مقتطفات من كلمات وأجوبة أمير حزب التحرير العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة
- نشر في أخرى
- قيم الموضوع
- قراءة: 846 مرات
رَوَى شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "ألا أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: مِنْ شِرَارِكُمْ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الأحِبَّةِ الْبَاغُونَ الْعُيُوبَ". وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَلْعُونٌ ذُو الْوَجْهَيْنِ، مَلْعُونٌ ذُو اللِّسَانَيْنِ مَلْعُونٌ كُلُّ شَفَّارٍ، مَلْعُونٌ كُلُّ قَتَّاتٍ، مَلْعُونٌ كُلُّ مَنَّانٍ". الشَّفَّارُ الْمُحَرِّشُ بَيْنَ النَّاسِ يُلْقِي بَيْنَهُم الْعَدَاوَةَ، وَالْقَتَّاتُ النَّمَّامُ وَقِيلَ النَّمَّامُ الَّذِي يَكُونُ مَعَ الْقَوْمِ يَتَحَدَّثُونَ فَيَنُمُّ حَدِيثَهُمْ، وَالْقَتَّاتُ هُوَ الَّذِي يَسْتَمِعُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ فَيَنُمُّ حَدِيثَهُمْ، وَالْمَنَّانُ هُوَ الَّذِي يَصْنَعُ الْخَيْرَ وَيَمُنُّ بِهِ. وَقِيلَ فِي مَنْثُورِ الْحِكَمِ: النَّمِيمَةُ سَيْفٌ قَاتِلٌ. وَقَالَ بَعْضُ الأدَبَاءِ: لَمْ يَمْشِ مَاشٍ شَرٌّ مِنْ وَاشٍ. فَأَمَّا السِّعَايَةُ فَهِيَ شَرُّ الثَّلاَثَةِ؛ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ إلَى مَذَمَّةِ الْغِيبَةِ وَلُؤْمِ النَّمِيمَةِ، التَّغْرِيرَ بِالنُّفُوسِ وَالأمْوَالِ، وَالْقَدَحَ فِي الْمَنَازِلِ وَالأحْوَالِ.
أدب الدنيا والدين للماوردي
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخبر:
أصدرت منظمة العفو الدولية (أمنستي) تقريراً جديداً لها في 2014/10/29 حول تعامل إثيوبيا مع مسلمي الأورومو جاء فيه: "إن السلطات الإثيوبية تستهدف بلا رحمة وتمارس التعذيب بحق أكبر قومياتها الأورومو الذين يمثل المسلمون أغلبيتهم الساحقة."
وتحدث التقرير الذي يستند إلى أكثر من مائتي شهادة عن أن: "آلافا من أفراد إثنية الأورومو يتعرضون باستمرار لعمليات توقيف تعسفية، واعتقالات طويلة دون محاكمة، ويختفون، ويتعرضون للتعذيب بشكل متكرر، وإعدامات خارج نطاق القضاء". وأضاف أن: "العشرات من المنشقين الحقيقيين أو المفترضين قتلوا".
وأكدت منظمة العفو الدولية أن: "ما لا يقل عن خمسة آلاف من الأورومو اعتقلوا بين عامي 2011 و2014 في أغلب الأحيان "بمبررات مبهمة كتهمة المعارضة."
واستنطقت المنظمة معتقلين سابقين فروا من البلاد في كينيا وأوغندا ومنطقة أرض الصومال (صومالي لاند)، وتحدث المعتقلون عن حالات تعذيب، منها: "الضرب المبرح واستعمال التيار الكهربائي والإيهام بالإعدام والحرق بمعادن ساخنة أو بالبلاستيك السائل وعمليات اغتصاب بعضها جماعية".
التعليق:
دأبت السلطات الإثيوبية وعلى مختلف توجهاتها وانتماءاتها على اضطهاد المسلمين والتنكيل بهم بكل الوسائل في الحبشة، وذلك منذ عهد الإمبراطور الطاغية هيلا سيلاسي وحتى أيامنا هذه.
فكان الطاغية آنذاك يضطهد المسلمين باستمرار في الحبشة، ويرتكب ضدهم المجازر تلو المجازر، وبتشجيع كامل من الدول الاستعمارية الأوروبية، لا سيما بريطانيا وإيطاليا المستعمرتين الرئيسيتين للبلاد.
ولم يتوقف الاضطهاد في حكم منغستو هيلا مريم الشيوعي الذي تلا حكم هيلاسيلاسي، بل استمر وبكل وحشية مدعوماً هذه المرة من الاتحاد السوفياتي البائد، ولم يتغير شيء على حال المسلمين في ظل الانقلاب الشيوعي، وبقي على ما هو عليه.
وتواصل الاضطهاد أيضاً ضد المسلمين في حكم ملس زيناوي الذي أطاح بحكم منغستو هيلا مريم بإسناد أمريكي مكشوف، والذي أصبح فيما بعد رجل أمريكا القوي ليس في إثيوبيا وحسب وإنّما في جميع مناطق شرق القارة الإفريقية.
وما زال الاضطهاد مستمراً ضد المسلمين في إثيوبيا وبنفس الوتيرة بعد وفاة زيناوي في العام 2012 وتسلم الحكم من بعده الرئيس الحالي للبلاد هايلي مريم ديسيلين والذي يُعتبر امتداداً لحكم زيناوي التابع لأمريكا.
إن ّ الأورومو المسلمين وحدهم يُشكلون أكبر مجموعة عرقية بإثيوبيا ويُقدر عددهم بحوالي 27 مليون نسمة، ولديهم لغتهم الخاصة بهم والمختلفة عن الأمهرية التي تُعتبر اللغة الرسمية للبلاد.
ويفوق عدد المسلمين في إثيوبيا من جميع العرقيات عدد النصارى الذين يتحكمون في البلاد، لكن الكافر الغربي المستعمر ما فتئ يدعم الأقليات النصرانية في التمسك بالحكم، ويُساعدها في تشتيت المسلمين وإبعادهم عن مركز القرار بشتى الطرق.
فمسلمو إقليم أوغادين الصومالي على سبيل المثال يخضعون للاحتلال الإثيوبي الفعلي، ومسلمو الأورومو يخضعون لحكم عسكري محكم، وأمّا سائر المسلمين الآخرين في مناطق إثيوبيا المختلفة فهم مشتتون ومهمشون ومبعدون عن مراكز التأثير السياسي في البلاد.
وكل هذا التنكيل والاضطهاد والتهميش الذي يتعرض له المسلمون في الهضبة الحبشية إنّما يجري بتوجيه مباشر من الاستعمار الكافر من أجل إقصاء المسلمين عن الحكم بطريقة منهجية متعمدة، وإبقاء النصارى وحدهم في السلطة - مع أنّهم الأقلية في البلاد - وذلك خدمةً للنفوذ الغربي، وإضراراً بمصالح المسلمين، ومنعاً لوحدتهم.
لقد تحولت الدولة الإثيوبية الآن إلى ما يُشبه دولة يهود في الشرق الأوسط، بعد تبدل النظام العنصري في دولة جنوب إفريقيا، وتخليها عن ذلك الدور، فإثيوبيا اليوم تُعادي جميع البلدان العربية والمسلمة بكل ما أوتيت من قوة، فتتدخل عسكرياً في الصومال، وتُنصب نفسها زعيمة لدول مجموعة الإيغاد التابعة لأمريكا، والتي تقوم بدور شرطي المنطقة، إضافة إلى استمرارها في ممارسة سياسات التنكيل بالمسلمين في داخل إثيوبيا نفسها غير عابئة بتقارير منظمات حقوق الإنسان، ولا آبهةً بمشاعر المسلمين في العالم بسبب ضعف البلاد الإسلامية وهزال أنظمة الحكم فيها، ونتيجة لغياب الراعي الحقيقي للمسلمين المتمثل في دولة الإسلام المبدئية، فالدولة الإثيوبية تعتمد في ارتكاب جرائمها تلك على غطاء استعماري أمريكي، يمنحها شبكة أمان يحميها من المساءلة القانونية الدولية على انتهاكاتها الفظيعة المستمرة ضد أبناء المسلمين.
لكن هذا الوضع الدولي الشاذ لن يطول، وإن شاء الله سيأتي قريباً اليوم الذي ستحاسب فيه الأقلية النصرانية الحاكمة في الحبشة على جرائمها المتواصلة ضد المسلمين، ولن تنفعها وقتها أمريكا ولا غيرها من الدول الاستعمارية، وسيحكم إثيوبيا المسلمون حتماً في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة، وستُطوى هذه الحقبة السوداء من تاريخ الحبشة، وستُفتح صفحة جديدة في إفريقيا تُسطر مفرداتُها الجديدة بمداد حكم الإسلام وعدله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو حمزة الخطواني
الخبر:
قال معاذ الخطيب إنه بحث مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو تطورات الأزمة السورية. وأضاف الخطيب أنه وصل إلى روسيا على رأس وفد من المعارضة لبحث سبل إنهاء الصراع الدائر في سوريا. وأشار إلى أن الزيارة أتت بدعوة من روسيا حيث تمت مناقشة آليات الحل السياسي مع لافروف ومسؤولين روس آخرين، مشددا على أن "الوفد أصر على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد خلال المباحثات".
التعليق:
ليست المرة الأولى التي يظهر الخطيب فيها ليطرح حلولا تتماشى مع السياسة الأمريكية ومع الحل الذي تطرحه أمريكا في سوريا فمنذ أن تشكل الائتلاف في الدوحة على يد السفير الأمريكي السابق لسوريا روبرت فورد كان معاذ الخطيب رئيسا لهذا الائتلاف الذي سرعان ما ظهر فشله فسارع الخطيب للتهديد بالاستقالة تارة وبالخطابات الرنانة تارة أخرى إلى أن استقال من رئاسة الائتلاف بعد أن أصبح هذا المنصب موضع تهمة وخرج بمبادراته المتكررة التي تدعو للحوار مع النظام ووقف الحرب في سوريا، وهذا عين ما تريده أمريكا ففي تصريح لأوباما مؤخرا يقول "أنه يبحث عن معارضة معتدلة قادرة على تحمل مسؤوليتها والجلوس مع النظام على طاولة الحوار". فأمريكا تتعامى عن جرائم هذا النظام وتسعى لحلها السياسي ولا فرق إن كان هذا الحل السياسي عن طريق الائتلاف أو معاذ الخطيب.
ليس غريبا أن نرى - بعد مضي ما يقارب الأربع سنوات على ثورة الشام - مزيدا من تكشف الأقنعة عن وجوه جديدة، لكن المؤسف أن يظهر الخطيب في كل مرة متذرعا بحقن الدماء وإيقاف الحرب والدمار ناسيا أو متناسيا أن النظام بكل رجالاته وداعميه والساكتين على جرائمه هم في الجريمة سواء وهم من يسفك الدماء في أرض الشام، وإن وقف هذه الدماء لا يكون باستجداء الجزار ولا التوسل لداعميه بل يكون بالطريق الذي اختاره أهل الشام وهو إسقاط النظام بكل أشكاله ورموزه والتحرر من دول الكفر التي تتحكم بمصيرنا وإنهاء نفوذها في بلادنا وإقامة نظام الإسلام نظام الخلافة على منهاج النبوة النظام الوحيد القادر على حفظ دماء المسلمين والذود عن أعراضهم، وهو النظام الوحيد الذي سينتقم للمسلمين من جزاريهم ويأخذ لهم حقهم المسلوب.
أيها المسلمون المرابطون في أرض الشام: لا يضركم من خذلكم فإن الله سبحانه وتعالى ناصركم ما دمتم متمسكين بنهج نبيه صلى الله عليه وسلم فلا تسمحوا لأحد أن يضيع تضحياتكم سدى واستمسكوا بحبل الله المتين ففيه النجاة كل النجاة وفي غيره الهلاك والخسران المبين قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153].
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
منير ناصر
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية سوريا
الخبر:
نشرت المجموعة الحقوقية للدفاع عن حقوق الإنسان (Fortify Rights) والتي مقرها في بانكوك وذلك في 7 تشرين الثاني/نوفمبر بيانًا موجزًا ذكرت فيه أن السلطات في ميانمار كانت متورطة في الاتجار وتهريب مسلمي الروهينغا من ولاية راخين في ميانمار. وقد بينت المجموعة أن قوات أمن الولاية تجبي دفعات مالية من مسلمي الروهينغا الفارين من الاضطهاد الذي يرتكبه نظامهم، أو من المهربين الذين يعملون على متن زوارق بحرية مقابل عبورهم إلى البحر. وحتى إن هناك تقارير تبين أن قوات ميانمار البحرية تقوم بإيصال مسلمي الروهينغا إلى سفن الاتجار بالبشر والتي تديرها شبكات إجرامية. ويمكن أن تحصل شرطة ميانمار، أو قواتها البحرية، أو مسؤولو الجيش على مبلغ يصل ما بين 500 دولار إلى 600 دولار عن كل قارب صغير يحمل ما بين 50 إلى 100 لاجئ. وقد علق ماثيو سميث، مدير (Fortify Rights)، بقوله: "لا تقوم السلطات فقط بجعل حياة الروهينغا لا تطاق بحيث إنهم أجبروهم على الفرار، بل إنهم يتكسبون أيضًا من نزوحهم... إن هذه أزمة إقليمية لا تزال تتفاقم بينما تقوم سلطات ميانمار بالتربح منها بشكل سيّئ". وقد نشرت وكالة أسوشيتد برس تفاصيل حالة قام بها عشرات الجنود من ميانمار بركوب قارب مليء بمسلمي الروهينغا في خليج البنغال وقاموا بضرب الركاب بألواح خشبية وقضبان حديد لابتزاز الأموال منهم قبل أن يسمحوا لهم بالرحيل.
التعليق:
إنه أمر بغيض ومحزن جدًا ألا نشهد فقط على نطاق واسع الحملة المستمرة من التعذيب والاضطهاد التي يتعرض لها إخواننا وأخواتنا من مسلمي الروهينغا والتي يرتكبها نظام ميانمار الوحشي، بل كذلك أن نعلم أن البؤس والمعاناة التي يعيش فيها إخواننا وأخواتنا أصبحت مصدرًا يدر المال لأولئك المجرمين. في الأسابيع الأخيرة، كانت هناك زيادة ضخمة في نزوح مسلمي الروهينغا الذين فروا من منازلهم في ولاية راخين. ووفقًا لمشروع أراكان، وهي مجموعة تراقب أوضاع لاجئي الروهينغا، فإن معدل عدد الأشخاص الذين يلجؤون إلى سفن الشحن لمغادرة البلاد يبلغ 900 شخص يوميًا، وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية وحدها، هرب 14500 روهينغيًا عن طريق البحر إلى تايلاند على أمل الوصول في النهاية إلى ماليزيا. وقد ترك أكثر من مئة ألف روهينغي ميانمار عن طريق القوارب منذ حزيران/يونيو عام 2012 هرباً من البطش العرقي الذي يرتكبه البوذيون ونظامهم. في الواقع، لقد وصف نشطاء حقوق الإنسان هذه الهجرة باعتبارها واحدة من أكبر هجرات القوارب في آسيا منذ حرب فيتنام. ويحتجز المهربون الكثيرين منهم في ظروف استعباد واستغلال، ويعانون حياة ملؤها سوء المعاملة والتعذيب.
وتعود الزيادة الأخيرة في معدل نزوح مسلمي الروهينغا من ميانمار بشكل جزئي إلى زيادة عمليات الاعتقال والضرب والاحتجاز التعسفي الذي يتعرضون له. وسياسة إعادة التوطين الجديدة التي تنتهجها حكومة ميانمار، والتي تسمى "خطة عمل راخين"، تعتبر كذلك سببًا في زيادة اليأس بين مسلمي الروهينغا وهو ما أجبرهم على ترك بلادهم. وهذه الخطة، والتي تعتبر جزءاً من حملة التطهير العرقي المستمرة التي يقوم بها النظام ضد المسلمين الذين يعيشون على شواطئ ميانمار، تشترط على مسلمي الروهينغا أن يثبتوا أنهم وأسرهم قد عاشوا في البلاد منذ أكثر من 60 عامًا. وإذا استطاعوا تقديم دليلٍ كافٍ للإقامة، فإنهم يحصلون على "جنسية" تعطيهم حقوقًا أقل من المواطن العادي - وحتى في هذه الحالة، يطلب منهم أن يتنازلوا عن هويتهم كروهنغيين ويسجلون على أنهم بنغاليون. وهذا بطبيعة الحال يعني ضمنًا أنهم يعتبرون مهاجرين غير شرعيين من بنغلادش المجاورة، مما يعطي الحكومة القدرة على سحب جنسياتهم وترحيلهم في وقت لاحق إذا رغبت في ذلك. أما أولئك الذين لا يستطيعون تقديم دليل على إقامتهم أو الذين يرفضون تصنيفهم على أنهم "بنغاليون"، فيمكن أن يرحلوا أو يتم وضعهم في المخيمات. وقد وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش الخطة بأنها "لا شيء أقل من خطة للتمييز العنصري وانعدام الجنسية الدائمين".
إن كل هذا يحدث في الوقت الذي يستعد فيه قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي أوباما، لحضور قمة شرق آسيا هذا الأسبوع في ميانمار والتي تستضيفها الحكومة البورمية هذا العام. ولذلك فإن الحكومات الغربية تتظاهر بالاهتمام بحقوق الإنسان كجزء من خطتها لتسويغ القصف الحالي على العراق وسوريا، وهم سعداء جدًا بشكل فاضح لحضور مؤتمر يستضيفه نظام دكتاتوري وحشي يرهب الأقليات التي يحكمها، ويشارك في حملة التطهير العرقي، والتربح من الهجرة الجماعية للمسلمين المضطهدين. إن كل تلك الحكومات الغربية التي ستجتمع قد صرحت ببيانات ضعيفة على عدم موافقتها على تصرفات النظام في ميانمار، وهي ليست على استعداد بشكل واضح للمخاطرة باستثماراتها المالية الكبرى والمصالح الاستراتيجية في البلاد. في الواقع، طوال هذه الحملة المستمرة من الاضطهاد الذي يتعرض له الروهينغا، فإن الولايات المتحدة واصلت تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع هذا البلد، وتبشر النظام بنجاح سياسته الخارجية بسبب إصلاحاته الديمقراطية؛ الإصلاحات التي لم تصنع شيئًا لمسلمي الروهينغا سوى مزيدٍ من الاضطهاد. إن هذا النفاق الهائل يوضح مرة أخرى أن هذه الحكومات الرأسمالية ليس لها أي اعتبار حقيقي لحرمة حياة الإنسان وكرامته، وإن اهتمامها ينحصر فقط في حرمة الدولار. وهذا يؤكد كذلك على أنه لا يمكن أبدًا أن يعتمد المسلمون على المجتمع الدولي في حل مشاكلهم، فالله سبحانه وتعالى يذكرنا بقوله: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنڪَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتً۬اۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنڪَبُوتِۖ لَوۡ ڪَانُواْ يَعۡلَمُونَ﴾ [العنكبوت: آية 41]
وعلاوة على ذلك، فإن هذه الأوضاع الصعبة التي يتعرض لها إخواننا وأخواتنا الروهينغيون لم تستثر حكام العالم الإسلامي ليقوموا بأي رد، وتلك الطغمة الحاكمة لم تكتف فقط بأنها لم تتحرك لمساعدتهم، ولكنهم ما زالوا مستمرين في إغلاق الحدود ويرفضون توفير أي ملجأ آمن لهم، وهم سعداء فعلًا بمشاهدتهم للإرهاب أو الإغراق في عرض البحر جراء الأعمال التي يمارسها النظام هناك. إن كل ما يحدث هو تذكير بالحاجة الملحة لإزالة تلك الأنظمة التي لا ترحم وإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة التي ستفتح حدودها لجميع المسلمين المضطهدين، وتوفر لهم الحياة الكريمة وتذيق أعداءهم وبال أمرهم بتحريك كامل قوتها العسكرية.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الخبر:
شهدت العاصمة العُمانية مسقط اجتماعا ثلاثيا بشأن البرنامج النووي الإيراني، وقد ضمّ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ونظيره الأمريكي جون كيري، ومسئولة السياسة الخارجية السابقة في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، في محاولة لدفع مساعي نزع فتيل الأزمة بشأن برنامج طهران النووي، فيما لم يتبقَ سوى أسبوعين فحسب على انقضاء مهلة التوصل لاتفاق شامل.
التعليق:
منذ الربيع العربي ونحن لا نسمع لدولة عمان أي صوت، فيُستغرب أن يخرج لها صوت الآن، في هذه الأوقات الحرجة للمنطقة والعالم أيضاً. إنه من المعلوم أن عمان بنظامها وحاكمها المستبد قابوس لم يخرج منه أي خير قط لأهل عمان، فكيف بدول الجوار، ومن المعلوم أيضا أن قابوس يحكم عُمان منذ دهر، ويبطش بأهله، ويراقبهم، ويعدّ عليهم أنفاسهم. والآن في وقت تعصف فيه أمواج التغيير في البلاد الإسلامية من ناحية، وتُشد فيه رحال الغرب لاحتلال بلادنا من ناحية أخرى، وضرب كل مخطط لإنقاذ الأمة من سوط الرويبضات ومن ورائهم الغرب الكافر، في هذا الوقت تجتمع قوى الشر في بلاد يحكمها "شرير" للخروج بمخططات يعلم الجميع ما نتائجها، وكيف تنتهي.
إنّ ملف إيران لا يخرج عن كونه فزاعة أمريكا لدول الخليج العربي، وبعض الدول المجاورة، وهذا الملف لا يسخن إلا في أوقات معينة تحددها سيدة الحكام في إيران (أمريكا)، فينشط هذا الملف تارة لابتزاز دول الجوار، وتارة أخرى لتسويق سلع أمريكية (من ضمنها الأسلحة)، وتارة أخرى كغطاء لاجتماع. فالغرب الكافر - وعلى رأسه أمريكا - يعلم ماهية ملف إيران، وكيفية استخدامه.
والآن يجتمع الأوروبيون والأمريكان والإيرانيون بمعزل عن دول (5+1) لنقاش ملف إيران النووي (كما يدّعون)، وفي الوقت نفسه تخرج تصريحات من هنا وهناك عن دور إيران في الملف السوري والعراقي، وما يسمى الآن "بالحرب على تنظيم الدولة"، وتصريح من واشنطن يتخوف من التدخل الإيراني، وآخر يشير إلى الأيدي الإسلامية التي يمكن أن توكل لها الحرب الصليبية الجديدة (من العراق، إلى إيران، إلى تركيا...)، وحتى أولئك من لا تجدهم في الخارطة (مثل البحرين، والإمارات) سيتدخلون في الأمر ويتعاونون مع أمريكا وإيران، وكل تلك الدول ستتعاون من أجل ضرب المسلمين وإجهاض مسعاهم في إيجاد دولة تحكم الأرض بعدل الإسلام.
نعم، إن مثل هذه اللقاءات المشبوهة، بين ظالم لشعبه متآمر على أمته، وكافر حاقد على الإسلام وأهله، أياديهم الملطخة بدماء المسلمين تتصافح أمام الكاميرات، متبادلين الابتسامات، هذه اللقاءات لن يخرج منها سوى البؤس لهذه الأمة الكريمة، التي تتهيأ لميلاد دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، على أنقاض عروش الطغاة. نعم، إن أمة الإسلام قد عرفت عدوها، ووجهتها، وغايتها من ثوراتها، والأمر بيد الله ومشيئته وحده بأن يهيئ لها من يخرجها مما هي فيه إلى نور الحق والإيمان في دولة الإسلام.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يوسف
نُحَيِّيكُمْ جَمِيعًا أيها الأَحِبَّةُ المُستَمِعُونَ الكِرَامَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, نَلتَقِي بِكُمْ فِي حَلْقَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ بَرنَامَجِكُم "مَعَ الحَدِيثِ النَّبوِيِّ الشَّرِيفِ" وَنَبدَأ بِخَيرِ تَحِيَّةٍ وَأزكَى سَلامٍ, فَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي المُعجَمِ الكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ فِي الْبَحْرِ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ».
