- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
الحرب تسرق مستقبل الأطفال
4 مليون طفل لاجئ بدون تعليم في العالم العربي!
الخبر:
أكدت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن 4 ملايين طفل لاجئ، لا يرتادون المدارس، وبزيادة بلغت نصف مليون طفل، خلال عام واحد فقط، وذلك حسب تقريرها السنوي الثالث.. وقد حذر الأمين العام للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر "آركو" الدكتور صالح بن حمد السحيباني، من نشأة جيل عربي لاجئ جاهل، يفتقر إلى الهوية، ومشتت التوجهات.
التعليق:
عادة ما تُساهم الحروب والنزاعات المسلحة في رفع نسبة الأمية واستهداف المنظومة التعليمية بشكل مباشر ومُتعمّد، ممّا يُؤكّد أن صناعة الجهل والأميّة في العالم العربي تحديدا ليست مُجرّد نتيجة طبيعيّة للحرب، وإنّما هي ضمن الأهداف العامة في تدمير الشعوب على مستوى بعيد الأمد.
أربعة ملايين طفل لاجئ بدون تعليم في العالم العربي، رقم مفزع ينبئ بتهديد ثقافي مرتبط باللغة والدين ويُشكّل جيلا مُعطّلا تُهدَر فيه الموارد البشريّة لهذه الأمة التي تحتاج لأبنائها وعلمهم وثقافتهم أكثر من أيّ وقت مضى. فالحروب التي تشهدها المناطق العربية اليوم من مثل سوريا واليمن والعراق وليبيا هي التي تقود تغيير الأنظمة التعليمية، ابتداء من لغة التعليم ومناهجه وفلسفته وأهدافه، إضافة إلى تعرّض المدارس والبنية التعليمية للهجمات وأحيانا بشكل متعمّد حسبما أكّدت منظمة اليونيسيف في تقريرها الذي أفاد أن قرابة تسعة آلاف مدرسة في هذه المناطق وحدها لا تُستخدم في الأغراض التعليمية وإنما لإيواء العوائل المُهجّرة أو جعلها قواعد لأطراف النزاع أو تدميرها بالكامل، إضافة لارتفاع نسبة تسرّب الأطفال من المدارس أو نزوحهم إلى دول الجوار وعدم تمكّنهم من الحصول على الخدمات التعليميّة في مخيّمات اللاجئين التي ينشأ فيها الطفل كجنس مهمل أو كائن مجهول مسلوب الحقوق، خصوصا وأن عمليّة الالتحاق بمقاعد الدراسة من جديد تكون صعبة بسبب الفجوة الأكاديمية التي تتسع مع مرور الوقت حتى يفقد الطالب حماسه وقدرته على الاندماج وإكمال مسيرته التعليمية.
كما أنّ مساعي البلدان المضيفة للأطفال اللاجئين تُعتَبر شحيحة إذ تفتقر إلى التمويل المادي من هذه الحكومات التي تؤزّم وضعية اللاجئين وتعمّق حجم الهوّة بين الفقر والتعليم، فتضطرّ العائلات إلى الاعتماد على أطفالها في العمل وتوفير القوت، إذ إنّ الحكومات لا تسمح للاجئين بالحصول على عمل قانوني، فترمي الكرة إلى الجمعيات الخيريّة والمنظمات الحقوقيّة التي تعجز عن استيعاب أعداد متزايدة من الأطفال وتوفير المنشآت التعليمية لهم والكوادر العلمية ويضيع جيل بأكمله!!
فأيّ مستقبل لهؤلاء الأطفال الذين هربوا من الحرب فوجدوا الفقر والجهل؟؟ وفيمَ التفريط في طاقات أبناء المسلمين وإهدارها وأمتنا اليوم بحاجة إلى من يسدّ ثغورها ويؤمن ظهرها ويُعينها على نهضتها...؟
إنّ المساعدات الفرديّة من بعض المسلمين لا تكفي لحلّ مشاكل كبيرة كمشاكل الأطفال اللاجئين، فالحلول المؤقّتة والمقتضية لن تقضي نهائيّا على المشاكل المتزايدة كمّا ونوعا، إنّما هو العمل لانتشال كلّ هذه الوضعيّة المتأزمة بقلع هذه الحكومات وأنظمتها التي تقف عائقا أمام نهضة الشعوب وتقدّمها وعلمها، وإقامة نظام عدل ورشد يحترم العلم ويرعى الطفولة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نسرين بوظافري