- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الثروة البشرية لا تكون عبئا إلا عند الحكام المتخلفين أو الخائنين
الخبر:
بعد ساعات على تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حول خطورة الزيادة السكانية، انهال على المصريين سيل من التصريحات والبيانات الصادرة عن مؤسسات دينية رسمية ورجال دين بارزين بخصوص قضية تحديد النسل. وبدا كأن تصريحات السيسي - خلال افتتاح مشروع طبي الثلاثاء - مثلت ضوءا أخضر لوزارة الأوقاف ودار الإفتاء على وجه الخصوص، لتبدأ كلتاهما ما يشبه الحملة الدعائية التي تستهدف إقناع المصريين بضرورة تحديد النسل وشرعيته من الناحية الدينية. وانطلقت الحملة بتغريدة نشرتها دار الإفتاء على حسابها في تويتر تستهدف نشر وسم تحت عنوان "تنظيم النسل جائز". (الجزيرة نت)
التعليق:
صحيح أنّ الأصل في الإسلام هو تكثير النسل أي عكس تحديد النسل، وهذا هو الذي عليه المسلمون في جميع الدهور وفي جميع الديار منذ بعثة المصطفى ﷺ حتى يومنا هذا، فعن أنس رضي الله عنه أنّ النبي ﷺ قال: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأَنْبِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وعن عبد الله بن عمرو أنّ رسول الله ﷺ قال: «أَنْكِحُوا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَإِنِّي أُبَاهِي بِكَمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وعن معقل بن يسار قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا؟ قَالَ: لَا. ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَنَهَاهُ. ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ» وقال ﷺ: «تَنَاكَحُوا تَكَاثَرُوا»، فهذه النصوص صريحة في الأمر بتكثير النسل، فالرسول طلب تزوج الودود الولود، وأمهات الأولاد، وعلل ذلك بأنه مكاثر بالمسلمين ومباه بهم.
وأما منع الحمل فإنه خلاف الأصل وإن كان مباحا، فعن جابر قال: «كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ»، وما رواه أحمد ومسلم وأبو داود عن جابر، قال: جاء رجلٌ إلى رسول الله؟ فقال: إن لي جاريةً وهي خادمتُنا وسانِيتُنا أطوف عليها وأنا أكره أن تحمل، قال: «اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ، فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا...»، إذ قد يمنع الرجل الحمل حفظا لصحة المرأة، وقد يمنعه لأنه لا يريد أن يأتيه أولاد لأسباب قد تكون لأنه يقوم بأعمال عظيمة والأولاد يكونون عائقا دون القيام بها، أو لأنه لا يحب الأولاد، وقد يمنع الحمل لأنه لا يستطيع تعليم أبناء كثيرين وهو يريد أن يعلم أولاده كلهم فيقوم بمنع الحمل بعد أربعة أولاد أو أكثر،... إلى غير ذلك من الأسباب، ولكن هذا الأمر لا يفعله إلا أفراد نادرون ولم يكن عليه عامة المسلمين لا في الماضي ولا في الحاضر، ولم يعرفوه بشكل عام بل كان عند أفراد ولا يزال عند أفراد.
ولكن الأهم في النظرة للموضوع هو تخلف حكام المسلمين وحكام كثير من البلاد النامية، حيث يعتبرون كثرة السكان عبئا على البلاد، في حين إنّها تشكل ثروة حقيقية وتسمى بالثروة البشرية، وقد أعد لها الباحثون كتبا ومجلدات في علم إدارتها، وهذا أمر مشاهد محسوس لدى دول الغرب المتطورة والمتقدمة، بل إنّ أوروبا على سبيل المثال تفتقر إلى الثروة البشرية خاصة الشابة منها، وكثير من الدول المتقدمة تقدم حوافز ومغريات للأسر من أجل تشجيعهم على الإنجاب.
أما في البلاد المتخلفة وعلى رأسها بلاد المسلمين اليوم، فقد جعل الحكام من الثروة البشرية عبئا وكابوسا! وبذلك يريدون أن يدفع الناس ضريبة تخلف حكامهم وخيانتهم لأمانة الحكم والرعاية. هذا إن لم تكن المسألة بحد ذاتها مؤامرة على المسلمين لإضعافهم والنيل منهم كعادة حكام المسلمين العملاء في تنفيذ أوامر الاستعمار.
فقط الإسلام ودولة الإسلام هي التي ستستثمر الطاقة البشرية في البلاد الإسلامية وتجعل منها قوة فاعلة كما سبق وفعلت ذلك طوال قرون مضت، فاللهم عجل لنا بخلافة راشدة تعرف قدر أبنائها وقيمة توجيهات رسولنا الكريم ﷺ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس باهر صالح
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة فلسطين