بسم الله الرحمن الرحيم
محاكمات شباب حزب التحرير لا تستند إلى أي أساس من الصحة وهي مسيسة وليست قانونية
إن حزب التحرير الذي يعد حزبا سياسيا يستند إلى المبدأ الإسلامي قد بدأ نشاطه في تركيا منذ الخمسينات من القرن الماضي. كذلك قد تم حظر حزب التحرير في تركيا الذي يقوم بأعمال فكرية وسياسية من أجل إعادة الحياة الإسلامية بإقامة دولة الخلافة، كما تمت معاقبة شبابه بسبب هذه الأعمال. وبينما كان الحكم بالسجن على أعضاء حزب التحرير في الستينات من القرن الماضي ستة أشهر فقد ارتفع 15 ضعفا ليصبح إلى 7,5 سنة في أواخر عام 2000.
يعد حزب التحرير حزبا سياسيا عالميا يمتد نشاطه في جميع الأراضي الإسلامية تقريبا في أكثر من 50 دولة. فهو يعمل لإقامة دولة الخلافة الراشدة التي ستحكم جميع المسلمين بالأحكام التي أنزلها الله تعالى، كما أنها ستجمع الأمة الإسلامية مجددا تحت قيادة قائد واحد كما كانت على مر العصور الماضية لمدة 13 قرنا، وستحمل رسالة الإسلام نورا وهداية إلى كافة أنحاء العالم. إن حزب التحرير لا يتبنى أسلوب الحركة المتعالية على الأمة، بل هو جزء منها، يعمل داخل الأمة ومعها، من أجل كسب دعمها وقيادتها. كما أنه يحصر عمله بالأعمال الفكرية والسياسية ولا يتبني الأعمال المسلحة على الإطلاق. فالجميع في العالم، الصديق والعدو، يعلم الأساس الثابت هذا الذي يتبعه حزب التحرير الذي يواصل نشاطاته لأكثر من 60 عاما. كذلك فإن ما لا شك فيه أن من أعلن حزب التحرير على أنه إرهابي وأن شبابه إرهابيون أو من قام بوضع أحكام من هذا المنطلق لهو على علم بذلك. كما أنهم يشهدون قبل غيرهم على كذب هذه المزاعم التي قدموها بالإكراه والجبر والتلفيق. كذلك فإن هذه المحاكمات تعد سياسية أكثر منها قانونية.
وبينما تعتبر تركيا التغيير الذي أحدثته منذ 1960 وحتى يومنا هذا أنه تقدم نحو ديمقراطية أكبر وحرية أوسع بالنسبة لها، إلا أنه تجاه حزب التحرير كان عملية عكسية. كما أنه يوجد تناقضات في الأحكام الصادرة في محاكم الأحكام العرفية وأمن الدولة بعد انقلابي 1960 و1980 والأحكام الصادرة في السنوات التي حكمت فيها الحكومات الديمقراطية والمحاكم المدنية. وعلى الرغم من التعديلات والتنسيقات العديدة المنبثقة من دساتير وقوانين الانقلاب والعديد من الإصلاحات القضائية التي تم إصدارها، والقوانين المتوافقة مع الاتحاد الأوروبي، إلا أن الظلم والتعدي على الحقوق الذي يتم تطبيقه في محاكمات حزب التحرير في ازدياد.
وبينما كان يتم إيقاع العقوبة بنحو 3 سنوات على شباب حزب التحرير في مطلع عام 2000 إلا أن العقوبة ارتفعت إلى أكثر من الضعف مع العديد من التطبيقات التي تتعدى على الحقوق والادعاءات التي لا أساس لها من الصحة على الرغم من تغيير تعريف الإرهاب. كذلك فإنه على الرغم من عدم وجود أي مادة في القوانين الحالية ترى معاقبة شباب حزب التحرير، إلا أن مئات الأشخاص تم الحكم عليهم بآلاف السنوات. فتم الحكم بما مجموعه 1828 سنة بحق أكثر من 500 شخص.
إن أحد الأسباب في هذه الأحكام المرتفعة هو كما في الادعاء: "حتى لو أنه قد تبين عدم وجود أي عمل من أعمال العنف في أي مسيرة من مسيرات حزب التحرير أو في غايته حتى اليوم، إلا أن هناك عنفا في غايته من الداخل أصلا. فلا بد من وقف هذا العنف لمنع التمكن من هدم النظام الديمقراطي الذي يستمد شرعيته من الشعب. لذلك تم اعتبار حزب التحرير حزبا إرهابيا." أما بالنسبة للنائب العام لمحكمة التمييز: "فقد تم تحديد الغاية بأنها الكفاح المسلح بعد إقامة دولة الخلافة لضم الدول النصرانية عن طريق الجهاد إلى دولة الخلافة التي تم إقامتها." وهكذا تم إعلان حزب التحرير حزبا إرهابيا وتم الحكم على شبابه بنهج مأساوي لا يتوافق أبدا مع الحقوق.
كما تعرض أشخاص وجماعات إسلامية أخرى في تركيا لتطبيقات مشابهة. فمن الواضح أنه لا فرق بين تركيا القديمة والعصرية إذا كان الموضوع هو الإسلام والمسلمون. وهكذا استمر التعدي على حقوق المسلمين وظلمهم طوال تاريخ الجمهورية لا فرق بين العقلية العلمانية - الكمالية القديمة أو مفهوم المؤامرة (التهمة الموجهة للجيش) - الدولة الموازية (التهمة الموجهة لجماعة غولان) الشائع في يومنا هذا. فالقوانين والإصلاحات والتحديثات والحزم الديمقراطية لطالما كان لها تأثير سلبي على المسلمين. ولا بد من التذكير أن تهديدات وسياسات القوى العظمى تجاه بلدنا لها دور مهم في هذا. إلا أن ولادة قوة عظيمة من جديد مثل دولة الخلافة على الأراضي الإسلامية بإذن الله ينذر بنهاية الأنظمة الحالية وقلب الحسابات والموازين الجيوسياسية ويعطل طريق الاستعمار أمام النظام العالمي المهيمن.
بهذا الخصوص فإننا نتوجه بالنداء إلى الحكومة الجديدة برئاسة أحمد داوود أوغلو التي تم تشكيلها بعد انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسا للجمهورية، وإلى جميع القضاة والمدّعين العامين الذين هم على مشارف انتخابات المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، وإلى هذا البلد وشعبه عامة، وجميع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام التي نرى فيها حساسيتها تجاه الإسلام والأمة الإسلامية خاصة، وأخيرا إلى إخوتنا في تركيا الذين هم جزء لا يتجزأ من الأمة الإسلامية، ونطلب منهم جميعا أن يقولوا "قف" لهذا الظلم.
أيتها الحكومة الجديدة! إن العدالة لا يمكن تحقيقها إلا بتطبيق الإسلام في الحياة كما قال عمر رضي الله عنه: "إن العدل أساس الملك". ولكن يتم إيقاع العقوبات الشديدة على شباب حزب التحرير بسبب الفكر الذي يحمله والأعمال السياسية التي يقوم بها، وهو الحزب الذي يسعى لتحقيق غايته دون القيام بأي من أعمال العنف ولا يتبناها أبدا. فهذا ظلم ظاهر وتعدٍّ على الحقوق. فإن على حكومتكم التي انطلقت وهي تحمل شعار "تركيا جديدة" أن تضع حدا لهذا فورا، أو على الأقل أن تكون من معيدي الحقوق لأصحابها. أليس على حكومتكم إظهار نفس الموقف الشديد والحازم ضد التعدي على حقوق الإسلام والمسلمين كما هو الحال في موقفها تجاه خطط الانقلاب المعدة ضدها وتجاه الدولة الموازية؟ وإذا كنتم تفكرون بيوم الحساب أليس أحرى بكم أن تقفوا هذا الموقف باعتباركم حكاماً يتحملون المسؤولية عن الملايين من الناس؟
أيتها المحاكم والقضاة! احكموا بالعدل كما قال الله تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ﴾ [المائدة: 8] لأن كل قرار تتخذونه ستسألون عنه أمام الله وسيكون وبالاً عليكم وفي رقابكم يوم القيامة. فعلى الرغم مما تبين من تقارير الشرطة والمخابرات التي حصلت عليها محاكمكم، فإن حزب التحرير في شكله الحالي لا يتبنى العنف ولا يمكن تقييمه بتنظيم إرهابي بناء على القوانين الحالية، وعلى الرغم من اطلاعكم على المداولات العلمية حول حزب التحرير التي أعدتها جهات مسؤولة في مجال الحقوق، وعلى الرغم من استماعكم أيضا لمدافعات شباب حزب التحرير أمامكم المليئة بالحقائق، فهل من العدل أن تقوموا بالحكم على أشخاص بريئين بسبب تعرضكم لعدة مقترحات وضغوطات سياسية دون الالتفات لضمائركم؟ أليس عليكم أن لا تنحنوا أمام ما يفرض عليكم، وتثبتوا على قرارات البراءة التي أصدرتموها؟
يا منظمات المجتمع المدني وأجهزة الإعلام! إنكم لتعلمون "أن الساكت عن الحق شيطان أخرس"، ألا ينبغي أن يكون رد فعلكم هو الأشد في وجه هذا التعدي على الحقوق، لما تشغلونه من موقع وبموجب مهمتكم التي تعملون عليها؟ ألا ينبغي عليكم التصرف وفقا للمبدأ الذي تحملونه من الوقوف على نفس المسافة من الجميع دون تفريق بين دين أو لغة أو لون أو مذهب أو مبدأ؟ ألا ينبغي عليكم التحدث أكثر من الجميع عن التعدي على الحقوق هذا بينما يتم الحكم بآلاف السنين على مئات الأشخاص لأسباب واهية وتعليقات متجبرة وادعاءات لا أساس لها من الصحة، وبينما يقع ضحية ذلك عائلاتهم وأبناؤهم وأحباؤهم؟
أيها المسلمون المخلصون! إنك تعلمون أن الرضا بالظلم هو ظلم أيضا. وإن حزب التحرير هو منكم ومعكم. ويعمل معه أبناؤكم وإخوانكم وأقاربكم. وإنكم لأقرب الشاهدين على أنه ليس حزبا إرهابيا وأن شبابه ليسوا إرهابيين. ألم يحن الوقت لتقيّموا مواقفكم وشهاداتكم على شباب حزب التحرير المخلصين وهم يتعرضون لأقسى العقوبات ويعاملون بلا رحمة؟؟
إن حزب التحرير / ولاية تركيا سيقوم اعتبارا من 18 أيلول 2014 بإذن الله بتنظيم حملة تحت اسم (قل قف لظلم القضاء "ضد حزب التحرير") تهدف لوضع حد للأحكام الظالمة التي يتم اتخاذها في حق شباب حزب التحرير خاصة وجميع المفكرين المسلمين عامة، وللتعدي على الحقوق. وفي نطاق هذه الحملة سيتم تنظيم المؤتمرات الصحفية والزيارات، ونشاطات وسائل الإعلام "الاجتماعية"، وغيرها من الأنشطة من أجل زيادة الوعي العام وعدم الوقوف صامتين أمام هذا الظلم.
إننا لا نأمل العدل من النظام، بل العكس، فإن العدل هو نتيجة تطبيق أحكام الإسلام. كما لا يمكن تأسيس العدل في أي بقعة في العالم طالما لم يتم تطبيق نظام الإسلام بشكل كامل وشامل في جميع مجالات الحياة. لذلك فإن ما نأمله من النظام الحالي هو التخلي عن التعدي الظالم على الحقوق وعن الإجراءات غير القانونية. وهذا من الحقوق العادية لجميع الناس أينما كانوا.
إن حزب التحرير قد تعرض لجميع أنواع الظلم والتعدي على الحقوق والإجراءات غير القانونية في العديد من دول العالم منذ تأسيسه إلى يومنا هذا طوال 60 عاما. وقد ذاق جميع أنواع المعاناة من القمع السياسي حتى التعذيب، ومن الاعتقالات حتى القتل ونيل الشهادة. ومع ذلك فإنه لم ولن يحيد أبدا عن الأسس التي وضعها وطريقته وهدفه منذ تأسيسه. ولم ولن تتمكن أي قوة أو طاغية أو دكتاتور في العالم من إخافة حزب التحرير وحرفه عن مسيرته بإذن الله إلى حين تمكنه من إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي هي وعد الله تعالى وبشرى رسوله صلى الله عليه وسلم في القريب العاجل بعون الله القوي العزيز.
التاريخ الهجري :20 من ذي القعدة 1435هـ
التاريخ الميلادي : الإثنين, 15 أيلول/سبتمبر 2014م
حزب التحرير
ولاية تركيا