بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾
سبعة أشهر وغزّة تُباد بيد يهود على أعين الحكام العملاء، وأسيادهم من الغرب الكافر المستعمر، لا سيما أمريكا، ولم يكتفوا بغزة، بل بدأوا برفح، يهدمونها على رأس أهلها ورؤوس النازحين إليها من أهل غزة وقطاعها! تؤيدهم في ذلك أمريكا مُدّعِيةُ الإنسانية، فتقول: اقصفوا رفح، لكن، قبل ذلك، أخرجوا أهل شمال غزّة منها وأعيدوهم إلى مساكنهم! وكأن أهل رفح ومساكنهم مستباحةٌ، وكأنه بقي لأهل الشمال ما يسكنونه!
وفي ظل هذا الدمار والإبادة، ما تزال ثلةٌ مجاهدةٌ في غزّة ورفح وفي الضفة، تذيق يهود وبال أمرهم قتلاً وأسراً، أمام آلة عسكرية تمتلك كل التقنيات وأحدثها؛ هذا وهم - أي المجاهدون - حفاةٌ يقاتلون بسلاح شبه فردي، إلا أنهم يحملون في قلوبهم عقيدةً تزيل بقوتها الجبال، ليثبتوا لكل صاحب سلاح وقوة في هذه الأمة، أنّ القضية ليست السلاح، بل من يحمل هذا السلاح، وما يؤمن به حامل السلاح! وهذا ما يجب أن تدركه الجيوش في بلاد المسلمين، وبخاصة تلك المحيطة بالأرض المباركة فلسطين في مصر والأردن.
أما تكبيل الجيوش وقوى الأمة، فهي الوظيفة الأساسية التي يقوم بها الحكام العملاء وأجهزتهم الأمنية، فلا تراهم إلا في قمع تحركات الأمة، أو محاولة قمع كلمة الحق التي أوجبها الله عز وجل، فهم يرون في الكلمة التي تحرض الجيوش، بأساً يوازي ضرب الرصاص، تتشابه في ذلك كل الأنظمة في بلاد المسلمين على اتساع مساحتها!
تتوقف كل الأمور في بلاد المسلمين وتتعطل، ولا تتوقف أو تتعطل لقاءات الأجهزة الأمنية ووزارات الداخلية! ليس للتنسيق في قتال أعداء الأمة، ومن يحتلون ديارها أو يعتدون على حياضها، بل من أجل منع أي صوت، أو أية حركة تحرض الجيوش لقلع الحكام، لإقامة حكم الإسلام في دولة الإسلام، أو تحرضهم لنصرة إخوانهم المعتدى عليهم في غزّة ورفح وفي كل فلسطين، وإذا تحرك بعض أفراد الجيش غيرةً على دينهم وأعراضهم وأهلهم في غزّة، قام يهود والأنظمة بالتعمية على هذه الأخبار، حتى لا تنتقل هذه الحركات الصادقة إلى الجيوش والأمة!
أيها المسلمون في لبنان:
إننا نعلم أن قلوبكم تتحرق وتحترق لنصرة أهلكم في غزّة ورفح، فلا حديث بينكم إلا في هذا، وأحييتم القنوت في صلواتكم عموماً وجُمَعِكم خصوصاً، تؤلمكم مشاهد القتل والإبادة، كحال كل مسلم غيور من أبناء هذه الأمة، لكنكم تعيشون، كما يعيش المسلمون في كل بلاد المسلمين، في ظل سلطة فاسدة، وأجهزة أمنية تسهر ليس على أمنكم، بل على قمع محاولات تحرككم، حتى لو كانت من مجموعات طلابية تريد أن تعبر عن رأيها؛ ثم إنه لما أراد حزب التحرير في ولاية لبنان، الحزب السياسي المعروف بنصرة قضايا الأمة ومطالبته بتحرك الجيوش، لما أراد أن يسير بكم في تحرك أمام السفارة المصرية وغيرها، استنفر الأمنيون يتخبطون كالذي يتخبطه الشيطان من المس، لا يريدون تحركاً أو تعبيراً! رغم أنّ أصحاب القرار السياسي في البلد، ومن يبسطون أيديهم على الأجهزة الأمنية، يزعمون العداء ليهود! لكنهم يرون في كلمة الحق والمطالبة بتحريك قوى الأمة خطراً عليهم، ولا يرون بالمقابل خيانة الترسيم البحري التي حدثت، ولا خيانة الترسيم البري الذي سيحدث، لا يرونها شيئاً يستحق تحركهم لاعتقال من خان الأمة وإيمانها، بل يتحركون لإسكات كلمة الحق، وصوته الذي يعبر عن حقيقة مشاعر الأمة وغضبها الكامن في صدرها.
أيها المسلمون في لبنان:
إنّ هذه اللحظات نحسبها مفصليةً في حياة الأمة، فقد ثبت لها أنه بإمكانات قليلة، يمكن فعل الكثير، وأنه بالثقة بالله عز وجل ونصره، ينتصر حامل السلاح، لا بنوع السلاح الذي يحمله وتقنياته، وأن عدو الأمة هزيلٌ رعديدٌ لا يقاتل إلا كما قال ربنا عز وجل: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ﴾، وأنهم لا يستمدون قوتهم إلا كما قال الله عز وجل: ﴿ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ﴾، فلولا الأنظمة العميلة في بلادنا التي تحرس كيان يهود، ومن ورائها الغرب الكافر المستعمر، لكان هذا الكيان في مزابل التاريخ منذ زمن بعيد!
أيها المسلمون في لبنان:
أنتم جزءٌ من أمة عريقة، أمة حكمت العالم أكثر من 13 قرناً، فكانت لها السيادة والريادة، والصولات والجولات، فلا تقبلوا بأن يعزلكم زعماء لبنان عن أمتكم، في مشاريع لا تخدم إلا العدو المستعمر، وكونوا في صفّها رافعين لواء التغيير المنشود، التغيير الذي يُعيد لأمتكم عزّها ومجدها، ويُعيد لكم وزنكم الثقيل الأصيل هنا في لبنان. وهذا حزب التحرير في ولاية لبنان، يمدّ يده إليكم لتصنعوا تغييراً على منهاج النبوة، فكونوا من صُنّاع هذا التغيير الذي لاحت بشائره في الآفاق.
أيها المسلمون في لبنان:
لقد جعل الكافر المستعمر لبنان منبراً لنشر العَلمانية، ورمزاً من رموزها بشكله الذي هو عليه، كيانٌ هزيلٌ يخدم أجندات الدول الكبرى وعلى رأسهم أمريكا، فلا تقبلوا أن يستمر كذلك، وأعيدوه منبراً للحق، وثغراً من ثغور الإسلام، وأنتم فيه حراسٌ للدين، لا حراساً للفاسدين، وكونوا كما قال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللهِ﴾، حتى ينجز لكم وعده كما قال سبحانه: ﴿فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾.
التاريخ الهجري :23 من ذي القعدة 1445هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 31 أيار/مايو 2024م
حزب التحرير
ولاية لبنان