الجمعة، 23 محرّم 1447هـ| 2025/07/18م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق مجازر جديدة في مدينة الرقة: محاولات خبيثة لثني أهل الشام عن ثورتهم وإخضاعهم للحل الأمريكي    

  • نشر في خبر وتعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 459 مرات

 

الخبر:‏


وكالات: أعلنت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن طيران نظام الرئيس السوري بشار الأسد قتل ‏وجرح أمس أكثر من 300 شخص في محافظة الرقة وذلك بالقصف بالبراميل المتفجرة. وقال بيان ‏للشبكة إن "نحو 205 أشخاص قتلوا وجرح أكثر من 90 جراء قصف الطيران الحربي التابع لنظام ‏الأسد".‏


ونقل عدد من شهود العيان أن حجم "المأساة" كبير للغاية وذكروا أن هناك أشلاء بشرية متطايرة في ‏كل مكان في ظل حالة هلع وخوف تسيطر على أهالي المنطقة مع غياب الإسعافات الصحية ونقص في ‏الأدوية والمعالجة. ويقول الأهالي إن القصف الجوي طال مناطق سكنية مدنية.‏

 

التعليق:‏


تتوالى الشدائد والآلام على أهل الشام الثائرين كما لم يمرّ على أمة من الأمم، وسط تآمر دولي ‏وإقليمي فظيع. فقد بلغ طاغية الشام في إجرامه مبلغاً تنأى عنه وحوش الغاب ويفضح كل متواطئ وعميل ‏في ظل المجازر الفظيعة اليومية التي يرتكبها هذا السفاح وأجهزته الأمنية، وكل ذلك بأوامر أمريكية ‏وغربية لثني ثورة الشام عن مسارها ومحاولة ليست جديدة من نوعها لفرض الحل الأمريكي على أهل ‏الشام وقد عرض دي ميستورا ـ المبعوث الأممي لسوريا ـ الصيغة النهائية لهذا الحل حيث صرح أنه ‏يعمل على تجميد الجبهات بين النظام والثوار وزرع بذور الحل السياسي والتوحد على محاربة الإرهاب ‏وهذا تطلب من نظام الإجرام أن يكمل مهمته في التنكيل بالمسلمين وإيقاع العديد من المجازر في شتى ‏بقاع أرض الشام وإحكام الحصار على بعض المناطق ظنا من أمريكا أنها بذلك ستركع أهل الشام ‏وستفرض حلها عليهم.‏


أيها المسلمون، يا أهل الشام، يا أحفاد الصحابة والفاتحين: لم يبقَ لكم أيها الأحرار بعد كل هذا التآمر ‏الدولي المكشوف إلا الالتجاء أكثر إلى الله تعالى، وإخلاص النية له، ونبذ كل مال وسلاح مشبوه، ونبذ كل ‏ولاء سوى الولاء المطلق لرب العالمين، ونبذ هذه الفرقة والاقتتال بينكم الذي جعل النظام يتنفس الصعداء ‏ويقف ضاحكا متفرجا عليكم، فما عليكم إلا الثبات على وعد الله باستخلافكم في الأرض إن نصرتموه ‏وحده، في دولة الخلافة القادمة التي ينتظركم شرف إقامتها في شامكم، عقر دار الإسلام. وإن المسلمين في ‏شتى أنحاء الأرض ينظرون إلى ثورتكم على أنها ثورة الأمة التي ستصحح مسار التاريخ من جديد، ‏لتعودوا خير أمة أخرجت للناس، فاعقدوا العزم ألا تعودوا إلى بيوتكم إلا وتاج الخلافة الراشدة على منهاج ‏النبوة يزين رؤوسكم، ففيها والله عز الدنيا ونعيم الآخرة بإذن الله، وما ذلك على الله بعزيز.‏


قال تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ ‏بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ﴾.‏

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
منير ناصر
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا

 

إقرأ المزيد...

خبر وتعليق حماية البشرية لا تكون إلا بالعودة إلى القرآن وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ‏(مترجم)‏

  • نشر في خبر وتعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 471 مرات


الخبر:‏


أكد اللاجئون بأن وكالة تشغيل اللاجئين في الأمم المتحدة خيبت أملهم، وذلك بعد نية الحكومة وقف ‏تدفق المهاجرين إليها.‏


رفضت ماليزيا التوقيع على معاهدة الأمم المتحدة للاجئين، وذلك يعني بأن المهاجرين القادمين إليها ‏عليهم أن يدخلوا عن طريق المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة وبسجل رسمي منتظرين ‏قوائم طويلة في هذا الشأن للعبور إلى دولة أخرى، وغالبا ما يأخذ الموضوع عقدا من الزمان، فيعيشون ‏في خوف من رجال الشرطة الذين غالبا ما يطلبون مقابلا ماديا ليتركوهم وشأنهم وكي لا يعتقلوهم، إنهم ‏يعيشون خلال هذه الفترة في الظل بدون عمل أو مدارس لأولادهم. (المصدر: موقع الجزيرة بالإنجليزية)‏

 

التعليق:‏


إن النزعة الفردية والمصلحة المتبناة من قبل الرأسمالية قد آتت أكلها في ماليزيا في معاملة الضعفاء ‏والمعدومين، فقد تم طرح الإنسانية خارج النافذة في الوقت الذي يتم فيه فصل الأم عن وليدها، وما ذلك إلا ‏مزحة قاسية‎.‎


إن عرض ماليزيا كدولة إسلامية ما هي إلا أكاذيب وأقاويل جوفاء.‏


إن الكثير من سور الجزء الثلاثين من القرآن الكريم فيها من المواعظ والإرشادات ما يكفي لتوضيح ‏كيفية معاملة الضعفاء والمحتاجين والمكلومين من الناس، لكنه من الواضح أن الحكومة من أدنى فرد في ‏الشرطة الخاصة إلى أعلى منصب فيها، لم تعن بهذه الآيات ولم تعرها التفاتا، مما يؤكد بأن الرأسمالية ‏طريقة فاسدة في العيش والتعامل مع البشر، وأن سعيها الوحيد هو جني الثروات، وحتى أن الاضطهاد ‏يصل إلى أولئك الذين يكونون جزءا من جني الثروات.‏


إن العودة للقرآن وسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي الحل الوحيد الصحيح لتحقيق الأمن والسعادة للبشرية، هنا ‏يحمي القوي الضعيف وذلك لنيل رضوان الله سبحانه وتعالى لا لفائدة دنيوية، وكيف سيطبق دين الله ‏ويسود العدل الأرض بدون إقامة الخلافة على منهاج النبوة؟

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سعد

 

إقرأ المزيد...

خبر وتعليق سوريا: الهجمات التي تقودها الولايات المتحدة لم تضعف تنظيم الدولة الإسلامية

  • نشر في خبر وتعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 542 مرات

 

الخبر:‏


بيروت (رويترز) - قال وليد المعلم وزير الخارجية السوري إن الغارات الجوية التي تقودها الولايات ‏المتحدة أخفقت في إضعاف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا وإنه لن يتم القضاء على هذا التنظيم إذا لم ‏يتم إجبار تركيا على تشديد القيود على الحدود.‏


وبدأ تحالف تقوده الولايات المتحدة في مهاجمة أهداف لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في سبتمبر ‏أيلول في إطار حملة أوسع لتدمير هذا التنظيم الذي استولى على مساحات شاسعة من سوريا والعراق.‏


وقال المعلم في مقابلة مع قناة الميادين التي تتخذ من بيروت مقرا لها يوم الجمعة إن كل المؤشرات ‏تقول إن تنظيم الدولة الإسلامية اليوم بعد شهرين من الهجمات الجوية التي يشنها التحالف لم يضعف.‏

 

التعليق:‏


لا يخفى على المدقق والمتابع حقيقة السياسة الأمريكية القائمة على فتح الأبواب أمام عصابة ‏البغدادي، للاستيلاء على الأموال سواء من عوائد النفط أو المصارف والبنوك كما حدث في الموصل، ‏والاستيلاء على الأسلحة والعتاد من خلال الانسحابات المشبوهة كما حدث في العراق، وكذلك المد ‏بالرجال من خلال غض الطرف عن الحدود التركية السورية.‏


وحتى تحقق أمريكا أهدافها الخبيثة فهي تسعى لإطالة عمر الصراع وعدم حسمه سريعا، كما عبر ‏عن ذلك بعض الساسة الأمريكيين من أن محاربة تنظيم الدولة قد يستغرق عقودا من الزمن، أي أن هذه ‏الحالة باقية وتتمدد طالما أنها تخدم تحقيق الأهداف الاستعمارية ومنها:‏


‏١- تشويه فكرة الخلافة عبر استخدام المثال الأسوأ لها


‏٢- ضرب المشروع التحرري الحقيقي في المنطقة فكريا وحضاريا


‏٣- تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ لكيانات أضعف مما هي عليه اليوم


‏٤- استباحة أرض الشام عسكريا للحلف اللئيم بقيادة أمريكا


‏٥- استئصال الثورة السورية والقضاء على ماهيتها الإسلامية


‏٦- بث اليأس في صدور أبناء الأمة الإسلامية من إمكانية نجاح الثورات على أساس الإسلام


‏٧- التمهيد لأي تدخل عسكري أممي إجرامي ضد أي كيان مستقل قد يظهر في الشام.‏


إلا أن هذه الأهداف والسياسات يمكن إفشالها وكشفها وتعرية وهزيمة القائمين عليها، وهذا يكون من ‏خلال الالتفاف حول ثوابت ثورة الشام القاضية بإسقاط النظام السوري بكافة رموزه ومؤسساته، والتحرر ‏من الهيمنة الاستعمارية الغربية بكافة أوجهها وأشكالها، وإقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.‏
فالله نسأل أن تجتمع الكتائب الثورية المقاتلة المخلصة حول هذه الثوابت وتقطع دابر المشركين

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو باسل

 

إقرأ المزيد...

مع الحديث الشريف باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 930 مرات


نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في "باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود"

 

حدثني إسماعيل بن سالم أخبرنا هشيم أخبرنا خالد عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبادة بن الصامت قال: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء، أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا يَعْضَهُ بعضُنا بعضاً، فمن وفّى منكم فأجره على الله ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه، فهو كفارته ومن ستره الله عليه فأمره إلى الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.


ولا يَعْضَهُ بعضُنا بعضاً أي: لا يرميه بالعضيهة وهي البهتان والكذب.


هذه جملة من المخالفات الشرعية، حذرنا رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم- من مغبة الوقوع فيها، إلا أن المسلمين في هذا الزمان قد وقعوا فيها، وأصبحت جزءا من حياتهم، ولا رقيب ولا حسيب، فمن سيقيم على هؤلاء الحدود ليطهرهم مما وقعوا فيه؟ أتُراها دولة السعودية التي تدعي أنها تطبق الإسلام زورا وبهتانا؟ أم تُراها إيران الجمهورية التي تقاتل إلى جانب بشار، في مجازر تعجز عن وصفها الحروف والكلمات، أم تُراها تركيا أردوغان الذي أشبع العالم تهديدا ليهود، وهو ينسق ويعقد مع هذا الكيان المسخ الاتفاقيات بعد الاتفاقيات؟ أم تراها السودان وبشيرها الذي فصل جنوبها وقطّع أوصالها؟ من سيقيم حدود الله على من يرتكب هذه الفواحش؟ وأين تطبيق الإسلام في تركيا أو السودان أو إيران أو غيرها من بلدان المسلمين؟ إذن المسلمون في كرب عظيم، فهم يرتكبون الفواحش، ولا يجدون من يطهرهم؛ بل تدعي بعض الدول تطهيرهم بجلد أو سجن أو قتل، والله سبحانه بريء من أحكامهم. فحسبنا الله ونعم الوكيل.


احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إقرأ المزيد...

تلخيص كتاب التفكير 7

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1922 مرات

 

أما النصوص الشرعية ففهمها بحاجة إلى معرفة دلالة الألفاظ والتراكيب، ثم معاني الألفاظ والتراكيب، ثم استعمال معلومات معينة للوقوف على الفكر، فتجب معرفة اللغة ألفاظا وتراكيب، ومعرفة اصطلاحات معينة، ثم الوقوف على الأحكام. وإن كانت النصوص الأخرى يمكن قراءتها، ولكن النصوص التشريعية لا يجوز قراءتها من غير الإسلام؛ وذلك لأن القراءة إنما تكون من أجل الأخذ، ولا يجوز الأخذ من غير الإسلام، فإذا كانت الأفكار مبنية على العقيدة يكون ذلك مقياسا على صحتها، فالأحكام الشرعية تنبثق انبثاقا عن العقيدة، فالله سبحانه عندما قال اقرأ كان قد أباح القراءة، ولكنه سبحانه عندما حصر الأخذ بالأحكام الشرعية فقد جعل الإباحة خاصة بغير ما هو متعلق بالتشريع الإسلامي. والتفكير بالتشريع وإن كان يحتاج إلى معرفة باللغة العربية والأحكام الشرعية، إلا أنه يحتاج قبل ذلك إلى معرفة الواقع والحكم الشرعي ثم تطبيق الحكم الشرعي على الواقع، فإن انطبق عليه كان حكمه، وإلا فإنه يُبحث عن حكم آخر. والتفكير التشريعي يتطلب العناية بالألفاظ كالنصوص الأدبية، والمعاني والأفكار كالنصوص الفكرية، والوقائع والأحداث كالنصوص السياسية، فهو يتطلب العناية بكل ما تحتاجه النصوص الأخرى.


ويختلف التفكير بالنصوص الشرعية باختلاف الغاية، فالتفكير يكون لأخذ الحكم الشرعي أو استنباطه، أما أخذ الحكم الشرعي فيكفي فيه معرفة الألفاظ والتراكيب، وهي وإن احتاجت إلى معلومات سابقة عن الشرع إلا أنه يكفي فيها مجرد المعرفة الأولية، فلا تحتاج علوم البلاغة أو الفقه أو غيرها. فمثلاً إذا أراد الشخص معرفة حكم نوع من لحوم العلب فإنه يكفي أن يعرف أن لحم الميتة حرام وأن لحم العلب من هذا النوع لحم ميتة. أما التفكير لاستنباط الحكم الشرعي فإنه يحتاج إلى معرفة الألفاظ والتراكيب والأفكار الشرعية والواقع للفكر أي للحكم، فيجب أن يكون المُستنبِط عالما بالتفسير والأحاديث واللغة، وليس معنى كونه عالما هو أن يكون مجتهدا في هذه الأمور، بل أنه يستطيع أن يرجع إلى كتاب من كتب اللغة ليعرف إعراب كلمة، ويستطيع أن يسأل شخصا عالما بالأحاديث، فيكفي أن يكون ملما إلماما كافيا للاستنباط حتى يكون مجتهدا. لهذا فإن الاجتهاد خاصة هذه الأيام ميسور متوفر لكافة الناس، وهو وإن كان فرض كفاية، لكن تجدد الوقائع وتحريم الإسلام الأخذ من غيره يجعل فرض الكفاية هذا لا يقل لزوما عن فرض العين. ولكن يجب ألّا يؤخذ الحكم الشرعي بسهولة وخفة ودون تروٍ، بل المجتهد يجب عليه أن يكون دائم الملاحظة إلى ما تحتاجه النصوص من معرفة باللغة والأحكام الشرعية والواقع وانطباق الحكم الشرعي على الواقع، وإن كان هذا الأخير ليس من العلوم اللازمة للاستنباط، ولكنه نتيجة لصحة معرفة الأمور الثلاثة السابقة.


إن التفكير الشرعي هو لمعالجة مشاكل الناس، والتفكير السياسي هو لرعاية شئونهم، والتفكير السياسي يناقض التفكير الأدبي الذي يُعنى باللذة بالألفاظ والتراكيب. وأما بالنسبة للتفكير الفكري فإنه بحاجة لتفصيل، فهو إن كان تفكيرا في نصوص العلوم السياسية فإن التفكير السياسي والفكري يكادان يكونان نوعا واحدا، إلا أن التفكير الفكري يحتاج أن تكون المعلومات السابقة بمستوى الفكر، وإن كانت ليست من نوعه، فيكفي أن تكون متعلقة به، ولكن التفكير السياسي يحتاج إلى معلومات سابقة بمستوى الفكر ومن نوعه.


إن التفكير السياسي، كالتفكير بالأخبار والوقائع، هو أصعب أنواع التفكير؛ لعدم وجود أساس له يمكن السير عليه، لذلك فإنه يحير الباحث ويجعله عرضة للخطأ والأوهام إن لم يكن قد مر بالتجربة السياسية، ومتابعا للأحداث اليومية، ودائم اليقظة كذلك. وهو أعلى أنواع التفكير، وليس التفكير بالقاعدة الفكرية - مع أن جميع المعالجات تنبثق عنها - وذلك لأن القاعدة الفكرية نفسها هي فكر سياسي، وإلا فليست قاعدة صحيحة.


إن التفكير السياسي الحق هو التفكير بالأخبار، وإن كان يشمل التفكير بالأبحاث السياسية والعلوم السياسية، فهذان يجعلان الشخص عالما بالسياسة، أما الذي يجعل الشخص سياسيا فهو التفكير بالأخبار، على أن الإلمام بالعلوم السياسية ليس شرطا في التفكير السياسي فهي تساعد فقط في جلب نوع المعلومات عند الربط. على أن الغرب عندما نشأت عندهم فكرة فصل الدين عن الحياة والحل الوسط كانت الأبحاث السياسية قائمة على هذا الأساس، وعندما ظهرت الاشتراكية ظل أصحابها ملتحقين بالغرب؛ لذلك يجب الحذر عند قراءة هذه الأبحاث، لأنها تقوم على الحل الوسط.


إنّ العلوم السياسية كعلوم النفس، قائمة على الحدس، ومع أننا لا نفضل قراءة هذه الأبحاث لأنها من التشريع (كونها تحمل أفكار حكم)، إلا أنه نظراً لكونها نوعا من الأبحاث الفكرية فيها أبحاث سياسية فلا بأس بقراءتها من هذه الناحية.


ومن الأفكار السياسية التي تقوم على الحل الوسط عند الغرب هي فكرة القيادة الجماعية، ذلك أن القيادة كانت في الغرب فردية، فثار الناس وقالوا أن الشعب هو الذي يجب أن يحكم، فوضعوا حلا وسطا، وهو أن يقوم مجلس الوزراء بالقيادة، فهو ليس الشعب (بل الشعب يختار الحاكم)، وليس فردا، بذلك يكون قائماً على الحل الوسط. والواقع العملي يري أنه لا توجد فيه قيادة جماعية بل الذي يتولى القيادة هو رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء. كما أنهم قالوا بأن السيادة للشعب؛ لأنهم ضجوا من كون السيادة لحاكم يقرر ويملك الإرادة، فقاموا بإنشاء مجلس للنواب ينتخبه الشعب للتشريع، وهذا حل وسط؛ لأن الذي يشرع هو الحاكم وليس هذا المجلس، فوق هذا فإن واقع الحكم هو أن يختار الشعب الحاكم وتكون السيادة للقانون فلا سيادة للشعب ولا حكم للشعب. كذلك فإن الأمور العاطفية عندهم شيء والأمور الدينية شيء والحكم شيء، فهم عندما ثاروا على استبداد الحكام وتحكمهم بالكنيسة، فصلوا الأمور الخيرية والدينية عن الحكم، مع أن هذه الأمور هي من رعاية الشئون، والدولة هي التي تقوم بالإشراف عليها ولكن بأساليب خفية غير ظاهرة. هذا فيما يتعلق بالأبحاث السياسية فيما يتعلق بالأفكار، فكيف الأمر مع الوقائع والأحداث؟ والتي وإن كان فيها بعض الحقائق إلا أنها مملوءة بالمغالطات فيجب الحذر منها.

إقرأ المزيد...

"تونس شعلة الثورة" أين طريق النجاة؟!

  • نشر في سياسي
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 941 مرات


لقد تعاقبت على تونس - منذ بداية شعلة الثورة فيها - عدة حكومات، وكل حكومة من هذه الحكومات المتعاقبة كانت تُطيّر الوعود الكاذبة، إلى آذان الشعب المكلوم؛ بأن هذه الحكومة ورجالاتها ستكون طريق النجاة لها من غرقها في الفقر، والمشاكل المتعددة..


فقد جاءت بعد الثورة مباشرة حكومة (حكومة فؤاد مبزغ) - رئيس البرلمان السابق - (ومحمد الغنوشي) رئيسا للوزراء، وذلك بموجب الدستور، ثم جاءت حكومة (الباجي السبسي) بعد استقالة هذه الحكومة، وذلك بموجب مرسوم صادر من فؤاد المبزغ، وشكل حكومة تكنوقراط، وأعلن عن تحديد موعد للانتخابات في 24 تموز 2011، ثم أجلت إلى 23 تشرين أول 2011، وفي تشرين الثاني 2011 أجريت انتخابات (المجلس الوطني التأسيسي التونسي)، وقد فاز حزب النهضة بأعلى نسبة أصوات (89) مقعداً من أصل (217)، وتم تشكيل تحالف ثلاثي؛ بين ثلاثة أحزاب رئيسية هي: النهضة، والمؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وقد اتفق فيه زعماء الأحزاب على ترشيحهم (مصطفى بن جعفر) رئيس التكتل الديمقراطي لرئاسة المجلس التأسيسي، (ومنصف المرزوقي) زعيم حزب المؤتمر لرئاسة الجمهورية (وحمادي الجبالي) أمين عام حزب النهضة لرئاسة الحكومة، كما اتفقوا على توزيع حقائب الحكومة...


واليوم جاءت آخر فصول المؤامرة بعد المجلس التأسيسي، الذي أسس لمرحلة الفساد هذه بإنشاء دستور فاسد، مبني على أنظمة الكفر والفساد والظلم وبعيد كل البعد عن الإسلام؛ لتشتيت أفكار الناس، وزرع الفتن فيما بينهم..؛ هذا الفصل هو الانتخابات الديمقراطية التشريعية 2014، تعقبها الانتخابات الرئاسية 2014/11/23، لانتخاب رئيس جديد للبلاد على شاكلة من سبقوه من الرؤساء!!..


ونريد أن نقف على بعض الحقائق في ظل نتائج هذه الانتخابات؛ منها ما يتعلق بالانتخابات نفسها ونتائجها، ومنها ما يتعلق بوضع الفساد الذي ينخر تونس قبل الثورة وبعدها؛ بسبب القوانين السقيمة، والأشخاص الفاسدين (الوسط السياسي) المتحكمين في مصير البلاد والعباد...


أولا - أن الناظر إلى حال معظم الشعب في تونس، وإلى تعامله مع هذه الانتخابات؛ يرى أنه ليس مقتنعاً بهذه الانتخابات أصلاً، ولا بأي من المرشحين فيها، ولا حتى بنتائجها.. وأكبر دليل على ذلك هو النسبة المتدنية جداً التي شاركت في هذه الانتخابات، والنسبة المتدنية التي فاز بها أكثر الأحزاب أصواتا.. فقد سجلت اللجنة الانتخابية في إحصاءاتها؛ أن من يحق له الانتخاب في تونس هم 924 289 8 مواطناً، قد سجل منهم بالفعل 136 285 5 مواطناً وفق تصريحات الهيئة العليا للانتخابات، وأن نسبة من انتخبوا من هؤلاء المسجلين بالفعل ويحق لهم الانتخاب هي 61%؛ أي حوالي (3266214)، وأن نسبة الفوز لأكثر الأحزاب أصواتاً هي 37% من الأصوات المعتبرة صحيحة؛ أي حوالي (900 279 1)، وبناءً على ذلك تكون نسبة من صوتوا في هذه الانتخابات هي 39.4% من مجموع من يحق لهم الانتخاب؛ أي من الثمانية ملايين وربع المليون، وأن هذا الحزب الفائز (نداء تونس) قد حصل على نسبة 15.6% تقريبا ممن يحق لهم الانتخاب (أي تقريبا 1:7)؛.. وهذا الأمر يدلل أن النسبة الكبرى من أهل تونس (تقريبا 61% ممن يحقّ لهم التصويت، إضافة إلى الشباب دون سنّ الثّامنة عشرة، إضافة لمن صوّت ويرى الأمر فقط خطوة لإقصاء رجالات ما قبل الثورة) لا تؤمن بفكرة الانتخابات على هذه الطريقة الهزلية، ولم تشارك بها.. وليس عندهم أي قناعة بأن الأوساط السياسية الموجودة اليوم في تونس قادرة على إحداث أي تغيير نحو الأفضل..، ومن جانب آخر فإن حزب النهضة أصلا لا يريد أن يتقدم إلى منصب الرئاسة، وبالتالي فإن رموز النظام السابق هم من سيحكمون تونس في المرحلة المقبلة؛ لأن معظم رجالات حزب نداء تونس هم من رموز النظام السابق ومن حزب التجمع الديمقراطي الدستوري المنحل..


ثانيا - إن واقع الاقتصاد التونسي ينحدر إلى أسفل
منذ الثورة حتى اليوم ولم يصعد إلى أعلى؛ فقد ذكر موقع (الجزيرة نت) 2012/3/16 إن العجز التجاري تطور ليسجل 5.8%، مقارنة بـ 3.8% في سنة 2011، وإلى ارتفاع عدد العاطلين عن العمل الذي وصل إلى 800 ألف عاطل تقريبا، وذكر محافظ البنك المركزي (الشاذلي العياري) في 2014/11/19 خلال ورشة تفكير نظمتهما وزارة الاقتصاد والمالية تحت عنوان (استثمر في تونس، نحو جعل تونس قطبا ماليا): "أن الميزان التجاري يبقى نقطة الضعف الكبرى في الاقتصاد التونسي؛ إذ يسجل شهريا عجزا يقدر بمليار دينار...


وذكر أيضا وزير التكوين المهني والتشغيل (حافظ العموري) في 2014/11/19، أن الاقتصاد الوطني غير قادر اليوم على استيعاب كل الكفاءات التونسية، وتوفير مواطن شغل لها، وأكد العموري، أن الوزارة تعمل على إيجاد حلول لتشغيل أصحاب الشهادات العليا بالخارج رغم ضيق السوق الخارجية والصعوبات التي يواجهها التونسيون للاندماج في سوق العمل العربية لأسباب متعددة منها الأسباب السياسية.


وذكر وزير الاقتصاد والمالية (حكيم بن حمودة ) في 2014/11/4: أن نسبة العجز في ميزانية الدولة قد تصل هذه السنة إلى حدود 9,2% وهي نسبة مهمة لا يمكن الاستخفاف بها... وقال (عبد الرحمن الهذيلي)، رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية: "تعتبر المطالبة بتحسين ظروف العمل السبب الرئيسي الأول للإضرابات ومثلت سنة 2011 نسبة 43% من الإضرابات بينما ارتفعت إلى 49% سنة 2012، ووصلت إلى 55% سنة 2013 مما يدل على عدم التوصل إلى حل هذه الإشكاليات طيلة ثلاث سنوات، واحتل مطلب صرف الأجور وتوابعها السبب الثاني في الإضرابات بنسبة 43% سنة 2011 و35% سنة 2012 و32% سنة 2013 بينما كانت الإضرابات التي شُنّت للتضامن مع العملة ثالث سبب للإضرابات حيث بلغ نسبة 13% سنة 2011 و7.5% سنة 2012 و4% سنة 2013..." وفي تقرير جديد لصندوق النقد الدولي حسبما ذكرت (الصباح نيوز) 2014/4/8 إن تونس سجلت أعلى نسبة بطالة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حيث بلغت 16% وذلك بسبب عدم الاستقرار السياسي حسب التقرير..


ثالثا- الأمر الثالث الذي يعصف بالمجتمع التونسي ويجعله في انحدار اقتصادي مستمر، وفساد متراكم هو السلب والنهب الذي يمارسه المتنفذون في السلطة الفعلية في الدولة، حيث يرهنون البلاد والعباد، وثروات البلد للأجانب، مقابل حفنة من الدولارات يتقاضونها... فقد ذكر الأستاذ في الاقتصاد بجامعة تونس والخبير الاقتصادي (رضا قويعة) للجزيرة نت في 2012/3/16: "..أن الشركات الأجنبية تمثل نسبة 25% من النسيج الصناعي الذي يصل عدد الشركات فيه إلى 11 ألفا".


وقال الأمين العام لحزب الرفاه التونسي (محمد الفقي) 2014/6/13... تتمتع الشركات الأجنبية بثرواتنا الباطنية، علاوة عن عدم دفعهم للجباية، وتهربهم من الضرائب، مضيفاً إن الأرقام التي تصدرها الشركات البترولية والمتعلقة بطاقة الإنتاج غير صحيحة وتخفي الكثير من الواقع. وأكد ضرورة وضع مراقبة دائمة على الآبار النفطية حتى يتمّ الكشف عن الطاقة الإنتاجية الحقيقية للنفط بتونس، مطالباً بأن تتمّ عملية الرقابة من خلال خبراء من خارج وزارة الطاقة.


وذكر الكاتب (مكرم الأندلسي) في مقال بعنوان (حقيقة الثورة النفطية في تونس) 2014/3/20 حيث قال: "..هناك تقارير دولية منها تقرير (للمؤسسة الأمريكية للمسح الجيولوجي)، والمختصة في علوم الأرض، يشير إلى أن تونس "تسبح فوق حوض ضخم من النفط"... يقول التقرير: ".. أن 97 مليار برميل من البترول و 38.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي السائل موزعة بين تونس وليبيا.. كما أن بحوثاً موازية لمؤسسة (أكسفورد للدراسات الاقتصادية) أكدت أن مقدرات تونس من النفط والغاز الطبيعي "غير المعروفة" و"غير المستغلة" تسمح لتونس بأن تكون ضمن الدول المنتجة للنفط..". وأضاف: ".. في دول العالم النفطية توجد شركات أجنبية سواء للتنقيب أو للاستخراج أو للتكرير، والاتفاقيات مع هذه الدول، تقوم على أساس أن تقوم الشركات الأجنبية باستخراج النفط وتسليمه للسلطات المختصة في الدولة، مقابل مبلغ مادي جراء الاستخراج، والدولة تبيع نفطها لمن تريد وبأي ثمن تريد...أما في تونس: فان شركة (بريتش غاز) مثلا تستخرج 60% من إنتاج الدولة من النفط، وتقوم - حسب الاتفاقيات المبرمة مع الحكومات السابقة - بالتصرف فيما تستخرجه من أرضنا مقابل دفع مبلغ مالي منصوص عليه في الاتفاقية لصالح الدولة وهذه الاتفاقيات طويلة الأمد؛ يعني على مدى 40 أو 50 سنة يكون فيها المبلغ المالي ثابت، في حين أن قيمة النفط في تزايد يوما بعد يوم... بل والأكثر من ذلك؛ أكد (رضا مأمون) (الخبير في المجال) عبر إحدى القنوات التونسية الخاصة: "أن جميع المسئولين في الدولة ليس بمقدورهم تقديم رقم حقيقي حول إنتاج تونس النفطي، وأن أرقام وزارة الصناعة لا تمت للواقع بصلة، ولا يمكن حصر هذا الإنتاج بسبب عمليات النهب والسرقة المنظمة التي تقوم بها الشركات العالمية العاملة في القطاع" على حد تعبير الرجل... إن هناك ألف سؤال واستفهام يطرح حول حقيقة ثروات تونس النفطية، وعن سر هذا التكتم الشديد على هذا الملف المهم الذي تؤكد كل الدلائل على وجود فساد فيه.. وبين لعبة السياسيين وحساباتهم، يضيع حق التونسيين وأملهم في حياة كريمة كباقي الشعوب المتحضرة.. وهكذا يتم تهريب الأموال ونهب ثروات البلاد من الذهب الأسود!!.


وفي هذا المجال أيضا أجرت (الأستاذة فوزية باشا) بحثا شاملا على جميع الشركات النفطية المباشرة في تونس ومن بينها شركة (فوايجور كوربورايشن) التي هي على ملك (سليم شيبوب)، والتي أثارت الصحافة الإلكترونية العالمية مسألة التفويت فيها لفائدة شركة (اناداركو) بمبلغ ستون مليون دولار أمريكي (60.000.000 م دولار) بعد الثورة ومنحت قرارا بالموافقة من اللجنة الاستشارية للمحروقات في أكتوبر 2011 إضافة إلى موافقة (رشيد بن دالي) المدير العام للطاقة، و(عبد العزيز الرصاع) وزير الصناعة في حكومة (الباجي قائد السبسي)، قبل حوالي أسبوع من تولي الحكومة الحالية، ثم تبين أن شركة (انادركو) التي اشترت حصة (سليم شيبوب) ممثلها القانوني هو (صلاح الدين قائد السبسي) أخ الباجي قائد السبسي، والأغرب من ذلك أن رأس مالها كشركة تنقيب على النفط في صحراء تونس ألف دينار كما هو وارد في السجل التجاري.


وكتبت (نادية الزائر) في (جريدة الضمير) في 2013/11/25: ".. وفيما يتعلق بمظاهر الفساد في هذا المجال فهي عديدة، ولكننا سنكتفي بما كشفه تقرير (دائرة المحاسبات) لسنة 2011، وتقرير (لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة) في هذا القطاع، أو ما يسمى بـ (مافيا الطاقة)، التي يترأسها (بلحسن ومراد الطرابلسي)، وعضدهما الأيمن وهو (عماد الدرويش)، الذي أهدى حقل الغاز الطبيعي شرقي سنة 2006 إلى شركة (بتروفاك) بأمر من (بن علي وعفيف شلبي) وزير الصناعة وبعمولة مقبوضة - كما أسلفنا - من (المنصف الطرابلسي) قدرها 3 مليارات، قبضها بحسابه في دبي، وحكم بالسجن لسنتين فقط وحده دون شركائه في الارتشاء، ومع الأسف اليوم يسعى إلى التفويت في حقل (زارات) و(ديدون) اللذين تستغلهما شركة (PA resources) لفائدة شركة (ENREQUEST) البريطانية؛ لمالكها (لأمجد بسيسو)؛ وهو شريك (منصف الطرابلسي) في رشوة (حقل الشرقي)، ومع ذلك لم يحاكم منهم أحد سوى (منصف الطرابلسي)، مع علمنا بطبيعة الأحكام الصادرة في مثل هذه القضايا.


وفوق هذا المسخ والتردي الاقتصادي، ونهب الثروات من قبل الحرس القديم ورجالاته المتحكمين في تونس، وتعطيل الأراضي الزراعية وعدم استغلالها من قبل الشعب؛ ما زال السياسيون في تونس حتى بعد الثورة والتأسيسي والتشريعي - ما زالوا يرهنون البلاد والعباد لسياسات صندوق النقد والبنك الدوليين وذلك عن طريق أخذ القروض من هذه المؤسسات الاستعمارية... فقد أكد (وزير الاقتصاد والمالية حكيم بن حمودة) 2014/8/29، أن صندوق النقد الدولي وافق على إعطاء تونس قرضاً بقيمة 217 مليون دولار وشدد أن سنة 2015 ستكون صعبة جدا.. كما حذّر (علي عبد الله) أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية والخبير الاقتصادي من التداين من صندوق النقد الدولي؛ الذي لا يقدم الديون إلا بشروط مجحفة، وفرض سياسة اقتصادية قد تواصل في تكريس إلحاق الضرر بالبلاد، على غرار ما حصل بعد سنة 86، والذي ما زالت تبعاته ترهق اقتصادنا إلى اليوم؛ حيث أبقت الاقتصاد التونسي دون هوية داعيا إلى التعامل مع الدول بعيدا عن التنظيمات الدولية.


وفي دراسة أعدّها المحلّل الاقتصادي (مهدي خوجة الخيل) عن هذا الموضوع، قال: "انتقد طويلا شحّ الأرقام، وعدم التزام المؤسسّات الماليّة التّونسيّة بالشفافيّة في إصدار المعلومات، ومن خلال ما تيسّر له الحصول عليه من معطيات توصّل إلى الاستنتاج بأنّ مؤشّر النّاتج الدّاخلي الخام، ومؤشّر الدّخل الوطني الخام لا يمثّلان مؤشّرين موضوعيين وجديّين لقياس حجم المديونيّة. فهذان المؤشّران لا يبيّنان ثقل المديونيّة ويهمّشان خطورة فوائضها، بل إنّهما قد يحثّان على مواصلة الاستدانة، وباعتماده منهجا يَفصل بين أصل الدّين وبين فوائضه، توصّل الباحث إلى رصد وقْع المديونيّة على الاقتصاد التّونسي... ففي سنة 2009 مثلا، دفعت تونس مبلغ 8802,7 مليون دينار لسداد أصل الدّين ومبلغ 19623,9 مليون دينار لسداد الفوائض، بما يعني أن حجم الفوائض المتراكمة تجاوز ضِعفَ المبلغ المُسدَّد... وبلغ مقدار الدّين الخارجي الإجمالي التّونسي وفق معطيات (البنك المركزي) إلى حدود شهر حزيران/يونيو من سنة 2012 مبلغ 34636,9 مليون دينار. وإذا ما أضفنا ذلك إلى الدّين الدّاخلي لسنة 2011 والمُقدّر بـ 58612 مليون دينار، فإنّ المجموع يكون 93248,9 مليون دينار، أمّا إلى حدود شهر شباط/فبراير 2013، فإن الدّين التّونسي قد جاوز وفق ما صرّحت به (إيفا جولي، عضو البرلمان الأوروبي)، الـ 20 مليار يورو، أي ما يفوق الـ 40 مليار دينار، وبذلك تكون نسبة الدّين العام الدّاخلي منه والخارجي قد جاوزت الـ 150 في المئة من النّاتج الدّاخلي الخام... ثم يتابع قائلا: ".. فدوّامة المديونيّة هي أبعد من أن تكون مجرّد عملية اقتراض مالي، إنها سياسة محكمة تهدف إلى وضع الاقتصاد تحت السّيطرة، وإخضاعه لإملاءات سياسيّة يصبح بموجبها الاستقلال الاقتصادي عن الدّوائر المانحة مستحيلا.. فالمديونيّة لا تقف عند حدود الاستغلال الفاحش للطّبقات الاجتماعية الأقلّ حظّا والاعتداء على مكتسباتها، بل تتعدّاها إلى التّهديد الصّارخ للسّيادة الوطنيّة، وليس أدلّ على ذلك من أن مديونيّة تونس في القرن التّاسع عشر قد كان أهمّ نتائجها وقوع الحماية وبداية الاستعمار المباشر.


وخطر هذه القروض على تونس وغيرها كبير جدا؛ لدرجة أن البلد تصبح رهينة للدول الاستعمارية؛ فقد جاء في كتاب (صناعة الفقر للمسلمين) للباحث محمد سلطان: "... يقول (يوجين بلاك) رئيس البنك الدولي الأسبق: "تؤلف برامج المساعدات الخارجية فائدة واضحة للمصالح الأمريكية وهناك ثلاث فوائد رئيسية هي:


1- تنشط المساعدات الخارجية تنمية أسواق خارجية جديدة لشركات الولايات المتحدة الأمريكية..


2- توفر المساعدات الخارجية سوقاً واسعاً وفورياً لبضائع وخدمات الولايات المتحدة الأمريكية..


3- توجه المساعدات الخارجية الاقتصاد الوطني ناحية نظام اقتصادي حر تنتعش فيه شركات أمريكا..


ولقد قال الرئيس الأمريكي (كيندي) 1961: "إن المساعدات الخارجية هي أسلوب تحافظ به الولايات المتحدة الأمريكية على النفوذ والسيطرة في العالم أجمع"!!..، أما الرئيس الأمريكي نيكسون فقد قال في سنة 1968: "دعونا نتذكر أن الهدف الأساسي للمساعدات الأمريكية ليس هو مساعدة الأمم الأخرى، بل مساعدة أنفسنا.."


رابعا- الأمر الرابع من أمور الفساد المستمر والمتزايد في تونس هو "بقاء الوسط السياسي القديم في عهد بن علي متربعا في الحكم ومتحكما في رقاب الناس بوجوه وأسماء جديدة وشعارات جديدة كاذبة"...


فقد كتب (محمد هنيد) 2014/11/13 في (صحيفة الوطن) "...إن القوى التي استلمت السلطة - إثر الثورة مباشرة - تنتمي كلها إلى الحرس القديم، وإلى رجال (بن علي)... بل إنّ من الذين تصدروا المشهد في اليوم التالي للثورة هو واحد من أشرس زبانية بن علي؛ ممن عذبوا آلاف التونسيين في أقبية وزارة الداخلية السيئة الذكر؛ حكومة (محمد الغنوشي) الأولى، ثم حكومة (الباجي قائد السبسي) كانتا أول من وضع الأسس المركزية للثورة المضادة؛ حيث تم إعدام آلاف الملفات والوثائق الحساسة، وعجنها في معامل الورق أمام أعين الكاميرا؛ حتى يتم تبييض شبكات الفساد التي نهبت الاقتصاد الوطني، ورهنت الثروات الوطنية للشركات الأجنبية إلى اليوم.. بعد هذه المرحلة من إتلاف الوثائق، وتبييض الجلادين، تم تفخيخ مختلف مفاصل الدولة بعناصر تنتمي إلى الحرس القديم، حتى تعطل قدر الإمكان عملية الانتقال الثوري، وحتى يتم القضاء تدريجيا على الزخم الثوري الوليد. إثر الانتخابات الأولى في أكتوبر 2011 وفوز المحسوبين على التيار الإسلامي مع طيف كبير من الأحزاب الثورية مثل؛ (حزب التكتل من أجل العمل والحريات) و(حزب المؤتمر من أجل الجمهورية)، مرت الثورة المضادة إلى المرحلة الثانية من عملية استعادة السلطة... الانتخابات الرئاسية القادمة ستحسِم - دون أدني شك - مسألة عودة النظام القديم أو (عصابة السرّاق) - كما سماها التونسيون - وهي في كل الحالات نافعة للتونسيين وللوعي العربي بما به تُحسم الثورات.. فإن عادت العصابة بشبكات النهب الممتدة، سيعلم الثوريون كيف تُدار الموجة القادمة من الثورة العربية أُسوةً - بالثوّار الفرنسيين والبلاشفة الروس - وغيرها من الثورات الناجحة في تاريخ الأمم، والتي استأصلت رأس الفساد - ساعة الثورة نفسها -، وإن توازنت كفة المشهد السياسي فاعلمْ أن المعركة لم تحسم بعدُ مع جلاد الشعب، وأنّ في أفريقية عِرق ما زال ينبض بالكرامة والحرية وإرادة الحياة"!!.


وكتب (الأسعد الذوادي) عضو المجمع المهني للمستشارين الجبائيين والجمعية العالمية للجباية ومعهد المحامين المستشارين الجبائيين بفرنسا قال: "...هناك جمعيات أجنبية تمول من قبل جهات أجنبية، ليس لها من أهداف خفية سوى جمع معلومات حول كل ما يدور في البلد، مثلما كانت تفعل ذلك سلطات الاستعمار البريطاني، وإعداد تقارير سرية يتم بعثها إلى الخارج... أتذكر أن إحدى الجمعيات تم تعيين مسير عليها ألماني الجنسية مباشرة، بعد أن أنهى دراسته بالجامعة العبرية بتل أبيب... لا ننسى أيضا الجمعيات التي تستعمل اليوم كواجهة لتمويل أنشطة أحزاب سياسية، علما أن تلك الجمعيات تحصل على تمويلات أجنبية، باعتبار أنه محجر على الأحزاب الحصول على تمويلات أجنبية.


وفي رسالة اتهام مبطنة من قبل (منصف المرزوقي- للباجي السبسي) بارتباطه بالحرس القديم، انتقد زيارة رجل الأعمال المصري ومؤسس (حزب المصريين الأحرار)، (نجيب ساويرس)، إلى تونس في 2014/11/19، بدعوة من الباجي قايد السبسي، رئيس حزب نداء تونس، ومنافسه في الانتخابات الرئاسية المقررة الأحد المقبل.. وفي مؤتمر انتخابي بمدينة بنزرت (شمال البلاد)، حضره حوالي 3000 من أنصاره، افتتح المرزوقي كلمته بالتعليق على الزيارة، وقال: "كانت لها أهداف ورسائل، خاصة أن مدير حملتي أعلمني أن قناة تلفزيونية مصرية تابعة لنجيب ساويرس، حين نقلت خبر الزيارة وصفت الباجي قايد السبسي بأنه رئيس تونس المؤقت"، واصفا ساويرس بأنه "عراب الثورات المضادة" في العالم العربي.


إن بقاء هذه الألوان من الفساد وغيرها في أرض تونس الأبية ورجالها الأحرار الرافضين للذل والاستعباد.. تونس شرارة الثورة والتحدي والتصدي لألوان الظلم والقمع، سوف يشعل شرارة الثورة مرة أخرى، ولكن بطريقة مختلفة عن الأولى كل الاختلاف، لأن الشعب قد عرف موطن الداء وسبب البلاء، وعرف موطن الخطر في أرضه وعرف رجالات الاستعمار المتسترين خلف الشعارات الكاذبة البراقة.. نعم ستكون ثورة واعية ومبصرة لطريق الخلاص ومبصرة للمخلصين من أبناء تونس؛ الذين يصدقون القول والعمل من أبناء دينها ومبدئها، ومن جنس الفكر الذي يحملون في قلوبهم وعقولهم... وهذا ما يتخوف منه الاستعمار المتحكم بالقرار السياسي في تونس، فهو يخاف أن يصل الأمر بالشعب التونسي إلى حد الثورة مرة أخرى على كل القوى السياسية الحالية؛ نتيجة فشلها في إنقاذ البلاد والعباد من الفقر المدقع ومن الفساد السياسي والعسكري.. ومن حصول أي تغيير صحيح في تونس على أساس الإسلام، ويخاف أيضا أن هذا التغيير سيشعل المنطقة بأكملها، وستنطلق شرارة الثورة الجديدة سريعاً إلى الدول المجاورة؛ لأنها تعاني ما يعانيه أهل تونس من فساد وظلم؛ كالجزائر وليبيا والمغرب؛ لأن هذه الدول تعاني ما تعاني من ظلم الزمر المتحكمة في خيراتها، وفي قرارها السياسي؛ حيث جعلوا أغلب أهلها فقراء دون خط الفقر، وأطعموا كل خيرات بلادها للشركات الأجنبية تماماً كما هي الحال في تونس المكلومة المظلومة، وزيادة على الفقر والظلم فإن الاستعمار يمارس عن طريق هذه الزمر الحاكمة أبشع ألوان القهر والتسلط والظلم السياسي في أرضها، ويشعل الفتن بين أطياف الشعوب فيها؛ كما هو حاصل في ليبيا من فتنة واقتتال تأكل أبناءها خدمة لأمريكا ودول أوروبا، وكما هو حاصل كذلك في الجزائر من محاولات لإشعال نار العرقيات في داخل الولايات المتعددة...


إن هذه المسرحية الهزلية في أرض تونس الأبية لن تطول طويلاً، حتى تعلن فشلها قريبا بإذنه تعالى - كما أعلن من سبقها - وحتى يدرك أهل تونس جميعاً ذلك؛ سواء منهم من شارك في هذه الانتخابات أو من لم يشارك.. فأهل تونس والحمد لله واعون ومدركون جيدا لمجريات الأحداث، ويتميزون في هذه الناحية على كل المحيط من الدول المجاورة!!...


إن إنقاذ تونس وطريق نجاتها ليس في انتخابات، وليس في تعاقب وزارات، ولا رؤساء يتغيّر فيهم شكل الوجه والهندام، وإنما هو في انقلاب حقيقي، وليس صورياً خادعاً كاذباً، وهذا الانقلاب يكون فكرياً ابتداءً، لأن أساس البلاء الذي جلب هذا التزوير وهذا الخداع والأكاذيب هو الفكر الديمقراطي الغربي المزيف، المرتبطة خيوطه عند أكابر الساسة الموالين للدول الكبرى؛ أمريكا ودول أوروبا...

 


فإذا أراد أهل تونس الخيرون الأحرار أن يخرجوا من هذا النفق الظالم المظلم، وهذه الحفر السوداء الحالكة فعليهم أن يتبعوا الخطوات التالية:-


1- إحداث انقلاب فكري شامل على أساس صحيح، وخلع جذور هذا الفكر المنحط الذي أهلك البلاد والعباد، وجعل ثلة من المتسلقين المنتفعين من عملاء الاستعمار يتخفون وراءه، ويهلكون البلاد والعباد، وينهبون ثرواتها ويجعلونها نهباً للأجنبي الكافر، وذلك تحت شعارات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وفي الحقيقة لا يوجد حرية ولا حقوق للمواطن إنما هي عبودية، وهضم للحقوق حتى من لقمة العيش واستمرارية الحياة!!..


2- خلع كل رموز الوسط السياسي السابق والحالي، وأن يستبدل بهم وسط سياسي مخلص، ونظيف من العمالة والتبعية السياسية والفكرية للغرب.. فحزب نداء تونس الذي جعله الاستعمار يحصل على النسبة الكبرى في الانتخابات هو حزب رهينة للكافر المستعمر، وأغلب رجالاته هم من الوسط السياسي السابق الذي دمر تونس وجعلها خراباً، وقد استلم بعض رجالاته الحكم في المرحلة الأولى بعد الثورة، وثبت فشلهم سياسياً وإدارياً، وازدادت الأمور في عهدهم تردياً وانحطاطاً وفقراً.. أما حزب النهضة فإنه حزب إمعة لا يريد أن يحكم ولا يريد أن يترك الحكم، إنما يريد أن يبقى ذيلاً وتبعاً، يدعم المنافقين من السياسيين كالمرزوقي والسبسي، وغيرهم من رموز الفساد، فهذا حزب لا يستحق أصلاً أن يُنتخب لأنه فاشل في طريقة وجوده في جهاز الحكم، وفاشل أيضاً لتخليه عن فكره ومبدئه مقابل بقائه في الحكم؛ إرضاءً للعلمانيين والمنافقين من أذناب الاستعمار، وباقي الأحزاب هي على شاكلة هذين الحزبين إضافة إلى أنه ليس لهما حضور قوي في الانتخابات؛ أي إنها ستكون تبعاً لسياسات الأحزاب الكبرى الموالية للغرب..


3- وضع الإسلام - دين الأمة - موضع التطبيق، في الحكم وفي كافة مناحي الحياة الاقتصادية، والسياسية (الخارجية والداخلية)، والاجتماعية وغير ذلك من شئون إدارية..


فالإسلام هو دين الشعب التونسي، وأغلب الشعب في تونس يريد الإسلام، ويريد تطبيقه، وقد أثبتت الانتخابات السابقة 2011 أن الشعب بالفعل يريد الإسلام، حيث حصل حزب النهضة سنة 2011 على 89 مقعداً وهي أعلى النسب لأنه رفع شعار الإسلام، ولولا ما فعلته حركة النهضة من أفعال سيئة انعكست سلباً على قطاع واسع من الشعب، لصوت الشعب مرة أخرى بنسبة عالية لها في الانتخابات الحالية 2014.. لكن الشعب أدرك يقيناً أن حركة النهضة ليس لها أي صلة بالإسلام إلا من حيث الشكل والقشور، ولا تحمل الإسلام إطلاقاً في الجوهر والمضمون، وأدرك أيضا أن الانتخابات هي عبارة عن أُلهية لا تأتي بجديد، ولا تغير شيئا من الواقع بل تزيد الأمور ترديا وانحدارا..


فأهل تونس مسلمون ويحبون الإسلام، رغم كل حملات التغريب والانحلال الذي مارسها النظام السابق، لجعل تونس قطعة من أوروبا في صفاتها وطريقة عيشها، وأخلاقها وكافة مناحي حياتها الفكرية والعملية، فعاد أهل تونس إلى أصالتهم وجذورهم الفكرية السليمة، يلتفّون حول الإسلام، وترنو أعينهم إلى وضعه موضع التطبيق في الحكم والسلطان..


والحقيقة أن هذا الأمر يحتاج إلى ثورة من قبل الشعب على هذا الفساد المتجذّر في الأوساط العميلة، ويحتاج إلى إيصال الفكرة الصحيحة عن الإسلام الصافي النقي إلى أوساط عامة الناس في تونس، وإلى إيصالها بعد ذلك إلى سدة الحكم والسلطان، بعد أن تعرّيه كل هذه الأكاذيب الواهية باسم الدين والإسلام.


وهذا الأمر - في الحقيقة - قد قطع شوطاً كبيراً، حيث أصبح قطاع واسع من الناس يدركون مسألة ركوب موجة الدين لأهداف سياسية من قبل بعض الأحزاب، وبقيت مسألة إفهام الجماهير ما هو الإسلام الصحيح الواجب التطبيق؟؟،، وكيف سينهض هذا الإسلام بالأمة في جميع جوانب حياتها.. وهي مرحلة الصراع الفكري والسياسي الحاصلة الآن في أوساط تونس الحزبية والجماهيرية...


4- تعميق وتوسيع دائرة الصراع الفكري والكفاح السياسي في كل أرجاء تونس، وفي كل الأوساط السياسية والعسكرية، وفي طبقات الشعب المختلفة، وذلك عن طريق وضع الخط الصحيح بجانب الخطوط العوجاء الموجودة في البلاد..


فهذه المرحلة لا بد منها في هذا الوقت بالذات، وهي المرحلة التي تعمق الفهم، وتضيء للناس طريقهم وترشدهم إلى درب نجاتهم، وتبين في الوقت نفسه الفساد العريض وأسبابه الذي يهدم أمور الحياة والثقافة والدين والاقتصاد وكل شيء.. ويجب أن يبين الواعون من المسلمين أمرين مهمين؛ الأول: التبعية السياسية والفساد بسببها، والثاني: التردي والانحطاط الاقتصادي، نتيجة تطبيق القوانين الرأسمالية الكافرة في النظام الاقتصادي، وبسبب القروض الأجنبية المجحفة، وسياسات النهب والسلب للثروات، وبسبب إهدار الثروات داخل البلاد، وعدم استغلالها استغلالا صحيحا.. فهذان الأمران هما الضربة القاضية التي توجه لرموز الفساد الحالي، ولا يستطيع أن يدافع عن نفسه مهما تخفى وراء الجدر والأكاذيب، لأن الناس يلمسون الفساد ويعايشونه يوميا..


وفي هذا الصراع يعرض الواعون صوراً وضاءة من أحكام النظام الاقتصادي العادلة، وصورا وضاءة من التاريخ الإسلامي عندما طبق الإسلام، كالصورة التي رسمها الخليفة العادل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عام الرمادة، ومقارنة ذلك مع سياسات النهب للبلاد في ظل الفقر والجوع، وتعرض الصورة الوضاءة التي عاشتها الدولة الإسلامية في عهد الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز عندما طاف السعاة بالزكاة فلم يجدوا من يأخذها، مقابل الصورة الموجودة في تونس من الفقر والحرمان والهجرة إلى خارج البلاد.. وتعرض كذلك الصور الوضاءة لتونس عندما كانت تطبق الإسلام في ظل القادة العظام، وكيف أنها كانت محطة انطلاق الفتح الإسلامي نحو أوروبا، وكيف أنها سميت بالخضراء بسبب الرايات والجيوش المنطلقة من أرضها نحو الفتوح..


فالفكر الضعيف الخاطئ لا يستطيع إطلاقاً أن يقف أمام الفكر الصحيح، حتى وإن تزين بعدة أثواب فلا بد أن يظهر عواره وتخرج رائحته النتنة، ويظهر فساده في أرض الواقع... لذلك سيلجأ حماة هذا الفكر إلى أساليب البطش والتنكيل والسجون للدفاع عنه، ومنع انهياره أمام ضربات المخلصين من أهل تونس..


5- الصبر والصمود والثبات أمام المرحلة المقبلة، لأن كل الأعمال التي حصلت من تزوير للانتخابات، ووضع حركة النهضة في الواجهة كي تكون تبعا في المرحلة المقبلة، وإطلاق التصريحات المتعددة والمتجددة والتهديدات لمحاربة الإرهاب الفكري والسياسي والعسكري.. كل ذلك هدفه هو حماية الفساد من ضربات المخلصين الفكرية والسياسية، وتعرية سياساتهم، لذلك لا غرابة إذا لجأ الحكام الجدد بأمر من أمريكا وأوروبا إلى حملات سياسية؛ من اعتقالات وقمع، وأحكام عالية، ومنع من ممارسة الحق في التعبير عن الرأي.. وكل ألوان الإرهاب الفكري والسياسي على شاكلة النظام السابق، وبدعم من حركة النهضة المشاركة في الحكم الآن.. لا غرابة في ذلك، لأنه إن لم يفعل النظام ذلك فإنه سينهار سريعاً، لذلك سيحاول حُرّاسه وأتباعه حمايته وإطالة عمره.. ولكن في النهاية سينهار لأن الناس قد ضاقت ذرعاً، وعندها استعداد أن تثور من جديد على هذا الظلم، بعد زوال الغيمة الحالية التي يتفيأ في ظلها ويمارس أكاذيبه تحتها.. فهذه غيمة صيف ستنقشع سريعا وينكشف هذا الظلم أمام الشعب على حقيقته..


وفي الختام نقول: لا بد لتونس الخضراء بتاريخها وحضارتها أن تعود إلى أصالتها، فتعود كما كانت شعلة في بلاد المسلمين؛ تحكم بالإسلام في ظل قادة عظماء كأمثال عقبة بن نافع وموسى بن نصير.. وتنطلق منها الجيوش الخضراء مرة أخرى إلى أوروبا.. فتكون بذلك شرارة الفتح الجديد كما كانت شرارة الثورة الجديدة...


نسأله تعالى أن يزيل هذا المكر الخدّاع من أرض تونس، وأن ينوّر عقول أهلها بنور الإسلام الصحيح.. كما نسأله تعالى أن يقصم ظهور المخادعين المتآمرين؛ عملاء الاستعمار وأذنابه عما قريب.. وأن يكرم أهل تونس بحكم الإسلام المشرق الوضاء لتكون تونس شعلة التغيير في العالم الإسلامي كما كانت شعلة الثورة على الظلم والفساد... آمين يا رب العالمين...


كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حمد طبيب - بيت المقدس

 

 

 

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع