بسم الله الرحمن الرحيم
بداية شهر رمضان المبارك ونهايته لا تُحددها إلا الرؤية الشرعية للهلال
نقترب بفضل الله ومنِّه من حلول شهر رمضان المبارك لعام 1445 هجري. ومرة أخرى، تدور نقاشات بين المسلمين حول ما إذا كان يمكن تحديد بداية رمضان مسبقاً باستخدام الحسابات الفلكية، وما هو النهج الصحيح في التعامل مع هذه القضية. بعض المراكز الإسلامية في الدنمارك اختارت اتباع الحسابات الفلكية مستندين لبعض الاعتبارات، بينما رفض آخرون ذلك وأكدوا أن بداية الشهر يجب تأكيدها برؤية الهلال بالعين وفقاً للمنهاج الشرعي.
هذا السؤال مهم للمسلمين في جميع أنحاء العالم. وجانب من النقاش الدائر يتعلق بالتفسير والتطبيق السليم لأحكام الإسلام، خاصة بالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في الغرب. لذا يجد حزب التحرير في الدنمارك أنه من الضروري توضيح النقاط التالية:
بداية صيام شهر رمضان تعتمد على رؤية الهلال وفقاً للأدلة الشرعية، بما في ذلك الحديث الذي قال فيه النبي ﷺ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» رواه البخاري
هذا السؤال هو قضية عبادية ترتبط مباشرة بالنصوص الشرعية وتأخذ منها طابعاً إلزامياً. يجب على المسلمين اتخاذ مواقفهم في مثل هذه القضايا الشرعية بناءً على ما تشير إليه النصوص من القرآن الكريم وسنة النبي ﷺ، دون التأثر بالظروف السائدة أو الاعتبارات العملية. والادعاء بأن تحديد بداية رمضان برؤية الهلال تتعلق بـ "علة شرعية" وأنه ليس من الضروري رؤية الهلال بل يكفي معرفة وجوده، هو ادعاء غير صحيح ولا يوجد دليل ينص على ذلك، وإذا لم يكن بالإمكان رؤية الهلال في نهاية الشهر، فإن حديث النبي ﷺ قد قدم الحل: «... فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ». وحتى لو كانت الحسابات الفلكية دقيقة، فإن المسألة لا تتعلق بتأكيد ظاهرة فلكية بالمفهوم العلمي. تحديد بداية أو نهاية رمضان لا يتطلب "ضماناً علمياً" لولادة الهلال. لا يوجد دليل شرعي على أن بداية الصيام يجب أن تعتمد على ولادة الهلال فلكيا، ولكن يجب أن يتم ذلك استناداً إلى رؤيته، كما أمر النبي ﷺ في الحديث السابق.
ففي حال وجود هلال رمضان ولكنه مغطى بالسحب بحيث لا يمكن رؤيته بالعين، يجب في هذه الحالة أن نكمل شعبان ثلاثين يوماً.
نحن، حزب التحرير في الدنمارك، انطلاقا من محبتنا لديننا والتزاما بشريعته، نرغب في توضيح أن بداية شهر رمضان يجب أن تُحدد فقط بالطريقة الموجودة في النصوص الشرعية أي (الرؤية) وليس بوسائل حسابية فلكية.
كما أن هناك أمرا آخر مهماً يجب التنبه له أيها المسلمون الأعزاء، هناك جانب أعمق في النقاش الحالي حول كيفية تحديد بداية شهر رمضان، يتعدى الجانب التشريعي فقط، وهو في الواقع قضية أكثر جدية، تؤثر على كيفية فهمنا لإسلامنا فهما تشريعيا وكيفية تعاطينا مع الأدلة الشرعية. فبالنسبة للمسلمين الذين اختاروا الأخذ بالحسابات الفلكية بدلاً من الرؤية، فإن من بين تبريراتهم وما يستندون إليه في رأيهم، أننا نعيش في مجتمع غير إسلامي، حيث تلقى الممارسات الإسلامية تفهماً ضئيلاً ويكاد يكون منعدما. وعليه، - حسب قولهم - فإن اعتماد الحسابات الفلكية، يكون أكثر ملاءمة للمسلمين في الغرب لأسباب عملية ولتيسير الأمور. ثم يتم الرجوع إلى تفسيرات ضعيفة جداً للنصوص أو آراء بعض العلماء لتبرير الموقف المتخذ بالفعل بشأن الأخذ بالحسابات الفلكية. ويضاف إلى ذلك آراء غير ذات صلة، مثل عدم وجود تضاد بين الإسلام والعلم... نحن هنا مضطرون للتحذير أن هذا هو نهج مشكل للشريعة الإسلامية عندما تصبح المصلحة الموهومة أو المفترضة، وتصبح الظروف السائدة، بما في ذلك النظام الحاكم، هي العوامل المحددة للاختيار بين الآراء، حتى في إشكاليات العبادات، فمع هذا النهج، يمكن أن ينجر المرء إلى منحدر خطير نحو تكييف الإسلام مع نظام مجتمعي لا يحترم الإسلام، بل يقاومه ويهدف إلى دمج المسلمين وتذويبهم فيه،
أيها المسلمون: إننا نتطلع معاً إلى شهر رمضان قادم يجمع المسلمين حول العالم فور تأكيد رؤية الهلال الصحيحة في أي مكان على وجه الأرض، ابتداءً من 29 شعبان بإذن الله. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمكننا من خوض تجربة شهر رمضان المبارك مرة أخرى وأن يجلب معه الراحة والنصر لأمة الإسلام. كما نسأله أن يجعل هذا الشهر آخرَ رمضان بدون خلافة راشدة.
وختاماً، نذكركم، أيها المسلمون الأعزاء، بأن الارتباك المتكرر حول بداية رمضان ونهايته والاحتفال بالعيد، يرجع إلى غياب الحكم الإسلامي قرناً من الزمن، وبالتالي غياب سلطة إسلامية شرعية، تنظم شؤون المسلمين ومن بينها عبادات المسلمين المشتركة وتتخذ بشأنها قرارات ملزمة لجميع المسلمين في العالم.
التاريخ الهجري :20 من شـعبان 1445هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 01 آذار/مارس 2024م
حزب التحرير
الدنمارك