الجمعة، 21 صَفر 1447هـ| 2025/08/15م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

أمريكا تسرّع من مخططها لفصل إقليم دارفور،

ولا عاصم إلا بجعل قضية وحدة الدولة قضية مصيرية

 

 

منذ أن استلمت إدارة ترامب ملف السودان، عقب اعتلائها سدة الحكم في كانون الثاني/يناير 2025، وهي تقود الأعمال العسكرية والسياسية في السودان، وتدفع في اتجاه فصل إقليم دارفور، ففي يوم الأربعاء 26/03/2025 استعاد الجيش الخرطوم، وقال البرهان من القصر الجمهوري حينها: "إن الخرطوم حرة وانتهى الأمر"، وتسارعت الأعمال العسكرية ليتم إخراج الدعم السريع من وسط السودان، من ولايات الجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض، والنيل الأزرق، وبذلك انكمش الدعم السريع ليحكم قبضته على مساحات في إقليم كردفان المتاخم لدارفور، وعلى كامل إقليم دارفور، ما عدا جزء من مدينة الفاشر، المحاصرة منذ أكثر من عام، هذا الواقع الذي يلخص في سيطرة الجيش على شمال ووسط وشرق السودان، وسيطرة الدعم السريع على دارفور، وجزء من كردفان، يعني السير عمليا في فصل إقليم دارفور، وذلك بإظهار أن في السودان كيانين منفصلين.

 

وبالرغم من أنه قد أعلن سابقا، عن تحريك متحركات عسكرية، لفك الحصار عن الفاشر، والقضاء على الدعم السريع، الذي كان في أضعف حالاته، حيث أورد موقع القدس العربي بتاريخ 19/4/2025: (تشير آخر التطورات الميدانية إلى تقدم متحركات ضخمة من الجيش والقوة المشتركة، انطلاقاً من مدينة الدبة؛ شمالي البلاد لفك الحصار عن مدينة الفاشر، بينما انفتحت قوات أخرى تتبع لذات الجهات في ولايات كردفان، وحققت انتصارات مقدرة في طريق تقدمها نحو المدينة من محور آخر)، إلا أن ذلك لم يحدث، بل تمدد الدعم السريع في كردفان، وأعلن عن استهداف مدينة الأبيض الاستراتيجية!

 

أما الأعمال السياسية، فأبرزها هو إعلان الدعم السريع، ومن حاضرة ولاية جنوب دارفور نيالا، يوم السبت 26/07/2025 عن تشكيل حكومة موازية؛ مجلس سيادة، ومجلس وزراء، وحكام ولايات، تكريساً لتمزيق البلاد، وسلخا لإقليم دارفور، وعندما نضيف على ذلك الخطاب العنصري في الوسط السياسي، واستنساخ مليشيات على أسس جهوية، أو قبلية، أو مناطقية، بشكل يومي، وجعل السلطة محاصصات على أسس عنصرية، فإننا نكون أمام مخطط كامل الأركان، يستهدف وحدة ما تبقى من السودان، ويبدأ بفصل دارفور!

 

إن أمريكا تسير في فصلها لإقليم دارفور، على النسق نفسه الذي سارت عليه في فصلها لجنوب السودان، وذلك أنها ورثت في إقليم دارفور إرث الجماعات المسلحة التي أنشأها الإنجليز والأوروبيون، المتمثل في تهيئة المسرح لعملية الفصل، وذلك من خلال التمرد المسلح على الدولة، والحديث عن المظالم، ودعاوى التهميش، والغبن الاجتماعي، والمطالب الجهوية، والعرقية، في السلطة والثروة، وكما فعلت في جنوب السودان، حيث جاءت بجون قرنق ورجالها، ووضعتهم على رأس الجماعات المتمردة التي صنعها الإنجليز والأوروبيون، ودفعوا بها للتمرد المسلح على الدولة لعقود من الزمان! والآن تكرر أمريكا المشهد نفسه في إقليم دارفور، لتجعل ابنها المدلل الدعم السريع على رأس حركات دارفور المسلحة لتفصل دارفور برجالها هي لا برجال الإنجليز والأوروبيين الذين صنعوا التمرد على رجل أمريكا (عمر البشير) من قبل.

 

إن أمريكا التي فصلت من قبلُ جنوب السودان، حيث قال البشير في مؤتمر صحفي بالخرطوم بتاريخ كانون الثاني/يناير 2012: (إن أمريكا كانت وراء تقسيم السودان لتحقيق مصالحها في النفط وإضعاف البلاد) بل ذهب أبعد من ذلك فقال في مقابلة مع وكالة سبوتنيك الروسية بتاريخ 25/11/2017: (عندنا معلومات عن سعي أمريكا لتقسيم السودان إلى خمس دول، وأمريكا انفردت في الفترة الأخيرة وخربت العالم العربي).

 

وفعلا تسعى أمريكا لإعادة تشكيل وصياغة منطقة الشرق الأوسط، وفقا لخريطة حدود الدم، التي وضعها الجنرال المتقاعد، رالف بيترز، من وحي أفكار رجل المخابرات اليهودي برنارد لويس، الذي يوصف بأنه عراب تقسيم الشرق الأوسط، من خلال تقسيم المقسم، وتفتيت المفتت من بلاد المسلمين، وحسب زعمه، فإنه يريد تصحيح حدود سايكس بيكو، وغيرها، التي رسمها الأوروبيون الانتهازيون حسب وصفه، وأن تغيير الحدود يقتضي إعادة رسمها بدماء مئات الآلاف من البشر، لكي تثمر دولاً تنشطر وتتناسل من رحم الدول الوطنية القائمة حالياً، هذا ما جاء في مقالته المصحوبة بالخرائط الجديدة، والتي نشرتها مجلة القوات المسلحة الأمريكية (ارمد فورسس - عدد تموز/يوليو 2006). ولتسويق فكرة فصل دارفور بتكوين حكومتين، خاصة وسط القوى المدنية المرتبطة بالإنجليز، عقد معهد السلام الأمريكي ورشة في نيروبي، في نيسان/أبريل 2024، بمشاركة القوى السياسية والمدنية المناهضة للحرب، وخلص المعهد في الورشة إلى أن وجود حكومتين في السودان، يؤدي إلى خفض حدة القتال، ويفتح المسارات إلى طاولة المفاوضات! (الشرق الأوسط بتاريخ 04/08/2025).

 

أيها الأهل في السودان:

 

إن أمريكا التي فصلت جنوب السودان، تعود الآن لسلخ دارفور، فإن تعاملتم مع هذه القضية بالنهج نفسه، الذي تعاملتم به مع قضية جنوب السودان، فإن مخططها لتمزيق السودان إلى خمس دول، ترسم حدودها بدمائكم، ودماء أبنائكم، كائن لا محالة، وذلك هو الخسران المبين في الدنيا والآخرة.

 

ألا فلتعلموا أن للشعوب والأمم قضايا مصيرية تتخذ تجاهها إجراء الحياة أو الموت، وأنتم أهل السودان مسلمون، تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وقد حددت لكم عقيدة الإسلام قضاياكم المصيرية التي تتخذون تجاهها إجراءً واحدا، هو إما الحياة في ظلها، أو الموت في سبيلها، ومن هذه القضايا المصيرية قضية وحدة الأمة، ووحدة الدولة، حيث حدد الشرع القضية، وحدد الإجراء.

 

ويتجلى ذلك في مسألتين: إحداهما، قضية تعدد الخلفاء، والثانية، قضية البغاة. فقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ فَلْيُطِعْهُ إِنْ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ». وعن أبي سعيد الخدري عن رسول الله ﷺ أنه قال: «إِذَا بُويِعَ لِخَلِيفَتَيْنِ فَاقْتُلُوا الْآخَرَ مِنْهُمَا»، فجعل وحدة الدولة قضية مصيرية حين منع تعدد الخلفاء، وأمر بقتل من يحاول أن يوجد تعدداً في الخلافة أي كيان الدولة، أو يرجع عن فعله. وعن عرفجة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ»، فجعل قضية وحدة الأمة، ووحدة الدولة قضية مصيرية حين منع من تفريق الجماعة، وأمر بقتل من يحاول ذلك أو يرجع عن فعله.

 

وأما بالنسبة للبغاة فقد قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾، ذلك أن من ثبتت إمامته للمسلمين، أي من ثبت كونه خليفة للمسلمين يحرم الخروج عليه، لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين، وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم، لقوله عليه الصلاة والسلام: «مَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي وَهُمْ جَمِيعٌ فَاقْتُلُوهُ كَائِناً مَنْ كَانَ»، فهؤلاء الخارجون على الإمام بغاة يُستتابون، وتُزال شبهاتهم، فإن هم أصروا قوتلوا.

 

وبمنع تعدد الدولة، ومنع الخروج عليها، ومنع شق عصا الأمة، كانت وحدة الدولة، ووحدة الأمة من القضايا المصيرية، لأن الشارع سبحانه وتعالى جعل الإجراء تجاهها إجراء حياة أو موت. فمن يفعلها إما أن يرجع وإما أن يُقتل. وقد نفّذ ذلك المسلمون، وكانوا يعتبرونه أمراً من أعظم الأمور وأخطرها، وكانوا لا يتساهلون فيه مع أي مسلم كائناً من كان. هذا هو حكم الله سبحانه وتعالى، فخذوا على أيدي المنافقين والعملاء، وأفشلوا مخطط أمريكا لفصل دارفور، لترضوا الله سبحانه وتعالى خالقكم ورازقكم، وتحقنوا دماء أبنائكم، وتوقفوا مخطط تمزيق بلدكم.

 

أيها الأهل في السودان:

 

إنها لحظة مفصلية في تاريخكم، فهبوا هبة رجل واحد لتفشلوا هذه المؤامرة وأنتم قادرون إذا استعنتم بالله وتوكلتم عليه حق التوكل، وطلبتم من أبنائكم المخلصين من أهل القوة والمنعة أن يردوا إليكم سلطانكم الذي اغتصبه العملاء والمنافقون خدم الغرب الكافر ومشاريعه الإجرامية، وذلك إنما يكون بإعطائهم النصرة لحزب التحرير، الذي يعي على مؤامرات الغرب الكافر؛ خططه، وأساليبه، ورجاله، ويعي على مبدأ الإسلام العظيم بوصفه نظاماً للحياة، فقوموا أيها المسلمون لطاعة الله، ولخيري الدنيا والآخرة، يقول سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾.

 

 

 

 

التاريخ الهجري :18 من صـفر الخير 1447هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 12 آب/أغسطس 2025م

حزب التحرير
ولاية السودان

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع