الخميس، 26 ربيع الأول 1447هـ| 2025/09/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الهند وتهديدات ترامب

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الهند وتهديدات ترامب

 

 

الخبر:

 

ذكر مسؤول أمريكي ودبلوماسي من الاتحاد الأوروبي أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حث مسؤولي التكتل أمس الثلاثاء على فرض رسوم جمركية على الصين تصل إلى 100% في إطار استراتيجية للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لمناقشة تلك المحادثات الخاصة، إن ترامب شجع الاتحاد الأوروبي أيضا على فرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الهند. (العربية)

 

التعليق:

 

أولاً: أكدت صحف غربية أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أهان الهند وأغضبها ما دعاها إلى إعادة النظر في علاقتها ببلاده، والبحث عن مسارها الخاص وشركائها الذين قد تجدهم في الصين وروسيا. ورأت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن ترامب بدد ما استثمره أسلافه في بناء علاقات مع الهند، وقالت بلومبيرغ: إن الهند بدأت تعزز علاقاتها مع الصين وروسيا متحدية واشنطن. وقالت نيويورك تايمز: إن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين استثمروا على مدى ثلاثة عقود، رأس مال دبلوماسيا هائلا لبناء صداقة مع الهند، فوصف بيل كلينتون الديمقراطيتين بأنهما "حليفان طبيعيان"، ووصفهما جورج بوش الابن بأنهما "أخوان في قضية الحرية الإنسانية"، وقال باراك أوباما وجو بايدن: "إن العلاقة بينهما واحدة من أهم الاتفاقيات العالمية لهذا القرن".

 

ثانيا: الهند دولة على كبرها وتعداد سكانها كانت وما زالت دولة عميلة، فكانت بداية تحت العمالة البريطانية واستغلتها بريطانيا بشكل كبير في ترسيخ نفوذها في العالم فكانت تقاتل بالهنود، واستعمرت بريطانيا الهند أكثر من قرنين من الزمن وبقيت ضمن النفوذ والعمالة البريطانية حتى بعد مسمى الاستقلال الموهوم، وكانت أقدام بريطانيا أشد رسوخاً في الهند وأوجدت لها عملاء وحزباً عريقا في الهند وهو حزب المؤتمر الذي قاد الهند بعد مسمى الاستقلال وبقيت الهند درة التاج البريطاني.

 

وعندما ضعفت بريطانيا أخذت الولايات المتحدة تخرجها من مستعمراتها ومنها الهند، لكنها عجزت بداية بسبب قوة الارتباط مع الإنجليز وقوة عملاء بريطانيا، فعمدت إلى استغلال العقيدة البوذية وتشجيع الأحزاب الدينية للوصول إلى الحكم فدعم فاجبايي (رئيس وزراء الهند ثلاث مرات) حزب بهاراتيا جاناتا الذي أنعش العلاقات بين نيودلهي وواشنطن بشكل لم يسبق له مثيل، ولكن كل ذلك تغير عندما خسر حزب بهاراتيا جاناتا الانتخابات العامة عام 2004م وتولى حزب المؤتمر - الموالي لبريطانيا - السلطة، ففي عام 2010م، أصدر البرلمان الهندي قانون "المسئولية النووية"، الذي وضع قيوداً مفرطة على الموردين لمحطات الطاقة النووية؛ وذلك لردع الولايات المتحدة وشركاتها من دخول السوق الهندية، وأدى تنفيذ القانون إلى جعل إبرام الاتفاق النووي المدني مع أمريكا في 2005 مستحيلاً.

 

وبعد سقوط حكومة حزب المؤتمر ونجاح حزب مودي كان عليه بداية تحسين صورة أمريكا لدى الشعب الهندي، وكانت توقعات أمريكا متواضعة في أي تغيير آنذاك بحكم التركة الثقيلة التي ورثها مودي بعد حزب المؤتمر.

 

وكان دعم أمريكا لمودي خلال الانتخابات لافتاً للنظر "فقد كانت حملة تلميع مودي ليست فقط في الهند بل امتدت إلى تشكيلات واسعة من التنظيمات الهندوسية المتعاطفة والمقيمة خارج البلاد وبخاصة في أمريكا، فقد سعت للترويج له بوصفه قائداً لكل الهنود وراغباً في العمل إلى جانب العرقيات الصغيرة دون استثناء. ومن تلك المنظمات التي وقفت إلى جانبه، المؤسسة الهندية الأمريكية ولجنة العمل السياسية الهندية الأمريكية. ولم يفت هذه التنظيمات التنسيق والتعاون مع أذرع تابعة على نحو مباشر، أو غير مباشر مع بهاراتيا جاناتا مثل خلية الشؤون الخارجية وأصدقاء بهاراتيا جاناتا في الخارج، ناهيك عن آلاف الهنود المقيمين في أمريكا وغيرها. والحديث يطول كيف بذلت الإدارات الأمريكية جهودا جبارة لتنحية حزب المؤتمر العريق ومجيء عملاء أمريكا إلى الحكم بدعم منها.

 

قال السفير الأمريكي السابق في الهند روبرت بلاكويل، بينما كان يلقي خطاباً حول العلاقات بين أمريكا والهند في ظل عصر مودي في نيودلهي في كانون الثاني/يناير 2015م: "فيما يتعلق باستراتيجية الولايات المتحدة تجاه الهند خلال العامين المقبلين، في رأيي فإنه في أحسن الأحوال يجب أن تكون توقعاتنا متواضعة، خلافاً لما كانت عليه في بداية العقد الماضي، فلا رئيس الوزراء هذا أو هذا الرئيس سيتمكن من صنع تحول استراتيجي في العلاقات بين الولايات المتحدة والهند، لذلك فإنه في رأيي لن تكون هناك شراكة استراتيجية حقيقية بين البلدين في العامين المقبلين".

 

والمقصد من المذكور أعلاه هو كيف بذلت أمريكا أقصى الجهود لضمان وجود عملائها في الحكم بل أقدمت على إسقاط حكومة نواز شريف بانقلاب برويز مشرف عندما لم يستطع ضبط المقاتلين وأدى إلى خسارة حكومة فاجبايي الحكم ومجيء حزب المؤتمر، وفرضت على باكستان تقديم تنازلات مذلة للهند وتعاونت معها في كافة المجالات العسكرية والنووية والتكنولوجية والتجارية وأدخلتها في استراتيجيتها في احتواء الصين حيث كانت العقبة الكبرى أمام جعل الهند تواجه الصين هي وجود حزب المؤتمر في الحكم، هذه العقبة قد زالت، وأصبح من السهل على أمريكا إقناع حزب جاناتا الموالي لها بتركيز الجيش الهندي على حدود الصين بدلاً من الحدود مع باكستان، وأعطت الهند دوراً في أفغانستان لم تحلم به.

 

ثالثا: يأتي ترامب اليوم ليفرض على الهند زيادة الرسوم الجمركية على السلع القادمة من الهند إلى ما يصل إلى 50%. وهنا نقف قليلا، صحيح أن عملاء أمريكا في الهند أذلاء لن يرفضوا لها طلباً، وصحيح أن أمريكا لا تهتم بالآخرين ولا بمصالحهم، لكن ألا تخشى إدارة ترامب سقوط عملائها في الحكم وأثر هذا عليهم، وكذلك الخوف على استراتيجيتها في احتواء الصين؟!

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حسن حمدان

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع