- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
نَفائِسُ الثَّمَراتِ
لم يتميز الآدميُّ بالعقل إلا لِيَعْمَل بمُقتضاه
اعلم وَفَّقَكَ اللهُ لِلصَّواب أنه لم يتميز الآدميُّ بالعقل إلا لِيَعْمَل بمُقتضاه، فاسْتَحْضر عَقْلَكَ، وأَعْمِلْ فِكْرَكَ، واخْل بِنَفْسِكَ تَعْلَم بالدليلَ أنكَ مَخْلُوق مُكَلَّف، وأنَّ عليكَ فرائض أنتَ مُطَالبٌ بها.
وأن الملكَين يُحْصِيَان أَلفاظَكَ وَنَظَرَاتِكَ، وَأنَّ أنفاسَ الحي خُطَاه إلى أَجَلِهِ، وَمِقْدارُ اللُّبثِ في الدنيا قَلِيل، والحبسُ في القُبور طَوِيل، والعذابُ على مُوافَقَة الهَوى وبيل.
فأينَ لَذّةُ أَمْس؟! رَحَلَتْ وأَبْقَتْ نَدَماً، وأينَ شَهْوةُ النفسِ؟ كم نَكَّسَتْ رَأْساً، وَزَلَّتْ قَدَماً، وما سَعِدَ مَن سَعِدَ إلا بِخِلاف هَواهُ، ولا شَقِيَ مَن شَقِيَ إلا بإيثار دُنياه.
فاعتبرْ بِمَنْ مَضَى مَن المُلُوكِ والزُهَّادِ، أَيْنَ لَذَّةُ هَؤلاءِ وأَيْنَ تَعَبُ أولئك؟ بَقِيَ الثوابُ الجزيلُ، والذِكرُ الجميلُ لِلصَّالِحينَ، والمقالةُ القَبِيحَةُ والعقابُ الوبيلُ لِلعاصِين.
وكَأَنَّه ما جَاعَ مَن جَاعَ وَلا شَبعَ مَن شَبعَ، واعْلَمْ أنَّ الكَسَلَ عن الفضائِل بِئسَ الرَّفِيقِ، وحب الراحة يورث من الندم ما يربو على كل لذة، فانتبه واتعب لنفسك.
واعلم أَنَّ طَلَبَ الفَضائِل نِهَايَةُ مُرَادِ المُجْتَهِدين، ثم الفضائلُ تَتَفاوتُ، فَمِن الناسِ مَن يَرى الفضائلَ الزُهْدَ في الدنيا، ومنهم مَن يراهَا التَّشَاغُلَ بالتعبدِ، وعلى الحقيقةِ فَليستَ الفضائلُ الكاملةُ إلا الجمع بينَ العلم والعمل.
موارد الظمآن لدروس الزمان (الجزء الأول)
عبد الْعَزِيز بن محمد السلمان
وَصَلِّ اللَّهُمَّ عَلَىْ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَىْ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