الجمعة، 19 رمضان 1445هـ| 2024/03/29م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

نداء إلى مسلمي روسيا

 

(مترجم)

 

 

مع بداية 2015م كان ملاحظاً في روسيا الدفاع عن القيم الإسلامية على خلفية الصور الكاريكاتورية في فرنسا. فقد سمحت السلطات الروسية لمسلمي الشيشان والجمهوريات الأخرى في شمال القفقاس بالتعبير عن غضبهم على نشر الكاريكاتور المسيء للنبي محمد ﷺ في الجريدة الفرنسية الأسبوعية. لقد سمحت السلطات الروسية بهذه الاحتجاجات لأن الإساءة كانت آتية من الغرب، لا من الداخل الروسي. ومستغلة بذلك غضب الأمة لتظهر روسيا وكأنها موحدة ضد هجوم القوى الخارجية. في الوقت الذي يغض فيه الكرملين الطرف عن حربه ضد الإسلام، والأحداث الأخيرة كلها تدل على ذلك.


ففي نهاية كانون الثاني/يناير ظهرت معلومات عن أنه سيتم تحويل مسجد بيتغورسك الرئيسي إلى متحف. وفي مدينة أوسورسك حُرم المسلمون من المسجد الجديد الذي بنوه حديثاً، وفي مدينة يكترينابورغ أجبر المسلمون على التخلي عن المبنى الذي فيه مسجد الرحمة بقرار قضائي نهائي. وهيئة كالينغراد لا تزال تحارب ضد قرار منع بناء مسجد قد شارف على الانتهاء، وهو المسجد الوحيد في المدينة. وبهذا تكون السلطات الروسية تحول بين المسلمين وبين مساجدهم ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، ولا تمانع من بناء المساجد في الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة فقط.


كما أن منع الحجاب في المدارس أمر مشابه لما يجري بالنسبة للمساجد. فعلى خُطا المحكمة الروسية العليا في ستافروبل، تم منع الحجاب نهائياً في مردوفيا. كما أن الصراع مستمر ضد من يدعو إلى استئناف الحياة الإسلامية، ففي مدينة أوفا تم اعتقال عدد كبير من المسلمين من أعضاء حزب التحرير بتهمة الإرهاب، وهو الحزب الذي لا يملك سلاحاً غير سلاح العقيدة الإسلامية. فأجهزة الأمن تعتقل المسلمين لا لسبب إلا لأنهم ينشرون دينهم.


إن هذه الحرب ضد الإسلام تدل على الضعف الفكري، وعلى خلو روسيا من أي فكرة توحد المجتمع، وتجمع الشعوب المختلفة حولها. إن كل ما تعرضه السلطات هو مجتمع متعدد الثقافات والأديان وهو اجترار للوحدة في الحقبة الزمنية السابقة، زمن الاتحاد السوفييتي. إن العقيدة الشيوعية قد اهترأت وغرقت في غياهب النسيان مع الاتحاد الإلحادي. فروسيا لم ترث من الاتحاد السوفييتي سوى مجرد الطموح وهي ليست نداً للإسلام، لأنها تخشى من انتشاره، فضلاً عن أن المسلمين يشكلون سُبع سكان البلد، وهم جزء لا يتجزأ من أمة المليار ونصف المليار مسلم.


أيها المسلمون في روسيا، نحن جميعاً نعلم أن أسلافنا قد قتلوا، قبل أن تصير الأرض التي ولدنا عليها أرضاً لروسيا. ثم نصرت بالقوة بعد ذلك، وقتلوا علناً كل من رفض ترك دينه، ثم ضعف المسلمون لدرجة أنهم اضطروا للطاعة. ثم جاءت عشرات السنين تحت حكم السوفييت، حيث لم يعد من الإسلام إلا بعض العادات والشعائر. وما أن سقط المسخ الشيوعي بقدرة الله، حتى بدأنا نعود إلى ديننا. وحين صارت الثقافة الإسلامية في متناولنا وصرنا ندرك أن الإسلام هو الحق الذي يجب أن نتبعه، قررت السلطات أن تعيدنا إلى الإسلام التقليدي بفهم روسيا. بمعنى أن المذلة والطاعة هي الإسلام التقليدي كما تفهمه روسيا. بدأت السلطات بوضع قائمة للمواد المتطرفة. فقد قامت وزارة العدل بوضع الكتب الإسلامية في هذه القائمة بسرعة من أجل أن تمنع المسلمين من أن يتثقفوا بأحكام دينهم. ثم شددوا في قوانينهم حتى صارت الدعوة إلى استئناف الحياة الإسلامية جريمة لها مادة قاسية في قانون العقوبات. فما أن بدأ الإسلام بالانتشار حتى دب الرعب في السلطات وصارت تعمل على منع تأثيره حيث يسكن المسلمون. والأسوأ من ذلك أنهم وجدوا من بين المسلمين من المضبوعين مَن يؤيد سياسة السلطات المعادية للإسلام، مقسمين إياه إلى معتدل ومتطرف. بل وجد من بين هؤلاء من حمد الله تعالى على أن الأجهزة الأمنية اعتقلت المسلمين الذين يحملون دعوة الإسلام. عسى الله تعالى أن يهدي للتوبة قلوب بعضهم ممن لا يزال في قلبه ذرة من إخلاص أما الباقون فليخزوا في الدارين.


أيها المسلمون في روسيا، صحيح أننا ولدنا في روسيا ونشأنا فيها، ولكن لا شرع لنا سوى الشرع الذي جاء به نبينا محمد ﷺ. إن الناس يحتاجون للإسلام، وليس المسلمون فقط. وهو الأمانة التي أودعها عندنا الله تعالى ولا بد لنا من حملها للعالمين. يجب علينا حمل الإسلام كما فعل الرسول محمد ﷺ وصحابته الكرام، فالعالم يعيش الجاهلية. وليس لنا شرع آخر لأننا في روسيا، بل لا بد لنا أن نتبع طريق الرسول محمد ﷺ، والأجر العظيم لأولئك الذين يسيرون على ذات الطريق دون أن يروا الرسول ﷺ، وهذا ما أشار إليه رسول الله ﷺ بقوله: «إنّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهِنَّ يَوْمَئِذٍ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ»، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «بَلْ مِنْكُمْ».


أيها المسلمون في روسيا، إن ما تقوم به السلطات الروسية في حق ديننا هو جريمة كبرى، وهو أمر ليس بالجديد على الأمة الإسلامية، وليست المرة الأولى التي تواجه فيها الأمة مثل هكذا صعوبات. إلا أن كل هذه الصعوبات ستزول في حالة أننا اتخذنا الرسول محمداً ﷺ قدوة واجتهدنا لنرضي الله سبحانه القائل: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾.


أيها المسلمون في روسيا، لا خيار لنا إلا اتباع ديننا بحذافيره والتطلع لمصلحة الإسلام والمسلمين، ولا عذر لنا أمام الله تعالى إنْ لم نحرس الإسلام، وإن لم نتبعه وندعو له كما فعل الرسول ﷺ وأصحابه. نحن لا يمكننا أن نترك تطبيق الأحكام الشرعية التي صرنا نعرفها كفرض الصلاة، والصوم، وستر العورة أو الدعوة إلى الإسلام. لا نستطيع أن نظل في الانحطاط كما تريد روسيا، وخصوصاً من يعلم منا أحكام دينه، سواء أكان إماماً أم شخصا عاديا آتاه الله سبحانه وتعالى علماً أكثر من غيره. لا خيار لنا إلا اتباع طريق الرسول وسلفنا الصالح. لا بد لنا من أن نتعلم وأن ننشر الإسلام، فنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، وإلا حرمنا الله تعالى نصره ولم يُجِبْ دعاءنا. كما حذرنا من ذلك الرسول محمد ﷺ، حين قال: «والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم».


أيتها الأمة الصابرة في روسيا، إن الله لا يرضى الشر لعباده المؤمنين، ولكنه سبحانه يبتلينا، ولا بد لنا أن نصبر على الابتلاء ويكون ذلك بالصبر على طريق الرسول، وأن نكون معاً في هذا الطريق، وأن نرعى من هم بحاجة للرعاية، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.


والسير على طريق الرسول سيفضي بنا إلى رضا الله ربنا وإلى نصره. هذا الطريق سيفضي بنا إلى استئناف الحياة الإسلامية وسيقرب ذلك اليوم الذي ستحكم فيه الأمة بدين الله، وإنا لنتمنى أن يظهر في إحدى بلدان المسلمين أنصار يقيمون الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. وحينها ستحمي الخلافة، أرواح المسلمين وقيمهم في كل مكان بما فيها روسيا. وسيعود نور الإسلام ليبدد الظلام وستعود الخلافة منارةً للعدل تسعى إليها كل الشعوب الأخرى.


قال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

 

 

التاريخ الهجري :28 من ربيع الثاني 1436هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 17 شباط/فبراير 2015م

حزب التحرير
روسيا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع