماً بَـيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ». (أخرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ). وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ قَالَ: «... أَنِّي سَمِعْتُ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r وَأَنَا قَاعِدٌ عِنْدَهُ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَوْجِي يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِابْنِي وَقَدْ سَقَانِي مِنْ بِئْرِ أَبِي عِنَبَةَ وَقَدْ نَفَعَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ... هَذَا أَبُوكَ وَهَذِهِ أُمُّكَ, فَخُذْ بِيَدِ أَيِّهِمَا شِئْتَ، فَأَخَذَ بِيَدِ أُمِّهِ فَانْطَلَقَتْ بِهِ».

 

فَهَذِهِ الأَدِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الوَلَدَ بِنْتًا كَانَ أَمْ صَبِياً إِذَا بَلَغَ سِنَّ الفِطَامِ فَمَا فَوقَهَا وَاسْتَغْنَى عَنِ الحَضَانَةِ يُخَيَّرُ بَينَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ عُمُرُهُ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ أَمْ أَكْثَرَ مَا دَامَ قَدْ وَصَلَ حَدَّ الاستِغْنَاءِ عَنِ الحَضَانَةِ. وَإِذَا لَمْ يَسْتَغْنِ عَنِ الحَضَانَةِ يُحكَمْ بِهِ لِأُمِّهِ وَلَا يُخَيَّرْ. إِلَّا أَنَّ المَرْأَةَ كَالأُمِّ مَثَلاً إِذَا كَانَتْ كَافِرَةً وَطَلَبَتْ حَضَانَةَ وَلَدِهَا، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ الوَلَدُ فِي سِنِّ الحَضَانَةِ أَيْ دُونَ سِنِّ الفِطَامِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ لَهَا بِهِ كَالمُسْلِمَةِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ لِعُمُومِ الحَدِيثِ السَّابِقِ «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَـنْكِحِي»، وَأَمَّا إِنْ كَانَ الوَلَدُ فَوقَ سِنِّ الحَضَانَةِ بِأَنْ كَانَ فِي سِنِّ الفِطَامِ فَمَا فَوقَ, وَكَانَ يَستَغْنِي عَنِ الحَضَانَةِ, فَإِنَّهُ لَا يُخَيَّرُ, بَلْ يُحْكَمْ بِهِ لِلْمُسْلِمِ مِنَ الزَّوجَينِ، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوجَةُ هِيَ المُسْلِمَةُ حُكِمَ لَهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوجُ هُوَ المُسْلِمُ حُكِمَ لَهُ بِهِ لِقَولِهِ تَعَالَى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلكَافِرِينَ عَلَى الـمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا). (النساء)، وَالحَضَانَةُ تَجْعَلُ لِلحَاضِنِ سَبِيلاً عَلَى المُسْلِمِ، وَلِقَولِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الإِسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى». (أَخرَجَهُ الدَّارقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَائِذِ الـمُزْنِيِّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ)، وَالحَاضِنُ يَعْلُو عَلَى الغُلَامِ، وَلِأَنَّ إِبْقَاءَ الوَلَدِ تَحْتَ يَدِ الكَافِرِ يُلَقِّنُهُ الكُفْرَ لَا يَجُوزُ، وَلِذَلِكَ يُؤْخَذُ مِنْهُ.

 

أَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَـِّدِهِ رَافِعِ بْنِ سِنَانَ: «أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ r فَقَالَتِ: ابْنَتِي، وَهِيَ فَطِيمٌ أَوْ شَبَهُهُ، وَقَالَ رَافِعٌ: ابْنَتِي، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ r: اقْعُدْ نَاحِيَةً، وَقَالَ لَهَا: اقْعُدِي نَاحِيَةً، قَالَ: وَأَقْعَدَ الصَّبِيَّةَ بَـيْنَهُمَا، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوَاهَا، فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى أُمِّهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ r: اللَّهُمَّ اهْدِهَا، فَمَالَتِ الصَّبِيَّةُ إِلَى أَبِيهَا فَأَخَذَهَا». وَهَذَا الحَدِيثُ قَدْ صَحَّحَهُ الحَاكِمُ وَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ وَذَكَرَ الدَّارقُطْنِيُّ أَنَّ البِنْتَ المُخَيَّرَةَ اسْمُهَا عُمَيرَةَ، وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ هَذَا الحَدِيثَ رِوَايَةً أُخرَى فَقَدْ أَخرَجَ النَّسَائِيُّ عَنْ عَبدِ الحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرَ الأَنْصَارِيَّ عَنْ جَدِّهِ: «أَنَّهُ أَسْلَمَ، وَأَبَتِ امْرَأَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ، فَجَاءَ ابْنٌ لَهُمَا صَغِيرٌ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ، فَأَجْلَسَ النَّبِيُّ r الأَبَ هَا هُنَا, وَالأُمَّ هَا هُنَا، ثُمَّ خَيَّرَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِهِ، فَذَهَبَ إِلَى أَبِيهِ». وَقَالَ ابْنُ الجَوزِيِّ فِي هَاتَينِ الرِّوَايَتَينِ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى أَنَّهُ كَانَ غُلَاماً أَصَحُّ. فَإِنَّ الرَّسُولَ r لَمْ يَرْضَ بِمَا اختَارَ الغُلَامُ, بَلْ دَعَا لَهُ فَاختَارَ أَبَاهُ المُسْلِمَ، أَيْ أَنَّ الطِّفْلَ يُضَمُّ إِلَى المُسْلِمِ مِنْ أَبَوَيهِ.

 

Boloogh19 01 2025

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع