- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الموقف المتناقض لإندونيسيا تجاه كيان يهود: خطاب حازم لكن مع الحفاظ على علاقات جيدة!
الخبر:
حثت إندونيسيا البلاد الإسلامية على قطع العلاقات التجارية والاقتصادية مع كيان يهود لإنهاء العنف في غزة. في قمة الرياض لجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، شدد نائب وزير الخارجية أنيس متى، على الحاجة إلى خفض الاستثمارات المرتبطة بكيان يهود وتعزيز التجارة داخل الاقتصادات الإسلامية. على الرغم من هذه الدعوات، بلغت تجارة إندونيسيا مع كيان يهود 173 مليون دولار من كانون الثاني/يناير إلى أيلول/سبتمبر 2024، بزيادة 24.6٪ عن العام السابق. ويواجه الرئيس برابوو سوبيانتو، الملتزم باستقلال فلسطين، دعما محليا لمقاطعة المنتجات المؤيدة للكيان. الجدير بالذكر أن إندونيسيا لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع كيان يهود. (المصدر)
التعليق:
يكشف موقف إندونيسيا من كيان يهود عن تناقض صارخ بين دعمها الخطابي لفلسطين وممارساتها الفعلية. ففي حين تدين الحكومة علنا عدوان يهود وتقدم نفسها كمدافع قوي عن استقلال فلسطين، فإن العلاقات الاقتصادية مع كيان يهود لا تزال قائمة. فعلى سبيل المثال، بلغت التجارة بينهما 173 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مسجلة زيادة بنسبة 24.6٪ عن الفترة نفسها من عام 2023. وبلغت صادرات إندونيسيا لكيان يهود، في المقام الأول في قطاعات مثل زيت النخيل والمنسوجات، 130.6 مليون دولار خلال هذه الفترة. وتشير هذه الأرقام إلى علاقات تجارية نشطة، على الرغم من معارضة إندونيسيا المعلنة لسياسات كيان يهود.
وإلى جانب التجارة، تعكس الارتباطات الثقافية أيضا إحجام إندونيسيا عن اتخاذ إجراءات حاسمة. عشرات الآلاف من السياح الإندونيسيين، وخاصة الحجاج النصارى، يزورون كيان يهود سنويا، ما يعزز العلاقات بين الشعبين. وبالمثل، شارك رياضيون ووفود من كيان يهود في أحداث استضافتها إندونيسيا، مثل بطولة كرة الريشة وتسلق الصخور. وتدعم هذه الأنشطة جهود الدبلوماسية العامة لكيان يهود لإعادة تشكيل صورتها داخل إندونيسيا، الدولة التي تضم أكبر عدد من السكان المسلمين في العالم.
مثل هذه التناقضات تجعل دعم إندونيسيا لفلسطين أدائياً. وفي حين دعا نائب وزير الخارجية أنيس متى مؤخرا إلى قطع العلاقات التجارية والاستثمارية مع كيان يهود خلال اجتماع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، إلا أن هذه التصريحات لا تزال رمزية إلى حد كبير دون اتخاذ إجراءات جوهرية.
لقد دأب حزب التحرير، بوصفه جزءا من الأمة الإسلامية، على حث البلاد الإسلامية على اتخاذ تدابير أقوى، بما في ذلك الجهاد والحظر الاقتصادي، كردود ضرورية على عدوان يهود. وعلى الرغم من هذه الدعوات، فإن عدم المتابعة من إندونيسيا وغيرها من الدول ذات الأغلبية المسلمة يشير إلى إعطاء الأولوية للمصالح الاقتصادية والسياسية على التضامن الحقيقي مع فلسطين.
وتؤكد الحالة في غزة، التي تتسم بالعنف والتشريد المنهجيين، الحاجة إلى تدخلات أكثر حسما. وقد لا تكفي العقوبات الاقتصادية والحظر التجاري، رغم تأثيرها، لوقف العدوان المستمر، بل يمكن أن يكون التدخل العسكري بمثابة استجابة أكثر قوة.
إذا كانت إندونيسيا والبلاد الإسلامية الأخرى ملتزمة حقا بإنهاء احتلال فلسطين، فعليها أن تتجاوز التصريحات الخطابية، وأن تتخذ خطوات ملموسة، بما في ذلك فك الارتباط الاقتصادي، والعزلة السياسية لكيان يهود، والاستراتيجيات العسكرية. ومن خلال القيام بذلك، يمكنهم إظهار القيادة الحقيقية والتضامن، وضمان تطابق أفعالهم مع أقوالهم في الكفاح من أجل تحرير فلسطين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله أسوار