الجمعة، 17 شوال 1445هـ| 2024/04/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه  (ح8) خطبة عمر  رضي الله عنه  التي يوضح فيها طريقته في الحكم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مناقب ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب t

 (ح8)  خطبة عمر t التي يوضح فيها طريقته في الحكم

 

 

 

الحَمْدُ للهِ مُنْزِلِ الكِتَابْ، وَمُجْرِي السَّحَابْ، وَهَازِمِ الأَحْزَابِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّنَا محمد، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أُولِي الأَلْبَابْ، وَعَلَى وَزِيرَيهِ: أَبِي بَكْرِ الصِّدِّيقْ، مَنْ لِدَعْوَةِ الحَقِّ استَجَابْ، وَالفَارُوقِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابْ، الحَاكِمِ بِالعَدْلِ، وَالنَّاطِقِ بِالصَّوَابْ، ارزُقنَا الَّلهُمَّ خَلِيفَةً مِثْلَهُ، يَخَافُكَ وَيَتَّقِيكَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَتَرْضَى عَنْهُ يَوْمَ يَقُومُ الحِسَابْ، وَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ، وَاحْشُرْنَا فِي زُمرَتِهِمْ، بِرَحْمَتِكَ يَا كَرِيمُ يَا وَهَابْ... آمِينَ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبتنا الكرام:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"مَنَاقِبُ ثَانِي الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ t ". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّامِنَةِ، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "خُطْبَةُ عُمَرَ t الَّتِي يُوَضِّحُ فِيهَا طَرِيقَتَهُ فِي الحُكْمِ". نَقُولُ وَبِاللهِ التَّوفِيقُ:

 

بَايَعَ المسْلِمُونَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ البَيعَةَ الثَّانِيَةِ (بَيعَةَ الطَّاعَةِ)، بَعْدَ أَنْ بَايَعَهُ كِبَارُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ القُوَّةِ وَالمنَعَةِ، وَأَهْلُ الحَلِّ وَالعَقْدِ البَيعَةَ الأُولَى (بَيعَةَ الانعِقَادِ)، وَبِذَا أَصْبَحَتْ خِلَافَتُهُ شَرعِيَّةً.

 

وَبَعْدَ الفَرَاغِ مِنْ دَفْنِ أَبِي بَكْرٍالصِّدِّيقِ t صَعَدَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مِنْبَرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَوَقَفَ عَلَى دَرَجَةٍ أَدْنَى مِنَ الدَّرَجَةِ الَّتِي كَانَ يَقِفُ عَلَيهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيهِ وَصَلَّى وَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ t بِكُلِّ خَيرٍ، وَقَالَ:

 

"أَيُّهَا النَّاسُ، مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْكُم، وَلَولَا أَنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللهِ مَا تَقَلَّدْتُ أَمْرَكُمْ، فَأَثْنَى المسْلِمُونَ عَلَيهِ خَيرًا، وَزَادَ ثَناؤُهُمْ حِينَ رَأَوهُ يَرْفَعُ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي غَلِيظٌ فَلَيِّنِّي، اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي، اللَّهُمَّ إِنِّي بَخِيلٌ فَسَخِّنِي".  

 

وَفِي اليَومِ التَّالِي لِتَولِّيهِ الخِلَافَةَ خَطَبَ خُطْبَةً أُخْرَى، أَرَادَ أَنْ يُوَضِّحَ فِيهَا طَرِيقَتَهُ فِي الحُكْمِ، وَيُزِيلَ مَا قَدْ عَلِقَ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ خَوْفٍ مِنْ شِدَّتِهِ الَّتِي صَرَّحُوا بِهَا لِأَبِي بَكْرٍ حِينَ رَشَّحَهُ لِلخِلَافَةِ، فَقَالَ:

 

"بَلَغَنِي أَنَّ النَّاسَ هَابُوا شِدَّتِي، وَخَافُوا غِلْظَتِي، وَقَالُوا: كَانَ عُمَرُ يَشْتَدُّ عَلَينَا وَرَسُولُ اللهِ بَينَ أَظْهُرِنَا، ثُمَّ اشْتَدَّ عَلَينَا وَأَبُو بَكْرٍ وَالِينَا دُونَهُ، فَكَيفَ وَقَدْ صَارَتِ الأُمُورُ إِلَيهِ؟ وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ فَقَدْ صَدَقَ..إِنَّنِي كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ، فَكُنْتُ عَبْدَهُ وَخَادِمَهُ، وَكَانَ مَنْ لَا يَبْلُغُ أَحَدٌ صِفَتَهُ مِنَ اللِّينِ وَالرَّحْمَةِ، وَكَانَ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى بِالمؤْمِنِينَ رَءُوفًا رَحِيمًا، فَكُنْتُ بَينَ يَدَيهِ سَيفًا مَسْلُولًا، حَتَّى يَغْمِدَنِي أَوْ يَدَعُنِي فَأَمْضِى، فَلَمْ أَزَلْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، وَهُوَ عَنِّى رَاضٍ، وَالحَمْدُ للهِ كَثِيرًا، وَأَنَا بِهِ أَسْعَدُ، ثُمَّ وَلِيَ أَمْرَ المسْلِمِينَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ مَنْ لَا تُنْكِرُونَ دَعَتَهُ وَكَرَمَهُ وَلِينَهُ، فَكُنْتُ خَادِمَهُ وَعَونَهُ، أَخْلِطُ شِدَّتِي بِلِينِهِ، فَأَكُونَ سَيفًا مَسْلُولًا، حَتَّى يَغْمِدَنِي أَوْ يَدَعُنِي فَأَمْضِي، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ كَذَلِكَ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ عَنِّي رِاضٍ، فَالحَمْدُ للهِ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرًا، وَأَنَا بِهِ أَسْعَد، ثُمَّ إِنِّي وُلِّيتُ أُمُورَكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ، فَاعْلَمُوا أَنَّ تِلْكَ الشِّدَّةَ قَدْ أُضْعِفَتْ -أَيْ زَادَتْ- فَارتَعَدَ بَعْضُهُمْ مِنَ الخَوفِ، لَكِنَّهُ طَمْأَنَهُمْ فَقَالَ: وَلَكِنَّهَا إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى أَهْلِ الظُّلْمِ، وَالتَّعَدِّيْ عَلَى المسْلِمِينَ، فَأَمَّا أَهْلُ السَّلَامَةِ وَالقَصْدِ -أَيِ الاعتِدَالِ- فَأَنَا أَلْيَنُ لَهُمْ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَسْتُ أَدَعُ أَحَدًا يَظْلِمُ أَحَدًا، أَوْ يَتَعَدَّى عَلَيهِ حَتَّى أَضَعَ خَدَّهُ عَلَى الأَرْضِ، وَأَضَعَ قَدَمِي عَلَى الخَدِّ الآخَرِ، حَتَّى يُذْعِنَ بِالحَقِّ، وَإِنِّي بَعْدَ شِدَّتِي تِلْكَ أَضَعُ خَدِّي عَلَى الأَرْضِ لِأَهْلِ العَفَافِ، وَأَهْلِ الكَفَافِ، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ خِصَالٌ أَذْكُرُهَا لَكُمْ، فَخُذُونِي بِهَا: لَكُمْ عَلَيَّ أَلَّا أَجْبِيَ شَيئًا مِنْ خَرَاجِكُمْ، وَلَا مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَيكُمْ إِلَّا مِنْ وَجْهِهِ، وَلَكْمَ عَلَيَّ إِذَا وَقَعَ فِي يَدِي أَلَّا يَخْرُجَ مِنِّي إِلَّا فِي حَقَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَنْ أَزِيدَ عَطَايَاكُمْ، وَأَرزَاقَكُمْ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- وَأَسُدَّ ثُغُورَكُمْ، وَلَكُمْ عَلَيَّ أَلَّا أُلْقِيَكُمْ فِي المهَالِكِ، وَإِذَا غِبْتُمْ فِي البُعُوثِ، فَأَنَا أَبُو العِيَالِ -أَيْ يَرْعَاهُمْ- فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَأَعِينُونِي عَلَى أَنفُسِكُمْ بِكَفَّهَا عَنِّي، وَأَعِينُونِي عَلَى نَفْسِي بِالأَمْرِ بِالمعْرُوفِ، وَالنَّهْيِ عَنِ المنْكَرِ، وَإِحْضَارِي النَّصِيحَةَ فِيمَا وَلَّانِي اللهُ مِنْ أَمْرِكُمْ، أَقُولُ قَولِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ".

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا،نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

 

كتبها لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ: محمد أحمد النادي

آخر تعديل علىالثلاثاء, 20 نيسان/ابريل 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع