الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

التغيير الحقيقي يكون بتطبيق شرع الله ورفض تدخل الكافر المستعمر وليس بإقحامه!


ما إن عاد جمال بن عمر من زيارته الأخيرة لليمن إلى واشنطن يوم 3 تشرين أول/أكتوبر الجاري حتى اشرأبت أعناق أهل اليمن في انتظار قرار مجلس الأمن الذي سيصدر بحق النظام الحاكم في اليمن! ومع تعثّره ذهب ما يسمى المجلس الوطني لزيارة كلٍّ من موسكو وبكين ابتداءً من الثامن عشر من تشرين أول/أكتوبر لجعلهما يسندان بريطانيا صاحبة مسوّدة هذا القرار والوقوف بجانبها في وجه الأمريكان، وهذا ليس جديداً عليها.


إن انتظار الساحات ومعها جانب كبير من أهل اليمن لقرار مجلس الأمن بحق النظام الحاكم في اليمن ليدل على مدى اعتمادها على الخارج والركون إليه لإنجاز ثورتها في الوقت الذي يجب أن تحذر فيه من ذلك التدخل وأن يكون فعلها ذاتياً.


هل نسي أهل اليمن بأن قرار تقسيم فلسطين وإعطائها لليهود كان قراراً أممياً صادراً عن الأمم المتحدة؟! فكيف لها أن تكون مؤتمنة عندنا في اليمن؟! إن وصولها السريع إلى اليمن في شهر مايو الماضي كان لمواجهة الثورة في اليمن وحرفها عن مسارها، وإن كان الموفد إلينا يتكلم بلغتنا فهو مبعوث شخصي لـ بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة.


قبل التغيير يجب أن نطرح سؤالاً: ماذا نريد؟ هل نريد إبقاء النظام الذي هو أس البلاء وتغيير الأشخاص أو الالتحام مع شعوب البلاد الإسلامية جميعها التي نتشارك معها الرغبة الحقيقية في التغيير لإعادة الإسلام إلى الحكم مجدداً وتغيير الأنظمة القائمة كلها لإيجاد نظام آخر مكانها؟ فمصر وتونس وليبيا لم تنجز ثوراتها بعد لأنها لا تزال في قبضة الدول الغربية.


إن التغيير الذي تنشدونه ليس بالدولة المدنية التي يسوقها الغرب الكافر سوقاً ويغريكم بأخذها وانخدع بها بعض الناس وصاروا يدعون إليها؛ فإنها ليست هي الحل ولا المخرج للتغيير، فقد عشتم في الدولة المدنية صاحبة فصل الدين عن الحياة ما يقرب من نصف قرن، فماذا وجدتم فيها؟ خرجتم تعملون للتغيير!


إن التغيير لا يجب أن يكون في الحفاظ على أفكار الكفر وأحكامه وإبقائها في حياتكم، بل يجب أن يكون في إقصائها لأنها هي السبب في كل مصائبنا حين اخترناها بديلاً عن شرع الله لهثاً وراء "التقدم والتحضر"!. والتغيير الذي ننشده يجب أن يكون بعيداً كل البعد عمّا ينصحنا به الغرب. لماذا نتبع الغرب ونغير كما غيّر من سيطرة الكنيسة عليه إلى فصل الدين عن الحياة؟، فقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتباعه، فقد ثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم). قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال (فمن).


إن الأحداث الجارية في البلاد الإسلامية من أدناها إلى أقصاها، حتى في تلك البلاد التي لم تظهر على شاشات التلفاز، جعلت الناس يؤمِّلون خيراً. لكن الغرب يسارع في جني ثمارها حتى إنه سماها بالربيع العربي حتى يفصل عربيَّها عن إسلاميِّها، ثم "تكرّم" بتسهيل القروض لها وتحديد مسارها!


إن الإنجليز صانعي صالح ومعه الوسط السياسي في اليمن يتصارعون مع الأمريكان الذين يريدون القضاء على هذا الوسط وإبداله بوسطهم السياسي. موقف الإنجليز من النظام الحاكم في اليمن جاء على لسان وزير خارجيتهم وليم هيج بالقول "السعودية وبريطانيا لن تتخليا عن اليمن" في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في جده في شهر تموز/يوليو الماضي، مروراً بتصريح سفيرهم لدى اليمن جوناثان ويلكس الذي قال "...وأما العقوبات على أشخاص في النظام فكذلك ليس هناك نقاش حول هذا الموضوع الآن، لأن هناك عملية حوار جارية، ونحن نود أن يستمر هذا الحوار، وهذا الوضع بالطبع يختلف مقارنة بالوضع السوري..."..، وانتهاءً بالإمساك بمسوّدة قرار مجلس الأمن الذي تُعدّه هي حول اليمن. أما موقف الأمريكان من نظام صالح فهو عكس موقف الانجليز تماماً بدءاً بقول وزيرة خارجيتها كلينتون فور مغادرة صالح للعلاج في السعودية "إن انتقال السلطة الفوري من مصلحة الشعب اليمني" و"لدينا عمل قريب جداً مع شركائنا في الخليج، لنقل السلطة سلمياً في اليمن" مروراً بتوصية معهد واشنطن للشرق الأدنى يوصي أمريكا بتعيين مبعوث خاص في اليمن لتنسيق المواقف مع السياسيين والقبائل"، أما مهمته فهي "لمساعدة السفير فايرستاين على التواصل بصورة مؤثرة ومستمرة مع الشركاء الإقليميين وممثلي القبائل"، وانتهاءً بتصريح وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون يوم الخميس 13 تشرين أول/أكتوبر الجاري الذي قالت فيها "إن الولايات المتحدة ستستمر في ضغطها من أجل رحيل الرئيس علي عبد الله صالح...".


إن السياسيين في اليمن يجب أن يرعَوْا الناس "يسوسوهم" بحسب ما لدى الناس من عقيدة ومقاييس وقناعات، لا أن يفرضوا على الأمة خلاف ذلك، ألا يكفي ما أضاعوها به خلال نصف قرن من الزمان؟ وحري بهم أن يتنحوا جانباً ويتركوا الناس يقررون بأنفسهم ماذا يريدون.


أيها الساسة في اليمن: ألا فاشحذوا عقولكم، واجعلوا الإسلام قِبلتكم بدلاً من أمريكا، واتخذوا من نظامه السياسي مخرجاً لمشكلة اليمن كما هي لبقية البلاد الإسلامية، وارفعوا راية الخلافة بدلاً من كل راية، وأفلحوا بخيريْ الدنيا والآخرة.


يا أهل اليمن: التغيير الحقيقي هو أن يقوم أهل اليمن بجعل الإسلام الذي أُبعد عن الحياة والحكم يعود لشئون الحكم والحياة مجدداً من خلال دولة الخلافة التي يخشاها الكافر المستعمر ويعمل لها ألف حساب ويُعرض عنها المسلمون. إن التغيير يجب أن يكون على هديٍ من الإسلام ولتطبيقه على أرض الواقع طاعةً لله وتحقيقاً للراحة والسعادة في الدارين.


يا أهل اليمن: أنتم لا تريدون أمريكا، ولا بريطانيا، ولا كل الكفار المستعمرين، فأنتم أبناء أهل الأيمان والحكمة. إن الساسة يجب أن يرعوا شئونكم وفق قناعاتكم أنتم لا قناعاتهم هم، فلا تخضعوا لهم إذا مشوا مع الأمريكان في سياستهم، واعلموا أن لا مخرج لمشاكل اليمن وكل مشاكل الأمة الإسلامية إلا بإقامة الخلافة الإسلامية الثانية على منهاج النبوة؛ فقد قال الله في محكم كتابه واعداً بها ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾، وثبت في مسند الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبريةً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافةً على منهاج النبوة ثم سكت» مبشراً بها، فكونوا عاملين لها سابقين بشرف إقامتها كلَّ المسلمين، فقد ذكّرناكم وأشهدنا الله على ذلك وهو خير الشاهدين .
اللهم قد بلغنا اللهم فاشهد.


﴿ هَـذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ﴾

التاريخ الهجري :24 من ذي القعدة 1432هـ
التاريخ الميلادي : السبت, 22 تشرين الأول/أكتوبر 2011م

حزب التحرير
ولاية اليمن

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع