- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
ترامب يتجاهل أوروبا في قضية تخصها أكثر من أمريكا
الخبر:
اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء أنّ روسيا "في موقع قوة" في المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية "أعتقد أنّ الروس يريدون للحرب أن تنتهي، لكنّني أعتقد أنهم في موقع قوة إلى حدّ ما لأنّهم سيطروا على الكثير من الأراضي، لذا فإنّهم في موقع قوة". (أ ف ب)
التعليق:
تتسارع الأحداث وتحريك القضايا الساخنة في العالم بشكل لافت للنظر بعد تسلم دونالد ترامب منصب الرئاسة في أمريكا، ومن بين الملفات العالقة ملف الحرب الروسية الأوكرانية التي أوشكت على دخول عامها الثالث.
يأتي تصريح ترامب عن روسيا وموقفها القوي في المفاوضات بعد عقد قمة حوار وتفاوض في الرياض بين وزيري خارجية أمريكا وروسيا ووفدين رفيعي المستوى، وقد شكلوا لجنة لاستكمال ومناقشة القضايا بين البلدين، ويأتي هذا التصريح وسط صخب وضوضاء وصراخ التصريحات الإعلامية من قادة دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ورئيس أوكرانيا وكأن صراخهم على قدر ما ألمّ بهم من ألم التهميش وقلة الاعتبار وحتى الاحترام من رئيس حليفتهم الاستراتيجية أمريكا بعد أن أدار لهم ظهره.
إن التخبط والعصبية وحالة عدم الاتزان في بعض هذه التصريحات جاء بسبب استثناء وتجاهل ترامب لأوروبا في قضية تعتبر قضية مصيرية لأمن أوروبا ما يعبر عن مدى البغضاء والشحناء بين الإدارة الأمريكية الجديدة وأوروبا.
على ما يبدو أن أمريكا تتفاوض مع روسيا ابتداء من الرياض في قضايا كثيرة تخص البلدين، وليس ملف أوكرانيا فقط بل ملفات كثيرة أهمها ملف الطاقة وكيفية استحواذ أمريكا عليه، وملف أفريقيا وكنس الاستعمار الأوروبي من القارة بأيدي روسيا بعد موافقة السودان لروسيا بإنشاء قاعدة عسكرية على أراضيها بأمر من أمريكا، وكذلك ملف الصين والعقوبات، وأخيرا الملف الأوكراني.
إن ما يمكن أن نتوقعه إذا تعاطت روسيا مع أمريكا هو أن تتم مكافأة بوتين بابتلاع قطعة أكبر من أوكرانيا. وفي الوقت نفسه يداوم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إغراء الرئيس الأمريكي ترامب بأنه مستعد أن يعطيه نصف تريليون من معادن أوكرانيا بشرط الضمانات الأمنية ما يعني طرد روسيا من الأراضي التي احتلتها لأن المعادن معظمها موجودة هناك، لكن على ما يبدو أن ترامب يريد نصف ثروة أوكرانيا ككل.
أما ردة فعل أوروبا فهي ترفض بشدة عدم إشراكها في هذه المفاوضات التي تعنيها أكثر من أوكرانيا نفسها وذلك لتوقع الخطر الداهم عليها من روسيا في موعد أقصاه سبع سنوات كما قال المستشار الألماني، وكذلك اقترحت بريطانيا إرسال قوات حفظ السلام إلى أوكرانيا ما أظهر مدى الانقسام بين دول الاتحاد الأوروبي ما بين مؤيد يدق طبول الحرب وكأنه فاقد للعقل أو معارض يرى في ذلك استفزازاً لروسيا قد يؤدي لحرب شاملة معها دون دعم أمريكي لأن ترامب حسم أمره وقال لن نبعث جنودا لأوكرانيا، بمعنى فليتحمل الأوروبيون تبعات ذلك لوحدهم.
لم يعد خافيا مدى الضعف والهوان الذي أصاب أوروبا العجوز الشمطاء والضعف الروسي كذلك - بعيدا عن تزكيات الأخرق ترامب الذي أراد إضافة أوروبا وأوكرانيا - وهذا سبب التجبر والتسلط الأمريكي على دول العالم، إضافة إلى أن من أجندة أمريكا الأولى منذ جورج واشنطن الاحتفاظ بأوروبا ضعيفة ممزقة وتحت الحماية والوصاية.
وفي الختام نقول إن القضية الأوروبية تعتبر من أخطر القضايا على السلم والأمن العالمي بسبب تداخلها في دول العالم والاستعمار للعديد من دول العالم وتبعيتها لها وكذلك لتداخل وتشابك علاقتها فيما بينها وبين أمريكا.
وسيبقى العالم على هذه الحال يتقلب على الجمر والنار حتى يأذن الله تعالى بقيام دولة الإسلام والمسلمين الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. نسأل الله أن يكون ذلك قريبا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد الطميزي