بسم الله الرحمن الرحيم
ثم ماذا بعد أيها المسلمون؟ ماذا تنتظرون بعدما شاهدتم ما حدث في غزة؟
ألم يأن لكم أن تتحركوا وتستجيبوا لفرض ربكم بإقامة دولة الخلافة الراشدة؟!
قبل أيام تزامنت ذكرى هدم دولة الإسلام الثالثة بعد المائة في شهر رجب المحرم مع ذكرى الإسراء والمعراج من الشهر نفسه، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾، فالله سبحانه قد ربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ربطاً عقائدياً خلّده في قرآنه إلى يوم القيامة، إلا أنه يئنّ ويستغيث صباح مساء لتحريره من احتلال كيان يهود، على مرأى ومسمع حكام رويبضات، ولا مجيب.
وتمر هذه الذكرى وأنهار الدماء التي تسيل من أبناء المسلمين في غزة، وطغيان ووحشية كيان يهود المسخ قد طالت البشر والحجر والشجر بدعم استعماري أمريكي أوروبي وخيانة حكام العرب وبلاد المسلمين، ولا رجل رشيد في جيوش المسلمين يقود أجناد المسلمين وينصر الإسلام والمسلمين بالقضاء على كيان يهود المحتل لفلسطين وإعادتها كاملة إلى ديار الإسلام.
ومنذ ما يزيد على قرن من الزمان والأمة الإسلامية تعيش أسوأ حقبة في تاريخها، فكان هدم الخلافة ثمرة جهود خبيثة وعقود من الكيد والتآمر والتخطيط من القوى الغربية الاستعمارية في صراعها مع الحضارة الإسلامية إلى يومنا هذا، فلم يكن هدم الخلافة نتيجة مغامرة سياسية مارستها القوى الغربية الاستعمارية، بل كان هدمها ثمرة جهود من الكيد والتآمر والتخطيط من تلك القوى، فكان من الطبيعي أن تحافظ هذه القوى الاستعمارية الكافرة على إنجازها بأن تسعى للمحافظة والحيلولة دون عودة دولة الخلافة التي قضت عليها.
إن الواقع الذي تحياه الأمة اليوم وخصوصا بعد حرب غزة، يدل على أن الأمة الإسلامية اليوم باتت تتطلع للخلافة وللوحدة الإسلامية ولتطبيق الشريعة في كافة مناحي الحياة، وبات وعي وتمسك الأمة بالإسلام اليوم أكثر من أي وقت مضى، وباتت الأمة على أتم استعداد لتقديم التضحية تلو الأخرى في سبيل دينها، يدفعها إلى ذلك ترسخ مفاهيم العقيدة لديها، وإدراكها الحسي أن لا خلاص لها مما هي فيه سوى بالعودة للإسلام عبر إقامة دولته.
وهنا لا بد من بيان الحقائق التالية:
1- أنّنا مسلمون مخلوقون لله تعالى بيَّن لنا الإسلام كيف نبني دولة قويّة، وسطّر أهدافها العليا التي تليق بإنسانية الإنسان، التي لا تكون إلا بدولة تطبّق أحكام ربّ العالمين.
2- إن الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله للناس، فلا يجوز القبول بغيره من المبادئ والأنظمة الوضعية، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾.
3- الخلافة، هي الفريضة العظمى التي تتحقق بها الفروض الثلاثة الكبرى؛ إقامة الدين، وتوحيد المسلمين، ونشر الإسلام في العالمين، ولا يتأتى للأمة أن تقيم الإسلام وتنشره إلا إذا اجتمعت على رجل واحد يقيم فيها الدين، قال رسول الله ﷺ: «مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ، لَقِيَ اللهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً».
4- إن الدول الاستعمارية الغربية الكافرة هي عدوة للإسلام وأهله، ويجب أن تكون العلاقة معها علاقة حرب، فلا تتخذ صديقة ولا شريكة، ولا يسمح لها بوجود قواعد عسكرية في البلاد، فهذه الدول وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا لا تدخر جهداً في قتل المسلمين ونهب ثرواتهم وتكريس الفرقة بينهم، قال تعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾.
5- حكام الدول العربية وبلاد المسلمين، هم عملاء للكافر المستعمر وأتباع له، وهم أعداء للأمة ولدينها، وهم رأس حربة الكافر في بلاد المسلمين، فهم لا يَدَّخرون جهداً في محاربة الإسلام ونشر الفساد والرذيلة، وإبقاء الأمة رهينة لأعداء الإسلام، وتخاذلهم عن نصرة أهل غزة ماثل للعيان.
6- المنظمات الدولية بكافة تصنيفاتها من هيئة الأمم ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية والأونروا وغيرها، والمؤسسات الإقليمية كالجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة المؤتمر الإسلامي هي من أدوات الدول الغربية الاستعمارية لإبقاء هيمنتها وتنفيذ مخططاتها في محاربة الإسلام وإبقاء الأمة الإسلامية ممزقة ومنهوبة الثروات.
7- إن تحرر الأمة من الاستعمار لا يكون إلا بتحرك قوى الأمة الحقيقية لتخلع حكام الطاغوت، وتجتث نفوذ الاستعمار من جذوره، وهذا يقتضي أن تتضافر قوى الأمة فتكون جيوش الأمة منحازة للإسلام وتنضم إلى صفوف الأمة، وتعلن براءتها من هذه الأنظمة العميلة الخائنة، وتسارع إلى خلعها وتخليص الأمة من شرورها.
لقد أثبتت حرب غزة بدون أي شك، أن الأمة الإسلامية هي أمة جهاد واستشهاد، من خلال ثبات أهلها ومجاهديها الأبطال، الذين هزوا كيان يهود المسخ والجبان، بقلّة عدد وعتاد وتآمر من الحكام، وعليه نؤكد للمسلمين وأهل القوة فيهم أن ثمن التضحيات الذي سيقدمونه من أجل إقامة الخلافة هو أقل بكثير مما يدفعونه الآن جراء فقد خلافتهم.
أيها المسلمون.. يا أهل القوة والمنعة في الأردن:
إن قضية العمل من أجل عودة الخلافة، هي قضية الأمة المصيرية التي يجب أن يتخذ حيالها إجراء الحياة والموت، والعمل الجاد المخلص مع العاملين المواصلين الليل بالنهار من أجل عودتها قوة عظمى، تحفظ البلاد والعباد وثرواتهم، والعمل لإيجادها عمليا يحتاج أن يعيد أهل القوة والمنعة السلطان للمسلمين، والقضاء على من يقف في طريقهم سواء أكانوا حكاماً أم بطانات فاسدة أم علماء سوء، ومن ورائهم قوى الاستعمار الغربية الكافرة، وإنا لنراها قريبة بإذن الله؛ فهي وعد الله سبحانه وبشرى رسوله ﷺ، فالأمة بمجملها تتطلع إلى اليوم الذي تعود فيه دولتهم، لتنتصر لأهل فلسطين وغزة والأقصى ولكل المسلمين المضطهدين في العالم. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ﴾.
التاريخ الهجري :6 من شـعبان 1445هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 16 شباط/فبراير 2024م
حزب التحرير
ولاية الأردن