الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 الخـلافـة وحــدهـا هي القادرة على توحيد أعياد وعبادات وقوة وعزة الأمة الإسلامية

هذا العام لعدم التمكن من رؤية هلال رمضان بعد غروب يوم السبت ابتدأ المسلمون جميعاً الصيام يوم الاثنين باستثناء خمس أمصار (ليبيا، نيجيريا، إيران، المغرب، باكستان). حيث قررت النظم الدكتاتورية في ليبيا ونيجيريا بصورة كيفية بدء شهر رمضان يوم الأحد دون الاعتماد لا على رؤية الهلال ولا على أي معيار آخر. وصورة مشابهة لذلك لوحظت في إعلان إيران والمغرب وباكستان الذين سيبدؤون الصيام غداً الثلاثاء. وتجدر الإشارة إلى أن بعض المناطق مثل تركيا ابتدأت الصيام يوم الاثنين وفقاً لمعيار الحساب الفلكي الخاطئ لا وفقاً لرؤية الهلال الشرعية المعتبرة.

 

          وكانت رئاسة الشؤون الدينية في تركيا قد أعلنت خلال البيان الذي أدلت به يوم الجمعة الموافق 29 آب/أغسطس 2008م، أي قبل يوم واحد فقط من موعد التماس وتحري هلال شهر رمضان، أن هلال شهر رمضان سيظهر (وفقاً للحسابات الفلكية) أول ما يظهر في أستراليا في الساعة 12:31 بتوقيت تركيا يوم الأحد الموافق 31 آب/أغسطس 2008م، وعليه فإن شهر رمضان سيبدأ يوم الاثنين الموافق 01 أيلول/سبتمبر 2008م، وأضافت قائلةً: "على مواطنينا أن لا ينتابهم أي تردد بخصوص تثبيت وتنفيذ بدء الشهر القمري"، وكما هو حال رئاسة الشؤون الدينية دوماً فقد عطفوا تصريحاتهم هذه إلى "مؤتمر رؤية الهلال" الذي انعقد في اسطنبول عام 1978.

 

          عند النظر في قرارات هذا المؤتمر يشاهد أن العديد من مواده أُبعدت عن التنفيذ، بالإضافة إلى أن العديد ممن حضروا المؤتمر من مثل (البحرين، الإمارات العربية المتحدة، الكويت، لبنان، تونس) قاموا بالتماس وتحري هلال رمضان بعد غروب يوم السبت الموافق 30 آب/أغسطس 2008م، وهيئة كبار العلماء التابعة للعربية السعودية التي شاركت في المؤتمر المذكور أعلنت بتاريخ 23 آب/أغسطس 2008م رفضها اعتماد الحساب الفلكي واعتبرته لا يشكّل أساساً مقبولاً لتحديد بدء صيام شهر رمضان وفطره، ودعا البيان الذي أدلى به مجلس القضاء الأعلى في العربية السعودية يوم الخميس الموافق 28 آب/أغسطس 2008م المسلمين جميعاً لتحري هلال شهر رمضان بعد غروب يوم السبت الموافق 30 آب/أغسطس 2008م. وقامت هيئات العلماء في كل من الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والعراق بتوجيه دعوات مشابهة. وعليه فإما أن تكون قرارات "مؤتمر رؤية الهلال" عام 1978 قد أصبحت لاغية، فأصبحت هذه البلاد تتحرى هلال رمضان بالرؤية أو أنهم يخالفون قرارات المؤتمر جهاراً نهاراً، وإما أن تكون رئاسة الشؤون الدينية في تركيا هي التي تتصرف بصورة مناقضة لما تمخض عنه المؤتمر.

 

          وعلى الصعيد الآخر، فكافة الدول الذين مَثلهم المشاركون في المؤتمر بمن فيهم رئاسة الشؤون الدينية التركية تحكم بأنظمة كفر، لذا فتمثيلهم لا اعتبار شرعي له، كيف لا وهم يقومون على أساس فاسد متصدع، ويتغذون من أنظمة كفر، ويصغون ويطيعون أوامرها. وإذا ما استرجعنا الأمور وتذكرنا أن رئاسة الشؤون الدينية في تركيا أُنشأت وظهرت للوجود في 03 آذار/مارس 1924م اليوم ذاته الذي هدمت فيه الخلافة فإن المقصد الحقيقي من إيجادها يبرز للعيان. ومجدداً فإن الأخبار التي تناقلتها وسائل الإعلام مؤخراً فيما يتعلق بالخطأ الذي ارتكبته مراراً رئاسة الشؤون الدينية التركية فيما يتعلق ببدء شهر رمضان، وأنها قامت بالتستر عليها -بالرغم من حرمة ذلك- خوفاً من إثارة المشاكل تظهر للعيان فظاعة فعلتهم.

 

          إن أهم ما في الأمر أن مصدر الأحكام الشرعية ليس قرارات المؤتمر بل الأدلة الشرعية، وعليه فإن الذي يجب النظر إليه هو دلالة النصوص الشرعية من المصادر الشرعية المعتبرة.

