- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
بيئة العمل في تونس والدول العربية بيئة طاردة للأدمغة
الخبر:
كشفت بيانات حكومية أن نصف المهندسين المسجلين في تونس غادروا البلاد ما يعكس تفاقم هجرة الكوادر، وبحسب أرقام ذكرها عميد المهندسين التونسيين كمال سحنون فإنّ 39 ألف مهندس من بين 90 ألفاً مسجلين في عمادة المهندسين غادروا بالفعل تونس.
ويبلغ العدد الإجمالي لخريجي الهندسة من الجامعات التونسية أكثر من 8 آلاف سنوياً، بينما يبلغ معدل المغادرين يومياً حوالي 20 مهندساً، وفق وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، وحذر عميد المهندسين من استمرار نزيف الهجرة وإهدار الإمكانيات البشرية والمادية للدولة، حيث تقدر تكاليف تكوين المهندسين سنوياً في تونس بنحو 215 مليون دولار.
والمهندسون هم من بين آلاف الكوادر الجامعية التي تغادر تونس سنوياً ومن بينهم العاملون بقطاعات الطب والهندسة الرقمية والباحثين؛ بسبب ضعف الأجور وتداعي البنية التحتية وظروف العمل أو البطالة القسرية.
ويقدر المرصد الوطني التونسي للهجرة عدد المغادرين سنوياً ضمن الهجرة المنظمة، بأكثر من 35 ألفاً، وتمثل دول الاتحاد الأوروبي ودول الخليج وكندا وجهات رئيسية للمغادرين.
التعليق:
إنّ استمرار هجرة المهندسين والأطباء حملة الشهادات العليا من الخريجين التونسيين بمعدلات مُتزايدة ليدل دلالة لا لبس فيها على أنّ بيئة العمل في تونس هي بيئة طاردة للكفايات والأدمغة، فأنْ يُغادر 35 ألف تونسي سنوياً البلاد من بينهم حوالي 800 مهندس ومثلهم من الأطباء وآلاف آخرين من المهنيين والعاملين المتميزين فهذا يعني وجود كارثة عامة مُدمّرة للقوى البشرية العاملة في تونس، ويعني بالتالي أنّ النظام يسير بالبلاد نحو الخراب، فتستنزف منها العقول والإمكانيات، وتتوقف عمليات النهضة العلمية والصناعية، وتضيع الأموال التي تُنفقها الدولة على التعليم هدراً، ولا تعود على الشعب بأي مردود، إذ تنفق الدولة سنوياً حوالي 215 مليون دولار على تعليم المهندسين وحدهم، وأكثر من ثلاثمائة مليون دولار على الأطباء، وملايين أخرى على التخصصات المتميزة، ولا تستفيد من هذه الملايين إلا النزر اليسير!
وسبب هذه الكوارث الوحيد يكمن في قرارات القيادة السياسية للبلاد التي لا يهمها إلا ثبات نظامها الاستبدادي في السلطة، فلا تعنيها الرعية ولا الرعاية، ولا التعليم ولا النهضة، فهي تتخلى بسهولة عن الشباب المُتميزين، وتتسبّب بهجرتهم، وبدل أن تستفيد تونس منهم تستفيد منهم الدول الأجنبية، بينما الدولة التي لا تُقدّر قيمتهم، ولا تنتفع بمجهوداتهم تخرج من ذلك كله فارغة اليدين.
ومثل تونس سائر الدول العربية التي يهجرها شبابها المتعلمون، والذين غالباً ما ينتهي بهم المطاف إلى الاستقرار في الدول الكافرة المستعمرة التي تستقطبهم، وتستغل قدراتهم، فتتقوّى بهم تلك الدول المحاربة للإسلام، وتزداد قوة على قوة، بينما دولنا العربية وللأسف الشديد تزداد ضعفا على ضعف!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد الخطواني