بسم الله الرحمن الرحيم
لن تُحَل مشاكلُ السودان بانقلاب مدني، ولا بانقلاب عسكري
وإنما بوصول الإسلام إلى سدة الحكم تطبقه دولة الخلافة
تحدث قائد قوات الدعم السريع الفريق أول حميدتي يوم الجمعة 2021/06/04م، قائلاً: "إن الحديث عن دمج قوات الدعم السريع في الجيش يمكن أن يفكك البلد" (سودان تربيون)، وبحديثه هذا أطلق حميدتي شرارة الخلاف بين قطبي المكون العسكري؛ الجيش والدعم السريع، مناقضاً حديث البرهان في 2020/03/07م عن مشروع لإعادة هيكلة الجيش وقوات الدعم السريع وفقاً لمتطلبات المرحلة، بل إن البرهان اضطر للرد على حميدتي في مقابلة مع قناة الشرق بتاريخ 2021/06/11م، حيث قال: "حال قررت الدولة دمج قوات الدعم السريع في الجيش، فإن الإجراء سيكون منفصلاً عن مقاتلي الحركات المسلحة"، مبقياً الباب موارباً أمام مسألة دمج الدعم السريع في الجيش.
هذه التصريحات وغيرها، بالإضافة إلى نصب السواتر الترابية حول محيط القيادة العامة وغيرها، أغرت المكون المدني في الحكومة الانتقالية؛ المرتبط بالسفارة البريطانية والأوروبيين، أغرتهم بالاصطياد في المياه العكرة، فأعد رئيس الوزراء حمدوك مبادرة على عجل بعنوان: (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال - الطريق إلى الأمام)، أراد من خلالها أن ينفذ إلى حيث تكمن السلطة الفعلية، بأن يجعل للجهاز التنفيذي سلطانا على القطاع الأمني والعسكري، وهو أي حمدوك يهدد أهل السودان، ويتوعدهم بمستقبل أكثر إظلاماً إن لم يجعل له هذا السلطان، حيث ورد في مبادرته التي أعلن عنها بشكل مفاجئ الاثنين 2021/06/21م، وقدمها إلى وسائل الإعلام الثلاثاء 2021/06/22م، ورد فيها: "قضية إصلاح القطاع الأمني والعسكري قضية وطنية شاملة لا تقتصر على العسكريين ويجب مشاركة المجتمع السياسي والمدني في رؤية الإصلاح، وهي قضية مفتاحية لكل قضايا الانتقال وبدونها لا يمكن حل قضايا الاقتصاد والعدالة الانتقالية وبناء الدولة المدنية"، ثم فصّل أكثر في النقطة الرابعة، قائلاً: "اضطلاع الجهاز التنفيذي بدور أكبر في إدارة جهاز المخابرات وتغيير كافة مدراء الإدارات بآخرين حادبين على نجاح المرحلة الانتقالية وإجراء إصلاحات جوهرية وسريعة في هيكله".
بهذه المبادرة يسعى حمدوك إلى حتفه بظلفه، وهو يصارع سياسياً، ويتوهم أن رجال أمريكا في قيادة المؤسسة العسكرية سوف يسلمونه السلطة، لأنه كشف أن هنالك صراعاً بين أطراف المكون العسكري، غير أن الرد الذي جاء على خلفية الزيارة السرية لمدير المخابرات المصرية، ثم زيارة رئيس أركان الجيش المصري تلخص في كلمتي البرهان وحميدتي يوم الأربعاء 2021/06/23م، اللذين ظهرا سوياً متقاربين خلال لقاء مع كبار الضباط وقادة الجيش، والدعم السريع، من رتبة (عميد فما فوق)، حيث قال البرهان: "الجيش والدعم السريع قوة واحدة على قلب رجل واحد"، وتابع في رسالة مباشرة إلى حمدوك: "لن نسمح لأي طرف يعمل على بث الشائعات، وزرع الفتن بين مكونات المنظومة الأمنية"، أما حميدتي فقد قال: "الجيش والدعم السريع يمثلان قوة واحدة تتبع للقائد العام وتأتمر بأمره" (سودان تربيون).
لقد وصل الصراع بين المدنيين والعسكر في السودان إلى مرحلة كسر العظم، فمبادرة حمدوك التي وصفها أحد مستشاريه قائلاً: "طرح هذه المبادرة يمثل الانقلاب المدني، ويقطع الطريق أمام الانقلاب العسكري" (صحيفة السوداني 2021/06/23م)، ردت عليها المنظومة العسكرية رداً حاسماً، وباستقراء حالة الاستقطاب الحاد وسط القوى السياسية، والتحركات الكثيفة لقيادات المنظومة العسكرية والأمنية المصرية؛ الوصي المعيّن أمريكياً على الجيش السوداني، باصطحاب كل هذا الواقع يبدو كأننا أمام سيناريو استلام الجيش للسلطة تحت لافتة تصحيح مسار الثورة! وإذا قدّر لقيادة الجيش استلام السلطة فلن يحدث تغيير حقيقي، وإنما استمرار للنظام القديم نفسه منذ الاستقلال المزعوم، أي استمرار تطبيق النظام الرأسمالي الديمقراطي الذي يجعل التشريع للبشر، يضاف إليه الخضوع الكامل والمذل لتعليمات الكافر المستعمر؛ أنظمته وروشتاته، والاستمرار في إفقار الناس، ونهب الثروات، والحيلولة بين الأمة وبين مبدئها؛ الإسلام العظيم.
أيها المخلصون في القوات المسلحة؛ الجيش والدعم السريع، والشرطة، وجهاز المخابرات، والحركات المسلحة:
إن الذي يحل مشاكل البلاد والعباد هو مبدأ الإسلام العظيم لا غير، تطبقه دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهي المصباح الذي ينير بنور الوحي العظيم جنبات الحياة الدنيا، وهي وحدها التي تقطع سلطان الغرب الكافر وحباله، وتوحد الناس على أساس عقيدة الإسلام العظيم: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾، وتقضي على أسباب الفرقة والانقسام بين المكونات، فتجعل القومية والوطنية والعرقية والقبلية، وجميع النعرات تحت قدميها، وتؤسس لقوة مسلحة واحدة غير متعددة. ولا يكون نظام الحكم نظاماً اتحادياً فيكون نواة لمزيد من التمزيق، وإنما نظام وحدة لا مكان فيه لمشاريع الكافر المستعمر مثل حق تقرير المصير، والحكم الذاتي وغيرها من الأفكار الخبيثة المفضية لتمزيق البلاد.
إن الخلافة فرض هذا الزمان الغائب، فكونوا أنصارها بإعطاء النصرة لحزب التحرير، ليعيدها راشدة على منهاج النبوة، فتفوزوا بخيري الدنيا والآخرة، ويمدحكم رب العزة كما مدح الأنصار الذين نصروا رسول الله ﷺ. ﴿وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾.
التاريخ الهجري :14 من ذي القعدة 1442هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 25 حزيران/يونيو 2021م
حزب التحرير
ولاية السودان