- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لِنَجعَلْ مِن نَكبَةِ هَدمَ الخِلافةِ خَيرَ دافعٍ للنُّهُوض من جَديد
إنقاذاً للبشَريَّةِ المُعَذَّبة
الخبر:
في 28 رجب 1342هـ أعلن عميل الإنجليز مصطفى كمال رسميَّاً إلغاءَ الخلافة، وجَعْلَ تركيا جُمهورية عَلمانية، وفصلَ الدِّين عن الدولة، والتخليَ عن البلدان التابعة لها فتقاسَمَها الأعداء.
التعليق:
لم تزَل تداعياتُ إلغاء الخلافة تتوالى على أمَّة الإسلام، وتُلقِي بظلالِها الحالِكة مصائبَ ووَيلاتٍ، وإمعاناً في خلقِ الأزمات والحُروب المُدَمِّرة العَبثيَّة حتى لتكادُ تستأصلُهم كمجموعاتٍ بشريَّةٍ تحملُ عقيدة الإسلام، وتُدِينُ بالولاء لأحكام ربِّها عزَّ وجلَّ رغم مُضِيِّ 97 سنة على هدمها! فقد تَرَدَّت أحوال الأمَّةِ بعد تلك الجريمة النكراء، وانقلبَتْ أمورُها من سَيِّئ إلى أسوأ.. فأزيحتْ أحكام الإسلام من واقع الحياة، وغابَ العدلُ والأمنُ، وانحسرَ الخيرُ، وتفاقم الكُفرُ وانتشرَ الفساد. وذلت الأمة الكريمةُ بعد عِزٍّ، وضعُفت بعدَ قوَّةٍ، وأفقِرَتْ بعد غِنىً، وباتت نَهباً لأعدائها يتحكَّمون في مصائرِها، وينهَبون خيراتها، بل جعلوها ساحة للحُروب التي وَقودُها المسلمون لإلباسهم ثوبَ اليأسِ، فأغرقوها بالفجائع والكوارث حتى لا تتطلعَ لمُستقبلها، ولا تفكِّر في الخلاص من تبعِيَّتها للكافرين، وترضى بما خُطِّطَ لها. فها همُ المسلمون وقد بلغوا قرابة ثلث سُكان العالم دون أن يكون لهم دَورٌ أو رأيٌ في مُجرَيات الأحداث العالمية، ومُزِّقَتْ دولتهمُ العظيمة إلى دُويلاتٍ ومِزَقٍ حقيرة.
لكِنَّ أمَّةَ كأمَّةِ الإسلام جعلها اللهُ تعالى ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ بل جعلها ﴿أُمَّةً وَسَطًاً﴾ أي عَدلاً خياراً، وشاهِدةً على الناس.. لا يمكِنُ أن تستكينَ أو ترضى بالضَّيم، مهما كانت التكاليفُ فلا مناصَ من نهُوضِها وانفلاتِها من قيود الكفار، وتسنُّمِها مقعدَ الرِّيادَة، لتأخُذَ العالم أجمعَ إلى برِّ الأمانِ والعَدلِ. وإنَّ تأريخ الأمة الناصعَ ليحكي ذلك وأكثر على مدى 13 قرناً أو يزيد، وقد مرَّت بظروفٍ أشَدَّ قسوةً مما هي عليه الآن على أيدي الفرس والروم والتتار والصليبيين، فكانت تنهض في كل مرَّةِ وتعود لإكمال دَورِها في هِداية أمَمِ الأرضِ، وإنقاذهم من شطط الرأسماليَّةِ العفنة والعلمانيَّةِ الفاجرة التي أحالَتِ العالمَ إلى حلبَةٍ للصراع المادِّيِّ الذي أشقى الإنسانيَّةَ وأوردها مواردَ الذلِّ والشقاء.
وما هذه الثورات التي قامت في بلاد المسلمين مؤخراً في تونسَ ومِصر وليبيا وسوريا إلا دليلٌ دامغٌ على سعيها لكسر طوق الاستعمار والتبعية، وهكذا في باقي بقاع المسلمين في العالم مُطالبينَ بتحكيم شريعة ربهم وطرد الكافرين الذين دنَّسُوا ديارَهُم. ولقد وَعدَ اللهُ هذه الأمة الكريمة بالنصر والتمكين ما تمسَّكت بأهداب دِينِها ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الرحمن الواثق – العراق