بسم الله الرحمن الرحيم
بعد مرور مائة عام هجرية على إلغاء الخلافة العثمانية في إسطنبول
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
• يمثل الصراعُ بين الحق والباطل قصةَ حياة البشر، منذ أن خلق الله آدمَ وأسكنه جنته، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وقد حمل لواءَ الحقّ عبر التاريخ الأنبياءُ والناهجون نهجَهم، ساعين إلى إقامة الشرائع الإلهية، وتعبيد الناس لله. ومثّل دورَ الباطل أتباعُ الشيطان والشهوات، يريدون أن يَضِلَّ الناسُ السبيلَ، وأن يميلوا ميلاً عظيماً.
• وقد كان الصراع بين أصحاب الحق وأصحاب الباطل على مرّ العصور صراع وجود، لا ركونَ فيه ولا هوادة، إلا استراحةً قصيرةً لمُحاربٍ، يستعيد فيها قوته، ليعود محاولاً حسم المعركة، بكل ما يمتلك من أسلحة، وما يستطيع استخدامه من أدوات.
• وبجانب الحرب العسكرية المعلنة كانت هناك على الدوام حرب خفية، تستهدف التأثير في عقول الشعوب المعادية، لتغيير قناعاتها، وتوجيه سلوكها بالشكل الذي يتماشى مع مصالح أعدائها... قديماً قالت العرب:
ولا تحسبنّ الحرب سهماً ومِغفراً *** ولكنْ سلاحُ الصائلين عُقولُ
• إنها الحرب النفسية، السلاح الأخطر الذي يفوق بتأثيره جميع أنواع الأسلحة، لأنه يهاجم تفكير الخصم، فيدمّر عزيمته، ويحطّم إرادته، ويوصله إلى اليأس الناتج عن الشعور الكاذب بالعجز، فيدفعه دفعاً إلى إلقاء السلاح، وإعلان الاستسلام للذبح.
• وهذا تماماً ما تحاول ربّة النظام أمريكا فعله اليوم في معركتها التاريخية والمصيرية مع أهلنا في الشام، الذين ثاروا عليها وعلى عميلها في آخر جولة من جولات الصراع بين الحق والباطل، يعلنون فيها نهاية حقبة النظام الذي ورّثه المستعمرون حكمَ البلاد، ثم وَرِث الحكمَ فيه الابنُ من بعد أبيه كما تورث الممتلكات الشخصية؛ فلقد لجأت أمريكا عبر عقد من الزمان إلى طَرْق كل حيلة واستخدام كل وسيلة من شأنها أن تُفقد الثائرين ثقتهم بأنفسهم، وتشعرهم بالعجز عن القدرة على إكمال الطريق، لتوقعهم في شَرَك اليأس من إمكانية الوصول إلى الهدف، وتصرف أذهانهم عن محاولة متابعة المسير.
• فعندما أيقنت أمريكا أن الثورة أصبحت تجري من أهل الشام مجرى الدم، وأن لا سبيل إلى إقناعهم بالرجوع، خصوصاً وقد نزلوا إلى الساحات يعلنون أنه آن الأوان لأن تتخلص الأمة من طغيان النظام الدولي الرأسمالي، وتعود إلى ممارسة دورها الحتمي في قيادة البشرية نحو الخير في دولة الخلافة القادمة... عندها استنفرت أمريكا قواها، واستخدمت أدواتها، وجمّعت دولاً عديدةً خلفها في حلفٍ واحدٍ قَسمتهم فيه إلى فريقين، يقومان بدورين متناغمين، مختلفين ظاهراً ومتفقين في الحقيقة والهدف؛ فريقٍ يقصف ويقتل ويدمّر، وآخر يخاتل ويخادع ويدّعي الصداقة. ومع عقد العديد من المؤتمرات المتتابعة في العواصم المختلفة استطاعوا جميعاً حرف مسار هذه الثورة، عبر إحكام سيطرتهم على قرارات قادة فصائلها، بعد شراء ذممهم بالمال السياسي، فحوّلوا دفّتها لتصل إلى ما وصلت إليه. وكلّ ذلك كان ترويضاً نفسياً لأهل الثورة، وإشعاراً لهم بعجزهم عن الوصول بها إلى غايتها، ودفعاً لهم إلى إعلان موتها، ثم دفنها والندم على كل فعل قاموا به خلالها.
• لقد تمخضت الأعمال التي قامت بها الدول التابعة لأمريكا والدول المستأجرة للعمل لصالحها في الشام، أعمالُ القتل والتدمير وأعمالُ المكر والخداع، تمخضت عن تقطيع أوصال الثورة، وشرذمة أهلها، وتوزيعهم على أربع مناطق، مختلفةٍ بعضُها عن بعض في الشكل، لكنها متشابهة إلى حدّ التطابق في المضمون والتبعية السياسية. إنها منطقة السيطرة الهشة للنظام المتهالك بقيادة قائد الفصيل الأكبر والعميل الأمريكي بشار أسد في الوسط والجنوب بمشاركةٍ مع الروس والإيرانيين، ومنطقة سيطرة فصيل قوات سوريا الديمقراطية المدعوم صراحةً من أمريكا بقواعدها العسكرية في الشمال الشرقي، ومناطق الدرع والغصن والنبع في الشمال الخاضعةُ للسيطرة المباشرة للنظام التركي الضالع في تنفيذ المخطط الأمريكي، ومنطقة الشمال الغربي تحت الهيمنة التركية أيضاً لكن عبر فصيل هيئة تحرير الشام.
• فأمّا الاختلافات الشكلية بين هذه المناطق الأربع فلا تخطئها عين، من حيث ادّعاء نظام أسد مقاومة الاحتلال الصهيوني وممانعته وأنه يخوض لأجل ذلك حرباً كونية تشنها عليه دول الغرب، وتمثيل قادة التنظيمات الكردية دور الساعي إلى تحقيق حلم الأكراد في العصر الحالي ببناء دولتهم القومية، وطَمْس الأتراك معالم الثورة في مناطق سيطرتهم وكبت نَفَسِها الثوري بذريعة حماية حدودهم الجنوبية من خطر الإرهاب الكردي، وأخيراً اصطباغ قادة الهيئة بالصبغة الإسلامية ذات اللون السلفي الجهادي.
• وأمّا التطابق بين هذه المناطق، أو الكيانات المصطَنعة اصطناعاً، فيظهر في سير القائمين عليهاً جميعاً في فلك المنظومة الدولية، وخضوعهم تماماً إلى إرادة الدولة العظمى أمريكا، بغض النظر عن إعلان ذلك صراحة كما يفعل قادة الأكراد الذين لُدغوا من الجحر الأمريكي مرّات عدة ثم لا يعتبرون، وإعلان نقيضه من قبل النظام الذي حوّل البلدَ إلى مرتع لجنود الدول ومرتزقتها وجعل سماءَه معرضاً لطائرات القتل والتدمير، واختباء الأتراك خلف عنوان الأمن القومي محوّلين كثيراً من أبنائنا المجاهدين إلى مرتزقة وقتلة مأجورين داخل البلد وخارجه، وادّعاء تحكيم الشريعة من قبل قادة الهيئة الذين ما برحوا يبعثون برسائل الطَمأنة إلى أمريكا كل حين، توسّلاً لإبقائهم حكّاماً في كيانهم السنّي المزعوم.
• وأما ما يتعرض له أهل الثورة جميعاً من حصارٍ وتضييقٍ على كافة الصعد، في ظل إجرام أمنيي الفصائل، ونهب صنّاع المعابر، وامتهان كرامة الإنسان، وتكميم أفواه الأحرار، وشرعنة الشرعيين لجرائم القادة، وإشغال الناس بالسعي لتأمين السكن، والبحث عن لقمة العيش، بانتظار سلة الإغاثة في البلد الذي تحوّل إلى مخيّمٍ كبيرٍ لا يقي ساكنيه حرّ صيفٍ ولا برد شتاء... فكل ذلك - وهو عنوان الحياة في المناطق الأربع - قد دفعت إليه أمريكا دفعاً، تهيئةً نفسيةً لأهل الثورة، وتجهيزاً لهم لقبول الطرح القاتل القادم المسمّى بـ"الحل السياسي"، القاضي بنعي الثورة من قبل أهلها، ثم عودتهم صاغرين إلى قبضة النظام من جديد، لتبدأ دورة الانتقام الفظيع، بإذلال الرجال وانتهاك الأعراض، تأديباً لهم على تمردهم على العميل أسد، وإشغالهم وإرباكهم لأمريكا طوال سنوات الثورة العشر.
• ولكي تنطلي الخدعة، وتكمل المؤامرة، فقد جمّلت أمريكا هذا الفخّ القاتل برتوش محاولة تزيينه في نواظر الناس ليقعوا فيه، فأسمته بدايةً "الحلّ السياسي"، كي يتبادر إلى الأذهان أنه سيكون حلّاً فعلاً لجميع المشاكل الأمنية والمعيشية والخدمية التي يعاني منها أهل الثورة، مضلّلةً إياهم عن حقيقته المرعبة، وأنه لن يزيد تلك المشاكل إلا رسوخاً، وسيسلب منا ما حصّلناه من عزةٍ وكرامة.
• ثم شكّلت أمريكا "اللجنة الدستورية" من النظام والمعارضة العلمانية، والتي مهمتها التوقيع على الدستور العلماني الجديد الذي ستفرضه أمريكا فرضاً، مكرّساً لهيمنتها، ومحققاً لمصالحها، ومبقياً على نفوذها قائماً في بلادنا المباركة... إنه دستور النظام التابع الذليل الذي لن تكون فيه السيادة للشرع، ولا السلطان للأمة، ولن يكرّس سوى الخضوع والانهزام السياسي والحضاري أمام دول الغرب.
• أما "هيئة الحكم الانتقالية" التي تعِدُنا بها الأمم المتحدة فلن تكون سوى واجهةٍ جديدةٍ للنظام نفسه، ولن تضم سوى العملاء من النظام وعلمانيي الائتلاف، الذين ركّبتهم أمريكا رأساً مصطنعة لجسد الثورة، ريثما تقام الانتخابات "النزيهة" التي ستجري برعاية أممية، ولن يتقدم إلى منصب الرئاسة فيها إلا من ترضى عنه أمريكا، هذا إذا لم تقرر أمريكا بقاء المجرم بشار أسد في الرئاسة ما دام على قيد الحياة، هدية له على مبلغ إجرامه، وتأديباً لمن يفكر بالثورة على عملائها من الشعوب.
• فحلّ سياسي، ودستور جديد، وهيئة حكم انتقالية، وانتخابات "نزيهة" هزلية، هي مساحيق التجميل للنظام المجرم الذي لن يتغير، بل سيبقى بمؤسستيه الأمنية والعسكرية وعلى رأسهما أزلام أمريكا، عنواناً على كيفية خداع الشعوب عندما توسّد أمرها إلى غير أهله!
• أمّا الآن، وقد وَضَحَت المؤامرة التي حاكت خيوطَها أمريكا، ونفذتها الدول التابعة لها والمستأجَرة من قبلها، واستسلم لها وسار في طريقها قادة الفصائل، يريدون جميعاً الإطباق على أهل الثورة، بقتل روحها في نفوسهم، ودفعهم إلى إعلان اليأس منها والعجز عن إكمالها وإطلاق رصاصة الرحمة عليها بالقبول بالحل السياسي الأمريكي والعودة إلى قبضة النظام المجرم... نقول: أمّا وقد وَضَحَت المؤامرة، وبان هدفها المرحلي، وانكشفت غايتها النهائية، فقد سهُل علينا التصدي لها، بعد التزود بما يلزم فكرياً وعقدياً للتحصّن من تأثيرها، وتحويل الهزيمة المخوفة إلى نصر مؤزر، يكون هو الفرج المأمول بعد الضيق، واليسر الموعود بعد العسر، وقد قال لنا ربّنا جلّ في علاه: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾.
• وأول ما يجب التزود به فكرياً وعقدياً للتحصن من تأثير هذه الهجمة الأمريكية الشرسة هو ذكر أننا نعتنق دين الله الحق الذي تكفل ربّ العزة جلّ جلاله بنصره وإظهاره على جميع ما عداه من العقائد والأديان، وما علينا إلا أن نكون جنوداً مخلصين في جيش الحق، وحراساً أمناء لهذه العقيدة، كي ننعم بالنصر المبين عندما يشاء الحق تبارك وتعالى أن يعليَ راية نبيه، وينصر حملة مشروعه العظيم. ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.
• على أن حكمة الله جل وعلا وسنته في خلقه اقتضت أن النصر لا يوهب لطالبه على طبق من نعيم، بل دونه التعرضُ للمشاقّ، ومقاساةُ الصعوبات، وبذلُ التضحيات من المهج والأرواح، ثمّ التشبث بالمبدأ والثبات على الطريق... وما سِيَر الأنبياء وأصحابهم وما تعرضوا له من ابتلاءات على أيدي أعدائهم ليثنوهم عن طريقهم إلا شواهد على هذه السنّة الماضية، ومنارات تنير السبيل لمن أراد سلوك هذا السبيل. ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾.
• ونحن في نهضتنا لسنا بدعاً من الناس، بل من الطبيعي جداً أن نمرّ فيما نمرّ فيه من محن وشدائد، وأن نقاسي ما نقاسيه من ابتلاءات ومصاعب، لأننا اخترنا سلوك طريق التغيير، تغيير وجه الأرض التي تحكمها الرأسمالية المتوحشة، نريد إقامة دولة الخلافة التي ستقلب موازين القوى في العالم، وتعيد رسم الخرائط السياسية، وتصوغ طريقة عيش من يحمل تابعيتها من الأمم والشعوب وفق أحكام ومفاهيم الإسلام، وثقافة وحضارة الإسلام. وعلى سالك هذا الطريق، ومن يريد الوصول إلى منتهاه، دفع الضريبة اللازمة حتى يصل إلى منت
وإذا كانت النفوس كباراً *** تعبت في مرادها الأجسامُ
• وما الواجب علينا في هذه المرحلة الفاصلة سوى الصبر والمصابرة على ما نتعرض له من ابتلاءات ومحن، والمرابطةِ على حراسة الهدف الذي خرجنا لأجله، وهو التخلص من ظلم وإرهاب شرائع البشر، والانتقال إلى عدل وأمان شريعة الرحمن، وعدمِ السماح لدواعي اليأس أن تفعل فعلها في نفوسنا، فنظنّ ولو لوهلة أننا عاجزون عن المتابعة. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. إن شعباً عظيماً عجزت أعتى الدول مجتمعة خلال عقد من الزمان عن إفشال ثورته، وإطفاء جذوتها المتقدة في نفسه، لخليق أن يكمل مسيرته حتى يصل إلى مبتغاه.
• ونحن شعب مؤمن بالله، فهل هنالك مع الإيمان يأس؟! نعم، نيأس من قادة الفصائل وشرعييهم والدول الداعمة لهم، وكان حقاً علينا أن نيأس منهم. ولكننا لا نيأس من الله القوي العزيز الذي وعدنا أن ينصرنا إن نحن نصرناه بتنفيذ ما أمر به واجتناب ما نهى عنه. والتضحيات مهما عظمت فهل يُلتفت إليها مع عظمة الأهداف والغايات؟! ألسنا أحفاد خالد وصلاح الدين وقطز؟! فلم لا نعيد أمجاد اليرموك وحطين وعين جالوت؟! نحن أبناء أمة قادرة بإذن الله على فعل ما تريد عندما تقرّر فعل ما تريد. ولن نقنط واللهُ ربنا، ولن نستسلم في معركة يواجهنا فيها كفرة فجرة. يبقى فقط أن نقرر المضي في نهضتنا بعد الاتكال على خالقنا، وتحطيم الحواجز النفسية التي وضعتها أمريكا في طريقنا.
• إن أول خطوة عملية يجب علينا القيام بها لإحداث النقلة المرجوة في هذه الثورة، وإعادتها إلى وجهتها الصحيحة، هي استعادةُ قرار الثورة المغتصب من قبل قادة الفصائل والدول الداعمة لهم، عبر رفع الصوت عالياً في وجه آلة القمع والإجرام الفصائلية، والقيامُ بالأعمال السياسية المنظمة الكفيلة باستعادة هذا القرار، وتحركُ وجوهِ المجتمع وممثلي الناس في المدن والقرى المختلفة، ولقاؤهم مع بعضهم، وتشاورهم في أمر الثورة، وتقرير ما يجب أن يكون، وخطابهم لعموم أبناء الأمة، وخاصة أبناءنا المجاهدين في مختلف الفصائل، ودعوتهم لأن يقوموا بالتغيير على قادتهم.
• وحينها فإن ما يضمن حسن السير الجديد، ويكفل الاتجاه المباشر نحو تحقيق الهدف، هو الاستفادة الكاملة من دروس الثورة وعِبَرها، وتجاوزُ أخطائها وعثراتها، واستكمالُ نواقصها وسدّ ثغراتها، وبخاصة تجريم قبول المال السياسي من الدول، وتجريم إجراء المفاوضات وعقد الاتفاقات مع النظام وداعميه، والحذر كل الحذر من الانجرار مرة أخرى إلى دهاليز الفنادق وأروقة المؤتمرات، ووضع نصبَ أعيننا أن إيماننا هو عدتنا وعتادنا، وألّا مناص لنا من الاستمساك بحبل الله لا بحبائل الغرب، وضرورة اتخاذ قيادة سياسية تنبثق من رحم الأمة وتحمل مشروعها السياسي والحضاري مشروع دولة الخلافة القادمة.
• إن مما أضرّ بالثورة أكبر الضرر هو الجهود الضخمة التي بذلها الغرب للعبث بعقول أبناء الأمة، وإقناعهم بألّا أهمية للأعمال السياسية في عملية التغيير، وألّا ضرورة لأن يقودهم حزب سياسي مبدئي لإسقاط النظام، بل يكفي أن يوجد رجلٌ يؤلف جماعة مسلحة، تهاجم العسكر وتحرر الأرض، حتى تكون جديرة بأخذ قيادة الناس نحو التغيير المنشود، حتى ولو لم تكن هذه الجماعة وقادتها على وعي كاف بالسياسة وألاعيبها، ولو لم يكونوا على المستوى المطلوب للحكم والقيادة، ولا حاملين لأي مشروع سياسي! وهذا الخلل الكبير هو الذي أدخل الثورة في متاهتها، وأوقعها في مطباتها، وجعل أعداءها يقودونها عبر أدواتهم من قادة الفصائل المرتبطة.
• إن الشعوب حين القيام بالتغيير لا بدّ لها من أن تتخذ قيادة سياسية واعية ومخلصة، تحمل مشروعاً سياسياً واضحاً ومنبثقاً من عقيدة الأمة، تنير لها السبيل، وتبصّرها بالعوائق والمزالق، وتأخذ بيدها نحو النصر والتمكين، وإلا فسيكون نَفَسُها قصيراً، وتحرّكها ارتجالياً، وسيتسرب اليأس إلى نفوس أبنائها، وسيغدو عملها مهدداً بالانقطاع.
• ولا تخدعنّا أبداً مظاهر القوة التي يبديها من أقامتهم أمريكا على هذه المناطق الأربع، ولا نَدَعْها تقف عائقاً أمام الحركة الواجبة، فما هم إلا غثاء سيزول أمام أية حركة سياسية منظمة. إنهم في الحقيقة أضعف من الضعف، قد سقطت مشاريعهم، وتهافتت طروحاتهم، ولا يُحكم سيطرتهم على مناطقهم التي ليس لهم فيها أدنى حاضنة سوى ظن الناس أنهم أقوى منهم، وخشيتهم من انتقام أجهزة أمنهم.
• وفي الختام فلا بدّ للحق من رجال سيحملونه، ولا بدّ للراية من أبطال سيرفعونها، فلنكن نحن هؤلاء، ولنفز بهذا الشرف العظيم. وكما حطمنا قوة الصليبيين يوماً في حطين، ودمرنا ما كان يصنع التتار في عين جالوت، فحريّ بنا - نحن أهل الهمم العظيمة في الشام - أن نعيد سيرة المهاجرين والأنصار، فنكمل المسيرة، ونقيم الخلافة، ونحرر الأقصى، ونفتح روما، وندمر قرن الرأسمالية، وننسي الكفار وساوس الشيطان.
• وإننا في حزب التحرير نمدّ يدنا إلى أبناء أمتنا الثائرين في الشام، وندعوهم إلى العمل معنا لاستعادة قرار الثورة المغتصب، وإعادة توجيهها وجهتها الصحيحة، والسير بها مباشرة نحو إسقاط النظام وإقامة الخلافة، فنرضي ربنا ونحفظ حقوقنا، ونعيد عزتنا ونحقق مصلحتنا في الدنيا والآخرة. ﴿وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ﴾.
#أقيموا_الخلافة
#ReturnTheKhilafah
#YenidenHilafet
#خلافت_کو_قائم_کرو
التاريخ الهجري :28 من رجب 1442هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 12 آذار/مارس 2021م
حزب التحرير
ولاية سوريا