- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال
أصناف الطعام الربوية
السؤال :
جاء في النظام الاقتصادي تحت عنوان الربا والصرف، ص261: "وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (الطعام بالطعام مثلا بمثل).... فإن ذلك كله لا يدل على أن علة التحريم الطعام، وإنما يدل على أن الربا يحصل في الطعام فيشمل جنس الطعام كله، فهو عام، فجاء حديث الرسول الذي رواه عبادة بن الصامت فحصر أصناف الطعام الربوية في: البر والشعير والتمر والملح، وعليه فإن لفظ الطعام العام الوارد في النصوص السابقة هو من باب العام المراد به الخصوص، أي أصناف الطعام الأربعة" انتهى
ولي سؤالان، أرجو توضيحهما وجزاكم الله خيراً:
1- لماذا قلنا بتخصيص حديث عبادة بن الصامت -والذي ذكر فيه الأصناف الستة جميعها- لحديث (الطعام بالطعام مثلا بمثل)، مع أنه لا تعارض بين العام والخاص هنا بحال، حتى نقول بحمل العام على الخاص، والحمل إنما يكون لإزالة التعارض؟
2- لماذا لم يعتبر الطعام (الطُعم) الموجود في الأصناف الأربعة (البر والشعير والتمر والملح) علة علماً بأنه لفظ مشتق، وهو كذلك وصف مفهم مناسب؟
الجواب:
1- بالنسبة لحديث مسلم عن معمر بن عبد الله قال كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ»، قَالَ: «وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمَئِذٍ الشَّعِيرَ». ومع أن معمر بن عبد الله ذكر نوع الطعام يومئذ وهو الشعير، لكن ممكن أن يقال إن هذا هو ما ذكره معمر بن عبد الله، ولكن نص الحديث يشمله ويشمل غيره على اعتبار أن لفظ الطعام عام ويفهم منه أن كل طعام يقع فيه ربا...
أما حديث مسلم عن عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ، أَوِ ازْدَادَ، فَقَدْ أَرْبَى».
يفهم منه أن الربا محصور وقوعه في أنواع أربعة من الطعام ولا يقع في غيرها، وذلك لأن الصيغة الواردة في الحديث تفيد الحصر حيث نصّت على أسماء جنس جامدة، وعلّقت حكماً مشروطاً "سَوَاءً بِسَوَاءٍ، عَيْنًا بِعَيْنٍ..." على كل اسم منها، فأفادت هذه الصيغة حصر الحكم في هذه الأصناف ومنعه في غيرها...
ولذلك فقولك أن لا تعارض بين حديث "الطعام بالطعام..." وحديث "الذهب بالذهب..." آت من كونك ظننت أن حديث الذهب لا يفيد الحصر، ولو علمت إفادته للحصر كما بيَّنا آنفاً لقلت إن هناك تعارضاً لا يجعل العمل بالحديثين ممكنا إلا بالتخصيص، حيث إن الأول يفيد وقوع الربا في كل طعام، والثاني يفيد وقوع الربا فقط وبالحصر في جزء من الطعام وليس في كل الطعام، بل هو في أربعة أصناف، ولذلك يحمع بين الحديثين بالتخصيص.
2- وأما لماذا لم يعتبر (الطعم) المشتق من الطعام علة، وبخاصة وهو وصف مفهم... فإن الجواب على ذلك هو أن تخصيص لفظ حديث الطعام بحديث (البر بالبر...) قد نقل لفظ الطعام المشتق إلى ألفاظ البر والشعر والتمر والملح وهي ألفاظ جامدة...، والوصف المفهم لا يكون في ألفاظ الجنس الجامدة، وإنما في الألفاظ المشتقة، فلو ورد الحديث «الطعام بالطعام مثلاً بمثل»، ولم يخصص بحديث «...وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ...».. لو كان كذلك، لأمكن أن يقال هناك علة، ولكن التخصيص نقل الطعام إلى أسماء الجنس الجامدة "البر، الشعير..." والخاص إن ورد يكون حاكما على العام، ويعمل به.
ولهذا قلنا إن الطعام (الطعم) ليس علة للمواد الربوية المذكورة.