- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
ابتعدوا عن الدعاة المخلصين
الخبر:
في 3 نيسان/أبريل 2025، جرى اختطاف رجل من ضاحية كالس-أوردو قرب بيشكيك. وقد اختطفه مجهولون مقيَّدَ اليدين والرجلين، وقد أُلصق فمه بشريط لاصق. والمختطف هو جالغاشيف أمانقول رومانوفِتش. وبعد ذلك عُثر عليه في سجن التحقيق رقم 21، ليتضح أنّ خاطفيه كانوا من موظفي دائرة الشؤون الداخلية في منطقة بيرفوميسكي.
وعلاوة على ذلك، استغلّ الموظف في قسم التحقيق التابع للدائرة نفسها، أسنباييف عديليت، منصبه إساءةً، وتواطأ مع موظفي سجن التحقيق رقم 21 للتستّر على جرائمه غير القانونية. وفي 1 تموز/يوليو 2025 قاموا بتعذيب جالغاشيف أمانقول، حيث ضربوه واعتدوا عليه لإجباره على الاعتراف بأفعال لم يقترفها، وهدّدوه بقولهم: "سنجعلك تتعفن في السجن مدى الحياة". وقد أثبت المركز الوطني لمناهضة التعذيب هذه الممارسات رسميّاً.
التعليق:
قامت كابيلباي قيزى شيرين، زوجة جالغاشيف أمانقول، برفع شكاوى بحثاً عن العدالة إلى رئيس الدولة، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس المحكمة العليا، والمدعي العام، والمفوّض البرلماني لحقوق الإنسان، والمركز الوطني لمناهضة التعذيب، ومدعي عام مدينة بيشكيك، وبعض النواب المختصين. ومع ذلك ما زال زوجها حتى اليوم يعاني من ظلم الظالمين واضطهادهم.
ولأنّ قرغيزستان دولة علمانية، فقد أُلصقت بالمسلمين العدول تهمةٌ باطلة تحت مسمّى "التطرّف"! وبسبب ذلك ظلّ الدعاة الصادقون فيها يعانون من هذه التهمة الملفّقة، وكان أحد هؤلاء جالغاشيف أمانقول؛ فهو ليس فاسداً، ولا من العصابات السوداء، وباختصار هو ليس مجرماً البتة، بل كلّ ذنبه أنّه قال ربي الله، أي أنّه آمن بالله ويدعو إلى العيش وفق شريعة الله.
ومع الأسف، في الوقت الذي تُهيَّأ الظروف في قرغيزستان لانتشار أعمال محرّمة لا تنقطع مثل الربا والاحتكار والقمار وغيرها، أصبحت أعمال واجبة كتعليم الإسلام، والنهي عن المنكر، والأمر بالمعروف تُعَدّ جريمة! عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله ﷺ قال: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ».
ومع أنّ دستور قرغيزستان يصف الدولة بأنها علمانية، وتدّعي السلطة أنّها تطبّق الديمقراطية وتحمي حقوق الإنسان، إلا أنّ هذه الحادثة تكشف بوضوح أنّ موظفي الدولة قد خالفوا الدستور والقوانين المدوّنة، وانتهكوا حقوق الإنسان. فأيّ قانونٍ أجاز اختطاف إنسان من بيته وتعذيبه؟! قال رسول الله ﷺ: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ...».
إن كان موظّفو الأجهزة قد فعلوا هذه الأعمال لمصالحهم الشخصية، فهم بذلك يسيئون لسمعة السلطة ويبيعون دينهم بدنياهم. أمّا إن كانت سياسةً للدولة، ويقومون بها تزلّفاً للحكم، فهم قد باعوا دينهم بدنيا غيرهم. قال ﷺ: «شَرُّكُمْ مَنْ بَاعَ دِيْنَهُ بِدُنْيَاهُ، وَشَرٌّ مِنْهُ مَنْ بَاعَ دِيْنَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ».
إنّ استمرار الظلم على الضحية رغم شكاواه إلى جميع الجهات المعنية، دليل واضح على هذه الخيانة. روى مسلم عن حبيبنا محمد ﷺ أنّه قال: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرْفَعُ لَهُ بِقَدْرِ غَدْرِهِ، أَلاَ وَلاَ غَادِرَ أَعْظَمُ غَدْراً مِنْ أَمِيرِ عَامَّةٍ».
إنّ مثل هذه المظالم تُبطل ادّعاءات السلطة بأنّها ترعى الشعب، وتفقدها ثقة الناس. وكلّ سلطة إنّما تقوم بدعم الشعب، والدعم لا يكون إلا من خلال الثقة. فمن فقد ثقة فردٍ اليوم، سيفقد لا محالة ثقة الأكثرية غداً. والسلطة شأنها شأن زخارف الدنيا: موجودة اليوم، وغداً ستزول. قال الله تعالى: ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾.
فلذلك، يا أصحاب السلطة، نذكّركم بقول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الحكيم قره ني