السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  قناةُ الجزيرة والمكرُ الكبير  جَعْلُ الأحكام القطعية والقضايا المحسومة محلَّ اختلاف وجدل!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

قناةُ الجزيرة والمكرُ الكبير

جَعْلُ الأحكام القطعية والقضايا المحسومة محلَّ اختلاف وجدل!

 

 

الخبر:

 

عرضت قناة الجزيرة في 19 تشرين الأول 2022 في برنامج "موازين" حلقةَ بعنوان "الحجاب فريضة في مرمى الاستهداف"، والمقصود الخِمار. تضمنت الحلقة حواراً حول وجوب الخمار شرعاً، وعرَضت رأيين، أحدهما يقول إنه ليس فرضاً حيث أورد تشكيكات بوجوبه. والرأي الآخر يقول إنه فرض قطعي ومعلوم من الدين بالضرورة وفنَّد التشكيكات. وتضمنت الحلقة أنّ محاربة الغرب للحجاب ترجع إلى الإسلاموفوبيا السائدة في مجتمعاته. (رابط الحلقة)

 

التعليق:

 

هذه الحلقة من قناة الجزيرة واحدة من حلقات كثيرة تندرج في خطط محاربة الإسلام عبر التضليل التدريجي والخفي، ولقد تلاحقت حلقات برنامج موازين التي تساهم في هذا الدور، ما يؤشر إلى أن هذا التضليل مقصود للبرنامج، ولقناة الجزيرة التي تقدمه، والتي دأبت على الترويج للتحريف والتضليل سواء فيما يتعلق بأحكام شرعية أو بقضايا سياسية.

 

لا يسع هذا التعليق استعراض أعمال هذه القناة بوصفها من أخطر المؤامرات على المشاهد العربي والمسلم، لذلك يكتفي بالتنبيه إلى ما لا يخفى على متابع لها مراقب لسياستها. وذلك أنها أكثر قناة عربية ترويجاً للتطبيع مع كيان يهود، وأكثرها جرأة في ترويض المشاهدين على تقبله عبر استضافة ممثليه وسياسييه بشكل يومي، وتقديمهم للمشاهدين وكأنهم أصحاب حق في فلسطين، وإشراكهم في بحث قضايا عربية، وفي حوارات يَظهرون فيها مظلومين يطالبون بالأمن ورفع المظالم عنهم، وكأن الصراع معهم هو خلاف يسير، أو بين إخوة. ومن خطر هذه القناة أنها تقوم بهذه الأعمال متظاهرةً بأنها تفضح اعتداءات هذا الكيان وتُحرج ممثليه على شاشتها، فتدغدغ مشاعر المشاهدين الذين يرونها متبنيةً لقضاياهم بجرأة، ويسقطون في فخاخ مؤامراتها.

 

يقوم هذا النمط من المؤامرات على طرح الأفكار القطعية والقضايا المحسومة من حيث وضوح الحق فيها، للحوار وعرض أقوال المنكرين فيها، لينبري المؤمنون بها للدفاع عنها، فيحصل الحوار فيها، ويتم بذلك تحويل الحقائق القطعية والقضايا المحسومة إلى قضايا ظنية، ويصبح الرأيُ المستحيل وُجهة نظرٍ مقبولة، والتشكيك بالقطعيات وإنكارها، سائغاً وشائعاً. وبهذا يتقدم راسمو هذه المؤامرة خطوةً على طريق التضليل والغزو الفكري، وعلى طريق سلخ الشعب أو الأمة جزئياً عن صحيحِ أفكارهم وأحكامهم، وصرفهم عن قضاياهم. فإذا تحقق لهم ذلك، يُتبِعون الخطة بخطط لاحقة في مسار القضاء على قناعات الأمة أو الشعب وقضاياهم، وبذلك يقضون عليهم. ولذلك، لا يُعدُّ هذا النمط من الخطط مؤامرات عادية، بل هو مكرٌ كبير وخبثٌ غير عادي.

 

هذا ما يقوم به برنامج موازين، وهو الدور الذي تؤديه حلقاته. فجعلُه موضوع الخمار محل بحث ونقاش تهوينٌ من شأنه. وعرضه للأخذ والرد وطرح آراء تنكر وجوبه مؤامرة خبيثة. ويأتي الخطر الأكبر بعد ذلك، بوقوف القائمين بالمؤامرة مع ترجيح وجوب الخمار، لأن الترجيح في مقام القطع تشكيكٌ بالقطع، وتضليلٌ يصوِّر الحكم ظنياً، ويُسوِّغ القولَ بخلافه وعدمَ التزامه. والمكر الأكبر هنا هو رفض القائمين بالمؤامرة ذرائعَ منكري الخِمار، وتقديمهم للمشاهد بصورة المدافعين عن الإسلام، الحريصين على حفظ أحكامه والتزامها.

 

لذلك كان من الخطأ، أن ينبري دعاة الإسلام والعاملون له، إلى مواجهة هذه الطروحات بمحاورة منكريها وتفنيد مزاعمهم. لأن جعل القطعيات محل نقاش يُضعِف تمسك الناس بها، ويسبب لهم تشويشاً خطيراً. وهذا الانبراء هو نفسه وقوعٌ في فخ المؤامرة، وهو مقصودُ راسميها. والردُّ الصحيح والمُجدي على طروحات كهذه يكون بكشف الخداع والمكر اللَّذين فيها، وكشف حقيقة الذين يطرحونها وولاءاتهم لأعداء الإسلام. وبمواجهتهم بأنهم إما عملاء لأعداء الإسلام، وإما كفارٌ مرتدّون أو زنادقة، وبأن إنكار حكم وجوب الخمار - أو أي حكم قطعي آخر - أو التشكيك بقطعيته هو كفر، ويكون بالرفض الحازم لأي حوار في حكم شرعي مع أعداء الإسلام أو عملائهم، لا في القطعيات ولا في الظنيات.

 

أما القول بأن محاربة الحجاب أو الخمار في الغرب ترجع إلى الإسلاموفوبيا السائدة في المجتمعات الغربية، فهو غير دقيق، والعكس هو الصواب. فالإسلاموفوبيا سياسة مقصودة صنعها حكام الغرب وسياسيوه، وما زالوا يشجِّعونها ويؤجِّجونها لتصوير الإسلام تطرفاً وإرهاباً لكي يواجهوا انتشار الإسلام في بلادهم، وليتخذوها وسيلة لمحاربة التوجه السياسي الإسلامي في أي مكان. إذ إنّ الغرب لم يكن يحارب الحجاب أو أي مظهر إسلامي في بلاده أو خارجها قبل بروز الصحوة الإسلامية وانتشار ما يُسمى الإسلام السياسي. ولكنه أدخل محاربة الإسلام ضمن استراتيجياته بعد ظهور التوجه الإسلامي ودخول جماعاته ميدان العمل السياسي، وبعد ازدياد مظاهر التزام الإسلام، والتي من أبرزها اللباس الشرعي للمرأة؛ وذلك أنه لمس خطر الإسلام على منظومة التفاهات الفكرية التي يقوم عليها، وعلى فساد أنظمته الاستغلالية والاستعمارية، وأدرك ارتباط سائر النشاطات والأعمال الإسلامية بالصحوة الإسلامية، سواء العمل السياسي أو اللباس الشرعي؛ ولذلك، فإن بروز الإسلام السياسي وانتشاره هو سبب محاربة الغرب للحجاب والخمار، وللعِفَّة، ولسائر المظاهر والأحكام الإسلامية، وهو أيضاً سبب صناعة الإسلاموفوبيا وتغذيتها المستمرة وتأجيجها.

 

قال تعالى: ﴿وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهًمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود عبد الهادي

 

آخر تعديل علىالسبت, 29 تشرين الأول/أكتوبر 2022

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع