الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المكتب الإعــلامي

التاريخ الهجري    25 من محرم 1429هـ رقم الإصدار:
التاريخ الميلادي     السبت, 02 شباط/فبراير 2008 م

كتـاب مفتـوح إلى رئيس حزب الشعب الجمهوري (دنيز بيكل) (مترجم)

السيد دنيز بيكل رئيس حزب الشعب الجمهوري (CHP)،
السلام على من اتبع الهدى،

لقد تابعنا الكلمة التي ألقيتها يوم السبت 26 كانون الثاني/يناير 2008 خلال الاجتماع المنفَرد لحزب الشعب الجمهوري باسطنبول واللقاء الذي أجريته مع تلفزيون نرجس (NTV) يوم الخميس 31 كانون الثاني/يناير 2008، وسنقتصر في كتابنا هذا على الوقوف عند العبارة التي أطلقتها فيما يتعلق بـحزب التحرير دون الخوض في تفاصيل حديثكم الذي تركز في مجمله حول قضية الخمار والعلمانية (اللادينية)، حيث تطرقت في حديثك إلى القوى السياسية التي تقف ضد العلمانية وجهود الهدم التي تبذلها ضد الطراز العلماني في الجمهورية التركية، وادعيت أيضاً أن دعائم حزب التحرير قائمة منذ 40-50 عاماً بمساندة من تلك الأوساط.
عند قولك (40-50 عاماً) لا بد أنك تقصد الجهود التي نظمها حزب التحرير في حقبة الستينيات من القرن المنصرم والتي زلزلت أركان الجمهورية التركية. وإن أنت قمت بدراسة الأحداث التي وقعت آنذاك لرأيت أن العلمانيين من أمثالك وأوساط المحافظين -الذين تراهم ضدك- قد توحدوا في الهجوم على حزب التحرير والخلافة، وبذلوا المساعي لتحييد الشباب المؤمن من خلال تنظيم حملات اعتقال واسعة، واستمر توحدهم على ذلك في أعوام السبعينيات والثمانينيات وأواخر التسعينيات، وطوال أعوام الألفية الثالثة للميلاد.
وفي فترة وصول حزب العدالة والتنمية (AKP) للسلطة التي أشرت إليها، نظمت عمليات مداهمة وحملات اعتقال ضد حزب التحرير أكثر شدة، وعلى الصعيد ذاته فقد استمرت حكومة حزب العدالة والتنمية في سياسة التضييق على الإسلام والمسلمين التي انتقلت إليها من الحكومة الائتلافية السابقة بالعزم والإصرار ذاته إن لم يكن أشد. فمنذ أن وصل حزب العدالة والتنمية للسلطة أواخر عام 2002 نظمت عمليات مداهمة واعتقال متتالية وفي فترات متقاربة ضد حزب التحرير في كل المدن والمحافظات التي ينشط فيها، اعتقل خلالها المئات من أعضائه وأنصاره، ولازالت عمليات الاعتقال والترهيب والترويع التي يمارسونها مستمرة بل وفي تصاعد، وكان الناطق الرسمي لـحزب التحرير في ولاية تركيا السيد يلمـاز شيلك قد اعتقل خلال السنوات الخمس الأخيرة مراراً ووصل عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضده في آن واحد واستناداً للتهمة ذاتها خمس دعاوى. وأما بالنسبة للفعاليات التي نظمها حزب التحرير بتاريخ 02 أيلول/سبتمبر 2005 في جامع محمد الفاتح باسطنبول التي صنفتموها في موقعكم على شبكة الإنترنت (www.chp.org.tr) ضمن الفعاليات التي نظمت في فترة حكومة حزب العدالة والتنمية ضد العلمانية؛ فكما تعلمون فإن أصحاب الصلاحية في حزب العدالة والتنمية وبالذات رئيس الوزراء أردوغان قد تطاولوا آنذاك على حزب التحرير والخلافة وهاجموهم بشدة، وبعد أسبوع واحد من ذلك جسدوا تطاولهم اللفظي عملياً بهجومهم الدموي على شباب حزب التحرير وأنصاره في جامع حجي بيرام في أنقرة، وعقب ذلك ابتدأ أردوغان وزمرته حملة إعلامية منظمة ضد حزب التحرير لازالت تداعياتها مستمرة حتى الآن، وقامت الهيئة العليا لمكافحة الإرهاب (TMYK) بالاجتماع آنذاك لتدارس الأمر للمرة الأولى بعد انقطاع استمر سبع سنوات، وقام مجلس الأمن القومي التركي (MGK) بوضع حزب التحرير في مقدمة قائمة التهديدات، ثم أصدر أردوغان بنفسه تعليمات لاعتقال كافة أعضاء حزب التحرير في تركيا.
وعلى الصعيد الآخر فليس من المتعسر على رجل سياسي عريق مثلك أن يدرك هذا التباين:
حزب التحرير هو حزب سياسي يقوم على العقيدة الإسلامية ويتبنى المبدأ الإسلامي بعيداً عن الأعمال المادية المسلحة، وغايته استئناف الحياة الإسلامية من جديد من خلال إقامة دولة الخلافة الراشدة لتطبيق الأحكام الإسلامية داخل البلد بالعدل والإحسان، والمحافظة عليها، ونشر حياة مستقرة هنيئة للمسلمين وغير المسلمين، وإنهاء أي نفوذ واستعمار واحتلال للدول المستعمرة على أراضينا، ولحمل الإسلام الموافق للفطرة المقنع للعقل القادر على أن يملأ القلب طمأنينة للعالم أجمع رسالة هدى ونور.
أما حزب العدالة والتنمية فهو حزب يعرف نفسه بأنه حزب ديمقراطي محافظ علماني، وهذا يتناقض مع الإسلام جملة وتفصيلا، فكن مطمئناً أن حزباً هذا واقعه ً لن يتخذ من العلمانية عدواً له، بل هو من أهم وأقوى دعائم هذه الدولة العلمانية. والجسور بين الدولة والشعب التي تصدعت ووصلت لدرجة الانهيار عام 2001 قام حزب العدالة والتنمية بتقويتها بصورة أقوى مما كانت عليه في السابق. وتصريح أردوغان "إننا حماة العلمانية" لا تأخذه على أنه "تقية!" بل كن على ثقة أن حزب العدالة والتنمية ناهيك عن أن يكون لديه أجندة سرية لإقامة دولة الإسلام فهو حتى لا يشغل نفسه لإعزاز الإسلام والمسلمين، ذلك أنه قد أعلن مناقضته وبعده عن الإسلام صراحة جهاراً نهاراً، وهناك مئات الأمثلة على ذلك، بل إن حزب العدالة والتنمية يٌشغل نفسه بمؤسسات الدولة الموالية للإنجليز، والصراع الناجم اليوم بين حزب العدالة والتنمية ومعارضيه هو في حقيقته صراع بين أميركا وإنجلترا. فهم علمانيون مثلك، إلا أن مساعيهم تهدف لتحويل تركيا من العلمانية الإنجليزية التي تسير أنت على نهجها إلى العلمانية الأميركية التي يسيرون هم على نهجها، ولتحويل مفهومك الإنجليزي للدولة القومية إلى المفهوم الأميركي اللبرالي، ولضغط مفهومك الإنجليزي للقومية في المفهوم الأميركي المنفتح، ولتحويل مؤسسات الدولة من الولاء الإنجليزي إلى الولاء الأميركي، ولتحويل الجيش من طرازه الإنجليزي الإنقلابي إلى طراز أميركي مسالم، ويقوم حزب العدالة والتنمية لتحقيق ذلك بامتطاء ذريعة العضوية في الاتحاد الأوروبي باحتراف، ويملأ الأجواء بسموم تعزيز الديمقراطية ومعارضة القيام بانقلابات عسكرية، ويزلزل أعمدة مؤسسات الدولة المهترئة، ويستخدم الأوساط الإعلامية الموالية لأميركا لتحقيق ذلك من خلال شرائهم أو من خلال ترغيبهم وترهيبهم، ويُشذِّب المقامات الدستورية وصلاحياتهم التي تستمد مؤسسات الدولة العلمانية (الموالية لإنجلترا) قوتها منهم، ويثيركم بأطروحات الدستور المدني واللجوء للاستفتاء العام، ويتقوى معززاً مكانته من خلال طرح مسائل حساسة يعلم أنه لا يقوى على تحقيقها أو لا يريد تحقيقها ولكنه يدرك أنها تشيط غضبكم فيساومكم عليها لينال منكم تنازلات فيحقق المقدار الذي كان يبغي تحقيقه