Logo
طباعة
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تسليط الضوء على الطريقة الشرعية التي يتبعها حزب التحرير لإقامة الدولة

 

إن اتباع الرسول ﷺ واجب، فالآيات القرآنية التي تأمر بالاقتداء به كثيرة كقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: 21]، وقوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾ وقوله تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: 7]

 

إن واقع المسلمين اليوم شبيه بالمرحلة المكية في الدعوة النبوية، حيث يعيشون في "دار كفر" بسبب حكمهم بغير ما أنزل الله - ومصطلح الدار مصطلح شرعي مفصل في كتب الفقه - ما يستوجب اتباع المنهج المكي في التغيير، وقد سار الرسول ﷺ بثلاث مراحل رئيسية في طريقه لإقامة الدولة الإسلامية:

 

-     مرحلة التثقيف وبناء التكتل الحزبي:

 

البدء بالاتصال الفردي لنشر الفكرة، كما فعل النبي ﷺ في الدعوة السرية وتنظيم الحلقات الدراسية لصياغة شخصيات إسلامية متكاملة. وقد بدأ الحزب هذه المرحلة في القدس عام 1953م بقيادة المؤسس الشيخ الجليل العلامة تقي الدين النبهاني رحمه الله.

 

-     مرحلة التفاعل مع المجتمع:

 

عن طريق الصراع الفكري والكفاح السياسي وطلب النصرة من أهل القوة والمنعة، ويكون فيها الخطاب الجماعي عبر المحاضرات والندوات والمنشورات لمواجهة الأفكار المنحرفة والأنظمة الكافرة، كما تصدى النبي ﷺ لقريش، وقد سار الحزب بهذه المرحلة وقام بالتركيز على الصراع الفكري ضد عقائد الكفر وأفكاره والكفاح السياسي ضد الحكام والاستعمار وفضحهم وتبنّي قضايا الأمة وفق الشرع، وبهذه الأعمال وجد الرأي العام في المجتمع حول الدعوة الإسلامية.

 

-     مرحلة استلام الحكم:

 

وهذه تأتي بعد نجاح المرحلتين الأولى والثانية وإيجاد الرأي العام في الأمة المبني على وعي عام وطلب النصرة من أهل القوة والمنعة لإقامة الخلافة، فهذا الأمر قام به الرسول ﷺ حيث وجد الرأي العام، كما كان الرسول ﷺ يطلب النصرة من سادة قريش والطائف وسادة القبائل الأخرى من كندة وبني شيبة ...إلخ، وظفر بالثواب الأنصار في بيعة العقبة ومن ثم تطبيق الإسلام كمنهاج حياة شامل.

 

وهذا المنهج الذي سلكه حزب التحرير أكسبه خصائص ومميزات يفتقر لها جميع من يعمل للإسلام على الساحة من تكتلات، حيث تميز الحزب بالوضوح والصراحة فلا مجاملة في مواجهة الباطل، مع الالتزام بالعمل السياسي دون العنف، استناداً إلى قوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ﴾ [الحجر: 94].

 

ومن خصائصه الصبر على الأذى كما صبر الأنبياء، دون اللجوء إلى القوة المادية إلا في حالات الدفاع عن البلاد الإسلامية، والتركيز على الصراع الفكري والكفاح السياسي.

 

ويواجه شباب الحزب تحديات وصعوبات ومشاق كثيرة من اضطهاد شديد من الحكام (سجن، تعذيب، منع سفر، وتضييق ...إلخ)، لكنه استمر في النضال سلمياً، مقتدياً بصبر الرسول ﷺ في مكة، واليوم يواصل الحزب دعوته آملاً بإقامة الخلافة، مع التركيز على:

 

-     بناء رجال دولة

 

-     إيجاد الرأي العام في الأمة حول أفكار الإسلام

 

-     كشف مؤامرات الاستعمار التي تحاك ضد الأمة

 

-     تبني المصالح الحقيقية للأمة

 

ويؤكد الحزب أن منهجه قائم على الثبات في الغاية والطريقة والإبداع في الأساليب والوسائل، مع التمسك بالنموذج النبوي في التغيير الجذري الشامل.

 

كما تعمل دول الغرب على تشوية أفكار الإسلام وبالذات الأفكار السياسية التي تنهض الأمة ومنها التشكيك في الطريقة التي يسير عليها حزب التحرير في التغيير، أهمها:

 

1-  طلب النصرة من الجيوش: حيث يتم اتهام المنهج بعدم الواقعية أو مخالفة الشرع.

 

  • ●   الرد الشرعي على منهج طلب النصرة من الجيوش

- الأدلة الشرعية من القرآن والسنة:

 

- بيعة العقبة: نموذج نبوي لطلب النصرة من أهل القوة والمنعة (الأوس والخزرج) لإقامة الدولة، حيث بايعوا النبي ﷺ على الحماية والمناصرة.

 

- حديث «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ» (رواه مسلم): يؤكد أن التغيير يحتاج إلى قوة تنفيذية.

 

- قوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ [الأنفال:60]، حيث تفسر "القوة" بالجيوش وأدوات الحكم.

 

مع أهمية ملاحظة الفرق بين طلب النصرة لإقامة دولة الخلافة والانقلابات العسكرية التي تكون وراءها الدول الكافرة في بلاد المسلمين.

 

- طلب النصرة يقوم على:

 

- إيجاد رأي عام مبني على وعي عام في الأمة على أفكار الإسلام وإقناع أهل التأثير والجيوش وهم جزء من الأمة

 

- تغيير المفاهيم قبل تغيير الأنظمة، ووجود نظام منبثق من الإسلام

 

- إيجاد دولة إسلامية تكون السيادة فيها للشرع والسلطان للأمة

 

- أما الانقلابات العسكرية التي حصلت في كثير من البلدان، فهي عمل عسكري لخدمة الدول الاستعمارية، وهو ما يرفضه الحزب كون هذا العمل يجعل الدولة منزوعة السيادة تابعة لغيرها.

 

  • ●   الرد على اتهام "عدم الواقعية:

- الناحية الشرعية: اتباع طريقة الرسول ﷺ فرض وطلب النصرة جزء من هذه الطريقة فالقيام به واجب.

 

التجربة التاريخية: لم تقم أي دولة في العالم بدون قوة فالقوة أساسية لإقامة أي دولة.

 

- الواقع المعاصر: هذه الجيوش أفرادها من جنود وضباط هم أبناء المسلمين ورجالهم، وجزء من هذه الأمة العظيمة، وينفق عليها من خيرات المسلمين، والبلاد الإسلامية فيها الكثير ممن فيهم الخير لأمتهم والمريدين العزة لدينهم، فأين العيب والعلة في استنهاضهم وحثهم على تحمل مسؤولية الأمة الإسلامية، والحاضر والماضي يشهد أن في جيوش المسلمين رجالا ما إن يجدوا الحق ويعرفوه لن يفرطوا فيه؟

 

ثانياً: رفض المشاركة السياسية حيث يتهم الحزب بالعزلة.

 

  • ●   الرد الشرعي على رفض المشاركة السياسية

 1. الأدلة الشرعية:

 

حرمة الحكم بغير ما أنزل الله: قوله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة:44].

 

المشاركة في البرلمانات تعني التشريع بغير الله، وهو كفر بواح.

 

حديث «لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» يمنع الانضمام لأنظمة تشرع القوانين الوضعية.

 

 2. الفرق بين المشاركة السياسية والعمل السياسي:

 

 المشاركة السياسية: قبول النظام القائم (سواء أكان نظاما رأسماليا أو اشتراكيا) وهو مرفوض كونهم يتناقضون مع الإسلام جملة وتفصيلا.

 

العمل السياسي: رعاية شؤون الناس بالإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل كشف فساد الأنظمة ودعوة الناس لتبني الإسلام باعتباره منهج حياة في الحكم والاقتصاد و...إلخ، وهذا ما يفعله الحزب.

 

  • ●   الرد على اتهام العزلة:

- مشروع دستور الخلافة: يثبت أن الحزب يقدم بديلاً عملياً، لا يرفض السياسة بل يرفض الاندماج والمشاركة في الحكم في ظل الأنظمة الرأسمالية الفاسدة وغير الشرعية.

 

- فشل النماذج المشاركة: تجارب "الإسلاميين" في مصر وتونس أثبتت أن المشاركة تؤدي إلى التبعية وإقرار الباطل لا التغيير.

 

  • ●   التكفير وإقصاء الآخر

يُنتقد الحزب لتكفيره الأنظمة والحكام، ويتهم بالتشدد والإقصاء، ما يجعله في صدام دائم مع الأنظمة والمجتمعات.

 

  • الرد:

- التمييز بين الفعل والقائم بالفعل: الحزب يكفر "فعل" الحكم بغير الشرع، ولا يكفر الأشخاص إلا بتحقق شروط التكفير عليهم، ومصطلح دار الكفر ودار الإسلام مصطلحات شرعية لها مدلولات حددها الشرع ولم يأت بها حزب التحرير من عنده.

 

- النقد السياسي المشروع: يعتبر نقد الأنظمة حقاً شرعياً، مستنداً إلى حديث «إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ»

 

  • ●    الجمود الفكري وعدم مواكبة العصر.

 يتهم الحزب بالجمود لتمسكه بمنهج ثابت منذ تأسيسه في خمسينات القرن الماضي، ورفضه التكيف مع مستجدات العصر مثل الديمقراطية أو حقوق الإنسان وحرية المرأة وغيرها من المفاهيم الغريبة.

 

  • الرد:

- الثوابت والمتغيرات: يفرق بين الثوابت الشرعية (كوجوب الخلافة) والمتغيرات (كوسائل الدعوة)، حيث يستخدم التقنيات الحديثة مثل الإنترنت والإعلام.

 

- مشروع دستور الخلافة: يقدم حلولاً عملية لقضايا معاصرة مثل الاقتصاد والتعليم وغيرها فأين الجمود؟!

 

- الحزب يرفض الديمقراطية لأنها تخالف الشرع، وليس لأنه ضد التطور، وعمليا الديمقراطية قديمة منذ عهد اليونان فإذا سرنا على عقلية المنتقدين فالتخلف هو اتباع الديمقراطية كونها فكرة قديمة جداً!

 

  • ●   إهمال الجانب التربوي والروحي

يُنتقد الحزب لإهماله التربية الروحية والفردية، وتركيزه على الجانب السياسي فقط، ما يجعله يفتقد إلى بناء الشخصية الإسلامية المتكاملة.

 

  • الرد:

- التركيز على التثقيف: يؤكد الحزب على بناء الشخصية الإسلامية عبر حلقات الدراسة المركزة، مستنداً إلى منهج النبي ﷺ في تربية الصحابة، ومفاهيم الإسلام عندما تتبلور فإنها تغير الإنسان فكرياً وسلوكياً، فالمواقف هي التي تبين من هو المؤمن القوي وليس الشكل.

 

إذن السير وفق طريقة الرسول ﷺ في إقامة الدولة فرض وأي فرض بل هو تاج الفروض، وحزب التحرير يسير على هذه الطريقة بحذافيرها ابتغاء مرضاة الله. نسأل الله أن يكرمنا بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد الأصبحي – ولاية اليمن

 

Template Design © Joomla Templates | GavickPro. All rights reserved.