بسم الله الرحمن الرحيم
القرار 1860 هو وصمةُ عارٍ على جبين الحكام في البلاد الإسلامية فهم لم يكتفوا بخذلان غزة بجيوشهم بل أسلموها ليهود بالقرارات الدولية!
صدر فجر هذا اليوم قرارُ مجلس الأمن المرقم 1860 حول العدوان الوحشي على قطاع غزة، وقد استُعمِّل في صياغته الدهاءُ السياسي الخبيث الذي سبق استعماله في القرار 242 بعد عدوان 1967، حيث نصَّ حينها على الانسحاب من "أراضٍ" بدل أن ينص على الانسحاب من "الأراضي" ليترك مجالاً لدولة يهود أن تبقى في الأراضي التي تختارها!
وهكذا في هذا القرار، حيث لم ينص على الانسحاب من غزة، بل على وقفٍ للنار "يؤدي" إلى الانسحاب! ومتى وكيف يؤدي؟! ثُم كيف لقرارٍ يلفُه الغموض عمداً أن يوقف عدوان يهود وهم لم يوقفوا عدوانهم لقراراتٍ أشد وضوحاً؟!.
إنه على الرغم من أن قرارات مجلس الأمن لا تسمن ولا تغني من جوع، بل إن هذه القرارات التي لم تنفذها دولة يهود قد ملأت عندهم أكياس النفايات!، على الرغم من ذلك فإن أمريكا وأحلافها قد منعت إصدار أي قرارٍ من مجلس الأمن، وذلك لإعطاء دولة يهود مهلة كافية لسفك الدماء في عدوان وحشي على غزة حتى تحقق دولة يهود أغراضها...
واتّباعاً لأمريكا واقتداءً بها، فإن الحكام في بلاد المسلمين قد التزموا "إرادة" أمريكا رغباً ورهباً، فتفرقوا واختلفوا، ولم يجتمعوا...
ولكن عندما رأت دولةُ يهود المقاومةَ العظيمة التي جوبهت بها، وتبين لدولة يهود أنها لم تستطع بالأعمال العسكرية تحقيق ما هدفت إليه، وأن الأمر قد يطول في الوقت الذي هم فيه مقبلون على انتخاباتهم، ويحتاجون إلى أجواء "نصر" بالحرب أو بالسلم، لتجري الانتخابات خلالها، عند ذلك نشطت أمريكا في تحقيق ذلك لهم عن طريق مجلس الأمن، وأصبحت "رايس" قُطب الرحى في الاجتماعات واللقاءات، وحركت أزلامها من الحكام، فشَدوا الترحال، يحجّون إلى مجلس الأمن، يصِلون ليلهم بنهارهم في سعي حثيث...وهم الذين كانوا ينظرون إلى نصرة غزة بجيوشهم نظر المغشي عليه من الموت، في الوقت الذي لو أن فيه جبهةً، أو بعض جبهة، فتحها هؤلاء الحكام لاهتز كيان يهود، إن لم يكن قد أصبح هذا الكيان أثراً بعد عين.
لقد كان هؤلاء الحكام (عُرّاب) هذا القرار الذي يحقق لكيان يهود ما لم يستطع تحقيقه بالعدوان! فهو يُبقي الجيش الإسرائيلي في غزة، ويفرض حصاراً على قطاع غزة من حيث أسباب القوة والتسليح، ولا يغير من ذلك ما ورد في البيان من تغليفٍ بشيءٍ من الرتوش حول فك الحصار الغذائي عنهم...!
ولتسويق هذا القرار فإن أمريكا امتنعت عن التصويت عليه لتبدو كما لو أنها ليست وراءه، فيستطيع الحكام أن يُظهروه نصراً مؤزراً تم لهم بعيداً عن أمريكا، وإنهم لكاذبون، فكل عاقلٍ واعٍ، يدرك أن أمريكا لو لم تكن وراءه لمنعته من الصدور.
أيها المسلمون..
إنه لحقٌ ما قاله الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم : "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، فإن هؤلاء الحكام يرون غزة هاشم تُسفك دماؤها الزكية، فلا يحركون جيشاً لنصرتها، ولا يطلقون صاروخاً على قاذفاتها، بل فوق ذلك يمنعون المتطوعين من نصرتها...! أما لإصدار قرارٍ يمنع عن غزة السلاح وأسباب قوتها، ويبقي جيش يهود فوق أرضها... فإنهم يتسارعون ويتسابقون، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
إن من ينظر إلى كيان يهود المغتصب لفلسطين، وهو محاط بدول هؤلاء الحكام، فإنه ليدرك تماماً أن بقاء هذا الكيان مرهون ببقاء هؤلاء الحكام، فهم يحمونه فوق ما يحمي نفسه، حتى إن أمريكا والدول الغربية الأخرى التي تدعم هذا الكيان ما كان ليكون لها ذلك التأثير لو كان من بين هؤلاء الحكام رجلٌ رشيد!!
أيها المسلمون..
لقد ذكرنا مراراً، ونعيد ونزيد، أن من أراد القضاء على كيان يهود، وإعادة فلسطين كاملة إلى ديار الإسلام، فلا بد له من العمل لإيجاد الحاكم المخلص، الدولة الصادقة، الخلافة الراشدة، فـ« الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به » كما قال صلى الله عليه وسلم، وعندها فلن تبقى لدولة يهود قائمة، بل حتى دول الكفر المستعمرة التي هي أشد قوةً من كيان يهود وأكثر جمعاً ستكون في الأذلين.
( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )
التاريخ الهجري :13 من محرم 1430هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 09 كانون الثاني/يناير 2009م
حزب التحرير