منهج حزب التحرير في التغيير ح15
- نشر في ثقافية
- قيم الموضوع
- قراءة: 320 مرات
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى أبو داوود في سننه قال: حدّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ حدّثنا عبدُ اللّه بنُ وهبٍ أخبرني عاصمُ بنُ حكيمٍ عن يحيى بن أبي عمرٍو السّيبانيّ عن عبد اللّه بن الدّيلميّ أنّ يعلى ابن مُنية قال: آذن رسُولُ اللّه صلّى اللّهُ عليه وسلّم بالغزو وأنا شيخٌ كبيرٌ ليس لي خادمٌ فالتمستُ أجيرًا يكفيني وأُجري لهُ سهمهُ فوجدتُ رجُلًا فلمّا دنا الرّحيلُ أتاني فقال: ما أدري ما السُّهمان وما يبلُغُ سهمي فسمّ لي شيئًا كان السّهمُ أو لم يكُن فسمّيتُ لهُ ثلاثة دنانير فلمّا حضرت غنيمتُهُ أردتُ أن أُجري لهُ سهمهُ فذكرتُ الدّنانير فجئتُ النّبيّ صلّى اللّهُ عليه وسلّم فذكرتُ لهُ أمرهُ فقال ما أجدُ لهُ في غزوته هذه في الدُّنيا والآخرة إلّا دنانيرهُ الّتي سمّى.
قال صاحبُ عون المعبُود:
( السّيبانيّ ): بفتح السّين المُهملة والمُوحّدة وبينهما تحتانيّة وسيبان بطن من حمير. كذا في الخُلاصة
( أنّ يعلى ابن مُنية ): بضمّ الميم وسُكُون النُّون بعدها تحتانيّة مفتُوحة وهي أُمُّه، وفي بعض النُّسخ يعلى بن أُميّة وهُو أبُوهُ
( أذّن ): ضُبط بتشديد الذّال المُعجمة من التّأذين. وقال القاري: بالمدّ أي أعلم أو نادى.
( بالغزو ): أي بالخُرُوج للغزو.
( فالتمست ): أي طلبت .
( وأجرى ): من الإجراء أي أمضى.
( لهُ سهمه ): أي كسائر الغُزاة.
( فلمّا دنا ): أي قرُب.
( أتاني ): أي الرّجُل.
( ما ): استفهاميّة مُبتدأ
( السُّهمان ): بالضّمّ جمع سهم خبر المُبتدأ
( فسمّ ): أمر من التّسمية أي عيّن.
( أمرهُ ): أي أمر الرّجُل.
في شرح السُّنّة: اختلفُوا في الأجير للعمل وحفظ الدّوابّ يحضُر الواقعة هل يُسهم لهُ، فقيل لا سهم لهُ قاتل أو لم يُقاتل إنّما لهُ أُجرة عمله، وهُو قول الأوزاعيّ وإسحاق وأحد قوليّ الشّافعيّ. وقال مالك وأحمد: يُسهم لهُ وإن لم يُقاتل إذا كان مع النّاس عند القتال، وقيل يُخيّر بين الأُجرة والسّهم انتهى.
والحديث سكت عنهُ المُنذريُّ.
من الحديث نفهم أن الاسلام ترك للناس أن يتفقوا على الأساس الذي يقدرون به قيم السلع والمنافع والأجور فيما بينهم، ولم يفرض أساسا معينا يعتبر وحدهُ مقياساً لقيم الأشياء, ففي حين قدر يعلى أجرة الأجير بسهمه من الغزوة رفض الأجير ذلك التقدير وطلب تحديده بمبلغ معين من النقود. واتفقا بعدها على تعيين الثلاثة دنانير قيمة للأجرة, فلما رفعا الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإنفاذ ما اتفقا عليه . مما يدل على أن المعول عليه في التقدير هو رضى الطرفين.
لكن من المهم ملاحظة أن الاسلام وإن لم يعين أساسا معيناً يفرضه على الناس لتقدير قيم الأموال والجهود، إلا أنه تدخل في تعيين نوع النقد الذي يتخذ مقياسا ثابتاً لقيم الجهود والأموال فجعلها محصورة في جنس معين هو الذهب والفضة.
صحيح أن وحدات الذهب والفضة كانت متداولة قبل ظهور الاسلام لكن هناك أدلة تدل على أن الاسلام لم يكتف بإقرار هذه الوحدات المتداولة أصلا بل حصر النقد فيها دون غيرها, فحين حرم الاسلام كنز المال خص الذهب والفضة بمنع كنزهما ((والّذين يكنزُون الذّهب والفضّة ولا يُنفقُونها في سبيل اللّه فبشّرهُم بعذابٍ أليمٍ)).
كما ربط الذهب والفضة بأحكام ثابتة لا تتغير، فحين فرض الدية جعل لها مقدارا معينا من الذهب قال عليه الصلاة والسلام: "وأن في النفس الدية مائة من الإبل ... وعلى أهل الذهب ألف دينار" وحين أوجب قطع يد السارق عين المقدار الذي يقطع بسرقته بمقدار من الذهب ...قال عليه الصلاة والسلام: " تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا"
وحين أوجب الله تعالى زكاة النقد أوجبها في الذهب والفضة وعين لها نصاباً من الذهب والفضة.
حين جاء بأحكام الصرف وهو بيع عملة بعملة, فقد جاءت هذه الأحكام بالذهب والفضة وحدهما قال عليه الصلاة والسلام: "الذهب بالورق رباً إلّا هاءً وهاء" ...وقال أيضاً : "بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يداً بيد" ويجري الصرف في النقد كما يجري في الذهب والفضة.
عدا عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قد عين الذهب والفضة نقدا وجعلهما وحدهما المقياس النقدي الذي يرجع إليه مقياس الأموال والجهود وعلى أساسهما تجري جميع المعاملات ... فقد حدد ميزان الذهب والفضة بميزان معين هو ميزان أهل مكة, عن ابن عمر أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: "الوزن وزن أهل مكة".
لهذا كله فإن الذهب والفضة هما النقدان المعترف بهما في الاسلام وهما نقدا الدولة الاسلامية القائمة قريباً بإذن الله, ولا يجوز أن يتخذ أي نقد آخر أساسا للتقدير سوى الذهب والفضة فكون الشرع قد نص على هذا النقد بهذه الأحكام المتعلقة به وحده والمرتبطة به أنه الذهب والفضة دليل واضح على أن النقد يجب أن يكون من الذهب والفضة أو أساسه الذهب والفضة. فكان لا بد من التزام ما عينته الأحكام من نوع النقد فيجب أن يكون النقد في الاسلام هو الذهب والفضة.
ومع أنه يجوز التبادل والتقدير بين الناس بغير الذهب والفضة إلا أنه لا يجوز أن يكون المقياس النقدي إلا الذهب والفضة وهذا معنى أن الاسلام لم يتدخل في وسائل التبادل والتقدير إلا أنه تدخل في تحديد المقياس النقدي لها.
لعل الطريقة المثلى لفهم أحكام شرعنا الحنيف من قبل الناس، العامة منها والخاصة هو بتطبيقها في المجتمع وتسيير أمور حياتهم حسبها فهي الطريقة العملية لفهم الأحكام وإحسان تطبيقها ... جعل الله ذلك اليوم قريباً بإذنه تعالى.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله مالك الملك, وخالق الخلق, يؤتي الملك من يشاء, وينزع الملك ممن يشاء, ويعز من يشاء, ويذل من يشاء, بيده الخير, وهو على كل شيء قدير. أما بعد:
أيها الأحبة:
السبب السابع من أسباب سقوط الأندلس، وهو سبب مهم جدا يرتبط بسبب تخلي بعض العلماء عن القيام بواجبهم. بعض علماء الأندلس كأبي الوليد الباجي، ومحمد بن حزم، وابن عبد البر وغيرهم قاموا ببعض واجبهم، أو نقول قاموا بواجبهم تجاه أمتهم، ولكن المأساة هي عدم سماع ملوك الطوائف لنصح العلماء وتحذيرهم. إذا لم يسمع ولاة الأمور إلى نصح العلماء وإلى تحذيرهم؛ حلت بالأمة الكارثة. فملوك الطوائف، ما كانوا يستمعون لنصح العلماء كأبي الوليد الباجي، كما قلت وابن حزم وابن عبد البر وغيرهم؛ ولذلك حدث ما حدث حتى أن أحد المؤرخين يقول: "لكن مع هذه الأحوال، وتلك الصيحات من العلماء, فإن أغلب ملوك الطوائف بقوا في غيهم سادرين، ففوتوا فرصة الالتحام ودفع المصيبة؛ ولذلك جاء أحد الشعراء، يذكر هذه المأساة ببيتين محزنين، يصور فيهما حالة العلماء وحالة الفساق، وعبر عن الوجهاء من الفساق بالكلاب قال: وهذه قريته أو مدينته اسمها بسطة، يقول:
الكلب صار ببسطة | أعلى وأشرف من فقيه |
أنـى فقيـه يعتلي | لمحلـه أو يرتقيـه |
*ولذلك سقطت الأندلس لما لم يسمع للعلماء، ولم يسمع لتحذيرهم، ولم يسمع لنصحهم. هذا سبب بارز وجلي أيها الإخوة.
أيها الأحبة:
السبب الثامن من أسباب سقوط الأندلس هو مؤامرات النصارى ومخططاتهم: لقد أحكموا المؤامرة، ودبروا، وخططوا والمسلمون في لهوهم، وعبثهم ومجونهم وقصورهم ودنياهم، فحلت الكارثة. إذا تخطيط النصارى سبب رئيس من أسباب سقوط الأندلس، يقول أحد المؤرخين: "وقد وضع (فرناندو) برنامجه المحكم؛ لكي يستغل أسر ملك غرناطة ويستعين به على تنفيذ برنامجه المدمر".
أيها الأحبة:
السبب التاسع من أسباب سقوط الأندلس، هو وحدة كلمة النصارى. ففي الوقت الذي تحدثنا فيه عن تفرق المسلمين، نجد في المقابل وحدة كلمة النصارى للقضاء على المسلمين. يقول "ابن عذار" واصفا استعداد النصارى لموقعة العقاب، وهي من المواقع التي هزم فيها المسلمون هزيمة منكرة، وقتل فيها عدة آلاف من المسلمين، يقول هذا المؤرخ: "حيث ذكر أن ملك قشتالة بث القسيسين والرهبان من البرتغال إلى القسطنطينية، ينادون في البلاد من البحر الرومي إلى البحر الأخضر، غوثا غوثا، ورحمة رحمة، أي ينادون بني جلدتهم، فجاء عباد الصليب من كل فج عميق ومكان سحيق، وأقبلوا إليه إقبال الليل والنهار من رؤوس الجبال وأسياف البحار". لاحظوا هذه الوحدة بين النصارى!
أيها الأحبة:
ويذكر في موضع آخر أن البابا "فرستان الثاني" توسط بين مختلف الأمراء الإسبان، فوفق بينهم، وسرعان ما نسوا خصوماتهم، فتماسكوا وهم يعتقدون جازمين، بأنهم جاؤوا من كل أصقاع أوروبا لنصرة دينهم على دين آخر، ونجد أيضا أن اتحاد ملك قشتالة وأراجون بزعامة "فرناندو الخامس وإيزابيلا"من أسباب سقوط الأندلس، وعلى يد هذا الملك، وهذه الملكة سقطت الأندلس، حتى إن هذا الرجل الذي هو النصراني فرناندو الخامس تزوج بإيزابيلا، وهي ملكة قشتالة واتحدا في مملكة واحدة لإسقاط الأندلس, وفعلا هما اللذان أسقطا الأندلس، اتحدا اتحادا وصل إلى حد الزواج، ووحدا بين المملكتين، وأصبحتا مملكة واحدة، وعلى يديهما سلم ابن الأحمر الأندلس لهما. أجل, هذه آثار الاتحاد!
أيها الأحبة:
السبب العاشر من أسباب سقوط الأندلس، هو غدر النصارى ونقضهم للعهود: وهنا من خلال معرفتي بالواقع وقراءتي للتاريخ أشير إشارة إلى فكرة خاطئة راجت وانتشرت, وهي أن كثيرا من الناس, بل أقول: من بعض طلاب العلم يتصور أن اليهود فقط هم الذين يغدرون، أما النصارى فلا، أو على الأقل يقولون: إن النصارى أقل غدرا, وهذا خطأ رهيب أيها الأحباب. النصارى لا يقلون في الغدر وفي نقض العهد والميثاق عن اليهود، سواء بسواء، والذي يريد أن يفرق بين اليهود والنصارى، ويتصور أن النصارى أقرب إلى المسلمين، أو أنهم يوفون بعهودهم، فقد أخطأ وأقول له استمع إلى قوله تعالى: {ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون}. فإذا كانوا خانوا العهد مع الله- سبحانه وتعالى - هل نأمل منهم أن يفوا بالعهود معنا؟ أسأل هؤلاء الذين يتصورون أن النصارى يوفون بعهودهم، فأقول لهم: ما يسمى بالأمم المتحدة، أو مجلس الخوف من الذي يسيطر عليه؟ أليس النصارى! هل في يوم من الأيام وفوا بعهد من العهود للمسلمين؟ لا، بل لقد استخدم مجلس الخوف وهيئة الأمم، وعصبة الأمم، ضد المسلمين؛ ولتفريق المسلمين, ولتسليم بلاد المسلمين إلى النصارى.
أيها الأحبة:
ومع ذلك خذوا هذا المثال من الأندلس، دخل النصارى"أبدة" ونقضوا العهد المقطوع، واقتحم الجنود النصارى المدينة، لقد خان هؤلاء النصارى العهد ونقضوه، وقتلوا ستين ألفا من المسلمين، وسبوا مثلهم، وتعترف الرواية النصرانية نفسها بهذه الشناعات، وتقدر من قتل وسبي من أهل "أبدة" بمائة ألف، ويقدر بعضهم أن السبايا وحدهم مائة ألف، وهذا بأمر من أحبارهم وباباواتهم وملوكهم، وعندما احتل الطاغية الأرغوني بلنسية، ووقع المعاهدة رحل عنها عشرات الألوف من أهلها، وحولت المساجد إلى كنائس، ونال المسلمين كل أنواع الاضطهاد، وتقلبوا في فنون الأذى، وتعدى الإيذاء الأحياء إلى الأموات، فنبشت القبور كما ذكر ابن الأبار في التكملة, قال تعالى: {لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة}.
أيها الأحبة: نشكركم, ونواصل حديثنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم محمد أحمد النادي.
الخبر:
قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 12 شباط/ فبراير 2013م، خلال خطابه عن حالة الاتحاد"أستطيع أن أعلن في هذه الليلة أنّه خلال العام المقبل، فإنّ 34,000 جندي من القوات الأمريكية سترجع من أفغانستان، وهذا التخفيض سيستمر، وبحلول نهاية العام المقبل، فإنّ حربنا في أفغانستان ستنتهي"، وقبل هذا الإعلان، بدأت باكستان بإطلاق سراح عناصر من طالبان الأفغانية التي أبدت استعدادها للسلام، وقبل هذا الإعلان كان المتحدث باسم حركة" تحريك طالبان باكستان" (TTP) إحسان أولاه إحسان، في 3 من شباط/ فبراير 2013م ومن خلال شريط فيديو قد قبل فجأة، عرض مفاوضات السلام مع حكومة باكستان التي تلقاها الخونة في القيادة السياسية والعسكرية بالترحيب، حيث نظموا مؤتمرا لجميع الأطراف ونشرت إعلانات عن دعم المفاوضات.
التعليق:
إنّ النفاق واضح في هذا، ففي السابق وعندما كان معظم الناس في باكستان يطالبون بإنهاء العمليات العسكرية في المنطقة القبلية، ونصحوا الحكومة بالبدء بالمفاوضات مع أهل منطقة القبائل، كان رد الخونة في كل من القيادة العسكرية والسياسية دعم العمليات العسكرية، وكانوا يعارضون بشدة أية مفاوضات، بل يزعمون أنّ هذه الحرب هي حربنا ويجب علينا كسبها بأي ثمن.
وفي الوقت نفسه حاول الحكام الخونة تأمين حضور علماء الدين البارزين في باكستان إلى مؤتمر العلماء الأفغانيين الذي سيعقد في الأسبوع الأول أو الثاني من شهر آذار مارس في كابول. وفي بداية احتلال أفغانستان، دعم الخونة في القيادة السياسية والعسكرية أمريكا سياسيا وعسكريا، وقدموا لها الدعم اللوجستي والاستخباراتي. وبالمثل فإنّ أمريكا الآن تحاول الحصول على دعم باكستان مرة أخرى من خلال الخونة في القيادة السياسية والعسكرية لإجبار حركة طالبان الأفغانية والمسلمين في أفغانستان على الاستسلام "للحل" الأمريكي لأفغانستان، وهو انسحاب القوات الأمريكية الجزئي والسيطرة الكاملة على البلاد من خلال حكومة عميلة، لهذا الغرض تحاول أمريكا إيجاد جو سياسي إيجابي وإيجاد رأي عام ايجابي من خلال إطلاق سراح عناصر من حركة طالبان الأفغانية من باكستان وتنظيم مؤتمر للعلماء في كابول.
إنّ هذا الوضع مؤسف للغاية لأنّه عندما أرادت أمريكا غزو واحتلال وتعزيز مكانتها في أفغانستان، دعم ذلك الجنرال مشرف في باكستان، والآن عندما أرادت أمريكا الخروج من المستنقع الأفغاني بماء الوجه، وجدت الدعم الكامل من الرجل الذي كان اليد اليمنى لمشرف سابقا، الجنرال كياني، وما كان لأمريكا أن تغزو وتحتل أفغانستان بدون مساعدة من باكستان، ولا يمكنها مغادرة أفغانستان" باحترام" من دون مساعدة من باكستان، وهذا يدلل على أنّ بيضة القبان في هذه المنطقة هي باكستان، وأنّ أمريكا لا تستطيع أن تفعل الكثير في هذه المنطقة من دون مساعدتها، ففي 14 شباط/ فبراير 2013م قال السفير الأمريكي السابق في باكستان كاميرون مونتر "الحقيقة أنّه ما كان لنا أن نقول آسف حتى تموز يوليو، فقد تكلفت بلادنا مليارات الدولارات"، وهو هنا يتحدث عن الكلفة العالية التي تكلفتها أمريكا لإرسال الإمدادات لأفغانستان عبر آسيا الوسطى بدلا من إرسالها عبر باكستان، فهذا التصريح هو بمثابة اعتراف بقوة باكستان وقدرتها.
إنّ انخراط باكستان في هذه الحرب الأمريكية لم تحقق باكستان منه شيئا سوى الخسائر، فعلى عكس وعود مشرف، فإنّه لم يتم حل النزاع في كشمير، ولا تحسن الوضع الاقتصادي في باكستان، ولم تتحسن مكانتها الدولية، ولم يتم حماية أمن مشروعها النووي، وبدلا من ذلك فقد تم دفن قضية كشمير، وتكبدت باكستان خسائر أكثر من سبعة بلايين من الدولارات، وخسرت أربعين ألفا من أرواح العسكريين والمدنيين، وبدت باكستان دوليا وكأنها حمار أمريكا، الذي تضربه باستمرار وتطلب منه المزيد، كما أنّ تعزيز الوجود الأمريكي في باكستان لا يخدم أمن الأسلحة النووية الباكستانية. فإن لم يكن كل هذا كافيا، فإنّ أمريكا تعزز من وجودها بشكل دائم على أعتاب بلدنا تحت ستار "الانسحاب".
يجب على المسلمين التحرك لوضع حد حاسم لهذا الغدر المكشوف، ففي البداية، قام مشرف ورفاقه بالخيانة على أساس أنّه إن ساعدنا أمريكا في مسعاها في أفغانستان، فإنّ أمريكا ستساعد باكستان لتسوية النزاع على كشمير وتعزز من اقتصادنا، والآن الخونة في القيادة العسكرية والسياسية، برئاسة الجنرال كياني وزرداري، يرتكبون الخيانة نفسها مرة أخرى عن طريق إعادة توجيه هذه الحجة، بأنّه ينبغي علينا أن نساعد أمريكا في انسحابها حتى نتمكن من إخراج أنفسنا من هذه الحرب. ولكن الستة والستين عاما من تاريخ باكستان أثبتت أنّه طالما ظل الخونة في القيادة السياسية والعسكرية فإنهم على استعداد للتضحية بباكستان وبشعبها ومواردها لتحقيق الأهداف الأمريكية.
إنّ إقامة الخلافة هي الحاجة الملحة في الوقت الراهن لإنهاء الوجود الأمريكي في المنطقة وللتخلص من الخونة في القيادة السياسية والعسكرية، فدولة الخلافة القوية من شأنها أن توحد باكستان وأفغانستان وبنغلادش وبلدان وسط آسيا، وبالتالي حماية هذه المنطقة من الدول المعادية، الأمريكية والبريطانية والروسية، فليس هناك حل آخر غير إقامة دولة الخلافة، فهي فرض ربنا وهي الدرس المستفاد من التاريخ.
شاهزاد شيخ
نائب الناطق الرسمي باسم حزب التحرير في ولاية باكستان