- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ترامب والخليج: صفقات مشبوهة ومؤامرات مدبرة
استلم ترامب مفاتيح البيت الأبيض وهو مثقل بالديون التي لا قبل لأي إدارة بتسديد جزء منها، أو حتى تسديد الربا المترتب عليها، ناهيك عن قدرتها على سداد الدين الذي فاق ارتفاعه قمم جبال الهملايا وإفرست، أو حتى وضع خطة عملية لتحقيق ذلك. حاول الرجل وقف تدهور الوضع الاقتصادي وتجنب الكساد الذي يترقبه جميع المراقبين، وذلك بفرض تعريفات جمركية على دول العالم قاطبة، الحليفة منها والخصوم. وإذا ما أضيف إلى هذا التحدي تفوق الصين التكنولوجي، في زمن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والتفوق التجاري والصناعي على أمريكا، وهو ما ينذر بأفول نجم الحضارة الغربية والعالم الحر وحرية السوق الذي تقوده أمريكا... هذه التحديات هي التي أجبرت ترامب والقائمين على السياسة الأمريكية على تبني مشروعه في فرض التعريفات الجمركية على دول العالم.
ولكن، لما كانت هناك هزات ارتدادية عالمية قوية لهذه السياسة، إلى درجة أنها أعطت نتائج عكسية على الاقتصاد الأمريكي، حيث ضربت الأسواق الأمريكية وأسواق الأسهم وزادت الأسعار والتضخم...إلخ، لجأ ترامب إلى أسلوب الكاوبوي القديم، في السطو على القطارات والبنوك والمحال التجارية، فذهب إلى المحميات الخليجية لنهب ما لديهم من ذهب، يحملها على كتفيه ويعود بها إلى الأربعين حرامي من الرأسماليين الذين ينتظرونه في وول ستريت وسائر دور القمار والأسهم والمضاربات الأمريكية، فيما يسمى بالشركات العملاقة، والتي تأجل إعلان إفلاسها إلى حين.
إن الكاوبوي ترامب الذي تجاهل زيارة دولة يهود وأطلق يدها للبطش بأهل غزة، يعني شيئاً واحداً: أنه منافق. حيث تتأكد الشكوك حول طبيعة العلاقة بينه وبين الأمة وقضاياها العادلة، بالتزامن مع موقفه الظاهري المنتقد لرئيس وزراء يهود بنيامين نتنياهو، حيث يرى مراقبون أن ترامب ربما ينفذ استراتيجية مزدوجة، تستهدف استغلال دول الخليج والحفاظ على قاعدة شعبية داخلية تنتقد سياسات يهود. وتعتمد هذه الاستراتيجية على تقديم عدو الله ترامب نفسه وسيطاً نزيهاً، قادراً على التأثير على نتنياهو، وبالتالي، تبرير تفريط حكام الخليج بمقدرات الأمة له أمامها. هذا الظهور يفتح الباب أمام صفقات تجارية واستثمارات ضخمة، ويتيح انتقاد نتنياهو كسب تأييد شريحة من الناخبين الأمريكيين الذين يعارضون سياساته، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، واستغفال الجاهلين في السياسة وإبرام الصفقات التي تصفى فيها قضية فلسطين ويفرط فيها بدماء عشرات آلاف الشهداء. هذا التوازن الظاهري يخدم مصالح ترامب السياسية والاقتصادية، إذ يضمن له تدفق الأموال من الخليج، مع الحفاظ على شعبيته في الداخل، ويمكنه من طرح حل يخرج دولة يهود من مأزقها في غزة وينزلها عن الشجرة، من خلال عرضه إدارة احتلال القطاع "كوسيط نزيه" واستجلاب بريمر مرة أخرى إلى القطاع.
ومع ذلك، يظل التساؤل قائماً حول مدى جدية هذا الخلاف الظاهري بين ترامب ونتنياهو. فالعلاقات التاريخية بينهما، والمصالح المشتركة بين أمريكا وقاعدتها العسكرية المتقدمة في قلب بلاد المسلمين دولة يهود، تشير إلى تحالف استراتيجي قوي، وهو ما يؤكد أن هذه الانتقادات مجرد تكتيكات سياسية مؤقتة، سرعان ما تنقلب رأساً على عقب حال عودة ترامب إلى أمريكا محملاً بأكياس الذهب على حصانه الذي استولى عليه من إمّعة قطر، والذي فاق ثمنه الأربعمائة مليون دولار، وسيعود إلى دعم دولة يهود ومعها نتنياهو بشكل كامل، متجاهلاً رويبضات محميات الخليج وسائر حكام المسلمين المتآمرين على الأمة وفلسطين.
يجب على الأمة الإسلامية، التي اتصفت بالفراسة والحكمة، ألا تنطلي عليها ألاعيب الثعلب الأمريكي ترامب، وأن تحول دون تمرير مزيد من المؤامرات عليها، وأن تعلم أن حكامها الرويبضات هم من يمهدون له الطريق والجسر الذي يعبر عليه للنيل منها. فيجب عليها وأهل قوتها الإطاحة بهم، وتنصيب الخليفة الراشد الذي يعيد ما نهب الكاوبوي الأمريكي ويحرر الأقصى ويقتص ممن قتل أبناءنا وهدم بيوتنا وانتهك أعراضنا.
﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
بلال المهاجر – ولاية باكستان