- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
عيدٌ آخر يطل على الأمة الإسلامية والمشاكل والكوارث تتزايد وتتفاقم
النزاعات على المياه مثالا
الخبر:
العراق مهدد بالعطش "الإطلاقات المائية من إيران بلغت صفراً، فماذا حلّ بالرافدين؟" (روسيا اليوم)
التعليق:
تُعتبر المياه من مقوماتِ الحياةِ الأساسية، بل هي كل الحياة، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ وقد حبا الله الكثير من بلدان العالم العديد من المجاري المائية العذبة والمياه الجوفية النقية، وعاشت البشرية دهورا عديدة تنعم بهذا الخير، إلى أن ظهرت الرأسمالية الشريرة وأخذت تستعمر البلاد وتذل العباد بأساليب ووسائل متنوعة شكلت مصائب للإنسانية عامة، وبسبب تسلطها الاستعماري الحاقد، ومكائدها للإسلام والمسلمين والذي استمر لمئات السنين، كانت نتيجته إسقاط الأم الرؤوم للأمة الإسلامية (الخلافة)، فصارت في مشاريعها ومطامعها في الحصول على المياه عصب الحياة، فبعد أن أوجدت كيان يهود في أطهر بقعة حيث مسرى رسول الله عليه الصلاة والسلام ومعراجه، أعانت يهود في تحقيق مطامعهم في الحصول على مياه دول الجوار الفلسطيني، واستخدام إثيوبيا أداة حرب تساعدهم في تحقيق مطامعهم في مياه نهر النيل في مصر والسودان.
ولن نخوض هنا في واقع ما يحصل في مصر والسودان من آثار مدمرة وكارثية يمكن أن تحصل جراء بناء إثيوبيا سد النهضة الكارثي، بل سنركز على العراق ومواردها المائية المعتدى عليها.
يعتمد العراق في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات، وروافدهما التي تنبع جميعها من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوبي العراق لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج.
لكن العراق يواجه في هذه الفترة أزمة مياه حادة في ظل ارتفاع شديد في درجات الحرارة تزيد عن 52 درجة مئوية وانقطاع للكهرباء، وبالتالي فالكارثة لم تقع فقط على الأفراد وصحتهم ومعاناتهم وإنما تسببت في دمار الآلاف من الهكتارات الزراعية، وفي تهديد الثروة الحيوانية، بسبب السدود التي يبنيها جيرانه في إيران وتركيا.
فبعد احتلال العراق عام 2003 لم تتحمل الحكومات التي تعاقبت على العراق المسؤولية، ولم تطور البنى التحتية ولم تهتم بالسدود والبحيرات وغيرها من المشاريع المائية، وبسبب الفوضى الأمنية وفشل الحكومة العراقية في تأمين تدفق مياه نهر دجلة عانت مناطق جنوب العراق العطش بعد العام 2014.
واليوم يهدد العطش منطقة ديالى بسبب قيام إيران والتي تتقاسم معها العديد من الأنهار والجداول بقطع جميع الموارد المائية عنها، والسدود التي بنتها إيران في أعالي الأنهار وخاصة على نهر الزاب الأسفل بالإضافة إلى نهر ديالى، رغم أنها صغيرة إلا أنها كثيرة وتأثيرها السلبي على العراق كبير جدا، كما أنها بنت خمسة سدود على نهر الكارون رغم أن هناك اتفاقية موقعة بينهما عام 1975م لتقاسم المياه، لكن إيران رفضت الانصياع لتلك الاتفاقية وغيرها من الاتفاقيات الأخرى لتقاسم أضرار شح المياه الإقليمية.
وبالنظر إلى نهر دجلة، فبالإضافة إلى قطع إيران المياه المتدفقة عبر ثلاثين رافدا تنبع من أراضيها وتغذي 12% من نهر دجلة، فإن تركيا هي أيضا تقيم سد إليسو ولديها مشاريع لبناء سدود أخرى على نهر دجلة، وفي حال اكتمالها سيظهر بشكل واضح تناقص واردات العراق المائية من هذا النهر.
ومطامع تركيا في العراق وسوريا متشابهان، فخلال السنوات الماضية بسبب وجود توجّه تركي نحو مضاعفة استغلال مياه نهري دجلة والفرات في مشاريع زراعية وصناعية ضخمة، تحاول تركيا بين الحين والآخر استخدام ورقة المياه لتنفيذ ما تخطط له بدولتي مسرى نهر الفرات (سوريا والعراق) بشكل خاص، ورغم إعلان مسؤول في شمال سوريا قبل عدة أشهر عن انخفاض منسوب مياه نهر الفرات بأكثر من خمسة أمتار لأول مرة في التاريخ، كأمر خطير وينذر بالأمر نفسه في العراق، فقد أُعلن عن جفاف نهر الخابور وروافده بسبب حجز تركيا لكميات كبيرة من مياه نهر الفرات، وخروج مساحات واسعة من الأراضي الزراعية من الاستثمار نتيجة توقف مشاريع الري على سرير نهر الخابور من مدينة رأس العين حتى ناحية مركدا.
ورغم مرور أكثر من ستة أشهر على تسلم تركيا رسميا بروتوكول التعاون في المجال المائي الذي أقره مجلس الوزراء العراقي، لكن لم يعلن لاحقا عن أي تقدّم في الملف في ظل أنباء عن مماطلة تركية في حلّ القضية.
إنه وللأسف، بدل أن يعمل المسلمون على توحيد البلاد الإسلامية في دولة واحدة يتشارك فيها الجميع الموارد المائية، كلٌ يستفيد مما يجري في أراضيه أو يصب فيها، دون أي اعتداء من بلد على الآخر، نراهم يعززون التفرقة بالوطنية والقومية وغيرهما، مما يؤصل للعديد من المشاكل والنزاعات المائية، والتاريخ الاستعماري مليء بالنزاعات والحروب على المياه. وعلى رأسها مطامع يهود.
وحدها الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة هي التي ستجتث شجرة الرأسمالية الخبيثة وتتسلم الريادة في العالم والقيادة لهذه البشرية والسيادة عليها، فتخرجها من ظلمات الرأسمالية إلى نور الإسلام، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ولمثل هذا فليعمل العاملون.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
راضية عبد الله