مستمعينا الكرام:
التَّقَدُّم وَالنُّهوضُ بِالأُمَمِ لَهُ أُسُسٌ وَمَبَادِئُ يَقُومُ عَلَيهَا إِنْ تَوَافَرَتْ تَقَدَّمَتِ الأُمَمُ وَإِلا فَلا، وَالنَّهضَةُ هِيَ الارتِقَاءُ الفِكْرِيُّ المُستَنِدُ إِلَى عَقِيدَةٍ صَحِيحَةٍ وَمَبدَأ عَقْلِيٍّ صَحِيحٍ يَنبَثِقُ عَنهُ نِظَامٌ يُعَالِجُ جَمِيعَ مَشَاكِلِ الإِنسَانِ فِي الحَيَاةِ, وَمِنْ هُنا نَجِدُ كُلَّ أُمَّةٍ سَارَتْ فِي طَرِيقِ نَهضَتِهَا, قَدْ بَدَأتْ بِتَفعِيلِ أدَوَاتِ النُّهُوضِ, وَأدَوَاتِ بِنَاءِ الإِنسَانِ الَّذِي هُوَ أسَاسُ النَّهضَةِ وَعِمَادُها، فَالعُنصُرُ البَشَرِيُّ هُوَ أهَمُّ عُنصُرٍ لا بُدَّ مِنْ بِنَائِهِ وَتَطوِيرِهِ وَتَنمِيَتِهِ وَالعِنَايَةِ بِهِ, وَالمُعَلِّمُ هُوَ أسَاسُ تَنشِئَةِ الأجيَالِ وَبِنَاءِ الأُمَمِ، فَلا بُدَّ مِنْ إِعطَائِهِ مَكَانَتَهُ، خُصُوصًا مُعَلِّمُ الصُّفُوفِ الابتِدَائِيَّةِ الأُولَى الَّذِي لَهُ الفَضْلُ الأكْبَرُ فِي تَنشِئَةِ العُقُولِ الصَّاعِدَةِ وَتَأسِيسِهَا تَربَويًّا وَفِكرِيًّا. لَقَدْ أوْلَى دِينُنَا الإِسلامِيُّ الحَنِيفُ العِلْمَ والتَّعلِيمَ عِنَايَةً فَائِقَةً, وَاهتِمَامًا بِالِغًا, وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أنَّ أوَلَّ سُورَةٍ فِي القُرآنِ عَلَى الإِطلاقِ, وَهِيَ سُورَةُ العَلَقِ بَدَأتْ بِكَلِمَةِ "إِقْرَأ", وَتَكَرَّرَتْ هَذِهِ الكَلِمَةُ فِي السُّورَةِ ذَاتِهَا مَرَّتَينِ, وتَكَرَّرَ فِيهَا لَفْظُ: "عَلَّمَ" وَ"يَعلَمُ" ثَلاثَ مَرَّاتٍ, كَمَا ذُكِرَ فِيهَا لَفْظُ "القَلَمُ" وَهُوَ الأدَاةُ المُستَخْدَمَةُ فِي الكِتَابَةِ. لَيسَ هَذَا فَحَسْبُ, بَلْ وَرَدَتْ فِي القُرآنِ سُورَةٌ كَامِلَةٌ اسْمُهَا سُورَةُ القَلَمِ, أقْسَمَ فِيهَا رَبُّ العِزَّةِ بِحَرفٍ مِنْ حُرُوفِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ, وَهُوَ حَرفُ النُّونِ, وَأقْسَمَ مَعَهُ بِالقَلَمِ وَمَا يُكتُبُهُ الكَاتِبُونَ. فَلَيسَ عَجِيبًا إِذَنْ أنْ يُطلَقَ عَلَى أُمَّةِ الإِسلامِ لَقَبُ "أُمَّةِ إِقرَأ". وَيَجدُرُ بِنَا فِي هَذَا المَقَامِ أنْ نَذْكُرَ أنَّ الرَّسُولَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ إِثرَ غَزْوَةِ بَدرٍ الكُبرَى أذِنَ لأسْرَى المُشرِكِينَ بِأنْ يَفدِيَ كُلٌّ مِنهُمْ نَفْسَهُ بِتَعلِيمِ عَشَرَةٍ مِنَ المُسلِمِينَ القِرَاءَةَ وَالكِتَابَةَ, وَبَدَلَ فِدَائِهِ يُدْفَعُ عَنهُ مِنْ بَيتِ مَالِ المُسلِمِينَ.
لَيسَ هَذَا فَحَسْبُ, بل أعْلَى الإِسلامُ شَأنَ العِلْمِ, وَرَفَعَ قَدْرَ العُلَمَاءِ, فَدَعَانَا القُرآنُ الكَرِيمُ إِلَى احتِرَامِ قَدْرِ أهْلِ العِلْمِ, قَالَ رَبُّنَا سُبحَانَهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ). (المجادلة 11) وقَالَ سُبحَانَهُ: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ). (الزمر 9) وَأثنَى رَسُولُنَا الكَرِيمُ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسَ الخَيرَ فَقَالَ: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ». (رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ) وَلَكِنَّا نَجِدُ مَكَانَةَ المُعَلِّمِ فِي ظِلِّ أنظِمَةِ الضِّرَارِ الحَالِيَّةِ قَدِ انهَارَتْ وَتَرَاجَعَتْ؛ وَمِنْ ثَمَّ انهَارَ مُستَوَى التَّعلِيمِ، وَلِلأسَفِ نَهَضَتْ بِهَذِهِ المَكَانَةِ المُتقَدِّمَةِ الدُّوَلُ الأُخرَى نُهُوضًا مَادِّيًا, وَإِنْ كَانَتْ نَهضَةً نَاقِصَةً؛ لأنَّهَا لَمْ تَستَنِدْ إلى قَاعِدَةٍ فِكرِيَّةٍ صَحِيحَةٍ, وَمَبدَأ عَقلِيٍّ صَحِيحٍ، فَمَا الفَرقُ بَينَنَا وَبَينَهَا إِذَنْ؟ لَو نَظَرنَا إِلَى ألمانيَا مَثَلاً لِنَعرِفَ مَدَى اهتِمَامِهَا بِالمُعَلِّمِ وَمَكَانَتِهِ، لَوَجَدْنَا أنَّ لِكُلِّ نَوعٍ مِنْ أنوَاعِ المَدَارِسِ فِي ألمانيَا مُعَلِّمِينَ مُؤَهَّلِينَ تَأهِيلاً خَاصًّا وَمُختَلِفًا، وَيَشتَرِطُونَ عَلَى جَمِيعِ المُدَرِّسِينَ أنْ يَكُونُوا مِنْ حَمَلَةِ الشَّهَادَاتِ الجَامِعِيَّةِ، وَنُلاحِظُ أنَّ رَوَاتِبَ المُعَلِّمِينَ فِي ألمَانيَا أعْلَى مِنْ رَوَاتِبِ القُضَاةِ وَالأطِبَّاءِ وَالمُهَندِسِينَ الألمَان!! وَذَلِكَ لأنَّ الرَّوَاتِبَ العَالِيَةَ تَجعَلُ المِهْنَةَ مَرغُوبَةً؛ فَيَتَّجِهُ لَهَا الطُّلابُ المُتَفَوِّقُونَ وَالمُتَمَيِّزُونَ؛ وَبِالتَّالِي يَنشَأ جِيلٌ مِنَ المُعَلِّمِينَ العَبَاقِرَةِ وَالمُبدِعِينَ وَالمُتَفَوِّقِينَ، وَهَذَا بِالتَّالِي يُؤَدِّي إِلَى نَقْلِ تَمَيُّزِهِمْ وَتَفَوُّقِهِمْ إِلَى تَلامِيذِهِمْ فَيَتِمُّ بِنَاءُ جِيلٍ مُتَحَمِّسٍ لِلعِلْمِ وَالعَمَلِ مَعًا, قَادِرٍ عَلَى ابتِعَاثِ نَهضَةِ بِلادِهِ. وَقَد تَظَاهَرَ القُضَاةُ فِي ألمَانيَا مُطَالِبِينَ بِمُسَاوَاةِ رَوَاتِبِهِمْ بِمُعَلِّمِي الابتِدَائِي؛ فَرَدَّتْ عَلَيهِمُ المُستَشَارَةُ الألمَانِيَّةُ مِيركِيل قَائِلَةً: "تَأدَّبُوا، كَيفَ تُطَالِبُونَنِي أنْ أُسَاوِيَكُمْ بِمَنْ عَلَّمُوكُمْ؟!!"
هَذِهِ دَولَةٌ أدْرَكَتْ مَا غَابَ عَنَّا، فَوَضَعَتِ المُعَلِّمَ فِي مَكَانَتِهِ الَّتِي يَستَحِقُّهَا، وَاعتَبَرَتِ العَمَلِيَّةَ التَّعلِيمِيَّةَ عَصَبَ حَيَاتِهَا. هَكَذَا يَكُونُ البِنَاءُ وَيَكُونُ التَّقَدُّمُ بِفَهْمِ مَكَانَةِ المُعَلِّمِ صَانِعِ النَّهضَةِ الأَسَاسِيِّ وَمُرَسِّخِ القِيَمِ وَالمَبَادِئِ؛ وَلِذَلِكَ نَجِدُ أنَّ الألمَانَ عِندَمَا يَنتَهِي أولادُهُمْ مِنَ الثَّانَوِيَّةِ العَامَّةِ, وَيَحْصُلُونَ عَلَى أعْلَى الدَّرَجَاتِ يُدخِلُونَهُمْ كُلِّيَّاتِ التَّربِيَةِ، وَلا يَتَهَافَتُونَ عَلَى مَا يُسَمَّى كُلِّيَّاتِ القِمَّةِ كَالطِّبِّ وَالهَندَسَةِ وَالإِعلامِ, وَيَبتَعِدُونَ عَنْ بَاقِي التَّخَصُّصَاتِ المَطلُوبَةِ كَمَا يَفعَلُ أبنَاؤُنَا. وَأذكُرُ هُنَا اليَابَانَ، الَّتِي دَمَّرَتْهَا القَنَابِلُ النَّوَوِيَّةُ الأمرِيكِيَّةُ مُنذُ سِتِّينَ عَامًا تَقرِيبًا، حَيثُ جَعَلَتْ بِدَايَةَ نَهضَتِهَا رَفْعَ رَاتِبِ المُعَلِّمِ إِلَى رَاتِبِ الوَزِيرِ، فَأصبَحَتِ اليَابَانُ عَلَى مَا نَرَاهَا عَلَيهِ، إِذْ لا يَخلُو بَيتٌ مِنْ بُيُوتِنَا مِنْ آثَارِ النَّهضَةِ العِلْمِيَّةِ اليَابَانِيَّةِ، تِلْكَ النَّهضَةُ الَّتِي انتَفَعَ بِهَا العَالَمُ بِأسْرِهِ. وَلِكَي نَعرِفَ سِرَّ تَقَدُّمِ اليَابَانِيِّينَ، فَلنُلْقِ نَظرَةً عَلَى تَعلِيمِهِمْ، وَمَدَى احتِرَامِهِمْ لِلمُعَلِّمِ، فَقَدْ سُئِلَ الإمبرَاطُورِ اليَابَانِيُّ ذَاتَ مَرَّةٍ، حَولَ هَذِهِ المَسألَةِ، فَقَالَ: "إِنَّ دَولَتَنَا تَقَدَّمَتْ، فِي هَذَا الوَقْتِ القَصِيرِ؛ لأنَّنَا بَدأنَا مِنْ حَيثُ انتَهَى الآخَرُونَ، وَتَعَلَّمْنَا مِنْ أخَطَائِهِمْ، وَأعطَينَا المُعَلِّمَ حَصَانَةَ الدِّبلُومَاسِيِّ، وَرَاتِبَ الوَزِيرِ". فَالمُعَلِّمُ فِي اليَابَانِ يَحْظَى بِدَعْمٍ مَادِّيٍّ كَبِيرٍ, بِالإِضَافَةِ إِلَى المَزَايَا الأُخرَى المُتَعَدِّدَةِ اجتِمَاعيًّا وَطِبيًّا. وَفِي سِنغَافُورَة, تُكَرِّسُ الدَّولَةُ جُزءًا كَبِيرًا مِنْ مَوَارِدِهَا لِلارتِقَاءِ بِالتَّعلِيمِ، فَهِيَ تُدرِكُ أنَّهُ لا تَقَدُّمَ بِدُونِ تَعلِيمٍ مُتَقَدِّمٍ، وَمِنْ ثَمَّ وَضَعَتْ مِهنَةَ التَّعلِيمِ، ضِمْنَ المِهَنِ ذَاتِ الصِّيتِ العَالِي، وَتَمَّ مَنحُ المُعَلِّمِ مَسئُولِيَّةَ بِنَاءِ جِيلٍ جَدِيدٍ، وَتَحدِيدِ مَسَارِ مُستَقبَلِ الوَطَنِ، حَيثُ يَتَقَاضَى رَاتِبًا عَالِيًا، وَيُمنَحُ حَوَافِزَ مُجزِيَةً، إِضَافَةً إِلَى البَدَلاتِ وَالإِعَانَاتِ، كَمَا يُصْرَفُ لَهُ مَبلَغٌ مِنَ المَالِ سَنَويًّا لِتَطوِيرِ قُدْرَاتِهِ الذَّاتِيَّةَ، مِنْ خِلالِ حُضُورِهِ لِدَورَاتٍ تَدرِيبِيَّةٍ فِي مَعَاهِدَ خَاصَّةٍ، أو شِرَاءِ مُستَلزَمَاتٍ تَقَنِيَّةٍ، ذَاتِ صِلَةٍ بِالتَّعلِيمِ المُتَقَدِّمِ. وَكَذَلِكَ تُعَدُّ بِريطَانيَا، مِنْ أكثَرِ الدُّوَلِ اهتِمَامًا بِالمُعَلِّمِ، مَاديًّا وَمِهنِيًّا وَمَعنَوِيًّا، فَتَمنَحُهُ أعْلَى الرَّوَاتِبِ، إِلَى جَانِبِ المُكَافَآتِ وَالحَوَافِزِ، الَّتِي تَرتَبِطُ بِأدَاءِ المُعَلِّمِ، وَمَدَى كَفَاءَتِهِ، فَمَا أحوَجَنَا نِحنُ المُسلِمِينَ أنْ نَرفَعَ مِنْ قَدْرِ وَمُستَوَى مُعَلِّمِينَا كَي نَرتَقِيَ بِأُمَّتِنَا نَحوَ الأمَامِ، وَنُعِيدَ لِلتَّعلِيمِ سِيرَتَهُ كَمَا كَانَ فِيمَا مَضَى رِسَالَةً سَامِيَةً, وَمُهِمَّةُ العُلَمَاءِ وَالمُعَلِّمِينَ فِيهَا تُشبِهُ مُهِمَّةَ الأنبِيَاءِ وَالرُّسُلِ, وَاقرَأ إِنْ شِئْتَ قَولَ نَبِيِّنَا عَلَيهِ الصلاة والسَّلامُ: «العُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأنبِيَاءِ». وَقَولَ أمِيرِ الشُّعَرَاءِ المُستَوحَى مِنْ قَولِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:
قُمْ لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَّبجِيلا .... كَادَ المُعَلِّمُ أن يَكُونَ رَسُولاً
قَالَ جُبرَان خَلِيل جُبرَان الأدِيبُ والكَاتِبُ المَعرُوفُ: "تُقَامُ الأوطَانُ عَلَى كَاهِلِ ثَلاثَةٍ: فَلاحٍ يُغَذِّيهِ, وَجُندِيٍّ يَحمِيهِ, وَمُعَلِّمٍ يُرَبِّيهِ!". وَقَالَ قَائِدٌ ألمَانِيٌّ بَعدَ انتِصَارِ بِلادِهِ عَلَى فَرَنْسَا: "لَقَدِ انتَصَرَ المُعَلِّمُ الألمَانِيُّ عَلَى المُعَلِّمِ الفَرَنسِيِّ!". وَبِالمُقَابِلِ قَالَ فَرَنسِيٌّ: "هُزِمَتِ المَدرَسَةُ الفَرنسِيَّةُ مُقَابِلَ المَدرَسَةِ الألمَانِيَّةِ!". وَكِلتَاهُمَا أي فَرَنسَا وَألمَانيَا لَحِقَتَا رَكْبَ الأُمَمِ. وَقَالَ الأمرِيكَانُ عِندَمَا سَبَقَتْهُمْ رُوسيَا بِغَزْوِ الفَضَاءِ: "مَاذَا دَهَى نِظَامَنَا التَّعلِيمِيَّ؟". هَذِهِ نَمَاذِجُ لِدُوَلٍ قَدَّرَتِ العِلْمَ وَالعُلَمَاءِ، فَتَقَدَّمَتْ، وَنَحْنُ فِي عَالَمِنَا الإِسلامِيِّ المُعَاصِرِ نَمَاذِجُ لِدُوَيلاتٍ انصَرَفَتْ عَنِ العِلْمِ، وَأهَانَتِ العُلَمَاءَ وَسَخِرَتْ مِنهْمْ فِي وَسَائِلِ إِعلامِهَا وَمُسَلسَلاتِهَا، فَتَقَهْقَرَتْ، وَأصبَحَتْ تَستَجدِي مُعْطَيَاتِ التَّقَدُّمِ العِلْمِيِّ مِنْ عَلَى كُلِّ المَوَائِدِ، مِنَ الصِّينِ وَاليَابَانِ وَأمرِيكَا وَأُورُوبَا، بَلْ وَالهِندِ أيضًا. نَحنُ المُسلِمُونَ فِي دُوَيلاتِ التَّخَلُّفِ قَدْ خَالَفنَاهُم جَمِيعًا! فَقُمْنَا بِتَدمِيرِ التَّعلِيمِ بَدءًا مِنْ تَحطِيمِ شَخصِيَّةِ المُعَلِّمِ, وَهَدْمِ كَيَانِهِ, وَمَا نَلحَظُهُ مِنْ فَسَادٍ وَتَخَلُّفٍ مَا هُوَ إِلاَّ مِنْ نَتَائِجِ غِيَابِ دَولَةِ الخِلافَةِ, وَتَحَكُّمِ الحُكَّامِ الرُّوَيبِضَاتِ فِي مَصِيرِ أمَّةِ الإِسلامِ, فَتَسَبَّبُوا بِتَدَهْوُرِ التَّعلِيمِ, وَزِيَادَةِ التَّنظِيرَاتِ المُخَرِّبَةِ لِلمُجتَمَعِ وَالمَقصُودَةِ وَالمُمَنهَجَةِ لِخِدْمَةِ الكَافِرِ المُستَعْمِرِ. وَيَبدُو وَاضِحًا أنَّ مُجتَمَعَاتِنَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَبَدَّلَتْ عَمَّا كَانَ عَلَيهِ السَّابِقُونَ مِنَ المُسلِمِينَ الأوَائِلَ الَّذِينَ تَرَكُوا لَنَا بَصْمَةً أصبَحْنَا فِيهَا مَنَارَةً يُشَارُ إِلَيهَا فِي جَمِيعِ العُلُومِ الكَونِيَّةِ وَالإِنسَانِيَّةِ، حَتَّى جَاءَ هَذَا الزَّمَنُ الَّذِي اختَلَّتْ فِيهِ جَمِيعُ المَعَايِيرِ، فَأصبَحَ المُعَلِّمُ لا يُقَدَّرُ وَلا يُحتَرَمُ حَتَّى مِمَّنْ يُقَدَّمُ لَهُمُ العِلْمُ مِنْ طُلابِهِ، بَلْ وَبَعضِ المُجتَمَعِ الَّذِي يَجْهَلُ دَورَهُ، حَتَّى أصبَحَتْ بَعضُ الأُسَرِ وَالأفرَادِ وَأنصَافِ المُتَعَلَّمِينَ يُفَضِّلُونَ أصْحَابَ الثَّروَاتِ وَيُقَدِّرُونَهُمْ وَيُبَجِّلُونَهُمْ وَيَحتَرِمُونَهُمْ أكْثَرَ مِنْ أرْبَابِ العِلْمِ مِنَ المُعَلِّمِينَ وَالعُلَمَاءِ وَطَلَبَةِ العِلْمِ، ألا مَا أتعَسَ أولَئِكَ الَّذِينَ يَحقِرونَ العُلَمَاءَ والمُعَلِّمِينَ!
أمَّا فِي دَولَةِ الخِلافَةِ القَادِمَةِ قَريبًا بِإِذْنِ اللهِ سَيَنَالُ المُعَلِّمُ مَا يَستَحِقُّهُ مِنَ تَقدِيرٍ وَاهتِمَامٍ مَادِّيٍ وَمَعنَوِيٍّ، حَتَّى يَنصَرِفَ هَمُّهُ كُلُّهُ إِلَى إِعدَادِ أبنَائِنَا وَبَنَاتِنَا، لِيَكُونُوا عُدَّةَ المُستَقبَلِ، وَلا يَقضِي يَومَهُ فِي البَحْثِ عَنْ مُستَلزَمَاتِ حَيَاتِهِ، وَتَحسِينِ دَخْلِهِ. كَمَا فِي زَمَنِنَا هَذَا حَيثُ جُعِلَ المُعَلِّمُ هَدَفًا لِلسُّخرِيَةِ، وَحُوصِرَ بِالمُشكِلاتِ الَّتِي تُعَوِّقُهُ عَنْ أدَاءِ مُهِمَّةِ الأنبِيَاءِ. وَأُبَشِّرُكُم بِأنَّ دَولَةَ الخِلافَةِ سَتَقتَلِعُ النِّظَامَ التَّعلِيمِيَّ الحَالِيَّ الَّذِي فَرَضَهُ عَلَينَا الكَافِرُ المُستَعمِرُ, بَلْ سَتَجْتَثُّهُ مِنْ جُذُورِهِ, وَقَدْ أعَدَّتْ لِلأجيَالِ القَادِمَةِ أُسُسًا وَأنظِمَةً وَقَوَانِينَ إِدَارِيَّةً جَدِيدَةً لِلمَنهَجِ التَّعلِيمِيِّ, وَهَيَّأتِ المَنَاهِجَ وَالكُتُبَ المَدرَسِيَّةَ لِكَافَّةِ مَرَاحِلِ الدِّرَاسَةِ وُمستَوَيَاتِهَا مِن ابتِدَائِيَّةٍ وَإِعدَادِيَّةٍ وَثَانَوِيَّةٍ, بَلْ وَحَتَّى مَرَاحِلِ الدِّرَاسَاتِ الجَامِعِيَّةِ العُلْيَا! وَسَيأتِي عَلَى أُمَّةِ الإِسلامِ يَومٌ يَسِيرُ المُسلِمُ فِي شَوَارِعِ دَولَةِ الخِلافَةِ فَيَرَى فِي كُلِّ شَارِعٍ عَشَرَاتِ المُجتَهِدِينَ, وَبَعدَ سَنَوَاتٍ قَلِيلَةٍ مِنْ قِيَامِهَا سَيَتَخَرَّجُ حَشْدٌ مِنَ المُجتَهِدِينَ وَالعُلَمَاءِ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى.
مستمعينا الكرام:
نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الأستاذ محمد أحمد النادي - ولاية الأردن