الإثنين، 30 شوال 1446هـ| 2025/04/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

Al Raya sahafa

 

2025-04-23

 

جريدة الراية: تصعيد الخلاف بين الجزائر ودول الساحل

أسبابه وأبعاده ومآلاته

 

 

 

 

أسباب الخلاف بين الجزائر ودول تجمع الساحل

 

تصاعد الخلاف بين الجزائر ودول ما يسمّى تجمع الساحل (مالي والنيجر وبوركينا فاسو) في الفترة الأخيرة، وصل إلى تبادل للاتهامات وإجراءات تصعيدية مثل سحب السفراء وإغلاق المجالات الجوية. هذا التوتر المتصاعد، يعود إلى عوامل داخلية وإقليمية ودولية معقدة، تتداخل فيها المصالح الأمنية والجيوسياسية، حيث تعتبر منطقة الساحل ساحة تنافس بين القوى العالمية الكبرى.

 

في هذا السياق، تسعى الجزائر التي تجمعها حدود طويلة مع كل من مالي والنيجر للحفاظ على دورها كفاعل إقليمي داعم للاستقرار عبر الحلول السياسية.

 

أصل الخلاف بين الجزائر ومالي، والذي كان ينبغي تفاديه مقارنة بجذوره، لمنع دخول المنطقة في حالة عدم الاستقرار، تكون أرضية لأجندات أجنبية متكالبة على المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية والغنية بالموارد.

 

من أبرز أسباب الخلاف:

 

  • الاختراقات الجوية: تصاعدت الأزمة بعد إسقاط الجزائر لطائرة مسيرة مالية في 1 نيسان/أبريل 2025، بزعم اختراقها المجال الجوي الجزائري، بينما نفت مالي ذلك.
  • الخلاف في المقاربات الأمنية: تعتمد الجزائر مقاربة شاملة تجمع بين الأمن والتنمية خاصّة في إقليم أزواد الحدودي، مع رفض أي تدخل عسكري أجنبي، في حين تتجه دول الساحل نحو الحلول العسكرية البحتة، مدعومة بشراكات مع قوى خارجية مثل مجموعة فاغنر الروسية، متذرعة بأن الجزائر كان ممكن لها أن تحلّ الأزمة ثنائيا دون الالتجاء إلى الأمم المتحدة.
  • إشكالية الاتفاقات التاريخية: إلغاء مالي لاتفاق الجزائر 2015، الذي كان يهدف إلى تحقيق مصالحة في مالي والمنطقة عموما، يعتبر نقطة خلاف جوهرية بين البلدين.

الأطراف الخارجية المتدخلة:

 

دخول النيجر وبوركينا فاسو في الأزمة، عبر تبني خطاب تصعيدي موحد ضد الجزائر، يُعدّ أبرز مؤشر على التدخل الخارجي، خاصّة أنّه لم تُلمَح مبادرات دولية جدية لاحتواء الأزمة، في حين تتعدد الأطراف الخارجية المتدخلة في هذا الخلاف، لكل منهم مصالحه وأهدافه:

 

  • روسيا: تعتبر هي الفاعل الأبرز عبر مجموعة فاغنر، التي توفر الدعم العسكري والاستخباراتي لدول الساحل، مقابل امتيازات في قطاعات التعدين والطاقة.
  • تركيا: تدعم دول الساحل بتوريد الطائرات المسيرة، التي تستخدم في عمليات المراقبة والضربات الدقيقة.
  • ·     فرنسا: رغم انسحاب قواتها رسمياً، فهي تحتفظ بنفوذ دبلوماسي واقتصادي في المنطقة، عبر شراكات مع دول مثل تشاد.

مكاسب أمريكا المرجوة من هذا الصراع:

باعتبار حجمها وتأثيرها الدولي وسياستها القائمة على النفعية المطلقة، فضلا عن تقلّص دور أوروبا في المنطقة، تسعى أمريكا لتحقيق نصيب الأسد سواء مكاسب استراتيجية أو اقتصادية عبر تصاعد التوترات بين الجزائر ودول الساحل، والتي من أهمّها:

  • توسيع القواعد العسكرية: قد يُستخدم الصراع كذريعة لتعزيز وجود القوات الأمريكية في المنطقة، مثل قاعدة أغاديز في النيجر، ما يعزز قدراتها العسكرية في غرب أفريقيا.
  • إضعاف النفوذ الروسي: الاستفادة من التوترات لتحجيم النفوذ الروسي في المنطقة، والوصول إلى الموارد، خاصة إذا استمرت دول الساحل في تعزيز علاقاتها مع روسيا عبر مجموعة فاغنر.
  • تعزيز التأثير الاقتصادي: يمكن لأمريكا أن تستفيد من التوترات لتعزيز وجودها الاقتصادي في المنطقة، خاصة في قطاعات مثل التعدين والطاقة. كذلك تعزيز صادراتها للغاز المسال لأوروبا جراء تعطيل مشاريع الأنابيب الأفريقية الموجهة لأوروبا.
  • تحجيم النفوذ الصيني: يمكن لأمريكا أن تستفيد من الصراع لتحجيم النفوذ الصيني في المنطقة، خاصة إذا استمرت الصين في دعم روسيا.

السيناريوهات المتوقعة من تنامي هذا الخلاف

 

تتعدد السيناريوهات المتوقعة لتصاعد الخلاف بين الجزائر ودول الساحل، ومنها:

  • التصعيد العسكري: قد يؤدي استمرار التوتر إلى مواجهات حدودية، وحرب بالوكالة، وتفكك التعاون الإقليمي.
  • الاستقطاب الجيوسياسي: قد يتم تشكيل محور روسي-ساحلي، يعزز التعاون العسكري والاقتصادي مع روسيا، مقابل محور جزائري-غربي يركز على الحلول السياسية.
  • الحلول الدبلوماسية: رغم صعوبة التحقق، إلا أن الضغوط الدولية، والمبادرات الجزائرية، وتغير أولويات دول الساحل قد تعزز هذا المسار.

ختاما، يظهر الخلاف الحالي هشاشة البنى الأمنية وخطورة تداعياتها، فالتصعيد لن يخدم أي طرف في المنطقة بل قد يدخلها في حلقة من الانقسام والهشاشة وفقدان السيادة، مع تداعيات خطيرة على الأمن القومي الجزائري، والحال في ليبيا والسودان يغني عن السؤال.

 

الخروج من هذا المأزق يكمن ابتداءً في إعادة النظر في مفهوم السيادة، بحيث لا تكون عائقاً أمام التعاون الإقليمي، بين شعب واحد تربطه أخوة الإسلام، التساؤل أين الإسلام الذي يدعو إلى وحدة الصف وحل النزاعات بالعودة لأحكام إصلاح ذات البين؟! أين التاريخ المشترك في مواجهة الاستعمار بين شعوب المنطقة؟! أين دعاوى الأنظمة الجديدة في الساحل لإحياء الهوية الإسلامية كبديل عن التبعية الغربية، في حين تتحالف مع قوى أجنبية مُعادية للأمّة؟!

 

ثمّ أين الوعي السياسي على خطورة التوجه للاستعمار، المتقهقر في بلاده والذي يعيش أزمات سياسية وانقسامات مجتمعية عميقة وتهرّم سكاني، في حين تزخر منطقتنا بثروة تشريعية ربانية وثروات باطنية هائلة وامتداد جغرافي من المتوسط إلى العمق الأفريقي كما تعد شعوب منطقة الساحل من أكثر الشعوب الفتية في العالم على الإطلاق؟! أين قائد كابن تاشفين يوظف هذه القواسم المشتركة لبناء كيان سياسي يقوم على مبدأ الإسلام العظيم فتكون له كلمة الفصل مع الاستعمار الخارجي والانقسام الداخلي؟ قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ﴾.

 

 

بقلم: الأستاذ ياسين بن يحيى

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع