- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
حرب التجارة الصينية الأمريكية هي صراع من أجل التفوق الأمريكي
الخبر:
اتهمت الصين الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة ببدء "أكبر حرب تجارية في التاريخ"، بسبب الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب البالغة 25٪ على أكثر من 800 منتج صيني بقيمة 34 مليار دولار، وتضم الآلات الصناعية والأجهزة الطبية وقطع غيار السيارات. (CNN) وفي هذه الأثناء، وعدت بكين بالرد بالمثل، فهل نتوقع حربا تجارية واسعة النطاق أم أكثر من ذلك؟
التعليق:
لا تكمن المشكلة الحالية بين واشنطن وبكين في المجال التجاري فحسب، فهناك العديد من النقاط العالقة الأخرى بين البلدين، والتي يمكن أن تؤدي بشكل متسارع إلى حرب كبيرة بين البلدين. فالتلاعب بالعملة من قبل بكين، وإحجام كوريا الشمالية عن الإذعان للمطالب النووية الأمريكية ومساندة تايوان على المطالبة بالاستقلال والنزاعات الإقليمية بين الصين وجيرانها والتوترات مع البحرية الأمريكية في بحر الصين الجنوبي، كل هذه القضايا ليست إلا بعض القضايا الساخنة التي تدفع إلى الصراع بين البلدين.
قد يرفض البعض خيار وقوع الحرب، بينما يرى آخرون أن هذا أمر لا مفر منه، وهو جزء من سنة التدافع بين الأمم في سقوط حضارات وظهور أخرى، والمدافعون عن نظرية انتقال السلطة يميلون إلى احتمال نشوب حرب عالمية، وهذا عندما تمتلك القوة الصاعدة قوة كافية لتحدي السلطة الحالية في المنطقة من أجل فرض الهيمنة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتعتبر الصين المنافس الأقوى لأمريكا على الهيمنة في المنطقة.
وفي ظل هذا التصور، فإن الحرب التجارية بين الصين وأمريكا تحمل أهمية أكبر، وتؤكد إلى جانب العديد من النقاط المشحونة الأخرى، تؤكد توجه الصين كقوة إقليمية راكدة نحو النزوع إلى طرد هيمنة أمريكا منها، لذلك تعمل أمريكا على احتواء الصين ضمن قواعد النظام الدولي الحالي، وهذه بداية زوال أمريكا كدولة رائدة في العالم.
تدرك إدارة ترامب ضعف أمريكا والقيود المفروضة على النظام الدولي لمواجهة التحديات المتزايدة للقوى العظمى، من الصين وروسيا وأوروبا. وفي ظل عالم يتحول من قواعد أحادية القطبية إلى نظام متعدد القطبية، تعتبر هذه المناورات، التي تقوم بها إدارة ترامب، الخيار الأفضل لخدمة المصالح الأمريكية، ومن تلك المناورات عدم اهتمام ترامب لمعاهدات التجارة الدولية والهيئات التجارية مثل منظمة التجارة العالمية، حيث يمكن للصين أن تشكو كما يحلو لها لمنظمة التجارة العالمية، ولكن أمريكا ترامب لن تتزحزح عن هذه السياسة قيد شبر واحد.
ومن خلال وجهة النظر هذه، فإنه يمكن فهم سبب تبني ترامب لسياسة السلام مع بوتين والحلفاء التقليديين، حيث يعتقد ترامب أن تحالفًا جديدًا مع روسيا يمكن أن يساعد أمريكا على إحباط تيارات التغيير العالمي، والعمل بمثابة سد منيع ضد صعود الصين وأوروبا، وهذا يدعم موقف ترامب المتشدد تجاه التجارة مع الصين ويعزز تساؤلاته المتكررة حول سلامة الاتحاد الأوروبي ومدى جدوى حلف الناتو، كل ذلك يشير إلى استعداد ترامب للتخلي عن العلاقات مع الحلفاء منذ فترة طويلة وإعادة تقويم العلاقات العالمية.
لقد أثارت ردود الفعل الأولية لاندلاع حرب تجارية مع الصين والاتحاد الأوروبي غضب الأوروبيين لدرجة أنهم يبحثون عن طرق لإيجاد علاقات قوية مع الصين [DW، chinadaily]. فقد تحول خطاب ترامب الأول في أمريكا بسرعة إلى دعوة لتيقظ جميع اللاعبين العالميين باستثناء العالم الإسلامي.
فلا يزال العالم الإسلامي غافلاً عن ضعف أمريكا وانهيار النظام الدولي وإعادة تشكيل التحالفات العالمية، وذلك لأن القيادة الحالية للعالم الإسلامي غارقة في التبعية للقوى الأجنبية، وهي غير قادرة على إنقاذ شعوبها من الاستعباد والاستغلال، فإلى متى سيستمر هذا الوضع على الأمة؟! قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي