بسم الله الرحمن الرحيم
حزب التحرير / ولاية تركيا في الذكرى الهجرية الـ 87 لهدم الخلافة يدعو المسلمين جميعاً لإقامة دولة الخلافة الراشدة من جديد (مترجم)
ولهذا فبعد أن شُرِّف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحمل أمانة النبوة بفترة أقام دولة الإسلام الأولى في المدينة وباشر تطبيق أحكام الإسلام وأنظمته عملياً. ولكون الحكام الذين جاؤوا بعد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حكم وإدارة الدولة التي أقامها كانوا بمثابة خلفاء له في تطبيق الإسلام أَطلق عليه الصلاة والسلام على نظام الحكم في الإسلام اسم "الخلافة"، وأَطلق على فترة الحكم التي ستتبع النبوة مباشرة اسم "خلافة (راشدة) على منهاج النبوة".
والدولة الأموية، والدولة العباسية والدولة العثمانية التي قامت تباعاً بعد الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وإن فقدوا صفة "الرشاد" بسبب إساءتهم تطبيق الإسلام واختلال توازنهم ضعفاً وقوة أمام هجمات الكفار الفكرية والسياسية والثقافية والعسكرية وغيرها، إلا أنهم حافظوا على كونهم "دولة خلافة" بتطبيقهم الإسلام وحده في كافة ميادين الحياة وإن كان يتخلل ذلك إساءة في التطبيق وأخطاء وظلم.
وقد هدمت دولة الخلافة على أيدي بغاة طغاة خرجوا على دولة الخلافة العثمانية ثم ألغوا الخلافة بقرار مشئوم صدر عن برلمانهم المشئوم في أنقرة بتاريخ 28 رجب 1342 هـ، وبهذا أصبح المسلمون بلا دولة ولا قيادة ولا جُنَّة:
لقد أصبح المسلمون بلا دولة؛ لأن الدويلات التي قامت على أنقاض دولة الخلافة -بما فيها الجمهورية التركية- لا تمثل المسلمين ولا ترعى شئونهم ولا تقوم على مصالحهم، بل هي دويلات أقيمت لخدمة مصالح الكافر المستعمر أكان ذلك علانية أم خفية، أم كان بصورة دائمة أم متقطعة، أم كان بصورة مباشرة أم غير مباشرة.
وأصبحوا بلا قيادة؛ لأن المسلمين فقدوا من القائد الراشد القادر على توحيد بلاد الإسلام التي مزقت بضع وستين مزقاً.
وأصبحوا بلا جُنَّة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصف الخليفة (الخلافة) بالجنَّة الذي يقاتل من ورائه ويتقى به. وبهدم الخلافة سقط ذلك الخليفة "الجُنَّة", وأصبحت بلاد المسلمين مستباحة لكل ظالم ولكل مستعمر ولكل محتل يعيثون فيها الفساد, واستباحوا أرواح ودماء وأعراض المسلمين دون أن يجدوا من يصدهم ويرد لهم الصاع صاعين.
إن دولة الخلافة الراشدة التي ندعو إليها اليوم لها طابع خاص قوي تمتاز به، وهذا الطابع -من الناحية الشرعية هو إقامة دولة تطبق نظام "خلافة راشدة على منهاج النبوة"، وهذا ثابت بالأدلة الشرعية المعتبرة، والذي وضح وفصل في إصداراتنا التي ما انفكت تصدر تباعاً.
وهذا أيضاً يعني من الجانب السياسي؛ أن الإسلام بحاجة لدولة تطبق النظام المتكامل للحياة المنبثق عنه، والذي من شأنه حماية المسلمين وأموالهم وأرواحهم وأعراضهم وأراضيهم والأهم من ذلك الذود عن حرمات الإسلام المتمثلة برسولهم وكتابهم ودينهم، بالإضافة إلى إزالة كافة أنظمة الكفر الديمقراطية التي أقحمت على المسلمين إقحاماً، وإنهاء سيطرة واستعمار ونفوذ الكفار وطردهم من ديار المسلمين شر طردة، وإسقاط الحكام الخونة الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا خدماً لهم، وهو يعني أيضاً الحاجة للتفكير السياسي القادر على إقامة دولة مقتدرة قوية تمتلك سيادتها المطلقة والمحافظة عليها. إن أمة الإسلام تمتلك المقومات الكفيلة بتنفيذ كل ذلك على أتم وجه وأبهى صورة، قال الله سبحانه وتعالى: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه ِ}.
أما الذين يدَّعون أن الساعي لإقامة الخلافة إنما يسعى إلى خيال، أو الذين يقولون إنه حتى لو فُرض جدلاً وأقيمت الخلافة، فإن الدول الكبرى ستطبق عليها، وتمحوها!
فإننا نقول لهؤلاء؛ إن إقامة الخلافة ليست بالخيال أبداً، بل هي حقيقة واقعة بإذن الله، كيف لا وقد بشر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة مجدداً بعد الملك الجبري الذي نحن فيه بصورة واضحة ساطعة لا يجد الخيال لها سبيلا، قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ ، فهل يمكن لمن يفقه هذا الحديث الشريف أن يقول إن السعي لإقامة الخلافة خيال؟!
أما القول بأن الدول "الكبرى" ستُطبق على الخلافة وتمحوها لو قامت، فهو لا يعدو كونه أماني للكفار المستعمرين، فتلك الدول "الكبرى" التي مرِّغ وجهها في التراب في العراق وأفغانستان أمـام مقاومة أفراد من المسلمين ولم تستطع الاستقرار فيهما، كيف يعقل أن تُطبق على دولة الخلافة الراشدة وتمحوها؟!
أضف إلى ذلك فإن قوة أي دولة تتكون من قوة المبدأ والاستراتيجية والاقتصاد والتعداد السكاني والتطور العلمي والجيش. وقد أقرَّ الأخصائيون في هذا المجال أن العامل الأساسي لتلك القوة هو المبدأ, وأنه إن وجد وجدت العناصر الأخرى, وإذا عدم, فإن العناصر الأخرى مهما تميزت, فإن مآلها إلى الفناء.
ولهذا فإن أميركا اليوم قوية ومتفوقة على دول من مثل تركيا ومصر وباكستان وإندونيسيا وسوريا والأردن المحرومين من مبدأ قوي ينهضون به، إلا أنها (أميركا) أبداً لن تكون أقوى وأكثر تفوقاً من دولة الخلافة الراشدة القائمة قريباً بإذن الله، لأن الإسلام دون أدنى ريب أقوى وأعلى من الرأسمالية، فالإسلام حق والرأسمالية باطل.
إن الحق والخير يتمثلان في الإسلام، والباطل والشر يتمثلان في الرأسمالية بقيادة أميركا، إن ضعف وعدم كفاية أتباع الحق على إظهاره ورفع لوائه لا يعني أن الحق أصبح باطلاً، كما أن ما يظهر من قوة وجبروت أتباع الباطل ومحاولاتهم تجميل الباطل الذي يحملون لا يعني أن الباطل أصبح حقاً. فالحق لا محالة يعلو على الباطل طال الزمان أم قصر، بإذن الله, قال الله سبحانه وتعالى: { قُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا }.
فيا أيها المسلمون، ويا أهل القوة؛
مما لا شك فيه أن الخلافة وعد الله وبشرى رسوله، والخلافة وحدها هي طريق عز الدنيا والآخرة وهي وحدها القادرة على تطبيق الإسلام كاملاً وحمله وحمايته وإنقاذ البشرية جمعاء من حقد الكفار وظلام أنظمتهم، وفي الوقت ذاته فالخلافة هي منارة الخير والعدل في ربوع المعمورة.
فضموا أيديكم لأيدينا، وأعطوا النصرة التي أمركم الله بإعطائها لحزب التحرير، واتصلوا بنا لتعملوا معنا جنباً إلى جنب لتقام دولة الخلافة الراشدة، فتنالوا عز الدنيا والآخرة.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}
التاريخ الهجري :28 من رجب 1429هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 06 آب/أغسطس 2008م
حزب التحرير
ولاية تركيا