ابتداءً، وما انفك منذ أن حقق دعماً شعبياً بنسبة 47% يحاول تحجيمكم أمام الشعب بكل وسيلة متاحة له، ودخل في لغط يتعلق بشخصكم فانجررتم خلفه فتمكن بذلك من تحقيق مكاسب ما كنتم لتتوقعوها. كل ذلك فعله حزب العدالة والتنمية ولم يفعله من أجل الإسلام ولا من أجل المسلمين! بل فعله خالصاً لأميركا! فكل هذه السياسات والوسائل والتكتيكات هي براعة أميركية، وإن دققت في التقارير والاقتراحات المتعلقة بتركيا الصادرة عن صناع القرار السياسي الأميركي والمراكز الفكرية الأميركية لأدركت أن ما يقوم به حزب العدالة والتنمية اليوم قد أعد وخطط له منذ سنوات. أضف إلى ذلك فهنالك بون شاسع بين "الإسلام" وما يسمى "الإسلام المعتدل" شتان بينهما؛ فالإسلام هو نظام متكامل يعالج كافة المسائل المستجدة في الحياة، أما ما يسمى "الإسلام المعتدل" فهو واجهة لخطة أميركية شيطانية أعدت عقب الحرب الباردة يراد إظهارها بمظهر المحبة والمودة تهدف إلى إجهاض الإسلام من خلال شعارات "التطرف والاعتدال"، "الأصولية والحداثة" وغير ذلك، وبهذا المظهر دخلت أميركا في مساعي جوفاء للحيلولة دون قيام دولة إسلامية قادرة على إنهاء هيمنتها وغطرستها العالمية في هذه المنطقة ذات الأهمية الجيو-استراتيجية، وما يقوم به حزب العدالة والتنمية والجهات الموالية ليس إلا خدمة لهذه السياسة.
وفي الختام، فيمكننا القول أن هنالك ضبابية لديك في فهم واقع حزب العدالة والتنمية، ذلك أن العلمانية المستوردة من الغرب قد جللت بصرك، فلا أميركا ولا إمَّعتها حزب العدالة والتنمية لديهم عداء للعلمانية، بل على العكس من ذلك فالمسألة هي صراع سياسي بين أميركا وإنجلترا، وكلاهما يمتلكان العديد من العملاء في بلادنا القيمة، والصراع بينهما مستعر ويطفو على السطح من خلال هؤلاء "الدمى"، فلا أحد يتحدث أو يجرؤ على الحديث عن أميركا وإنجلترا وسياساتهم الاستعمارية الماكرة وعملائهم الذين يمتطونهم، باستثناء حزب التحرير!
أما حزب التحرير، فهو ليس جزء في هذا الصراع القذر ولن يكون، بل هو سائر بخطى ثابتة في الطريقة التي أمر الله بها وانتهجها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم غير آبه في الله مكر الماكرين وظلم الظالمين مؤمناً بالنصر المحقق، وعندها سيقتلع النظام الجمهوري العلماني -الذي زرعته إنجلترا رغماً عن المسلمين- من جذوره، وسيقيم دولة الخلافة مكانه بإذن الله. وخذها عنا؛ إن ذلك بإذن الله كائن لا محالة.
وعلى الرغم من أننا نرجح، إن لَم نكن نقطع، أنك لن تأخذ بنصيحتنا، إلا أننا ندعوك أن تترك على الفور الفكر الجمهوري الديمقراطي العلماني، وأن تستعصم بالإسلام وإن كان ذلك في آخر عمرك، فالجمهورية العلمانية التي تتوهم أنها ستبقى أبد الدهر، قد ابتدأت أميركا تعبث بها لتغييرها، إلا أن دولة الخلافة القائمة قريباً بإذن الله وقبل أن تنجز أميركا هدفها ستقضي على عمل أميركا وإنجلترا معاً. وكما تمكنت العلمانية بهدم الخلافة, فستهدم الخلافةْ العلمانيةَ بإذن الله لا محالة ، ولكن ليس بمكر وتآمر العلمانيين بل بعظمة الإسلام وعزم المسلمين.
آملين أن تبصر الحق والحقيقة وتتحرك وفقاً لهما.

المساعد الأول والوكيل عن
الناطق الرسمي لـحزب التحرير
في ولاية تركيا
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع