بسم الله الرحمن الرحيم
لا عسكرية ولا مدنية بل خلافة إسلامية تقتلع جذور الاستعمار
وتقيم الحكم على أساس مبدأ الإسلام وتؤسس لنهضة صحيحة
شهدت العاصمة السودانية يوم السبت 2021/10/16م مظاهرات تطالب بحل الحكومة الانتقالية، دعت لها قوى الحرية والتغيير - مجموعة الميثاق الوطني، تناغماً مع العسكر، وتمكن المتظاهرون من الوصول إلى القصر الجمهوري، ونصب منصة للاعتصام، وفي المقابل يدعو المجلس المركزي للحرية والتغيير لتظاهرات مناوئة يوم الخميس 2021/10/21م.
إن هذه الأزمة إنما هي حفل صراع على كراسي الحكم، نظمته السفارات الغربية، وما هؤلاء العسكر والمدنيون إلا أدوات في هذا الصراع، أما الناس في هذا البلد فلا ناقة لهم فيه ولا بعير، بل سيمسهم الضر، سواء أجلس العسكر على كراسي الحكم، أم المدنيون، فالطرفان يتنافسان للفوز بثقة الكفار المستعمرين لتنفيذ أجندتهم في هذا البلد.
لقد تولى البرهان كبر التصعيد والمطالبة بحل الحكومة، وتكوين حكومة ذات قاعدة عريضة، حيث قال يوم 2021/10/11 في المنطقة العسكرية بالخرطوم بحري: "إنه لا حل للوضع الراهن إلا بحل الحكومة"، وعلى النهج نفسه سارت الحرية والتغيير - مجموعة الميثاق الوطني، حيث قال أبرز قياداتهم (جبريل إبراهيم) في حديث لقناة العربية: "حل الحكومة سيمهد للجلوس والتفاكر في علاج المشاكل التي أمامنا"، كما طالب مناوي بحل الحكومة وتشكيل حكومة كفاءات.
إن العسكرية والمدنية صنوان، وهما وجهان لعملة واحدة، وهي تطبيق أنظمة الكفر على الناس، والانصياع الكامل لتعليمات الغرب الكافر، وهو ما أوصلنا إلى درك الشقاء وضنك العيش. وإن حسم هذه الأزمة لصالح أي طرف، لن يترتب عليه أي تغيير في حياة الناس، فتطبيق روشتات صندوق النقد الدولي سيستمر ليركز الفقر، ويقتل المزيد من الفقراء، واقتلاع الأحكام الشرعية من حياة الناس ماضٍ بتنزيل اتفاقيات العهر (سيداو) على أرض الواقع، وملف التطبيع مع كيان يهود يمضي بخطا متسارعة للوصول لمرحلة فتح السفارات، وكل جرائم الكفار في حق الأمة لن يوقفها هذان الفريقان المتسارعان لتنفيذ مؤامرات الكفار.
إن هذه الأزمة المتعلقة بالحكم هي نتيجة طبيعية لإقامة الحكم على أساس دستور (الوثيقة الدستورية)، لأن ذلك لن يوجد حكماً راسخاً، فكل طرف يمكن أن يخرق الدستور ثم يبرر لسلوكه بالرجوع إلى مادة ما في هذا الدستور الذي تمت صياغته على أساس الحل الوسط لتحقيق مصلحة طرفين متناقضين متشاكسين، وكلاهما ولاؤه للمستعمر. أما إقامة الحكم على أساس فكرة مبدئية فهو الذي يجعل الحكم راسخاً، وينهض بالبلاد والعباد، ونحن بوصفنا مسلمين يجب علينا إقامة الحكم والسلطان على أساس مبدأ الإسلام العظيم، الذي يمنع حدوث مثل هذه الأزمات، ويحصن الدولة والمجتمع، تطبقه دولة الخلافة على منهاج النبوة كالآتي:
أولاً: إن الأمة صاحبة السلطان، تعقد البيعة لخليفة المسلمين، الذي يستمد سلطة حكمه ذاتياً من الأمة، وبقية الحكام من المعاونين والولاة والعمال يستمدون سلطتهم من الخليفة، لذلك فالخليفة هو الذي يعين الولاة ويعزلهم، والخليفة في رعايته لشئون الأمة لا يسترضي حزباً ولا تكتل أحزاب، ولا أي صاحب قوة، ولا مكان للمحاصصات ولا الترضيات في ظل الخلافة.
ثانياً: إن الحكم أمانة ومسئولية، وليس غنيمة يصطرع عليها العملاء وأدوات السفارات، قال رسول الله ﷺ: «وَإِنَّهَا أَمَانَةُ وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا»، إن أخذ مسئولية الحكم بحقها؛ أي بالبيعة الشرعية، وأداء الذي عليه فيها يعني الحكم بما أنزل الله، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾.
ثالثاً: إن خليفة المسلمين هو قائد الجيش، والقوى المسلحة في الدولة قوة واحدة، فلا وجود لجيش أو شرطة، أو دعم سريع، أو جهاز مخابرات منفصلة عن بعضها، ولا يسمح بوجود حركات مسلحة، ولا يتفاوض معها، بل تقاتل الدولة كل من حمل السلاح.
رابعاً: يمنع إقامة أحزاب على غير أساس الإسلام، ويمنع أن تكون للأحزاب أي علاقة بالسفارات الأجنبية.
خامساً: إن إغلاق الطرقات، والإضرار بالناس حرام شرعاً، بغض النظر عن دعاوى الظلم والتهميش، والمطالبة بالحقوق، فالغاية لا تبرر الوسيلة، وإن العمل السياسي على أساس الإسلام هو الأداة المنضبطة لرفع الظلم وتغيير الأنظمة الفاسدة.
أيها الأهل في السودان: لا تكونوا فريسة سهلة الانقياد عاطفياً لأدوات الكافر المستعمر من دعاة العسكرية أو المدنية، يسوقونكم لتحقيق أهداف أسيادهم، واعلموا أنكم تنتمون لخير أمة أخرجت للناس، وإن الإسلام بوصفه نظاماً كاملاً للحياة، هو وحده الكفيل بمعالجة جميع أزماتكم إذا أوصلتموه صافياً نقياً إلى سدة الحكم، تطبقه دولة الخلافة على منهاج النبوة، فكونوا لها من العاملين، فهي فرض ربكم ومبعث عزكم، وسبب نهضتكم وتقدمكم.
أيها المخلصون من أهل القوة: ألم يأن لكم أن توقفوا عبث السفارات الغربية ببلدكم وبمؤسستكم العسكرية، التي أصبحت هدفاً لكل رامٍ ليضعفها؟! ولن يوقف تدهور حالكم وحال بلدكم إلا التحرر الكامل من الاستعمار وأدواته، والذي لا يكون إلا بإعطاء النصرة لحزب التحرير لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهو وحده في الساحة السياسية، الذي يملك الإرادة لتحقيق النهضة الصحيحة، وقد أعد الحزب لهذا التحرير دستوراً للدولة من مبدأ الإسلام العظيم، والحزب يعي سياسياً على حضارة الغرب الكافر وألاعيبه ووسائله وأساليبه، فانحازوا أيها المخلصون للحق، وكونوا أنصاراً لله، وحرروا شهادة وفاة لحضارة الغرب الكافر.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
التاريخ الهجري :12 من ربيع الاول 1443هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 19 تشرين الأول/أكتوبر 2021م
حزب التحرير
ولاية السودان