 

          إنَّ مما لا شك فيه أن الله سبحانه طلب منا أن نتعبدَّه كما طلب سبحانه، فإن عبدناه بغير ما طلب نكون قد أسأنا حتى ولو ظننا أننا نحسن صنعاً. وقد طلب الله سبحانه أن نصوم ونفطر لرؤية الهلال، وجعل سبحانه الرؤية سبب الصوم والفطر «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته».  فإن رأينا هلال رمضان صمنا، وإن رأينا هلال شوال أفطرنا. وإذا لَم نر هلال شوال لأنَّ غيماً مثلاً قد حجبه، أكملنا الصوم حتى وإن كان الهلال موجوداً فعلاً، ولكنَّنا لَم نره لحاجب حجبه، أي أننا لا نصوم ونفطر لبداية الشهر حقيقةً.  والحديث صريح في ذلك «فإن أغمي عليكم فأكملوا عدة شعبان».

 

لَم يكلفنا الله سبحانه أن نعبده بغير ما طلب، فمثلاً لو كان الحساب يقول إن غداً رمضان قطعاً -والآن الحسابات الفلكية تقرر أوضاع القمر بدقة متناهية منذ ولادته إلى أن يصبح بدراً ثم محاقاً- ولكننا لَم نر الهلال لغيم مثلاً، فإنَّ الذي يصوم يكون آثماً لأن الهلال لَم يُرَ، والواجب أن يُتم شعبان 30 يوماً لأن الهلال لم يرَ بالعين ثم بعد ذلك يصوم، فيكون الذي صام وفقاً للحساب الفلكي آثماً لأنه خالف، ويكون الذي أكمل عدة شعبان فلم يصم رغم أن الهلال كان موجوداً لكن الغيم حجبه، هذا يكون له أجر لأنه اتبع الحديث. من هذا يتبين أننا لا نصوم ونفطر لحقيقة بدء الشهر بل لرؤية الهلال فإذا رأيناه صمنا وإن لَم نره لا نصوم، حتى وإن كان الشهر قد بدأ فعلاً بالحساب الفلكي. إذا جاء الشهود وشهدوا بالرؤية فإنَّ التعامل معهم يكون كأية شهادة، إذا كان الشاهد مسلماً غير فاسق قبلت شهادته، وإذا ظهر أن الشاهد غير مسلم وغير عدل أي كان فاسقاً لَم تقبل شهادته. إثبات فسق الشاهد يكون بالبينات الشرعية وليس بالحسابات الفلكية بل تتم مناقشته والتأكد من رؤيته ويسأل أين الهلال وينظر آخرون وهكذا، ثم تقبل الشهادة بالرؤية أو ترد على هذا الأساس ]فمن شهد منكم الشهر فليصمه[.

 

          إنَّ الله سبحانه هو خالق الكون، وهو سبحانه الذي علَّم الإنسان ما لَم يعلم، فالعلم بحركة الأفلاك ودقائقها هو من فضل الله على الناس.  لكنَّ الله سبحانه لَم يطلب منَّا أن نعتمد الحساب للصوم بل طلب منا الرؤية فنعبده سبحانه كما طلب ولا نعبده سبحانه بما لَم يطلب. عن أبي عمير بن أنس بن مالك قال: حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا «أغمي علينا هلال شوال فأصبحنا صياماً فجاء ركب من آخر النهار فشهد عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد» أخرجه أحمد والنسائي والدارقطني وقال (إسناده حسن).

 

          أيها المسلمون؛

 

          إن هذه المشكلة لن تحل إلا بوجود قيادة جامعة ضابطة للمسلمين جميعاً، ذلك أن هذه المسألة ليست مسألة فقهية ثانوية، بل هي مسألة جدّية تتعلق بوحدة الأمة وكليتها وبتنفيذ فرض الله أو التقاعس عنه. وليس باستطاعة أياً من النظم الموجودة المنقسمة على بعضها البعض سياسياً وعسكرياً واجتماعياً وغير ذلك بفعل الكفار المستعمرين توحيد المسلمين جميعاً على رأي واحد، وذلك لعجزها عن فهم النصوص الشرعية، ولفقدانها الإرادة واتخاذ القرار، ولتسلط الكفار المستعمرين عليها الممتنين من حال الأمة الإسلامية المتمزق. ولهذا فإن دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة هي القوة الوحيدة القادرة على توحيد الأمة الإسلامية ورفع الحدود فيما بينها وإسقاط أنظمة الكفر وكنس أطماع الكفار من بلاد المسلمين وإعادة الأمة الإسلامية إلى مكانتها خير أمة أخرجت للناس.

 

          وإننا في هذا الشهر شهر رمضان المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتوصد فيه أبواب النار وتصفد فيه الشياطين والذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار ندعو المسلمين جميعاً للعمل معنا جنباً إلى جنب لإقامة الخلافة من جديد التي فيها تَحَررنا من ظلمات الكفر.

 

التاريخ الهجري :1 من رمــضان المبارك 1429هـ
التاريخ الميلادي : الإثنين, 01 أيلول/سبتمبر 2008م

حزب التحرير
ولاية تركيا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع