- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2019-12-18
جريدة الراية:
العلاقة بين الرجل والمرأة نظمها اللطيف الخبير
وليس الغرب الكافر
إن الأمة الإسلامية اليوم تسير في طريقها لكسر قيود هيمنة الغرب الكافر وعملائه من أبناء جلدتنا، رغم وعورة الطريق والمعوقات التي يضعها العدو ليثبط همم المخلصين من أبناء الأمة الإسلامية، الذين يعملون ليلاً ونهاراً من أجل إعادة أمجاد أمتهم واستئناف الحياة الإسلامية، ولكن ظل الغرب الكافر العدو اللدود للمسلمين يعمل بكل ما أوتي من قوة ليحول دون عودة الأمة الإسلامية إلى سابق مجدها، لذلك عمد لإيجاد قادة مثقفين بأفكار العلمانية من أبناء جلدتنا، درسوا في معاهدهم وجامعاتهم، ليتم تصدير الثقافة الغربية إلى بلادنا، وتطبيقها عبر الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وذلك بعد استلام السلطة والتغلغل في مفاصل الدولة.
لِذلك عندما قامت الثورة في السودان عمل الغرب الكافر (أمريكا - المجلس العسكري، والاتحاد الأوروبي - قوى الحرية والتغيير)، عمل على سرقة الثورة، عبر قنواته الإعلامية؛ بي بي سي، والفرنسية ٢٤، والقنوات التي تخدم مصالحه، مثل الجزيرة والعربية والحدث... فأصبح يلمع ويبرز من يخدمون أجندته من العلمانيين المضبوعين بالثقافة الغربية، وقد كان ذلك واضحاً وضوح الشمس في رابعة النهار، بعد استلام قوى الحرية والتغيير (قحت) للحكم، من خلال تصريحات وزراء (قحت) المعادية للإسلام وأهل السودان، التي نشرت في وسائل الإعلام؛ ومنها ما نشرته وكالة الأناضول (السودان يعلن انضمامه إلى كافة الاتفاقيات الدولية وإلغاء قانون النظام العام وإجراء تعديلات جزئية على القانون الجنائي، وفق تصريح لوزير العدل).
وتعد اتفاقية سيداو ضمن الاتفاقيات التي صرح وزير العدل بالمصادقة عليها وتوقيعها، وهي تعني تبني القيم الغربية الفاسدة، ونمط الحياة الغربية في العلاقة بين الرجل والمرأة، وتؤدي بنود هذه الاتفاقية إلى نسف الأحكام الشرعية في قانون الأحوال الشخصية، ومنها إلغاء الولي في عقد الزواج، والمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وإلغاء القوامة للرجل على المرأة، والمساواة بينهما في الطلاق والزواج، وإلغاء العدة في الطلاق، ومنع تعدد الزوجات، والسماح للمرأة المسلمة بالزواج من كافر،... فهل هذا ما خرج الثوار من أجله؟! ﴿أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾
صار الشُذوذ بعُرفهم حُرِيةً *** يتفاخرون بها على الإعلام
إن المسلمين ليسوا بحاجة لأخذ شيء من الغرب الكافر، فيما يخص الأحكام الشرعية وشعائر الدين والعبادات، فقد أكمل الله تعالى دينه، وأتمَّ نعمته، ورضي لنا الإسلام ديناً، قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً﴾.
يا إخوتي الأعزاء، إن هذا الذي يحصل أنبأنا به النبي ﷺ: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْراً شِبْراً وَذِرَاعاً بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ. قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: فَمَنْ» (متفق عليه)، فالحذر الحذر من مكر الفاسدين.
إن المشاكل التي تحدث في بلاد المسلمين، ومنها ما يخص العلاقة بين الرجل والمرأة هي بسبب غياب سلطان الإسلام الذي يطبق أحكام الشرع الإسلامي.
إن الله تعالى قد أنزل تشريعاً يوجد التوازن بين الأزواج البشرية؛ إن هم اتبعوه نجوا، وإن خالفوه هلكوا.
إن التشريع الإسلامي لا يعرف التمييز في أحكامه مطلقاً، غير أن ذلك لا يعني أنه يجعل للناس جميعهم حكماً واحداً في كل قضية، بل يراعي أوصافاً معينة عند التشريع تلائم واقع القضية المراد علاجها. فمثلاً حين نظم علاقة الرجل بالمرأة لاحظ في أحكامه وصفي الذكورة والأنوثة لتعلقهما المباشر بهذه المسألة، فجاء بأحكام تتعلق بالمرأة تختلف عن أحكام الرجل بهذا الاعتبار، فجعل عورة الرجل تختلف عن عورة المرأة، وخصها بأحكام الحيض والنفاس والولادة، إذ طبيعة بنيتها الجسدية تقتضي ذلك، وجعل الأصل في المرأة أن تكون أماً وربة بيت وعرضاً يجب أن يُصان، إذ طبيعة استعداداتها الجسدية والنفسية المختلفة عن الرجل تقتضي ذلك. وفي المقابل أوجب على الرجل القيام على أمر المرأة والعيال ورعاية شؤونهم وأوجب عليه النفقة لهم، ولما قسم الميراث أعطى أحياناً للذكر مثل حظ الأنثيين مراعياً ما أوجبه على الذكر من النفقة على المرأة. فهذا الاختلاف في الأحكام لا يعد تمييزاً بين الناس بل هو وضع للأمور في موضعها وعلاج صحيح للمسألة، فالحذر الحذر يا أهل السودان من مخططات العدو التي إن رضيتم بها توجب غضب الله عليكم.
إن المرأة في الغرب تئن من جور النظام الرأسمالي الكافر النتن، وهي عندهم سلعة تباع وتشترى، ويتمتع بها الرجل حتى إذا ذبلت وكبرت رموها في دور العجزة والمسنين حتى الموت، لذا كثر عندهم الإجهاض وقتل النساء وتعذيبهن، فخرجت منظمات تدافع عن المرأة، فنتج عن ذلك اتفاقية سيداو فزادت الطين بلة.
إن الذي يوقف عبث الغرب الكافر إنما هي دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة القائمة قريباً إن شاء الله، وهي التي سوف تنسف عروشهم، وتنشر الإسلام للعالمين رسالة هدى ونور ﴿وَمَا ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾.
بقلم: الأستاذ الصادق علي موسى (أبو محمد)
المصدر: جريدة الراية